ظهور ابنة كيم جونغ أون.. شغل المخابرات وحير الخبراء!
١٥ يناير ٢٠٢٣
كأب فخور بأبنته، ظهر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون برفقة ابنته الكبرى علنا فيما تناقلت وسائل الإعلام الرسمية الصور على مدار الأشهر الماضية.
وظهر كيم جونغ أون وهو يمسك بيد أبنته كيم جو آي فيما بدأ في الخلفية ما يشبه موقع لإطلاق الصواريخ فيما ظهرت الابنة في صورة أخرى وهي تقف بالقرب منه فيما كان جالسا وسط تصفيق وابتهاج من الجنود.
وقد ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني أن كيم وابنته التقيا بعدد من الجنود والعلماء خلال إطلاق صاروخ هواسونغ -17.
ويُعتقد أن كيم جو آي وُلدت في عام 2013 وتعد الطفلة الثانية حيث لدى الزعيم الكوري الشمالي ثلاثة أطفال وهم ابن وابنتان.
وقد أدى ظهورها برفقة زعيم السلالة الحاكمة الشيوعية الوحيدة في العالم، إلى دفع الاستخبارات الكورية الجنوبية للقول بأن كيم يرغب فى إظهار عزمه إبقاء سلالة كيم على سدة الحكم في أكثر دول العالم انغلاقا.
بيد أن محللين يرون أن خلافة كيم جو آي والدها على رأس السلطة في كوريا الشمالية ليس بالأمر السهل إذ سوف يتطلب تغييرا غير مسبوق داخل المجتمع والطبقة الحاكمة حيث يهيمن الرجال على مفاصل الحياة وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى معارضة من كبار قادة الجيش ورجال الدولة.
لكن الخبراء اتفقوا على أن كيم وحده الذي يمتلك حقيقة ما إذا كان ينوي أن تخلفه ابنته في سدة الحكم.
غموض حول نوايا كيم
وقد عرضت وسائل الإعلام الحكومية في كوريا الشمالية صورا تُظهر كبار المسؤولين وهم ينحنون لابنة كيم جونغ أون مع وصفها من قبل الإعلام الكوري الشمالي باعتبارها "الطفلة الأعز" إلى قلب زعيم البلاد.
وقد بدت ملابس كيم جو آي أنيقة حيث ارتدت سترة بيضاء ومعطفا أسود طويل مع ياقة مبطنة بالفراء مما يعكس حرص والدتها ري سول جو على الموضة حيث تعد زوجة كيم رمزا للأناقة في كوريا الشمالية.
كيم جو آي.. من هي؟
وكانت الاستخبارات الكورية الجنوبية قد أبلغت كبار المسؤولين في مطلع يناير / كانون الثاني أن اصطحاب الزعيم الكوري الشمالي لابنته إلى الأماكن العامة يمهد الطريق أمام الزعيم الثالث من سلالة كيم التي تحكم كوريا الشمالية منذ عام 1948.
وكان كيم قد خلف والده كيم جونغ إيل في حكم البلاد عقب وفاته المفاجئة في ديسمبر / كانون الأول عام 2011.
وفيما يتعلق بالأمور المتعلقة بزعامة كوريا الشمالية، يُشار إلى أن كيم جونغ أون لم يكن يُنظر إليه باعتباره خليفة والده على مدى سنوات إذ كان يُتوقع أن أخيه الأكبر غير الشقيق، كيم جونغ نام، سيكون زعيم البلاد.
لكن في عام 2001، أثار كيم جونغ نام غضب والده بعد اعتقاله في مطار بالعاصمة اليابانية طوكيو حيث كان متوجها إلى الدومينيكان بجواز سفر مزور فيما قِيل إنه كان يخطط لزيارة ديزني لاند بالولايات المتحدة.
ورغم تولي كيم جونغ أون السلطة في البلاد إذ أنه كان ينظر إلى أخيه غير الشقيق باعتباره يمثل تهديدا لشرعيته وحكمه، لكن كيم جونغ نام اُغتيل في فبراير / شباط 2017 في مطار كوالالمبور عن طريق غاز الأعصاب "في إكس" المحظور دوليا.
وهرب المهاجمون إلى كوريا الشمالية فيما ظهرت صور كاميرات المراقبة في مطار كوالالمبور، امرأتين تقتربان من كيم جونغ-نام وتلقيان شيئا على وجهه ليلقى كيم (45 عاما) حتفه أثناء نقله إلى المستشفى.
