شقيقة علاء عبد الفتاح "محبطة" بعد لقائها بساسة ألمان!
٢٩ يوليو ٢٠٢٢خلال جولتها في عدة دول للتعريف بقضية أخيها الناشط السياسي المصري البارز علاء عبد الفتاح والمعتقل في أحد السجون المصرية، أكدت سناء سيف أنها غير مسموح لها بالكشف عن أسماء جميع السياسيين الذين التقت بهم في ألمانيا مؤخراً، إذ أراد بعض البرلمانيين إبقاء الاجتماعات معها في إطار السرية.
هذه الواقعة تنبئ بالكثير، تشرح الناشطة السياسية المصرية/البريطانية والبالغة من العمر 28 عاماً، والتي قامت مؤخراً بجولة في أوروبا والولايات المتحدة، وتدافع عن شقيقها علاء عبد الفتاح، وتروج لكتابه المنشور مؤخراً.
"ليس من المنطقي بالنسبة لي أن أرى السياسيين الألمان يخجلون من الحديث عن حقوق الإنسان"، بحسب ما قالت سناء لـDW، وتضيف: "يبدو الأمر كما لو أنهم لا يريدون أن يحدثوا أدنى قدر من الجلبة أو لفت الانتباه".
سجين رفيع المستوى
وعلاء عبد الفتاح، هو أحد أشهر المعارضين في مصر وربما أحد أبرز السجناء السياسيين في العالم العربي. يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره رمزا لثورة 25 يناير التي اندلعت في مصر عام 2011، وقد تم اعتقاله مجدداً في عام 2014 بزعم مشاركته في احتجاج غير مصرح به، ومنذ ذلك الحين قضى أغلب السنوات اللاحقة في السجن. وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حُكم عليه بالسجن خمس سنوات أخرى خلال أداء فترة المراقبة ما بعد تنفيذ الحكم السابق بسبب منشور قديم على موقع فيسبوك.
وصف معلقون كتابه الصادر في أبريل/ نيسان 2022، "أنت لم تُهزم بعد"، بأنه "مجموعة قوية من المقالات... التي تتعقب الانحدار المأساوي للآمال والطموحات التي حدثت له بوجه خاص أو لمصر بوجه عام وذلك منذ أحداث 2011 وصولاً إلى الديكتاتورية العسكرية الوحشية".
يذكر أن علاء عبد الفتاح مضرب عن الطعام حالياً.
في غضون ذلك، تطالب شقيقتاه منى وسناء بنقله إلى سجن في بريطانيا. تمكن شقيقهما، مثلما تمكنتا، من أن يصبح مواطناً بريطانياً إلى جانب حمله للجنسية المصرية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لأن والدتهم ولدت في بريطانيا.
"سيكون من باب حفظ ماء الوجه أن تقوم السلطات المصرية بترحيله كمجرم". توضح سناء: "لكن بالطبع في لندن لن نعتبر مجرمين". لكن حتى تنجح هذه الخطة، يجب أن يكون هناك ضغط على النظام المصري من جانب المجتمع الدولي، كما قالت لـ DW.
ألمانيا لن تحرك المياه الراكدة
لهذا السبب سافرت سناء إلى عدة دول حول العالم خلال الأشهر القليلة الماضية. وهذا هو أيضاً سبب خيبة أملها، لأن بعض السياسيين الألمان الذين التقت بهم أثناء وجودها في برلين في منتصف شهر يوليو/ تموز أرادوا إبقاء اجتماعاتهم معها سرية.
وتقول سناء تعليقاً على ذلك: "إما أنهم ليسوا على علم بمدى النفوذ الذي يتمتعون به (الساسة الألمان) بالفعل في مصر، أو أنهم لا يريدون تغيير الوضع".. كانت سناء نفسها قد قضت وقتاً في السجن في مصر مؤخراً بعد إدانتها بنشر ما زعمت السلطات المحلية أنها أخبار كاذبة عن انتشار كوفيد-19 في السجون المصرية.
وأشارت إلى أنها في الوقت الذي كانت تلتقي فيه بأعضاء البرلمان الألماني خلف أبواب مغلقة، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي بنظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، والمستشار الألماني أولاف شولتس علانية.
السيسي قال في مؤتمر صحفي في ألمانيا عقب الاجتماعات رفيعة المستوى للصحفيين إن "الغاز المنتج في شرق البحر المتوسط يمكن نقله وتصديره إلى أوروبا عبر مصر".
تقول سناء سيف لـ DW: "على الرغم من أنه لم يتم إخباري بذلك بشكل صريح، إلا أنني شعرت دائماً أن سبب القلق والتوتر [أثناء الاجتماعات] هو مشكلة الغاز (التي تعاني منها ألمانيا وأوروبا)"، وتضيف: "ولهذا السبب أشعر بخيبة أمل." وقالت إن علاقة ألمانيا بمصر لا يجب أن تكون "أسود وأبيض".
وأضافت شقيقة الناشط المصري: "لا يزال بإمكانك إنشاء شراكات قوية بالفعل مع أنظمة قمعية كالنظام المصري"، "لكن عليك أن تفعل ذلك بشكل مختلف، وتضع حقوق الإنسان في قلب العلاقة معه".
