زيباري: "لن نسمح بانزلاق العراق نحو حرب أهلية"
٢٣ فبراير ٢٠٠٦اتسعت دائرة العنف في العراق، ما ينذر بنشوب حرب أهلية في بلاد الرافدين. ويأتي هذا التصعيد بعد أن فجر مسلحون مجهولون صباح أمس، 22 شباط/فبراير 2006، مرقداً شيعياً في مدينة سامراء ذات الأغلبية السنية. ويعد المزار الشيعي المستهدف إحدى أهم مقدسات الشيعة ويطلق عليه اسم "مزار القبة الذهبية" حيث يتواجد ضريحا الإمامين الشيعيين علي الهادي وابنه الحسن العسكري. وكما هو الحال بعد كل عملية إرهابية تستهدف مراكز شيعية وجه البعض أصابع الاتهام إلى ميليشيات سنية يشجعها "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" بقيادة الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي، إلا أنه حتى الآن لم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها عن هذا العمل الإجرامي.
تصاعد أعمال العنف
وأدى التفجير، الذي كانت نتائجه تدمير قبة مرقد اثنين من الأئمة الاثنى عشر إلى إثارة مشاعر الحنق لدى الشيعية في شتى أنحاء العراق، فقد تظاهر الآلاف منهم في بغداد والبصرة وكربلاء وسامراء احتجاجاً على هذا العمل الإرهابي. أما الزعيم الشيعي مقتدي الصدر فقد دعى الشيعة إلي ضبط النفس وعدم مهاجمة المساجد السنية، لكنه توعد المتشددين السنة الذين يقال إنهم وراء الحادث بالثأر والانتقام. وفي غضون ذلك أعلن مصدر في الحزب الإسلامي العراقي، أحد أكبر الأحزاب السنية في العراق وقوع اعتداءات ضد ثلاثة مساجد سنية في الغزالية والرحمانية وحي الإعلام ببغداد. وقد أدت هذه الأحداث إلى مقتل أكثر من مئة شخص في العراق من بينهم 50 أعلنت السلطات العراقية أنها عثرت على جثثهم في العاصمة بغداد، و47 في مدينة نهروان. أما في سامراء فقد قتلت مراسلة قناة العربية أطوار بهجت واثنين من زملائها قصدوا المدينة لتغطية الأحداث الأخيرة. ووسط هذا الجو المفعم بالتشنج حذر زعماء عراقييون من خطر اندلاع حرب أهلية في البلاد، وقال الرئيس العراقي جلال طالباني إن العراق "يواجه مؤامرة تستهدف وحدته، وعلى الجميع أن يتضامنوا من أجل منع وقوع حرب أهلية".
وللوقوف على مدى تأثير تفجير المزار الشيعي في سامراء على مستقبل الوضع الأمني في العراق، أجرى موقعنا الحوار التالي مع هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي:
دويتشه فيلّه: ما هو تقيمكم للاعتداء على أحد المقدسات الشيعية في العراق؟
هوشيار زيباري: إنه بالتأكيد عمل خطير جداً ومدان من قبل جميع الطوائف والأئمة والمرجعيات الإسلامية. لقد عبرت الحكومة العراقية يوم أمس عن موقفها من ذلك واتخذت سلسلة من الإجراءات لتهدئة الأوضاع واحتواء هذا التطور الخطير، الذي يهدد الوحدة الوطنية. وهذا أخطر ما واجهه الشعب العراقي في الفترة الماضية لإشعال فتيل حرب طائفية وحرب داخلية مدمرة. لكن هناك وعي من قبل القيادات السياسية والدينية في العراق لتجاوز هذه المحنة، التي أثرت تأثيراً بالغاً في مشاعر المواطنين بعد هذا الهجوم الإرهابي التكفيري على هذه المقدسات في سامراء.
من هي الجهات التي تقف وراء هذا الهجوم من وجهة نظركم؟
هناك بلا شك خلفيات لهذا الموضوع. لقد عبرت المجموعات الإرهابية والتكفيرية المرتبطة بتنظيم القاعدة وبتنظيم الزرقاوي عن نواياها الخبيثة في رسائل وبيانات بأنه لابد من استهداف الشيعة، وذلك لخلق فتنة طائفية في البلاد وخلق أكبر قدر من الفوضى، لأن ذلك يخدم مصالحهم وأهدافهم الخبيثة بالتأكيد. لذالك فإن التحقيقات جارية وجرى اعتقال عدد من المشبوهين، وهم متواجدون الآن لدى السلطات الأمنية العراقية والتحقيقات جارية وهناك مطلب شعبي بضرورة معاقبة المسببين لهذا الحادث الإرهابي الإجرامي البشع من قبل الحكومة.
هل يواجه العراق الآن بالفعل خطر نشوب حرب أهلية؟
إن الإرهابيين والتكفيريين يريدون تحقيق هذه الغاية، لكن وعي القيادة العراقية السياسية والدينية وحكمتها أكبر من هذه المخططات. ونحن متأكدون أننا سنقهر هذه المؤامرة الخبيثة، التي تستهدف وحدة واستقرار الشعب العراقي.
هل سينجح المتطرفون في إشعال نيران الفتنة الطائفية في بلاد الرافدين؟
لا لقد حاولوا وفشلوا خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذه المرة أيضاً سوف يفشلون لأن حكمة ووعي وإدراك قيادة العراق الجديدة أكبر منهم. ولن تسمح هذه القيادة بأن ينزلق البلد نحو حرب أهلية وطائفية، لا سمح الله.
بعد الهجوم الذي وقع في سامراء تم الاعتداء على عدد من المساجد السنية. ترى أين المخرج من المأزق الذي وقعت الطائفة السنية فيه ؟
هناك أعمال انتقامية وثورة للعواطف، والمشاعر الحالية أدت بالتأكيد إلى ردود فعل انتقامية غير مبررة في اعتقادي، خاصة وأنه قد صدرت فتاوى من المرجعيات الشيعية العليا تخاطب الشعب بالتهدئة وعدم الانتقام وعدم الاعتداء على بيوت الله والمساجد، لذالك هناك جهود مستمرة لتطويق هذه الأعمال الانتقامية.
أجرى الحوار: علاء الدين سرحان