هل كيم جونغ اون مريض؟
تزامن ظهور ابنة زعيم كوريا الشمالية للإعلام مع انتشار تكهنات حيال مرض كيم جونغ أون إذ تُظهر أحدث الصور بدانته الشديدة وأيضا إسرافه في التدخين ما يوحي بإصابته بمرض النقرس أو السكري كما كان الحال مع والده.
يشار إلى أن كيم جونغ أون ما زال في عامه التاسع والثلاثين ورغم ذلك من المحتمل أن قضية خلافته بدأت تأخذ حيزا من النقاش داخل أروقة الحكم في كوريا الشمالية.
ورغم كل هذه التكهنات، إلا أنه من السابق لأوانه تحديد من سيخلف كيم جونغ أون في الحكم.
بدوره، يرى توشيميتسو شيغيمورا، الأستاذ في جامعة واسيدا في طوكيو والذي كتب عدة مؤلفات عن أسرة كيم، أنه من الصعب أن تخلف كيم جو آي والدها في حكم البلاد بسبب كونها "أنثى".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "مازال مجتمع كوريا الشمالية كونفوشيوسيا محافظا للغاية ما يعني أن ظهور كيم جو آي كخليفة لوالدها يعد بالأمر المستحيل. أعتقد أنه يمكننا الافتراض بأن كيم جونغ أون سوف يختار نقل السيطرة إلى ابنه عندما يحين الوقت، لكنه بالتأكيد يرغب في أن يظل الحكم في أسرته استمرارا لما يُطلق عليه في كوريا الشمالية سلالة بايكتو".
يشار إلى أنه ينسب أفراد عائلة الزعيم الكوري الشمالي أصلهم إلى سلالة جبل بايكتو المقدس شمال الحدود الكورية الصينية.
وتقول الدعاية الكورية الشمالية أن هذا الجبل كان مركزا للحرب التي خاضها كيم إيل سونغ، مؤسس كوريا الشمالية، ضد الاحتلال الياباني في أربعينيات القرن الماضي، رغم أن روايات أخرى تقول إن كيم إيل سونغ قضى معظم أوقاته في معسكر للنازحين بروسيا حتى انتهاء الحرب ثم قامت موسكو بتعيينه حاكما شبه دمية في كوريا الشمالية.
تشتيت الانتباه
وقال شيغيمورا إنه ربما يكون ثمة سبب آخر وراء ظهور ابنة زعيم كوريا الشمالية أمام الكاميرات في مواقع ذات رمزية في البلاد، مضيفا "أعتقد أن كيم يرغب في التأكيد على عزمه المضي قدما في حكم البلاد رغم القضايا الخطيرة التي تواجهها البلاد بسبب العقوبات الاقتصادية وإغلاق الحدود بسبب جائحة كورونا".
وقال "كيم يحاول تشتيت انتباه شعب كوريا الشمالية وإظهار أن أسرته سعيدة وأيضا تشجيع أفراد الشعب على التعبير عن مدى إعجابهم به كأب وقائد"ـ مضيفا أن هناك احتراما واسع النطاق بين الأجيال الأكبر سنا في كوريا الشمالية لأسرة كيم وهو الأمر الذي يصل إلى درجة الإعجاب بهذه العائلة.
وأشار إلى أن كيم جونغ أون يرغب أيضا في التأكيد على استمرار حكم سلالة كيم للبلاد في محاولة لإضعاف إرادة المعارضة.
بدورها، قالت ليم أون جونج، أستاذة العلاقات العامة في جامعة كونغجو الوطنية بكوريا الجنوبية، إنه من الصعب التكهن بأي دور قد يقوم به أطفال كيم جونغ أون في الوقت الراهن بالنظر إلى أنهم مازال صغار السن.
وأضافت "كيم جونغ أون ليس بصحة جيدة، هذا بالأمر الصحيح، لكن لا أعتقد أنه من الممكن تحديد ما قد يحدث في المستقبل في كوريا الشمالية لأن كيم جو آي مازالت صغيرة السن".
وأضافت "أعتقد أن الأمر لا يعدو كونه بعث رسالة إلى الشعب الكوري الشمالي مفادها أن مستقبل البلاد أكثر إشراقا للأجيال الشابة. وقد يكون الأمر ليس سوى مسرحية من قبل النظام، لكن يبدو أن كيم جونغ أون أكثر تقدما لأنه قرر أن ترافقه ابنته وليس ابنه إلى الأماكن العامة".
لكنها أكدت على أنه من "السابق لأوانه استنباط المزيد من هذه الصور".
جوليان ريال ـ طوكيو / م .ع