شركات تأمين عالمية تصدر بوليصات تأمين إسلامية
٢ فبراير ٢٠٠٧منذ عدة سنوات بدأ عدد من البنوك العالمية في الإقبال على فكرة البنوك الإسلامية والتمويل الإسلامي، متوقعين أن تنمو سوق الأعمال المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بنسبة 15 بالمائة سنوياً. ومن ضمن البنوك التي أقبلت على تقديم عروض الاستثمار الإسلامية كان البنك الألماني الكبير دويتشه بنك، الذي وجه نشاطاته بشكل خاص إلى دول الخليج العربي والتي يزداد فيها الطلب على عروض الاستثمار الإسلامي. من ناحية أخرى ولأن القرآن الكريم لم يذكر بوضوح أحكام المعاملات المصرفية والتأمين فقد كلفت البنوك هيئة خاصة من علماء المسلمين لتقديم الفتاوى المناسبة للأعمال المصرفية التي تقدم للمسلمين.
ازدهار التكافل الإسلامي
لم يقتصر النمو الاقتصادي على قطاع البنوك الإسلامية فحسب، بل طال أيضا قطاع التأمين المتوافق مع الشريعة الإسلامية، أو ما يطلق عليه بــ"التكافل". من ناحية أخرى، بدأت شركات التأمين الأجنبية في توجيه اهتمامها إلى الدول الإسلامية وعلى رأسها دول الخليج. وفي هذا السياق أوضحت وكالة التصنيف الائتماني إن القطاع الذي يقدم منتجات تأمينية متوافقة مع الشريعة الإسلامية نما بمعدل سنوي بلغ 20 بالمائة في السنوات الأخيرة. وأضافت أن حجم السوق سينمو إلى 7.4 مليار دولار بحلول عام 2015 بعد أن كانت تصل إلى ملياري دولار فقط في عام 2005. كما أكدت على أهمية توفير شركات إعادة تأمين تكافلي متوافقة مع الشريعة الإسلامية لمواصلة التطور الناجح لسوق التكافل. وتقدم شركات إعادة التأمين تأميناً احتياطياً لشركات التأمين في حالات الكوارث. ونظراً لصغر حجم شركات التكافل نسبياً وميلها إلى العمل في نطاق جغرافي محدود يتركز حالياً في الشرق الأوسط وماليزيا فإن شركات إعادة التأمين يمكنها القيام كذلك بخدمات استشارية والمساعدة في توزيع المخاطر.
إقبال عالمي على نظام "التكافل"
تتوقع شركة إعادة التأمين الألمانية هانوفر ري أن تبلغ قيمة الأقساط في نشاطها لإعادة التأمين مع الشركات الإسلامية 100 مليون دولار بحلول عام 2010، بعد أن أنشأت وحدة في البحرين لمزاولة إعادة التكافل بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية في أنحاء العالم. وقالت الشركة إن شركات التأمين التكافلي ملزمة بالحصول على خدمات إعادة التأمين من شركة إعادة تكافل ملتزمة بأحكام الشريعة ولا تلجأ إلى إعادة التأمين التقليدية إلا في حالة عجز سوق إعادة التكافل عن تغطية حاجاتها. وتعتبر هانوفر ري نفسها أول شركة من بين مجموعات إعادة التأمين الغربية الكبيرة التي تخدم سوق إعادة التكافل الإسلامي كما ترى فرصة كبيرة للاستثمار في هذا المجال، حيث أن هناك حوالي 80 شركة تأمين تكافلي في 20 دولة.
ومن بين الشركات العالمية الكبيرة التي سارعت إلى تقديم عروض التكافل الإسلامية شركات أليانتس وآ.إيه.جيه وزيورخ. غير أن أول شركة قامت بهذه المبادرة كانت شركة صغيرة غير معروفة سارعت للاستثمار في الأسواق الإسلامية في دول الخليج، وهي شركة اف.دبليو.يو FWU Facility for Worldwide Unit Insurance، ومقراها الأساسيان في لوكسمبورج وميونخ. وقد حققت هذه الشركة نجاحاً في الشرق الأوسط بسبب بوليصة التأمين المعروفة باسم "التكافل" والمطابقة للشريعة الإسلامية. ومنذ نحو عام تقدم الشركة عقود التكافل في دولتي الإمارات العربية المتحدة والكويت بالتعاون مع شركائها هناك.
