تعيين ابن سلمان رئيسا للوزراء – تثبيت للواقع القائم أصلا
٢٨ سبتمبر ٢٠٢٢جاء تعيين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في منصب رئيس الوزراء مفاجئا، لكونه من النادر أن يتولى أحد آخر غير الملك هذا المنصب. فالمادة السادسة والخمسون من النظام الأساسي للحكم في السعودية، والمتعلقة بمهام رئيس مجلس الوزراء، تنص على أن "الملك هو رئيس مجلس الوزراء".
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أصدر مساء الثلاثاء (27 أيلول/ سبتمبر 2022) عدة أوامر ملكية، تقضي بإعادة تشكيل مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكذلك تعيين الأمير خالد بن سلمان وزيرا للدفاع. وجاء في نص الأوامر الملكية: "يكون الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيساً لمجلس الوزراء؛ استثناءً من حكم المادة (السادسة والخمسين) من النظام الأساسي للحكم، ومن الأحكام ذات الصلة الواردة في نظام مجلس الوزراء".
وعن هذا التغيير قال مسؤول سعودي إن الدور الجديد لولي العهد محمد بن سلمان كرئيس للوزراء يتماشى مع تفويض سابق من الملك للمهام إليه، بما في ذلك تمثيل المملكة في الزيارات الخارجية ورئاسة القمم التي تستضيفها.
وقال المسؤول إن ولي العهد، بناء على أوامر الملك، يشرف بالفعل على الهيئات التنفيذية الرئيسية للدولة بشكل يومي، ودوره الجديد كرئيس للوزراء يأتي في هذا السياق. وأضاف المسؤول أنه تاريخيا حدث مثل هذا التفويض للمهام في المملكة عدة مرات، وفق ما ذكر المسؤول لوكالة رويترز.
إجراء بروتوكولي
إذاً الأمير محمد بن سلمان يتمتع بصلاحيات واسعة أصلا، قبل أن يعيّن رئيسا للوزراء. وهذا ما دفع بعض المغردين للقول إن محمد بن سلمان عين نفسه رئيسا للوزراء.
وإلى نفس الرأي ذهب الباحث حسن منيمنة، مدير مؤسسة بدائل الشرق الأوسط، الذي وصف تعيين ابن سلمان رئيسا للوزراء بأنه "تحصيل حاصل" ولن يغير من الواقع الفعلي في السعودية، كما نقل موقع قناة الحرة. ويضيف منيمنة: "ليس في الأمر أي جديد أو تبديل أو تركيز للسلطة، لأنها أصلا مركزة بيد ولي العهد". وعن المغزى من تعيين ولي العهد السعودي رئيسا للوزراء، يرجح منيمنة أنها "قد تدخل في إطار تحضير الأجواء لانتقال سلس للسلطة، أو فقط لتثبيت ما هو ثابت".
وهناك من يرى أن الخطوة بروتوكولية بالدرجة الأولى. حيث قال الإعلامي السعودي علي الشهابي لصحيفة الفاينانشال تايمز إن قرار التعيين غير مرتبط بصحة الملك سلمان. إنه فقط "يحول الواقع الفعلي إلى وضع قانوني ويزيل بعض الارتباك المرتبط بالبروتوكول، حيث أن رتبة الأمير السابقة كانت نائب رئيس الوزراء وكان يتعامل بالفعل مع رؤساء الحكومات ورؤساء الدول".
هل حدث هذا الأمر سابقاً؟
عند النظر في تاريخ العائلة المالكة في السعودية، نجد أنه مع بداية إحداث مجلس الوزراء في عهد الملك عبد العزيز بن سعود في عام 1953، جرت تسمية ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز رئيسا للمجلس.
ولي العهد في الخمسينات والستينات فيصل بن عبدالعزيز تولى أيضا رئاسة مجلس الوزراء، ولكنه احتفظ برئاسته لمجلس الوزراء بعد توليه مقاليد الحكم مطلع عام 1964.
ومن حينها يتولى الملك فقط رئاسة الوزراء. لذلك يعتبر تولي الأمير محمد بن سلمان هذا المنصب حدثا نادرا وكسرا للقاعدة السائدة منذ حوالي ستة عقود.
ف.ي/ع.ج