تزايد الضغوط الأوروبية على ألمانيا لزيادة دعمها لخطة الإنعاش الاقتصادي
٨ ديسمبر ٢٠٠٨تتزايد الضغوط على الحكومة الألمانية لتقديم المزيد من الدعم لخطط الإنعاش الاقتصادي، ولا تقتصر هذه الضغوط على المطالبات الداخل من قبل أحزاب المعارضة والمستثمرين الألمان، بل تأتي أيضاً من جانب دول الاتحاد الأوروبي التي تطالب ألمانيا بتقديم المزيد من المساعدة لدعم النمو الاقتصادي على المستوى الأوروبي. وعلى رأس هذه الدول فرنسا وبريطانيا اللتان تطالبان ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، بلعب دور ريادي لمساعدة الدول الأوروبية على الخروج من الأزمة الاقتصادية، خاصة وأن ألمانيا بإمكانها أن تقدم مبالغاً أكبر من مثيلاتها الأوروبية.
ألمانيا تمثل أكبر اقتصاد قومي في أوروبا
يذكر أن ألمانيا تعد لاعباً فعالاً في خطة الإنعاش الأوروبية، وهي تمثل نحو خمس ناتج الإنتاج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي، كما أنها تمثل أهم الشركاء التجاريين بالنسبة لـ17 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ولا تمثل مشاكل الكساد التي يتعرض لها قطاع صناعة السيارات مشكلة للمصانع الألمانية وحدها، بل تؤثر على الإنتاج الصناعي في دول أخرى مثل سلوفينيا. وعندما تنقطع السيولة القادمة من ألمانيا، تفقد دول أخرى كثيرة دفعتها الاقتصادية.
وتوقعات الدول الأوروبية من ألمانيا لا تنبع من فراغ، بل هي توقعات مبنية على وضع الميزانية الألمانية، فألمانيا استطاعت أكثر من غيرها من الدول الأوروبية الكبرى أن تستفيد من حالة النمو الاقتصادي العالمي في السنوات الماضية، لتقلل العجز في ميزانيتها. ولولا خطة إنقاذ بنك اي.كي.بي. لتمكنت من أن تحقق فائضاً في عام 2007 لأول مرة منذ إعادة توحيد ألمانيا. وكان البنك المركزي يأمل أن تحقق البلاد ذلك الفائض في هذا العام. ولكن بسبب الأزمة المالية وحالة الكساد التي بدأت تعم البلاد، فمن المتوقع أن تصل نسبة العجز في ميزانية عام 2009 إلى 1 بالمائة، كما أنها قد تصل إلى 2 بالمائة في عام 2010، بينما يسمح الاتحاد الأوروبي بنسبة عجز تصل إلى 3 بالمائة، وهو ما يجعلهم يطالبون ألمانيا بالمشاركة بحصة أكبر في خطة الإنقاذ. ففرنسا على سبيل المثال ستصل إلى نسبة عجز 3.1 بالمائة في العام القادم، كما تتوقع بريطانيا أن يصل العجز في ميزانية الدولة إلى 8 بالمائة بعد أن اضطرت لخفض ضرائبها.
ميركل ستتصدى لأي قرار يشكل خطورة على سوق العمل
لكن المستشارة الألمانية ميركل من جانبها ترفض هذه المطالبات، وتؤكد أن ألمانيا قد قامت بالفعل بدور ريادي في خطة الإنقاذ. وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها ستتصدى لأي قرار يتخذه الاتحاد الأوروبي خلال قمته المرتقبة مطلع الأسبوع المقبل، ويكون من شأنه تشكيل خطورة على أماكن العمل في ألمانيا. وقالت ميركل في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية نشرتها اليوم الاثنين 8 ديسمبر/كانون الأول: "لن تتخذ قمة الاتحاد الأوروبي قرارات حول حماية المناخ من شأنها تعريض أماكن العمل أو الاستثمارات في ألمانيا للخطر. وسأحرص على هذا الأمر". وأكدت المستشارة الألمانية أنها ستسعى أيضا إلى حث المفوضية الأوروبية على الاستفادة من الاستثمارات الكبرى كوسيلة لحل الأزمة الاقتصادية الراهنة. وأضافت: "سأعمل على أن نستغل الاستثمارات الكبرى في توسيع محيط عمل المؤسسات بشكل سريع من خلال قواعد تنافسية مرنة حيث أن هذا الأمر سيجعل أوروبا مستعدة للتعامل مع القرن الحادي والعشرين".
من ناحية أخرى، أعلنت ميركل، التي تتعرض لهجوم بسب رفضها إصدار حزمة تحفيز للاقتصاد الألماني، عزمها الاجتماع مع عدد من الوزراء وممثلي البنوك وخبراء في مجال الاقتصاد يوم الأحد المقبل للتشاور معهم حول الأزمة المالية والاقتصادية الحالية. وتعد هذه الخطوة التي أعلنت عنها ميركل في حديثها مع صحيفة "بيلد" الألمانية، تغيراً سريعاً، حيث أنها ذكرت من قبل أنه لن يكون هناك محادثات أخرى بهذا الشأن حتى الخامس من كانون الثاني/يناير المقبل. وسوف يحضر هذا الاجتماع المقرر في نهاية الأسبوع الوزراء البارزون وكبار ممثلي البنوك وخبراء الاقتصاد الألمان، لكن ميركل قالت إنها لن يتخذ أي قرار بشأن أي مزيد من الإنفاق الاتحادي.
ساركوزي رحب بالحزمة الاقتصادية الألمانية
وكانت ميركل قد تحدثت أمس الأحد مع الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى قبل يوم من بدء محادثاته في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو بشأن الأزمة الاقتصادية. ودافعت عن حزمة الإنقاذ التي وافق عليها مجلس وزرائها منذ تشرين أول/أكتوبر والتي قدرت ب32 مليار يورو(40 مليار دولار) ووصفتها بأنها حزمة إنقاذ اقتصادية كافية واقترحت ألا تقدم الحكومة المزيد الآن. وقالت لصحيفة "بيلد" إنني أكرر أنني أريد أن تظل كل خياراتي متاحة". وصرح أولريش فيلهلم، المتحدث باسم أنجيلا ميركل أن ساركوزي رحب بالحزمة الاقتصادية الألمانية. وكان ساركوزي قد كشف هذا الأسبوع عن خطة تحفيز طارئة تقدربـ26 مليار يورو يخصص مليار يورو منها لشركات السيارات و5 مليار يورو لاستثمارات القطاع العام الجديدة. وقال فيلهلم "إن المستشارة أعربت عن رضاها بشأن الخطة الفرنسية والتي تماثل الخطة الألمانية من حيث النسبة من إجمالي الناتج المحلى".
وزير المالية الألماني يدعو إلى عدم استغلال نجاح ألمانيا
ومن جانبه، وجه وزير المالية الألماني، بير شتاينبروك انتقادات للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو في ضوء الخلاف الأوروبي حول برامج إنعاش الاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية. وأشار شتاينبروك، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في الندوة التي نظمتها صحيفة "دي تسايت" الألمانية أمس الأحد في هامبورج إلى أن ألمانيا استطاعت تجاوز العجز الذي بلغ3.4 بالمائة في موازنتها والوصول به إلى صفر بالمائة مضيفا:"وهناك بعض الدول التي لم تكن ناجحة بنفس الدرجة". ودعا إلى عدم استغلال نجاح ألمانيا في تحقيق ميزانية متوازنة كورقة للضغط عليها للحصول على المزيد من المساهمات في البرامج الأوروبية.