ضوابط المنافسة الاقتصادية في ظل العولمة
تشكل العولمة تحديا حقيقيا لمعظم حكومات العالم لما يترتب عليها من اندماج للشركات الكبرى وإفلاس أخرى. فقد أفرزت العولمة ظاهرة التكتلات الصناعية التي قد تؤدي إلى احتكار بعض المنتجات والأسواق، وبالتالي التحكم في الأسعار، وخلالها يكون المستهلك أكبر المتضررين.
هذا الوضع ألزم الحكومات العالمية بالتحرك لاحتواء هذه المخاوف التي قد تصب في خانة الكثير من معارضي العولمة و تعزز بذالك الشكوك حول ضياع حقوق المستهلك تحت ظل هذا النظام الرأسمالي الجديد. ومن المرتقب ان يناقش مؤتمر بون سبل تعزيز التعاون بين مختلف الهيئات الدولية لمراقبة المنافسة الاقتصادية ووسائل اندماج الشركات الكبرى ومحاربة الاحتكار (الكارتيلات).
تبادل الخبرات
يعتبر العديد من المراقبين أن أنجع وسيلة للحد من تأثيرات العولمة على حرية المنافسة الاقتصادية هي تبادل المعلومات بين الهيئات المختصة لدى مختلف الدول. وفي هذا الصدد يعتبر توفر المعلومات الكافية والدقيقة عاملا أساسيا قد يساعد هيئة مراقبة المنافسة الاقتصادية على استخلاص الوضع القانوني الذي يتم فيه اندماج بعض المؤسسات الاقتصادية مع بعضها. علما بأن كل اندماج اقتصادي ضخم للشركات المتعددة الجنسية يحتاج إلى الموافقة النهاية من تلك الهيئات المختصة لدى الدول المعنية.
وفي المقابل أكد رئيس إدارة مراقبة الاحتكار في ألمانيا أولاف بوك أمام خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال بعدم وجود نوايا لدى إدارته لإعاقة المنافسة الاقتصادية. فهذه الهيئات الإدارية لن تقيد مبدأ حرية المنافسة الدولية ولن تضيق حرية القرار لدى الشركات. وهناك جهود لإحاطة عمليات الاندماج بقواعد قانونية تضمن من جانب حرية كافية للشركات لعقد صفقاتها الاقتصادية و تحمي من جانب آخر المستهلك من طموحات الشركات الكبرى في تحقيق الربح الفاحش و احتكار السوق.
تحرير المنافسة الاقتصادية
تشير عدد من الدراسات أن السياسات الاقتصادية للحد من احتكار بعض الشركات العالمية والمتعددة الجنسية قد أعطت ثمارها. فعلى سبيل المثال نجد في ألمانيا أن المستهلك قد استفاد بشكل مباشر من تحرير سوق الاتصالات السلكية واللاسلكية، حيث لم تعد شركة تيليكوم للاتصالات تحتكر السوق الداخلية. وبذلك يكون دخول منافسين جدد لهذا المجال قد ساهم إلى حد كبير في خلق منافسة اقتصادية مما ساهم في تخفيض الأسعار وتحسين الخدمات لدى المستهلك.
ولكن رغم بعض الجوانب الإيجابية لتحرير المنافسة الاقتصادية تظل نتائجها نسبية وتحتاج إلى ضوابط قانونية موحدة تنظم المنافسة الاقتصادية على الصعيد الدولي. و في هذا السياق لم يبدِ رئيس الغرفة الألمانية للصناعة، يورغن طومن، أي تحفظ بشأن هذه المبادرة، فحسب قوله تبقى الحاجة إلى قواعد لتنظم المنافسة التجارية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد "العولمة" ضرورية حتى يُضمن حياد الدولة وبالتالي تجنب الرقابة الاقتصادية.
تعزيز التعاون في مجال الرقابة
ويبقى تبادل المعلومات بين المؤسسات المكلفة بمراقبة المنافسة الاقتصادية أنجع وسيلة لمحاربة الاحتكار. إلا انه مازال يحتاج إلى المزيد من الجهود لتحسين أداء هذه الأجهزة دون أن يؤدي ذلك إلى خلق مزيد من البيروقراطية. الشيء الذي قد يؤثر سلبيا على الصفقات التجارية للشركات المتعددة الجنسية. لكن هذا المشروع يحتاج إلى التنسيق المحكم نظرا لزيادة عدد الدول التي استحدثت هذا النوع من الأجهزة، فقبل ثلاثة عقود كان عدد الدول التي لديها إدارة مكلفة بمراقبة المنافسة التجارية لا يتجاوز العشرين، أما اليوم فأصبح عددها يناهز المائة.
وفي هذا الإطار يشير المراقبون الماليون أن مؤتمر بون يهدف بالدرجة الأولى إلى التوصل إلى اتفاق بشان وثيقة موحدة تتضمن وثيقة موحدة تملؤها الشركات الراغبة في الاندماج على الصعيد الدولي بشكل طوعي. وستساهم هذه الوثيقة في تسهيل دراسة رغبة الشركات في الاندماج في ظرف زمني معقول وبكلفة معقولة.
طارق أنكاي