سوريا - اختبارات للتيقن من حقيقة صور مثيرة للجدل
٦ أغسطس ٢٠١٢يتعالى دوي مدافع الرشاشات في الوقت الذي يحاول فيه الرجل النجاة بنفسه، وهو يصوّر هروبه من هجمات طائرات الهليوكوبتر. صور ضبابية ودخّان في الهواء. وفي المساء يتم عرض التقارير على شاشات التلفزيون على أساس أنها توثق هجمات الجيش السوري ضد المدنيين في حلب. و لكن إلى أي حدد تتوافق هذه الصور مع مهنية الصحافة؟ كيف يفترض بالمشاهد أن يصدق ما يشاهد، ويثق بنزاهة ملتقطيها غير المتمرسين في عالم الصحافة؟ لا ريب في أن عدم تواجد الصحفيين في موقع الأحداث لا يترك للقنوات التلفزيونية خياراً آخر، ولكن ما كل ما يجد طريقه إلى الإنترنت يستحق الوصول لشاشات التلفزيون، وعليه فإن بعض وسائل الإعلام تجري اختبارات الهدف منها تصفية الصالح من الطالح.
عملية جمع الأدلة الظرفية
إحدى الوسائل المتبعة في هذه الاختبارات تتمثل في البحث عن الأدلة الظرفية والمقصود بها كل ما يدل على ارتباط الصور بموقع الحدث المزعوم، فمثلاً يتفقد رئيس تحرير قسم وسائل الإعلام الاجتماعية في القناة الألمانية الأولى/ARD بمدينة هامبورغ، مايكل فيجنر صفحات تويتر وفيسبوك ويوتيوب يوميا باحثاً عن كل فديو جديد على صلة بالأحداث السورية. وبعد أن يضع يده على أحد التقارير، يبدأ عملية التدقيق للتأكد من أن اللغة المنطوقة في الفيديو هي العربية مروراً بالتأكد من مطابقة الصور لصفات المنطقة المنسوبة إليها، وفي النهاية يختبر فيجنز معقولية ما تدعي الصور حدوثه.
عملية تدقيق رباعية
وبدوره ابتكر موقع القناة الألمانية الأولى/ تاجسشاو الألمانية منهجاً لعملية تدقيق التقارير مكونة من أربع خطوات. في البدء تتم مقارنة الصور بأخرى تم التقاطها من وكالات إعلام أخرى معروفة حتى يتم التأكد من وقوع الحدث في المكان المذكور. و تتبع هذه الخطوة عملية دراسة لصاحب الصور ودرجة مصداقيته متبوعةً بدراسة للشخص الذي قام بالتحميل على صفحات الانترنت، كأن يكون معروفاً في عالم الإنترنت أو إذا كان التواصل معه ممكناَ. أما في الخطوة الثالثة فتتم مقارنة معطيات الفيديو بالاعتماد على الخبراء والصحفيين الذين سبق لهم التواجد في سوريا حتى يتم التأكد من إمكانية وقوع الأحداث المذكورة من خلال الصور والفديو. وأخيراً يتم التأكد من مدى التلاعب بالفيديو أو الصور تقنياً.
استحالة التيقن من صحة تقارير الإنترنت
لكن حتى لو نجحت التقارير في تجاوز الاختبارات، فمن الصعب اعتبارها مصادر موثوقة يرتكز عليها الإعلام، إذ إن الأخير قد يخاطر من خلال اعتمادها باستخدام تقارير مزورة أو لا تعكس الحقائق وفقاً لأستاذ الصحافة في لايبزغ مارتن فيلكر، وهو الأمر الذي يدعو المحطات التلفزيونية إلى انتقاء الصور بعناية شديدة لتفادي نشر ما قد لا ترقى صحته إلى المستوى المطلوب. وبما أنه لا يوجد تقارير موثوق بها مائة بالمائة، لا بد من تذكير المشاهدين بمصدر هذه الصور وعدم القدرة على التحقق منها بشكل قطعي. وهنا يؤكد الأستاذ فيلكر على ضرورة إظهار مصادر الفيديو وإرفاقها بعبارات مثل: "تجد الإشارة إلى أن قناتنا لا يمكنها تأكيد صحة هذه الصور". أما إذا كان فيديو الرجل الهارب من حلب يعكس الحقيقة، فأمر لن يعرف المشاهد سره إلا لاحقا.
الكاتب: نيكولاس شتاينر/ تقى هلال
مراجعة: د. إبراهيم محمد