في هذا السياق، قال كل من شولتس والسيسي إنهما ناقشا أيضاً مسالة حقوق الإنسان خلال اجتماعهما في برلين، لكن لم يخض أي منهما في أي تفاصيل بشأن السجناء السياسيين.
ومؤخراً، نفت الحكومة المصرية وجود أي سجناء سياسيين في البلاد على الإطلاق. وفي يونيو/حزيران نفت السلطات المصرية أن يكون علاء عبد الفتاح مضربا عن الطعام.
"مشاكل الطاقة أهم من حقوق الإنسان"
تعارض مجموعات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش مثل هذه المزاعم التي يطلقها النظام المصري، قائلة إن مصر "تمر حالياً بواحدة من أسوأ أزماتها الحقوقية منذ عقود"، وإن "عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة، بمن فيهم صحفيون ونشطاء سلميون ومدافعون عن حقوق الإنسان، لا يزالون خلف القضبان".
وأشارت سيف إلى أن "السير على غير هدى في علاقة غير صحية مع الطرف الآخر يعني أن السياسيين في [الاتحاد الأوروبي] لم يتعلموا شيئًا من الحرب في أوكرانيا.. إنها سياسة قصيرة النظر للغاية". "في البداية كان التضامن مع الشعب الأوكراني ملهماً للغاية. ولكن الآن ومع اقتراب فصل الشتاء، يبدو أن الجميع قلقون ويجعلون من أزمة [الطاقة] أولوية. هذا أمر مخيف للجميع".
وعندما سُئلت عن سبب اعتقادها بأن هذا الأمر مخيف، أوضحت أن الناس في الشرق الأوسط معتادون على المعايير المزدوجة من جيرانهم الغربيين. على سبيل المثال، انتقد كثيرون الحفاوة التي تم بها استقبال اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا، مقارنة بالطريقة التي يعامل بها طالبو اللجوء من الدول ذات الأغلبية العربية.
وقالت: "كعربية، ليس من المفاجئ بالنسبة أن تكون هناك معايير مزدوجة"، "ولكن ما يثير القلق حقًا هو حقيقة أنه إذا لم تُظهر تضامنًا إلا مع الأشخاص الآخرين الذين يشبهونك، فما هي الفرصة التي لدينا نحن العرب؟ هذا أمر مخيف للناس في جميع أنحاء العالم".
وتعتبر عائلة الشابة المصرية بأكملها من النشطاء المعروفين، فوالدها كان أحد أشهر محامي حقوق الإنسان في مصر، ووالدتها استاذة جامعية وعالمة رياضيات وناشطة في مجال حقوق المرأة.
مؤتمر المناخ..فرصة أخيرة؟
رغم كل هذا ، لا يزال لدى سناء سيف بعض الأمل. وهي تعتقد سناء أن مؤتمر المناخ المقبل COP27 والمقرر عقده في مصر، يمكن أن يوفر فرصة لدفع مسألة حقوق الإنسان للأمام ولإحداث تغيير في مصر.
وحالياً، تجري استعدادات كبيرة على قدم وساق في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، حيث من المقرر عقد المؤتمر، وسط عدد كبير من الإنشاءات الجديدة.
وقالت سيف لـ DW: "الأمر يشبه إلى حد كبير كأس العالم [لكرة القدم] بالنسبة للسيسي". وتعتقد أن السيسي "يريد لحظة العلاقات العامة هذه لأنها طريقة لاكتساب الشرعية على المسرح العالمي.. وبدلاً من مجرد السير بلا هدى، يمكن لقادة العالم أن يشترطوا المشاركة في المؤتمر مقابل بعض التنازلات المصرية المتعلقة بحقوق الإنسان".
وأشارت إلى أن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، التقى مؤخراً نشطاء البيئة. وتساءلت متعجبة: "هو لا يلتقي أبداً مع أي ناشطين آخرين من أي نوع!". وربما كان هذا هو السبب في أن نشطاء البيئة الذين سيصلون إلى مصر لديهم فرصة أيضاً لتسليط الضوء على سجل مصر السيء في مجال حقوق الإنسان، بحسب ما ترى سناء سيف.
أما عن عائلتها، فقالت إنها "تحاول البقاء" بعد سنوات من استهدافها من قبل الحكومة المصرية. واعترفت قائلة: "نحن من حركة هزمت"، في إشارة إلى الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، خلال ما يسمى بالربيع العربي عام 2011 ، وتضيف: "نعلم ذلك جيداً.. لسنا سذج حيال هذا الأمر".
واختتمت سناء، التي تسعى إلى حشد الدعم الدولي للإفراج عن شقيقها، قائلة: "نحن الآن ننظر إلى الأمر من وجهة نظر براغماتية للغاية". "أنا شخصياً ما زلت آمل في حدوث الأفضل لعائلتي. أيا كان ما سيحدث بعد ذلك، فما زلت في انتظار الوصول إلى نهاية لكل ما يحدث، حيث يمكن لم شملنا كعائلة."
أجرت اللقاء: كاثرين شاير
تحرير: آن توماس