تربية الأطفال على مبادئ التسامح في فلسطين رغم العنف اليومي
٢٤ يناير ٢٠٠٧تعمل رانيا منذ عودتها من ألمانيا قبل أربعة أعوام كمعلمة في مدرسة "طاليثا قومي" في بيت جالا، وهي مدرسة إنجيلية ألمانية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). يعني اسم المدرسة: انهضي يا فتاة! وهي جملة باللغة الآرامية قالها المسيح لفتاة ميتة فعادت إلى الحياة وذلك كما ورد في الإنجيل. وتهدف المدرسة إلى تربية الأطفال على مبادئ الديمقراطية والحرية واحترام الآخر.
درست رانيا لمدة ثماني سنوات في جامعة كولونيا، وحصلت على دبلوم عال في علم التربية واللغة الألمانية والتاريخ. وعلى عكس الكثيرين من أبناء بلدها المثقفين، عادت المدرسة الشابة عن وعي إلى وطنها فلسطين لأنها تؤمن بأن لها دوراً هناك كما تؤكد قائلة: "إذا بقينا جميعا بالخارج، فما الذي يمكن أن يتغير؟ يجب على هؤلاء الذين تعلموا كيف يفكرون ويبحثون ويدافعون عن حقوقهم، يجب عليهم العودة لإعطاء مواطنيهم نفس الفرصة لتعلم تلك الأشياء. لكن إن بقوا في الخارج، عندها يمكن لأي ظالم أن يقول عنا إننا مجموعة من المتعصبين".
نقل الخبرات الإيجابية المكتسبة
في ألمانيا تعلمت رانيا كيف تصبح امرأة متحررة وملتزمة بالنظام والدقة، وعادت إلى فلسطين امرأة مختلفة عن النمط التقليدي للنساء هناك، كما تؤكد قائلة: "الفلسطينيون يعتبروني الآن ألمانية، لأنني تغيرت كثيراً في ألمانيا". ولا يتعلق الأمر بتغير مظهر رانيا، لكنه يتعلق باختلاف طريقة تفكيرها، وبالتزامها الشديد ودقتها وحفاظها على النظام. أما هي، فترى كل هذه الصفات قيماً إيجابية يجب إدخالها في مجتمعها تدريجياً وتضيف: "عندما يدرك الإنسان ما الذي تعلمه من ثقافة الآخر، يمكنه كمدرس تغيير الكثير".
صعوبات كثيرة في الطريق
مثل كل مواطنيها، تحلم رانيا صلصة بأن تصبح هناك دولة فلسطينية مستقلة، و تأمل أن تساعد التربية على تحقيق هذا الحلم. فهي تؤمن بأن تربية الأطفال على أفكار السلام والعدالة والمساواة بين المسلمين والمسيحيين وبين الإسرائيليين والفلسطينيين يمكن أن تغير شيئاً ما. لكن هذا الطريق صعب جداً، ويمكن لمس الصعوبات التي تعترضه في كل أحداث الحياة اليومية، الجدار الذي تم بناؤه منذ عامين تقريباً هو أوضح مثال على ذلك. فالجدار الذي يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار تقريباً حول بيت جالا إلى منطقة معزولة، لا يمكن لسكانها التحرك بحرية سوى في محيط سبعة كيلومترات، بعدها يواجهون نقاط التفتيش الإسرائيلية: وهذا يعني مراجعة جوازات السفر وكثير من الأسئلة وانتظار لا ينتهي.
العنف اليومي وتأثيره على الأطفال
وبالطبع تؤثر الحالة السياسية والأمنية التي يسودها العنف والإرهاب والخوف على التلاميذ وعلى دروسهم اليومية. وعن هذا التأثير تروي رانيا قائلة: "كان لدي تلميذة مهملة للغاية، وعندما جاء والداها يوم اللقاء بين الأهالي والمدرسين تحدثت معهما عن مشكلة ابنتهما، وعن كونها لا تواظب على حضور الحصص، فرويا لي أن جنود إسرائيليين دمروا منزلهم". وتضيف أن المدارس الفلسطينية بحاجة ماسة إلى متخصصين في العمل مع الأطفال الذين يعانون من تبعات العنف الذي يحيط بهم. ولذلك تطمح رانيا صلصلة إلى إكمال دراستها في تخصصها حتى تتمكن من مساعدة أطفال المدارس بالشكل المناسب.