فتح معبر رفح: سياسة مصر الجديدة تثير مخاوف أمنية إسرائيلية
٢٦ مايو ٢٠١١خطوة أخرى لمصر ما بعد الثورة اتجاه الفلسطينيين بعد أن نجحت في وقت سابق في إبرام اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس بعد انقسام دام أربع سنوات، هذه المرة يتعلق الأمر بفتح معبر رفح الذي ظل مغلقا لسنوات في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولم يكن المعبر يفتح إلا لفترات محدودة ومتفرقة لعبور الغذاء والدواء أو للسماح بعبور أشخاص لاسيما من يريدون السفر للعلاج أو الدراسة من القطاع الذي يعيش فيه نحو 1.5 مليون نسمة.
هذه الخطو الجديدة رأي فيها مراقبون علامة تحول في السياسة المصرية تجاه النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وقال المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري، في حوار لدويتشه فيله، "هذا التحول في السياسة المصرية بدأ بإبرام اتفاق المصالحة في الرابع من ايار/مايو الحالي، ويتضح أكثر بفتح معبر رفح، ومطالبة مصر بعقد ملتقى دولي يسعى إلى وضع مقاربة جديدة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعيدا عن المفاوضات الثنائية المباشرة".
وقد أكد نبيل العربي، وزير الخارجية المصري اليوم (الخميس 26 مايو/ أيار 2011)، على ما أسماه الثوابت المصرية بخصوص القضية الفلسطينية، داعيا، أمام أعضاء حركة عدم الانحياز التي تعقد دورتها الحالية في بالي الاندونيسية، جميع الأطراف المعنية إلى اتخاذ خطوات جادة من أجل التفاوض المباشر لإنهاء النزاع وليس إدارته، وهو الوضع الذي استمر لأكثر من ستة عقود دون تقدم ملموس، على حد تعبيره.
ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي روعي نحمياس، في حوار لدويتشه فيله، إن "إسرائيل تتابع بقلق التقارب بين مصر وحركة حماس الذي ظهر مؤخرا، وذلك منذ الإعلان عن اتفاق المصالح الفلسطينية".
هل ستتحرك إسرائيل؟
وكانت إسرائيل قد أدانت الخميس إعلان مصر فتحها بشكل دائم معبر رفح مع قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. وقال وزير الدفاع المدني الإسرائيلي ماتان فيلناي للإذاعة الإسرائيلية العامة إن "هذا القرار اتخذ في سياق اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، مما سيخلق وضعا إشكاليا للغاية". من جهته، قال سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي انه "بدون سيطرة محكمة وفعالة، سيسمح فتح معبر رفح بتجارة الأسلحة ودخول إرهابيي القاعدة وإيران إلى قطاع غزة".
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي روعي نحمياس أن إسرائيل تدرس كيفية التعامل مع هذا التطور، "فإسرائيل تخشى كثير على أمنها، ونحن نعلم أن تهريب الأسلحة يتم بصفة كبيرة عبر تلك الحدود، أي عن طريق الأنفاق وما فوقها". ويؤكد نحمياس أن "إسرائيل لن تحرك قوتها لفرض الإغلاق على قطاع غزة "باعتبار أن الخطوة المصرية لا تتعارض و الاتفاقيات المبرمة. لكنه أضاف أن" أي تحرك إسرائيلي تجاه قطاع غزة سيكون في حال قصفت حماس إسرائيل".
هذا وصرحت مصادر سياسية إسرائيلية اليوم أن مصر أوضحت لإسرائيل ان معبر رفح سيخصص لعبور الإفراد فقط مع فرض قيود على حركتهم و لن يستخدم لنقل البضائع . وأضافت أن السلطات المصرية تعي المخاطر الكامنة في احتمال عبور عناصر إرهابية معبر رفح ، معربة عن يقينها بان مصر ستبذل كل جهد مستطاع للإشراف على حركة العبور.
إلا أن طلال عوكل، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في غزة رأى في حوار مع دويتشه فيله، أن إسرائيل "تنتظر الذرائع للتصعيد في موقفها بغية وضع عراقيل على طريق المصالحة الفلسطينية، وكان ذلك واضحا في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في الكونغرس الأمريكي عندما قال إنه مستعد للاعتراف بدولة فلسطينية شرط أن يمزق محمود عباس اتفاق المصالحة".
وكانت حركة حماس قد رحبت على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم في بيان صحفي بقرار فتح معبر رفح، معتبرة انه "جريىء ومسؤول وينسجم تماما مع نبض الشارع العربي والمصري والفلسطيني". وفيما رحبت السلطة الفلسطينية، هي الأخرى، بهذا التطور نفى ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن يكون فتح المعبر جزء من اتفاق المصالحة الذي وقع بداية الشهر الجاري بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية رسمية.
هل من عودة للمراقبين الأوروبيين؟
وفي تطور آخر، أعلنت بعثة المراقبين الأوروبيين، المكلفة بموجب اتفاق أبرم عام 2005 بمراقبة معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر اليوم الخميس، أنها لم تتلق أي طلب باستئناف مهامها المعلقة منذ أعوام. وكانت البعثة علقت عملها بعدما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة بالقوة عام 2007.
ويتوقع بعض المحللين عودة المراقبين الأوروبيين للإشراف على معبر رفح في حال حصولهم على دعوة رسمية من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهما طرفا الاتفاق الذي كلفت بموجبه البعثة عام 2005 ، وليس بناء على أي تصرف أحادي الجانب من السلطات المصرية. وقال بينويت كوزين، المتحدث باسم البعثة الأوروبية إنه رغم ذلك، فإن الأمر يستلزم موافقة مصر على عودة البعثة وتعاونها معها أيضا، مضيفا أن البعثة على استعداد لإعادة تفعيل المهمة في أي وقت.
ويقول المحلل الفلسطيني طلال عوكل إن "عودة المراقبين الأوروبيين لمعبر رفح واردة، في حال تشكلت حكومة الوحدة الوطنية وسريان المصالحة الفلسطينية، فالأوربيون ليس لديهم مانع في العودة، لكن الإسرائيليين سيعطلون ذلك من اجل التأثير على المصالحة بين فتح وحماس". إلا أن المحلل السياسي الإسرائيلي روعي نحمياس يرى أن "حركة حماس لن توفر الأجواء ولن تقبل بعودة المراقبين الأوروبيين، وهو الأمر الذي تخشاه إسرائيل". بهذا الشأن أعرب بينويت كوزين، عن قلقه من أنه بدون المراقبين الأوروبيين ، يحتمل ألا تتوفر الحماية للمعايير الدولية للإجراءات الأمنية وحقوق المسافرين في المعبر.
يوسف بوفيجلين
مراجعة: حسن زنيند