إقبال خليجي كبير على عروض التكافل
وردا على سؤال لموقعنا حول مدى نجاح فكرة هذا النوع من التأمينات في الخليج العربي قال ديرهايمر: "يشهد هذا القطاع في الخليج العربي نجاحا كبيرا، لاسيما في ظل زيادة الوعي بالاحتياجات المستقبلية عند الكبر، بالإضافة إلى ضعف مفهوم العائلة الكبيرة، مما يزيد الحاجة إلى مثل هذه الوسائل من الضمان والـتأمين". وفي هذا السياق، تمكنت هذه الشركة في وقت قصير من إبرام أكثر من 8000 عقد تكافل بأقساط سنوية تصل إلى أكثر من 50 مليون يورو. وبعد أسابيع قليلة تبدأ الشركة بالتعاون مع شركة تكافل الأهلي السعودية في الدخول إلى الأسواق السعودية، ويتبعها مشروع للدخول إلى أسواق ماليزيا. وفي هذا السياق يقول مانفرد ديرهايمر مؤسس شركة اف.دبليو.يو ورئيسها في مقابلة له مع موقعنا: "إننا نتوقع أيضاً أن تكون الأسواق مفتوحة لهذا العمل في جنوب أفريقيا التي يسكنها نحو مليون مسلم، معظمهم من باكستان". أما شركة أليانتس فهي تعقد آمالا ً كبيرة على الأسواق الآسيوية. وتعين هذه الشركات هيئة من علماء الشريعة، تقوم بتقديم فتاوى لتحسين العروض المقدمة وجعلها أكثر توافقاً مع الشريعة، وبالتالي يمكن قبولها من جانب المجتمعات الإسلامية.
ما هو التأمين الإسلامي؟
ينظر بعض الهيئات الإسلامية إلى عروض شركات التأمين التقليدية على أنها تنطوي على عنصر مقامرة وهو ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، لأن أقساط التأمين قليلة ولا تتناسب مع حجم التعويضات المقدمة. وبما أن المخاطر والمكاسب ليست متساوية في التأمين التقليدي، فهذا يعني أن شركات التأمين تحقق أرباحاً عن طريق المقامرة. وفي ضوء هذا تركز شركات التكافل في برامجها على إشراك المؤمن عليه في المخاطر والمكاسب معاً، وتوزيع تكاليف الأقساط بين كل المساهمين في برنامج التكافل، كما يتم تقاسم عائد استثمار أموال صندوق التكافل. ففي هذا السياق، فإذا وضع كل شخص مبلغاً ما وحدثت لشخص منهم مشكلة فسيأخذ من هذه الأموال لحل مشكلته، أي أن الأمر يتضمن مشاركة في المسؤولية. وفي حال عدم وقوع أية مشكلات، فإن الأموال تكون قد استثمرت وحققت عائداً يمنح للمشاركين على عكس شركات التأمين التقليدية.
من ناحية أخرى، لا يدفع المشاركون أقساطاً، بل تبرعات في صندوق التكافل، يتم استثمارها حسب الشريعة الإسلامية التي تحرم التعامل في الخمر والدعارة والأعمال التي تعتمد على الفائدة وأعمال المقامرة. وفي هذا السياق يقول ديرهايمر، مدير شركة اف.دبليو.يو FWU بأن "نقطة نجاحنا تكمن في أن فهمنا للاستثمار ينطلق من مفهوم التوافق مع الشريعة الإسلامية وأن هيئة خاصة من علماء الدين الإسلامي تنظر في كل عروضنا وتخضعها للمنظار الإسلامي وتصدر التراخيص الخاصة بذلك ولا تجيز أي عرض يتعارض مع روح الشريعة الإسلامية."