تفوق الجيش المصري إقليمياً.. قوة تتزايد في وجه التهديدات؟
٦ فبراير ٢٠٢٠كشف موقع "غلوبال فاير باور" العالمي المختص بالشأن العسكري للدول عن تصنيفه السنوي للعام الجاري. ووفق هذا التنصيف جاء الجيش المصري ضمن أقوى عشرة جيوش لهذا العام، إذ قفز تصنيفه من المركز الـ 12 على المستوى العالمي إلى المركز التاسع، وعلى المستوى الإقليمي من المركز الثاني إلى المركز الأول. وبهذا يكون قد تفوق على جيوش كبيرة في العالم ومنها الجيش التركي الذي تراجع إلى المركز 11 بعدما كان يحتل المركز التاسع عالمياً والأول في منطقة الشرق الأوسط، بحسب الموقع. كما تفوق على الجيش الإيراني الذي جاء في المركز 14 والجيش الإسرائيلي الذي حل في المركز 18 للتصنيف السنوي لعام 2020.
أين تكمن قوة الجيش المصري؟
يعتمد موقع "غلوبال فاير باور" في تقييمه لقوة جيوش دول العالم على أكثر من 50 معياراً، من أهمها الجوانب العسكرية والاقتصادية واللوجستية والجغرافية وتعداد قواته البرية والبحرية والجوية وتسليحها، بالإضافة إلى معايير أخرى تتمثل في الموارد اللوجستية والمالية.
ووفق تفاصيل التقييم التي نشرها الموقع العسكري ترتكز قوة الجيش المصري بالأساس في عديد قطعاته البرية، إذ يبلغ 920 ألف جندي، منهم 440 ألف جندي نشط. واحتل الجيش المصري مراكز متقدمة في تصنيفات أخرى مثل قوة سلاح الدبابات، في عدد العربات المدرعة وعدد قطع المدفعية الذاتية، وكذلك في قوة قواعد الصواريخ. وعلى مستوى القوة البحرية، حصل الجيش المصري على تقييم مرتفع في قوة الألغام البحرية التي جاءت بالمركز الثاني عالمياً، بينما حصلت مصر على المركز الثالث عالمياً في تقييم حاملات الطائرات التابعة للجيش المصري.
وبحسب الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط غونتر ماير فإن هذا النمو الملحوظ الذي طرأ على الجيش المصري له بعد تاريخي يعود إلى معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر. ويضيف بالقول: "منذ ذلك الحين، تلقى الجيش المصري أسلحة من الولايات المتحدة بقيمة 1.3 مليار دولار سنوياً. في ذلك الوقت تعهد الأمريكيون ليس فقط بدعم الإسرائيليين ولكن أيضاً بدعم مصر بتقديم هذه المساعدات العسكرية".
في عام 2019 جاءت مصر في طليعة أكبر مستوردي الأسلحة الألمانية بين الدول العربية، إذ حلت في المرتبة الثانية، بواردات أسلحة ألمانية بلغت قيمتها 802 مليون يورو.
كيف تستغل مصر قوتها العسكرية؟
من جهته يرى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية سعيد الصديقي أن مصر تحاول خلف هذا الإقبال المتزايد منها على شراء الأسلحة الاستعداد إلى أي انفلات أمني سواء في محيطها الداخلي أو الإقليمي. ويضيف الخبير المغربي في حواره مع DW عربية بالقول: "التحدي الأول يتمثل في الاضطرابات المستمرة في سيناء، حيث تستعمل فيها مصر المقاربة العسكرية لضبط هذه المنطقة، وحتى الآن لم تستطع أن تحل هذا الملف. وبالتالي فإن الوضع الأمني في سيناء يشكل محدداً لحجم التسلح المصري ونوعية الأسلحة التي تقتنيها".
أما على المستوى الإقليمي فتشكّل ليبيا "أحد الحدائق الخلفية لمصر"، حسب الصديقي، الذي يرى "أن عدم استقرار ليبيا يقلق مصر عسكرياً وأمنياً. وفي ظل الأزمة الليبية المستمرة من دون أي بارقة أمل لحلها سلمياً، فلا شك أن تخشى مصر من أن تمتد التداعيات الأمنية عبر حدودها الغربية".
من ناحية أخرى فإن إقبال مصر على صفقات الأسلحة من أطراف فاعلة على الساحة العالمية يضمن لها نوعاً من الدعم في الكثير من القضايا، إذ يرى الصديقي أن "الاقتراب من الولايات المتحدة أو توطيد العلاقات مع روسيا يتم من خلال شراء المزيد من السلاح. وقد لا يكون هذا الشراء مبرراً سواء من حيث حجم صفقاته أو نوعيتها، وقد لا تقتضيه مصلحة الأمن القومي أحياناً. يمكن تفسير الانفاق العسكري أيضاً برغبة الكثير من الدول في شراء دعم الدول الكبرى من الدول، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا".
الأقوى في ساحة المعركة؟
هل يضمن مؤشر القوة العسكرية لوحده النجاح في ساحة المعركة؟ في دراسة نشرها مركز كارنيغي للشرق الأوسط تحت عنوان "الجيش المصري: العملاق المُستيقظ من سباته"، عُرضت أسباب "الصحوة" الملحوظة للمؤسسة العسكرية المصرية خلال السنوات الأخيرة وبالأخص في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأرجعت الدراسة هذا الأمر عدة أسباب منها التهديدات الأمنية المحلية والإقليمية، التي تواجهها البلاد. ومن جهة أخرى تناولت الدراسة أيضاً التنظيم والتجنيد العام للقوات المسلحة المصرية، ورأت أنه "لا يمكن الجزم بوضوح ما إن كانت هذه المؤشرات على زيادة نشاط القوات المسلحة المصرية وتسليحها ومعداتها، قد تكون من عوامل النجاح في ساحة المعركة".
"هذه الطفرة في تسليح الجيش المصري لن تحدث فارقاً كبيراً، ولن يحدث أي اختلال في موازين القوى العسكرية في المنطقة"، حسب الصديقي، الذي يرى أنه يبقى في إطار "النمو النسبي". كما أن مصر ليست دولة مصنعة للسلاح الثقيل، إذ تعتمد على الاستيراد مقارنة بتركيا التي تقوم بصناعة بعض أصناف أسلحة جيشها الثقيلة، كما يقول الخبير في العلاقات الدولية.
ولا يعتقد الصديقي أن مصر ستغسل هذا النمو في دور عسكري على الأراضي الليبية مثلاً، "رغم العلاقات الوطيدة بين مصر ودول الخليج لم يُزج بجنود مصر في ميدان الحرب باليمن وبليبيا حتى الآن. ما تزال مساهمات مصر تقتصر على الطلعات الجوية. ويختم الصديقي بالقول: "أرى أن الجيش المصري سيتردد كثيراً قبل أن ينخرط بشكل مباشر وواسع في الأزمة الليبية".
وفقاً لقائمة التصنيف التي نشرها موقع "غلوبال فير بور" الأمريكي، تصدر الجيش الأمريكي القائمة التي ضمت 138 دولة، تليه روسيا والصين، بينما جاء جيش مملكة بوتان، في ذيل القائمة.